بسبب «نتنياهو».. خلافات عاصفة بين الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا حول مستقبل غزة
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
عرضت الولايات المتحدة دعمًا قويًا لإسرائيل في حربها ضد الفصائل الفلسطينية الموجودة في قطاع غزة، لكن الحلفاء على خلاف متزايد حول ما سيحدث لغزة بمجرد انتهاء الحرب، حسب ما ذكرت صحيفة «إي بي سي» الأمريكية.
خلاف بين إسرائيل والولايات المتحدةوأعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع أنّ إسرائيل ستحتفظ بوجود أمني مفتوح في غزة، ويتحدث المسؤولون الإسرائيليون عن فرض منطقة عازلة لإبعاد الفلسطينيين عن الحدود الإسرائيلية.
ووضعت الولايات المتحدة، رؤية مختلفة كثيرًا، ليقول كبار المسؤولين إنهم لن يسمحوا لقوات الاحتلال الإسرائيلي بإعادة احتلال غزة أو تقليص أراضيها الصغيرة بالفعل، ودعوا مرارًا إلى عودة السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليًا، واستئناف محادثات السلام الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
مناقشات صعبة بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وأمريكاومهدت هذه الرؤى المتضاربة، الطريق لمناقشات صعبة بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة.
وبعد عملية طوفان الأقصى، ذكرت إسرائيل أن هدفها تدمير الفصائل الفلسطينية، ولكن تعدي هذه المهمة صعبه عليهم، بالنظر إلى جذور الفصائل العميقة في المجتمع الفلسطيني.
ومع استمرار الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، أعربت الولايات المتحدة عن مخاوفها بشأن الظروف الإنسانية الرهيبة، وتزايد عدد القتلى المدنيين في غزة، وأبلغت السلطات الصحية عن مقتل أكثر من 16 ألف شخص، ثلثيهم على الأقل من النساء والأطفال.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إنّه من الأهمية بمكان أن تحمي إسرائيل المدنيين في غزة، مشيرًا إلى أنه «إذا دفعتهم إلى أحضان العدو، فإنك تستبدل النصر التكتيكي بهزيمة استراتيجية، لذلك أوضحت مرارًا لقادة الاحتلال الإسرائيلي، أنّ حماية المدنيين في غزة مسؤولية أخلاقية وضرورة استراتيجية»؛ لتظهر أكبر الخلافات بين الحلفاء حول الرؤية طويلة المدى لغزة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: نتنياهو بنيامين نتنياهو الاحتلال الإسرائيلي قوات الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل فلسطين السلطة الفلسطينية أمريكا الولايات المتحدة الأمريكية الاحتلال الإسرائیلی فی غزة
إقرأ أيضاً:
ما هو مستقبل الفصائل الفلسطينية في سوريا في ظل القيادة الجديدة؟
في مساء السبت الماضي، اعتقلت السلطات السورية، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، طلال ناجي، قبل أن تُفرج عنه بعد ساعات من الاحتجاز.
ويأتي هذا التطور بعد نحو أسبوعين على اعتقال اثنين من قياديي حركة الجهاد الإسلامي، في 22 نيسان/أبريل الماضي، واللذين لا يزالان قيد الاحتجاز حتى الآن.
وتُعدّ هذه الخطوة مؤشراً إضافياً على تغيّر ملموس في تعاطي دمشق مع الفصائل الفلسطينية، في ظل التحولات السياسية التي تشهدها البلاد عقب نهاية حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، وفي ضوء الضغوط المتزايدة التي تمارسها أطراف إقليمية ودولية، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة.
وتتقاطع هذه المستجدات مع استمرار ضربات الاحتلال الإسرائيلي المكثفة على الأراضي السورية، بالتوازي مع شروط أمريكية يُقال إنها طُرحت لتخفيف العقوبات المفروضة على النظام، ومن أبرزها – وفق تسريبات إعلامية أميركية – فرض قيود صارمة على أنشطة الفصائل الفلسطينية الموجودة في سورية، بما يشمل حظر أي نشاط عسكري أو سياسي، وحتى منع جمع التبرعات.
أمريكا تضغط
فقد أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير نُشر منتصف الشهر الماضي، بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اشترطت على الحكومة السورية اتخاذ إجراءات مشددة ضد من وصفتهم بـ"المتطرفين"، بما في ذلك طرد المقاتلين التابعين للفصائل الفلسطينية، وذلك في إطار عرض يتضمن تخفيفًا محدودًا للعقوبات المفروضة على دمشق، مقابل الالتزام بهذه المطالب وغيرها من الشروط.
وأثارت هذه الاعتقالات، وما يحيط بها من مؤشرات، تساؤلات واسعة حول مستقبل الفصائل الفلسطينية في الساحة السورية، واتجاهات السياسة الجديدة التي ستنتهجها دمشق تجاهها.
ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات قد تكون جزءاً من استراتيجية تهدف إلى دفع من تبقى من قادة هذه الفصائل، سواء من الصف الأول أو حتى الثاني، إلى مغادرة سورية طوعاً، ما يُجنّب النظام الحرج السياسي الناتج عن اتخاذ قرارات مباشرة ضدّهم، وفي الوقت ذاته يلبّي المطالب الأمريكية المتزايدة في هذا السياق.
من اللجوء إلى التسييس
يشكّل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا مكوناً أصيلاً من النسيج الاجتماعي السوري، ويتوزعون على امتداد الجغرافيا السورية في عدد من المخيمات الرسمية وغير الرسمية.
ويعود وجودهم إلى سلسلة من موجات اللجوء المرتبطة بالمحطات الكبرى في الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، بدءاً من نكبة عام 1948 التي تسببت بوصول أولى دفعات اللاجئين إلى سوريا، مرورًا بموجة ثانية عام 1956 نتيجة تنقل لاجئين من لبنان، وموجة ثالثة عام 1967 عقب العدوان الإسرائيلي وتهجير سكان المناطق الحدودية، وصولًا إلى موجة رابعة في مطلع السبعينيات إثر استضافة سوريا لفصائل المقاومة الفلسطينية القادمة من جنوب لبنان.
وقد توزعت التجمعات الفلسطينية على مخيمات متعددة أبرزها اليرموك، جرمانا، سبينة، قبر الست، خان الشيح، وخان دنون في دمشق وريفها، بالإضافة إلى مخيمي درعا والطوارئ في محافظة درعا، ومخيمات النيرب وعين التل في حلب، والرمل في اللاذقية، ومخيم حماة، والعائدون في حمص.
ووفق بيانات وكالة "الأونروا"، بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا حتى آذار/مارس 2011 نحو 570 ألف لاجئ، كان نحو 48% منهم يعيشون داخل المخيمات، بينما توزع الباقون في التجمعات والمجتمعات السورية.
الثورة السورية قسمتهم
ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، وجد اللاجئون الفلسطينيون أنفسهم في قلب الأزمة، حيث انخرط بعضهم في الحراك السلمي والمسلح إلى جانب المعارضة السورية، ما دفع النظام السوري وميليشيات فلسطينية موالية له إلى ممارسة انتهاكات واسعة بحقهم، من قصف واعتقال وتهجير، الأمر الذي أدى إلى مغادرة أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني الأراضي السورية، بالإضافة إلى موجات نزوح داخلي واسعة.
وفي خضم هذا التحوّل، برزت فصائل فلسطينية موالية للنظام، أنشئت برعاية مباشرة من أجهزة الأمن السورية، وسعت إلى ضمان ولاء بعض المكونات الفلسطينية داخل البلاد. وقد أدت هذه الفصائل دورًا مركبًا، حيث شاركت في العمليات العسكرية إلى جانب قوات النظام، وساهمت في قمع الحراك الشعبي داخل المخيمات.
وتنقسم هذه الفصائل إلى قسمين: أولهما فصائل ذات جذور تاريخية في المقاومة الفلسطينية، غير أنها انحرفت عن مسارها بالانخراط في المعارك ضد اللاجئين والمعارضة. أما القسم الثاني، فهو فصائل نشأت بعد عام 2011، دون ارتباط فعلي مع الفصائل الفلسطينية في الداخل، وتميزت بقدرتها على تنفيذ مهام قتالية على مختلف الجبهات داخل الأراضي السورية.
تفكيك الفصائل الموالية للنظام المخلوع
شهد المشهد الفلسطيني في سوريا تحولًا جذريًا بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، حيث سارعت القيادة السياسية الجديدة في دمشق إلى إعادة تنظيم العلاقة مع الفصائل الفلسطينية، ولا سيما تلك التي كانت تُعرف بولائها للنظام السابق.
وفي هذا السياق، عقدت جهة قيادية سورية لقاءً موسعًا مع ممثلين عن جميع الفصائل الفلسطينية، أعقبه صدور سلسلة قرارات استهدفت بشكل مباشر الفصائل التي ارتبطت بالنظام السابق سياسيًا وعسكريًا.
ومن أبرز تلك الفصائل: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، ومنظمة الصاعقة، وفتح الانتفاضة، إلى جانب عدد من الكيانات المنشقة عن فصائلها الأم، والتي وفرت لها دمشق السابقة غطاءً سياسيًا وميدانيًا، مثل جبهة النضال الشعبي الفلسطيني (برئاسة خالد عبد المجيد)، وجبهة التحرير الفلسطينية (برئاسة أبو نضال الأشقر).
كما شمل القرار كيانات أُنشئت بعد عام 2011 تحت مظلة فلسطينية وبدعم مباشر من النظام، مثل "حركة فلسطين حرّة" بقيادة سائد عبد العال، و"الحزب الديمقراطي الفلسطيني – دافع" بقيادة مازن شقير، و"لواء القدس" بقيادة محمد السعيد.
وقد تراوحت الإجراءات المتخذة بحق هذه الفصائل بين مصادرة مقراتها ومكاتبها ومعسكراتها، كما حدث مع مقرات فتح الانتفاضة، بما فيها "مكتب الصداقة" في دمشق الذي كان يسيطر عليه العقيد زياد الزغير قبل فراره إلى لبنان، إلى جانب مكاتب ومعسكرات منظمة الصاعقة، ومكتب الأمين العام السابق للجبهة الشعبية – القيادة العامة أحمد جبريل، الذي تولاه بعده ابنه خالد جبريل.
ورغم أن أمين عام منظمة الصاعقة محمد قيس خضع للتحقيق، إلا أنه لم يُصنَّف ضمن "فلول النظام"، نظرًا لغيابه عن المسؤولية خلال معركة مخيم اليرموك عام 2015. ومع ذلك، صادرت السلطات السورية مقرات التنظيم وأمواله، وطلبت إعادة تشكيله بعد حلّ حزب البعث – الفرع الفلسطيني، قبل أن تصدر المنظمة بيانًا من داخل الأراضي الفلسطينية تتبرأ فيه من قيس، وتعتبره غير مخول بالتحدث باسمها، في ما بدا أنه بداية انقسام داخلي. تبع ذلك قرار بفصل قيس، ونقل مقر الأمانة العامة إلى رام الله، مع حذف اسم "البعث" من المعرّفات الرسمية للمنظمة.
في غضون ذلك، أغلقت السلطات جميع مقرات الجبهة الشعبية في دمشق باستثناء مكتبها في منطقة الطلياني، الذي بقي دون نشاط، فيما جرى نزع سلاح الفصيل بالكامل.
أما حركة الجهاد الإسلامي، فلم يعد لها أي حضور تنظيمي داخل سوريا، وقد غادر قادتها البلاد عشية سقوط النظام باتجاه بغداد. وبعد عودتهم، اعتُقل مسؤولها في سوريا خالد خالد (أبو الحسن)، إلى جانب القيادي أبو علي ياسر، ولا يزالان رهن الاعتقال منذ أكثر من أسبوعين.
بالتزامن، توجهت مجموعات فلسطينية أخرى إلى لبنان، من بينها "حركة فلسطين حرّة" بقيادة سائد عبد العال، التي كانت على ارتباط وثيق بالمخابرات الجوية السورية. كما فرّ إلى لبنان عدد من الأفراد المتورطين في عمليات تهريب المدنيين من مخيم اليرموك خلال حصاره بين عامَي 2013 و2018، حيث كانوا يتقاضون مبالغ مالية ضخمة مقابل تلك العمليات بالتنسيق مع ضباط النظام، وحصل بعضهم على جوازات سفر دبلوماسية سورية لتسهيل تنقلهم خارج البلاد.
الاحتلال الإسرائيلي هو "الخطر الحقيقي"
وحول مستقبل الفصائل الفلسطينية٬ قال الكاتب والصحفي السوري أحمد كامل في تصريحات لـ "عربي21" إن الفصائل الفلسطينية في سوريا دخلت مرحلة جديدة مختلفة كليًا عما سبق، مشيرًا إلى أن النظام السوري السابق، رغم شعاراته المعلنة بشأن دعم القضية الفلسطينية، ارتكب مجازر بحق اللاجئين الفلسطينيين داخل الأراضي السورية، وكانت نسبتهم من القتلى والمعتقلين أعلى من نسبة المواطنين السوريين أنفسهم.
وأضاف كامل أن النظام البائد استخدم القضية الفلسطينية كورقة دعائية لتمرير سياساته القمعية داخليًا وخارجيًا، دون أن يقدم دعمًا حقيقيًا للفلسطينيين، بل استغل معاناتهم لمصالحه السياسية، مؤكدًا أن الخطاب المعادي للاحتلال الإسرائيلي الذي كان يروّج له النظام لم يكن سوى شعارات كاذبة تخفي تواطؤًا ضمنيًا.
وأوضح كامل أن الشارع السوري بات اليوم أكثر وعيًا بحقيقة التهديد الإسرائيلي، حيث كانت أولى خطوات الاحتلال الإسرائيلي عقب سقوط النظام٬ هو استهداف جميع الأراضي السورية.
وأضاف أن السوريين اليوم يدركون هذا الواقع جيدًا، وضرب مثلًا شعبيًا للتعبير عن الموقف الحالي: "تركوا الحرامي، لكنه لم يتركهم"، في إشارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لم يتخلّ عن سياساتها العدوانية حتى بعد ابتعاد النظام السوري الجديد عن الصراع معها.
الفصائل الفلسطينية "ليسوا سواء"
وفيما يخص الفصائل الفلسطينية، قال كامل إن بعضها –مثل حركة حماس– دفعت ثمن معارضتها للنظام السوري البائد، لكن كامل٬ انتقد عودتها لاحقًا إلى محاولة المصالحة مع النظام، واصفًا ذلك بالخطأ السياسي الفادح، خاصة في ظل تحالف الحركة مع إيران، التي يراها السوريون "عدوًا وجوديًا".
وأكد كامل أن الفصائل التي أنشأها النظام، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، ومنظمة الصاعقة، وغيرها من الفصائل التي تورطت في قتال الشعب السوري، لا يمكن أن تُعفى من المحاسبة القضائية، مؤكدًا أن الانتماء للقضية الفلسطينية لا يبرر ارتكاب الجرائم بحق المدنيين.
وختم بالقول إن العلاقة الرسمية بين سوريا الجديدة والسلطة الفلسطينية ستُحصر في التمثيل الدبلوماسي من خلال سفارة، دون السماح لأي فصيل فلسطيني بممارسة نشاط عسكري أو سياسي داخل الأراضي السورية، بما في ذلك حركة الجهاد الإسلامي، مشيرًا إلى احتمال وجود دور سياسي محدود لحركة حماس، لكن دون امتلاك قواعد أو نفوذ فعلي.