الموقع بوست:
2024-12-23@06:59:01 GMT

نحّالو اليمن.. من مرارة الحرب إلى صدمات المناخ

تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT

نحّالو اليمن.. من مرارة الحرب إلى صدمات المناخ

بعد نحو 7 سنوات من العمل الدؤوب، وجد النحّال فريد العولقي، نفسه مضطرًا إلى ترك مهنته التي كان يرنو إلى ممارستها فعليًا بكل شغف، رغم مشاقّها ومتطلباتها المضنية في التنقّل والترحال بين معظم مناطق البلد، بحثًا عن مرعى مناسب أو رحيق أشجار معينة، يسهم في جودة إنتاجه من العسل اليمني، ذائع الصيت إقليميًا.

 

لم يكن العولقي ذو الـ39 عامًا، القادم من مديرية نصاب، جنوب غرب محافظة شبوة، محظوظًا في انطلاق رحلته مع تربية النحل، التي سبقت اندلاع الحرب، بعدة أشهر فقط.

 

ورغما عن ذلك، استمر في عمله وتنقلاته بين مناطق البلد المتعددة تضاريسَ وبيئةً، وفق خبرته التي اكتسبها من أقاربه على مدى العقود الماضية، متسلحا بالصبر والثبات، في مواجهة الأوضاع الأمنية المضطربة وقساوة الطبيعة المتزايدة، آملًا أن يكون كل ذلك مجرد تحديات مؤقتة.

 

يقول فريد، إن الأوضاع المتفاقمة في البلد على الصعيدين: الأمني والاقتصادي، واستمرار الحرب، أجبرته على بيع نحله بسعر زهيد، بسبب عدم مقدرته على التنقل بسلاسة بين مناطق المرعى، التي تعتبر من أساسيات إنتاج العسل، إضافة إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية التي حدّت من تحركاته، واستمرار حالة التدهور في الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار مستلزمات تربية النحل، فضلًا عن عدم وجود التسويق الملائم للمنتج، بشكل يقدّر قيمته.

 

كانت سنواته السبع العجاف، سببًا كافيًا للتنازل عن حلمه الموءود، في ممارسة عمله كمربٍ للنحل، وأدرك أن الوقت ليس المناسب لمهنته المفضّلة التي استنزفته ماديًا، ليلتحق خلال العام الماضي، بالسلك العسكري، علّه يجد ما يسدّ رمقه، ويطفئ جوع أفراد أسرته المكونة من 6 أشخاص.

 

وتعتمد نحو 100 ألف أسرة يمنية، على تربية النحل كمصدر دخل وحيد، تنتج من خلاله قرابة 1500 طن من العسل سنويًا، وفق تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، العام الماضي.

 

اضطراب النحل والتغير المناخي

 

على الجانب الشمالي من البلاد، وتحديدًا في محافظة عمران، يقلّب النحّال، العمّ "يحيى" يديه بحيرة، وهو يفكّر في كيفية تسديد ديونه المتراكمة، ومتطلبات المعيشة، في ظل حالة اليأس التي باتت تغمره، وهو يشاهد تقلّص عدد خلاياه البالغة 250 خلية، وتضاؤل إنتاج مناحله من العسل.

 

 يشير الرجل الستيني إلى أن التغيّرات المناخية كارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الأمطار فترات طويلة وهطولها بشكل مفاجئ في غير موعدها، أوقفت النحل عن إنتاج العسل وتسببت باضطرابه؛ ما أدى إلى تكبده خسائر مادية، بعد أن كانت مهنته كنحّال تدرّ عليه دخلًا ماديًا يكفي لإعالة 14 فردا، هم عدد أفراد أسرته.

 

يشكو الرجل، من انتشار استخدام المواد الكيميائية التي يتم رشّها على النباتات لمكافحة الآفات والحشرات الضارّة، وهو ما قال إنها "سمّ قاتل"، تكالب عليه مع ظروف البلد الحالية، وبالتزامن مع تأثيرات المناخ واضطراباته، ليقضي ذلك الثلاثي على قرابة ثلثي نحله، وهو ما جعله يقرر إيقاف تنقلاته والعودة إلى مديريته حوث، شمالي عمران، ويستدين مبلغًا إضافيًا من المال، للحفاظ على ما تبقى لديه من الخلايا، في ظل تعدد الأوضاع المتفاقمة.

 

وحذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في يوليو الماضي، من اضطرابات في النظام الإيكولوجي للنحل في اليمن؛ ما يؤدي إلى تراجع عمليات التلقيح، نتيجة ارتفاع رقعة التصحر على حساب الأراضي المزروعة والنباتات المزهرة التي يعتمد عليها النحل في تغذيته، إضافة إلى التأثيرات الكبيرة للمناخ والصراع.

 

نقطة انهيار وترك المهنة

 

يقول الخبير في مجال تربية النحل، عايش الأهدل، إن التقلبات المناخية المتلاحقة، التي يشهدها اليمن، أثّرت بشكل كبير على مهنة النحالة وإنتاج العسل، ودفعت الكثير من النحّالين اليمنيين إلى نقطة الانهيار وترك المهنة، بسبب الخسائر التي تكبدوها، وعدم مقدرتهم على الصمود لموسم آخر.

 

وأشار الأهدل إلى أن هطول الأمطار قبل المواسم الفيضية، "يُحدث حركة ممتازة للنحل وخلاياه، ويحفّزها للتجييش والاستعداد للموسم، وذلك لصالح النحّال والعسل اليمني، لكن في الجانب المعاكس، تكون هناك اضطرابات جوية تتسبب بهطول أمطار في المواسم الفيضية؛ ما يؤدي إلى انحصارها وغسل الأمطار الزهيرات وتسببها في تلف الأشجار، وينتج عن ذلك قلة المحصول، وهذا ما حدث بمناطق كثيرة في اليمن".

 

وقال إن إعصار "تيج" الأخير، الذي ضرب المناطق الجنوبية الشرقية من البلاد، أواخر أكتوبر الماضي، أثر سلبًا على الزهور الفاتحة لأشجار السدر، وأدى ذلك إلى محصول متوسط أو أقل من المتوسط لهذا العام في بعض المناطق، وكان ضعيفًا جدًا في مناطق أخرى.

 

وأضاف أن النحّال يستعد على مدار العام الكامل للموسم، لكن حدوث مثل هذه المنخفضات المفاجئة، يفقده كل جهده وماله المبذول على مدار العام، ويجعله يتخلى عن المهنة، وذلك ما حدث خلال العقد الأخير الذي كثرت فيه التقلبات المناخية، في ظل غياب الدعم والإسناد للنحالين المتأثرين.

 

وتطرق الأهدل، إلى الآثار السلبية التي أفرزتها الحرب، والتي يأتي في مقدمتها إغلاق المنافذ ووضع اشتراطات صعبة لدخول العسل اليمني بكمياته التجارية إلى دول الإقليم والعالم؛ وهو ما جعل العسل يتكدس في الأسواق المحلية التي تواجه ضعفًا في القدرة الشرائية لدى المواطنين، ويتسبب في هبوط أسعاره بشكل حاد.

 

مشيرًا إلى الجوانب الأمنية المضطربة التي تحول دون تمكّن النحالين من الوصول إلى بعض المناطق الرعوية الممتازة، وتكدسهم في مناطق أخرى معينة، بأعداد كبيرة؛ ما يرفع الحمولة الرعوية ويزيد حجم الضغوط عليها.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن النحل العسل اليمني المناخ اقتصاد تربیة النحل

إقرأ أيضاً:

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات “الثانوية” .. تنطلق السبت المقبل في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر

أعلنت الحكومة السودانية، التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقراً مؤقتاً لها، عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، في 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لأول مرة منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023. ويجلس للامتحانات أكثر من 343 ألف طالب وطالبة، في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني (الولايات الشمالية والشرقية) ومصر، يمثلون 67 في المائة من الطلاب عموماً.

وكانت «قوات الدعم السريع» التي تسيطر على مناطق واسعة في ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة ومناطق أخرى، رفضت عقد الامتحانات، ووصفت الخطوة بأنها تأتي ضمن سياسات مدروسة تهدف إلى تقسيم البلاد، وحرمان عشرات الآلاف من الطلاب في مناطق القتال. كما رفضت تشاد إقامة الامتحانات على أراضيها باعتبارهم لاجئين.

اكتمال الترتيبات
وأعلن وزير التعليم المكلف، أحمد خليفة، في مؤتمر صحافي بمدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، اكتمال الترتيبات كافة، مشيراً إلى أنها المرة الأولى التي يتم فيها تغيير المواقيت الزمنية للامتحانات، إذ تقرر عقد الجلسات في الساعة الثانية والنصف ظهراً بتوقيت البلاد، بدلاً من الثامنة صباحاً، تقديراً لظروف الطلاب الذين يجلسون في مصر وعددهم أكثر من 27 ألف طالب وطالبة في 25 مركزاً، من جملة 49 ألف طالب وطالبة يجلسون للامتحانات من خارج السودان. وقال إن الحكومة المصرية ذكرت أنها لا تستطيع عقد الامتحانات في الفترة الصباحية.

وأشار الوزير إلى أنه تم تجهيز مركزين للطوارئ في مدينتي عطبرة والدامر (شمال البلاد)، يمكن أن يلتحق بهما الطلاب قبل 24 ساعة من بداية الامتحانات. وأكد أن جميع الترتيبات الأمنية مطمئنة لعقد الامتحانات، وأضاف: «لدينا خطط بديلة في حال حدث أمر طارئ... لكن المخاوف والتهديدات قليلة».

وأوضح أيضاً أن الامتحانات ستقام في 12 ولاية نزح إليها 120724 طالباً وطالبة من الولايات غير الآمنة، رافضاً الاتهامات الموجهة لهم بأن تنظيم الامتحانات في ظل هذه الظروف يحرم آلاف الطلاب في مناطق القتال من فرصة الجلوس للامتحانات.

تشاد ترفض
وقال الوزير: «لم نظلم الطلاب في إقليم دارفور أو غيره... هناك 35 في المائة من الطلاب الممتحنين وافدون. وزاد عدد الطلاب النازحين بنسبة 100 في المائة في ولايتي القضارف ونهر النيل». وأضاف: «استطعنا تلبية رغبة 67 في المائة من الطلاب الذين سجلوا للامتحانات قبل الحرب».

وقال خليفة إن الحكومة التشادية لا تزال متمسكة بعدم إقامة امتحانات الشهادة السودانية على أراضيها، بحجة أنهم لاجئون وعليهم دراسة المنهج التشادي، ما يحرم 13 ألف طالب وطالبة، مؤكداً جاهزية الوزارة لإرسال الامتحانات حال وافقت دولة تشاد.

وكشف وزير التربية والتعليم في السودان عن إكمال الأجهزة الأمنية لكل الترتيبات الأمنية اللازمة لعقد الامتحانات، موضحاً أن هناك لجاناً أمنية على مستوى عالٍ من الخبرة والدراية أنجزت عملها بأفضل ما يكون.

وذكر أن أوراق الامتحانات تمت طباعتها داخل السودان بجودة عالية وبأجهزة حديثة ومتقدمة في وقت وجيز لم يتجاوز 15 يوماً.

وفقاً للجنة المعلمين السودانيين (نقابة مستقلة)، فإن أكثر من 60 في المائة من الطلاب المؤهلين للجلوس للامتحانات سيحرمون منها، وعلى وجه الخصوص في دارفور وكردفان الكبرى، وأجزاء من العاصمة الخرطوم والجزيرة ومناطق أخرى تعاني من انعدام الأمن.

وتشير إحصائيات منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) إلى أن استمرار الحرب منع 12 مليوناً من الطلاب السودانيين في مراحل دراسية مختلفة من مواصلة التعليم.

الشرق الأوسط:  

مقالات مشابهة

  • ???? الواقع في دارفور قد بدأ مرحلة كنس عصابات آل دقلو
  • حصاد 2024.. أبرز الخواتم الذكية التي أطلقت في هذا العام
  • محافظ عدن طارق سلام: اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي بات البوصلة التي تتجه نحوها أنظار العالم
  • الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات “الثانوية” .. تنطلق السبت المقبل في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر
  • جودة العسل وتربية النحل مهدّدان في الجزائر.. هذه هي الأسباب!
  • اليمن يُدين حادثة الدهس التي وقعت في ألمانيا
  • عاجل : مقتل شيخين قبليين وإصابة ثلاثة أخرين في نزاع مسلح في اليمن
  • الجيش الإسرائيلي: إنذارات في عدة مناطق وسط إسرائيل إثر إطلاق صاروخ من اليمن
  • تفسير حلم مهاجمة النحل في المنام لابن سيرين.. خير وفير أم قلق وخلافات؟
  • لجنة أمن ولاية الخرطوم توجه بتنفيذ حملة لازالة مخلفات الحرب في المناطق التي تم تطهيرها ببحري