-والدي العزيز كان يهتم بتعليمنا كتاب الله عز وجل

-لا بد من تحبيب كلام الله إلى قلوب الناشئة

حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته، اختارهم الله من بين الخلق لكي تكون صدورهم أوعية لكلامه العزيز، بفضله وتوفيقه، فتلك بركة أسبغها الله على حيواتهم، نالوها ثمرة لجهدهم في تدارس القرآن وحفظه، فبذلوا أوقاتهم رغبة منهم في الحصول على هذا الوسام الرباني، فنالوا ما كانوا يرجون، فكيف بدأت رحلتهم في الطريق المبين؟ ومَن أعانهم على سلوكه؟ وما العقبات التي ذلّلها الله لهم لاجتياز هذا الدرب؟ وما قصص الشغف التي رافقتهم في هذا الطريق القويم؟ وما آمالهم وطموحاتهم المستقبلية؟ كل ذلك وغيره نستعرضه في هذا الحوار مع الحافظ لكتاب الله «سعيد بن عبدالله بن سعيد الحبسي» الحاصل على المركز الأول في المستوى الأول وهو حفظ الكتاب العزيز كاملا في مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم في دورتها الحادية والثلاثين.

ـ ماذا يمثل لك الفوز بجائزة السلطان قابوس للقرآن الكريم؟

• بفضل الله وتوفيقه شاركت في مسابقة السلطان قابوس من دورتها الـ٢٩ وكان المستوى الذي شاركت فيه هو المستوى الثالث وهو حفظ ١٨ جزءاً.. والله وفقني بالمشاركة في المستويات التي تليه حتى أكملت حفظ كتابه العظيم.. فالفوز في هذه المسابقة يمثل لي شرفاً عظيما ومنزلة كبيرة في نفسي وفي عائلتي الكريمة وفي المجتمع الذي حولي.. ونسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل..

- متى بدأت رحلتك مع حفظ كتاب الله؟ وهل شجعتك العائلة على ذلك أم أنها رغبة شخصية لديك؟ حدثنا عن قصة حفظك بالتفصيل؟

• والدي العزيز كان يهتم بتعليمنا كتاب الله عز وجل، فكان يدفع راتباً لأحد معلمي القرآن ليعلمنا القرآن، ولكن لم يكن لدي آنذاك فكرة واضحة في أهمية حفظ القرآن.. وكان يشتري لنا "كاسيتات" للقرآن الكريم.. فمن هذا المسلك حدثت لي رغبة شديدة في محاكاة أحد القراء آنذك، فكنت أحفظ كثيرا من السور عن طريق الاستماع، وكلما كبرت كان حبي للقرآن يزداد، وكان لي صديق يساندني ويشجعني في حفظ القرآن، وفي سنة ٢٠١٥ تقريبا شاركت في مسابقة السلطان قابوس في مستوى ١٢ جزءاً ولكن لم يُكتَب لي الفوز فيها.. ثم انقطعت عن مواصلة المشاركة في المسابقة إلى أن شاركت فيها في دورتها الـ٢٩ سنة ٢٠١٩.. ثم واصلت الحفظ إلى هذا الوقت الذي منَّ الله علي فيه بإكمال حفظ كتابه كاملا..

ـ كيف كنت تنظم وقتك في حفظ القرآن الكريم أثناء التحصيل الدراسي أو مزاولة أعمالك والتزاماتك؟

• لا بد للحافظ من تنظيم جدول خاص للحفظ والمراجعة، فكان أفضل الأوقات لدي هو بعد صلاة الفجر وبين المغرب والعشاء وبعد صلاة العشاء.. وبشكل عام كلما سنحت لي فرصة استغللتها في المراجعة.. حتى وأنا أقود السيارة كنت أراجع وأحفظ..

ـ ما هي الصعوبات والتحديات التي واجهتك في مسيرة حفظك للكتاب العزيز؟

• من سنن الله في هذه الحياة أنه لا بد لكل أمر ذي شأن أن يواجه السالك لتحقيقه صعوبة من الصعوبات أو تحدياً من التحديات بشكل أو بآخر..

فكنت حين أضع لنفسي خطة في تكرار الآيات لإثبات حفظها أجد بعض الفتور في نفسي للتكرار بالعدد الذي فرضته على نفسي.. فكنت أواجه هذا الفتور بحديث النبي صلى الله عليه وسلـم: (من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ "الـم" حرفٌ ولكنْ "ألفٌ" حرفٌ و"لامٌ" حرفٌ و"ميمٌ" حرفٌ)، فكنت أشجّع نفسي بهذا الحديث..

ـ من خلال تجربتك الذاتية، كيف تجسدت البركة التي يتركها القرآن في حياة من يحفظه؟

• والله دون مبالغة، فإن من يعيش مع القرآن ويجعل القرآن ربيع قلبه فإنه يجد البركة في كل شيء.. وإن من أبرز ما يظهر لي ولغيري أن من عاش مع القرآن بحفظه وكثرة تلاوته وتدبره فإنه يفوق أقرانه في مجالاته سواءً كان في الدراسة أو أي مجال آخر.. فهذا من بركة القرآن الذي قال الله فيه: «وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»

ـ هل تغيير القناعات حول قدرات الراغبين في حفظ كتاب الله من الممكن أن تجعل عملية الحفظ أسرع؟

• صحيح أن هناك من عندهم قناعة أنهم لا يستطيعون حفظ كتاب الله عز وجل بسبب أو بآخر.. مثلا قد يكون الواحد منهم عنده قناعة تامة أنه ليس لديه وقت لحفظ كتاب الله عز وجل.. ولكن من الممكن تغيير هذه القناعة بأنه ليس مطلوب من أحد أن يحفظ قدراً كبيراً من القرآن في وقت قصير.. وإنما لو حفظ كل يوم نصف وجه فإنه بعد سنة واحدة يكون قد حفظ أكثر من ربع القرآن.. وكذلك كثير من الناس عندهم هذه القناعة (ضيق الوقت) لكن في الحقيقة ليسوا كذلك.. فإنهم لو أعادوا جدولة أعمالهم اليومية ونظّموا أولوياتهم وقدّموا الأهم فالأهم فالمهم لوجدوا وقتاً كافياً لحفظ كتاب ربهم..

ـ يعاني البعض من سرعة نسيان ما حفظه من القرآن الكريم، ما هي الطرق التي طبقتموها والتي تعين على رسوخ الحفظ وعدم النسيان؟

• لا أجد أحسن طريق للتغلّب على نسيان الحفظ أكثر من طريق الاستماع من قارئ متقن بتكرار وبشكل مستمر.. فإن الاستماع بهذا الشكل يكون أثبت للحفظ كالنقش على الحجر..

ـ ما أجمل قصة حصلت لك أثناء مسيرتك مع حفظ كتاب الله؟.. احكها لنا؟

• حقيقة أجمل قصة عشتها هي الأيام التي قضيتها في مراجعتي وحفظي للقرآن الكريم كاملاً.. فهي أجمل الأيام..

ـ ما الآية التي تتردد في ذهنك دائما؟ تجد نفسك تتلفظ بها دون أن تشعر؟

• أما الآية التي تتردد في ذهني هي لما قال هود عليه السلام لقومه "إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ".. ففي الآيةِ تسبيحٌ لطيفٌ خَفِيٌّ من هودٍ عليه السلام لِرَبِّه عَزَّ وَجَلَّ.. وهو لمّا قال هودٌ عليه السلام «إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ، مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا»...ثُمَّ قال بعدها... «إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ»...فأخْبَرَهُم أنّه توَكّلَ على اللهِ عز وجل وَأَنَّه ما من دَابَّةٍ إِلاَّ هو آخذٌ بِنَاصِيَتِهَا-أي: أنّه المُتصَرِّفُ الحقيقيّ فيها يُصَرِّفُها حيثُ يَشَاءُ ويُدَبِّرُها كما يُرِيدُ ويَسُوقُها بِمُقْتَضَى حِكمَتِه-ولكن مع ذلك فَهُوَ-أي(الله)- على صراطٍ مُستَقِيمٍ...أي: مع أَنَّ اللهَ هُوَ المُتصَرِّفُ في خَلْقِه وحدَه يُصرِّفُهم كيفما يشاء، فَهُوَ القائمُ بالقِسطِ، فلا يَظْلِمُهم مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، ولا يَضِلُّ ولا يَنْسَى، وهو على صِراطٍ مُسْتقيمٍ- فسبحان الله رب العالمين..

ـ أمام هذا الكم الهائل من الملهيات ووسائل الترفيه واللعب.. ما هي الطرق والأساليب الحديثة التي تتبعونها في ربط الناشئة بالقرآن الكريم؟

• لا بد من تحبيب كلام الله إلى قلوب الناشئة.. فإن القلب وعاء ينضح بما فيه.. فإن كان حب القرآن هو الغالب في هذا القلب فإنه قلّما يلتفت إلى باقي الملهيات والمغريات..

ـ ما هي المسابقات القرآنية التي شاركت فيها؟ وهل تجد أن هذه المسابقات حافز للحفظ ولتجويد الحفظ؟

• حقيقة لم أشارك إلا في مسابقة السلطان قابوس ومسابقة أولاد آدم التي تقام في ولاية مطرح..

- ما هي القراءات القرآنية التي تجيدها؟ وكيف تعلمتها؟

• لا أجيد إلا رواية حفص عن عاصم ولم أجد فرصة لتعلم الروايات الأخرى.. أما إذا كنت تقصد المقامات فإني لا أعرفها ولكن قد أجيد بعضها لكن دون معرفتها..

ـ ما المشاريع المستقبلية التي تطمحون إلى تحقيقها والتي تخص كتاب الله؟

• أي مشروع من المشاريع التي تخص كتاب الله فأنا بإذن الله أسعى للإسهام فيه بما أستطيع وفيما يخصني أنا فأطمح أن أحصل على سند متّصل إلى النبي صلى الله عليه وسلـم برواية حفص..

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی مسابقة السلطان قابوس للقرآن الکریم حفظ کتاب الله شارکت فی ى الله

إقرأ أيضاً:

محاريب الهُدى وميادين الثقافة..

 

في ميادين الصراع مع اليهود لابُد من الوعي لابُد من البصيرة حتى تخرج الأمة في النهاية مُنتصرة وإلا ستُهزم، لاشي أخطر من الضلال وما أسوأ ما وصلت إليه أُمتنا من الجهل والتنكُر للقيم والتخلي عن المبادئ الدينية والمسخ للهُوية والثقافة القرآنية طُمست كل معالم الحياة الكريمة التي رسمها الله سبحانه وتعالى في المنهج القويم كتابه المُحكم الكريم.

مسيرة علمٌ وجهاد تُشكل الحصانة الصلبة والقاعدة الثابتة التي تحفظ عزة الأوطان والشعوب والأجيال تؤهلها في كافة المُستويات لتكون قادرةٌ على النهوض بمسؤولياتها وتُجسد النموذج الراقي والحضارة الثابتةُ البُنيان بما يضمن لها الاستمرارية والرعاية من قِبل الله تعالى.

الدورات الصيفية لها أهميتها القصوى حيثُ أنها ضرورةٌ مُلحة لإنقاذ الأجيال الناشئة من هجمة الغزو الشرسة فلذلك يسعى العدو لتشويه هذه الدورات في وسائله الإعلامية وشن حملات مُعادية ضدها والقائمين عليها، وما يجب علينا هو إدراك حجم خطورة المرحلة التي تتطلب منا جميعاً المُساندة الجادّة لهذه الدورات والدفع بأبنائنا نحوها واستنهاض وعي مُجتمعنا بأهميتها وغايتها المُقدسة.

من أخطر ما تواجهه الشعوب بما فيها العربية هي الحرب الفكرية والثقافية التي تحتل العقول وتستوطن النفوس وتُدجن الأمة بالثقافة المُنحلة من كل معاني السمو الإنساني والكمال الأخلاقي الثقافة التي تصنع الذل والإستكانة والخنوع تحت رحمة اليهود.

هُدى الله سبحانه وتعالى وثقافة القرآن هي الامتداد الصحيح لمنهجية الإسلام ورموزه من أنبيائه وأعلام الهدى من آل البيت عليهم السلام، وتزرع في أوساط الأجيال الولاء لهم والعداء لأعدائهم من اليهود والنصارى وتعزز في نفوسهم ومشاعرهم الثقة بالله والتوكل والاعتماد عليه في مواجهة أهل الكتاب.

هذه الثورة الفكرية المُستنيرة التي تحظى برعاية من القيادة الحكيمة ممثلةً بعلم الهدى وقائد الأمة السيد “عبد الملك بدر الدين الحوثي” يحفظه الله وكآفة العُلماء والثقافيين والنُشطاء وكل الشرائح المُجتمعية هي الكفيلة بازهاق الضلال من واقعنا، وبعث النور في أمتنا والتوجه نحو بناء للحضارات قائم وفق تعاليم الدين الإسلامي الصحيح الخالي من الشوائب الدخيلة والأفكار الظلامية الهدامة هي التي ستُفشل كل مشاريع الفساد.

الدورات الصيفية هي العودة نحو الله، هي العودة نحو القرآن وقرنائه، هي العودة نحو الحياة الكريمة التي تحفظ كرامتك كإنسان، هي العامل المهم للحفاظ على هُويتنا اليمنية الإيمانية، هي مشكاة النور التي تُبدد الظلام هي الجيل القرآني الذي يقلع الفساد ويُزيل عروش الطغيان، هي زوال أمريكا، هي نهاية إسرائيل فالويل لكم من جيل تربى ونما في ظل القرآن وهدي القرآن وقرناء القرآن والويل لكم من هذا الجيل.

مقالات مشابهة

  • محافظ أسوان يكرم الفائزة بالمركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة القرآن الكريم
  • بالصور.. 482 متسابقًا في مسابقة محافظ الأحساء لحفظ القرآن الكريم
  • محافظ أسوان يكرم الطالبة زينب السيد لفوزها بالمركز الأول بالجمهورية بمسابقة القرآن الكريم
  • محاريب الهُدى وميادين الثقافة..
  • حزب الله يثير الجدل: مستعدون للتخلي عن سلاحنا ولكن بشروط
  • 483 متسابقاً يتنافسون في تصفيات مسابقة محافظ الأحساء للقرآن الكريم
  • هل تجوز قراءة القرآن في الركوع والسجود؟.. الإفتاء تجيب
  • أمين الفتوى: يمكن لأي مسلم أن يحيي معاني الحج في قلبه
  • مستقبل وطن بالأقصر يكرم حفظة القرآن الكريم وأبطال «كأس الأبطال»
  • أفضل الأدعية من القرآن والسنة.. رددها الآن