الموقع بوست:
2025-02-23@15:09:20 GMT

نحّالو اليمن.. من مرارة الحرب إلى صدمات المناخ

تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT

نحّالو اليمن.. من مرارة الحرب إلى صدمات المناخ

بعد نحو 7 سنوات من العمل الدؤوب، وجد النحّال فريد العولقي، نفسه مضطرًا إلى ترك مهنته التي كان يرنو إلى ممارستها فعليًا بكل شغف، رغم مشاقّها ومتطلباتها المضنية في التنقّل والترحال بين معظم مناطق البلد، بحثًا عن مرعى مناسب أو رحيق أشجار معينة، يسهم في جودة إنتاجه من العسل اليمني، ذائع الصيت إقليميًا.

 

لم يكن العولقي ذو الـ39 عامًا، القادم من مديرية نصاب، جنوب غرب محافظة شبوة، محظوظًا في انطلاق رحلته مع تربية النحل، التي سبقت اندلاع الحرب، بعدة أشهر فقط.

 

ورغما عن ذلك، استمر في عمله وتنقلاته بين مناطق البلد المتعددة تضاريسَ وبيئةً، وفق خبرته التي اكتسبها من أقاربه على مدى العقود الماضية، متسلحا بالصبر والثبات، في مواجهة الأوضاع الأمنية المضطربة وقساوة الطبيعة المتزايدة، آملًا أن يكون كل ذلك مجرد تحديات مؤقتة.

 

يقول فريد، إن الأوضاع المتفاقمة في البلد على الصعيدين: الأمني والاقتصادي، واستمرار الحرب، أجبرته على بيع نحله بسعر زهيد، بسبب عدم مقدرته على التنقل بسلاسة بين مناطق المرعى، التي تعتبر من أساسيات إنتاج العسل، إضافة إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية التي حدّت من تحركاته، واستمرار حالة التدهور في الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار مستلزمات تربية النحل، فضلًا عن عدم وجود التسويق الملائم للمنتج، بشكل يقدّر قيمته.

 

كانت سنواته السبع العجاف، سببًا كافيًا للتنازل عن حلمه الموءود، في ممارسة عمله كمربٍ للنحل، وأدرك أن الوقت ليس المناسب لمهنته المفضّلة التي استنزفته ماديًا، ليلتحق خلال العام الماضي، بالسلك العسكري، علّه يجد ما يسدّ رمقه، ويطفئ جوع أفراد أسرته المكونة من 6 أشخاص.

 

وتعتمد نحو 100 ألف أسرة يمنية، على تربية النحل كمصدر دخل وحيد، تنتج من خلاله قرابة 1500 طن من العسل سنويًا، وفق تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، العام الماضي.

 

اضطراب النحل والتغير المناخي

 

على الجانب الشمالي من البلاد، وتحديدًا في محافظة عمران، يقلّب النحّال، العمّ "يحيى" يديه بحيرة، وهو يفكّر في كيفية تسديد ديونه المتراكمة، ومتطلبات المعيشة، في ظل حالة اليأس التي باتت تغمره، وهو يشاهد تقلّص عدد خلاياه البالغة 250 خلية، وتضاؤل إنتاج مناحله من العسل.

 

 يشير الرجل الستيني إلى أن التغيّرات المناخية كارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الأمطار فترات طويلة وهطولها بشكل مفاجئ في غير موعدها، أوقفت النحل عن إنتاج العسل وتسببت باضطرابه؛ ما أدى إلى تكبده خسائر مادية، بعد أن كانت مهنته كنحّال تدرّ عليه دخلًا ماديًا يكفي لإعالة 14 فردا، هم عدد أفراد أسرته.

 

يشكو الرجل، من انتشار استخدام المواد الكيميائية التي يتم رشّها على النباتات لمكافحة الآفات والحشرات الضارّة، وهو ما قال إنها "سمّ قاتل"، تكالب عليه مع ظروف البلد الحالية، وبالتزامن مع تأثيرات المناخ واضطراباته، ليقضي ذلك الثلاثي على قرابة ثلثي نحله، وهو ما جعله يقرر إيقاف تنقلاته والعودة إلى مديريته حوث، شمالي عمران، ويستدين مبلغًا إضافيًا من المال، للحفاظ على ما تبقى لديه من الخلايا، في ظل تعدد الأوضاع المتفاقمة.

 

وحذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في يوليو الماضي، من اضطرابات في النظام الإيكولوجي للنحل في اليمن؛ ما يؤدي إلى تراجع عمليات التلقيح، نتيجة ارتفاع رقعة التصحر على حساب الأراضي المزروعة والنباتات المزهرة التي يعتمد عليها النحل في تغذيته، إضافة إلى التأثيرات الكبيرة للمناخ والصراع.

 

نقطة انهيار وترك المهنة

 

يقول الخبير في مجال تربية النحل، عايش الأهدل، إن التقلبات المناخية المتلاحقة، التي يشهدها اليمن، أثّرت بشكل كبير على مهنة النحالة وإنتاج العسل، ودفعت الكثير من النحّالين اليمنيين إلى نقطة الانهيار وترك المهنة، بسبب الخسائر التي تكبدوها، وعدم مقدرتهم على الصمود لموسم آخر.

 

وأشار الأهدل إلى أن هطول الأمطار قبل المواسم الفيضية، "يُحدث حركة ممتازة للنحل وخلاياه، ويحفّزها للتجييش والاستعداد للموسم، وذلك لصالح النحّال والعسل اليمني، لكن في الجانب المعاكس، تكون هناك اضطرابات جوية تتسبب بهطول أمطار في المواسم الفيضية؛ ما يؤدي إلى انحصارها وغسل الأمطار الزهيرات وتسببها في تلف الأشجار، وينتج عن ذلك قلة المحصول، وهذا ما حدث بمناطق كثيرة في اليمن".

 

وقال إن إعصار "تيج" الأخير، الذي ضرب المناطق الجنوبية الشرقية من البلاد، أواخر أكتوبر الماضي، أثر سلبًا على الزهور الفاتحة لأشجار السدر، وأدى ذلك إلى محصول متوسط أو أقل من المتوسط لهذا العام في بعض المناطق، وكان ضعيفًا جدًا في مناطق أخرى.

 

وأضاف أن النحّال يستعد على مدار العام الكامل للموسم، لكن حدوث مثل هذه المنخفضات المفاجئة، يفقده كل جهده وماله المبذول على مدار العام، ويجعله يتخلى عن المهنة، وذلك ما حدث خلال العقد الأخير الذي كثرت فيه التقلبات المناخية، في ظل غياب الدعم والإسناد للنحالين المتأثرين.

 

وتطرق الأهدل، إلى الآثار السلبية التي أفرزتها الحرب، والتي يأتي في مقدمتها إغلاق المنافذ ووضع اشتراطات صعبة لدخول العسل اليمني بكمياته التجارية إلى دول الإقليم والعالم؛ وهو ما جعل العسل يتكدس في الأسواق المحلية التي تواجه ضعفًا في القدرة الشرائية لدى المواطنين، ويتسبب في هبوط أسعاره بشكل حاد.

 

مشيرًا إلى الجوانب الأمنية المضطربة التي تحول دون تمكّن النحالين من الوصول إلى بعض المناطق الرعوية الممتازة، وتكدسهم في مناطق أخرى معينة، بأعداد كبيرة؛ ما يرفع الحمولة الرعوية ويزيد حجم الضغوط عليها.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن النحل العسل اليمني المناخ اقتصاد تربیة النحل

إقرأ أيضاً:

تداعيات حرب السودان خلال العام 2024 …. عدم وجود الاستجابة من المجتمع الدولي

تقرير: حسن اسحق/أقامت الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية منتدي اسفيري بعنوان ’’ تداعيات حرب السودان خلال العام 2024 ‘‘ يوم الخميس 6 فبراير 2025، استضافت فيه عدد من الباحثين في الشأن العام السوداني، تطرقت ’’ الشبكة المدنية ‘‘ الي أبرز أحداث العام الماضي، الممثلة في توقيع اتفاق تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ’’ تقدم‘‘ علي وثيقة مع قوات الدعم السريع في اثيوبيا، أعلنت فيها قوات الدعم السريع استعدادها لوقف إطلاق النار، والتفاوض المباشر مع الجيش السوداني، لكن الجيش رفض التوقيع علي هذه الوثيقة، واعتبرها تحالفا بين قوات الدعم وتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية والدعم السريع.
فيما يتعلق بالتداعيات الإنسانية في العام الماضي، كانت كارثية، اعداد النازحين تقدر بالملايين، بينما بعض المناطق شهدت حالة نهب وقتل، وانعكس ذلك علي معاناة المواطنين المتزايدة، مع تزايد حالات النزوح في كل من الخرطوم ودارفور، من أبرز انتهاكات حقوق الإنسان كانت متصاعدة، وكان في استهداف المدنيين خاصة النساء والأطفال، وممارسات طائفية وقبلية، وتخريب البنية التحتية.
شارت الشبكة المدنية الي اهمية دور المجتمع المدني في حماية المدنيين، بدوره واجه تحديات عديدة، منها عدم وجود الاستجابة الدولية فيما يحدث في انتهاكات في السودان، لعدم التزام أطراف الحرب بالقوانين الدولية، وهذا كان يشكل عائقا امام تخفيف المعاناة، اضافة الى تدهور الوضع الصحي، وانعدام الخدمات الصحية.
وارتفاع معدل الاصابات بالامراض المزمنة في المناطق المتأثرة بالصراع، ونقص في المستشفيات والمراكز الصحية، ادي الي انتشار الأمراض، الحميات والكوليرا، أما فيما يتعلق بالموسم الزراعي، بسبب انعدام الكهرباء، ونقص التقاوي الزراعية، بدوره ادى الى تراجع الانتاج الزراعي، وانعدام الأمن، جعل المزارعين بعيدين عن الزراعة.

الجهود الشعبية في مواجهة الأوضاع الانسانية
تطرقت الكاتبة مزن النيل والباحثة في سياسات الصناعة، إلى الجهود الشعبية في مواجهة الأوضاع الإنسانية الناتجة عن حرب، واضافة الى اهمية التركيز على الجهود الشعبية، مشيرة الي وجود ضعف في الاستجابة الدولية، كما اشار اليه تقرير ’’ الشبكة الشبابية ‘‘، مع إيقاف برامج المساعدات الامريكية في عام 2025، توضح مزن في هذا الشأن، أن التدخلات الدولية من الصعب الاعتماد عليها، لارتباطها بالمواقف الجيوسياسية، والانظمة التي تتحكم فيها، يمكن أن تتغير لاعتبارات مختلفة، اضافة لذلك، عدم قدرة المؤسسات الدولية في إجبار الجيش السوداني وقوات الدعم السريع علي الالتزام بالقانون الدولي، وتعنت وتعطيل هذه المساعدات.
اوضحت مزن ان هذه ليس سياسات عرضية، بل هي من طبيعة المجتمع الدولي، وطبيعة الكيانات السودانية المرتبطة بالحرب، ان الجيش والدعم السريع وصلا السلطة عن طريق العنف، في ذات الوقت، وجد الطرفان قبولا دوليا، رغم خرق القوانين، والنظام العالمي يحبذ مبدأ السيطرة علي قيم العدالة، وما يجعل المجتمع الدولي قدراته ضعيفة.
تطرقت مزن الي اهمية العنصر الداخلي، والنظر الي المجهودات الشعبية وقدرتها علي مساعدة الناس اكبر، رغم قلة التمويل، وأسهمت في الحفاظ علي حياة الناس، وقبل الحرب معظم المنشآت الصناعة كانت موجودة في الخرطوم وولاية الجزيرة، ومعظم العاملين في هذا القطاع الخاص، فقدوا عملهم، خاصة بعد هجوم قوات الدعم السريع، علي ولاية الجزيرة، وأكدت الحكومة لم تقم بدور في تقديم مساعدات للمواطنين الذين فقدوا مصادر دخلهم.
أوضحت رغم ضعف المجهود الرسمي للدولة، إلا أن المجهود الشعبي كان أكثر كفاءة، واكثر اهتماما بحياة الناس، ورفع مستوي الحياة حتى في الأوضاع الصعبة، وان المجهودات الشعبية استخدمت موارد محدودة، وتضع النسبة الأكبر من التمويل الخارجي في الخدمة المباشرة للجهات المستفيدة من هذه الخدمات.
تطالب بتوفير الصحة النفسية و خلق مناخ ايجابي للاطفال، هذا يشمل الانشطة الثقافية، حتي هذه الجهود الشعبية واجهتها بعض النواقص والعيوب، إلا أنها الأقدر علي تلبية احتياجات المتضررين، ويجب أن هناك تفكير للحصول علي تمويل مستدام في الخدمات الاجتماعية، المدارة شعبيا، لانها اثبتت كفاءتها وعدالتها، من الادارة الحكومية الرسمية، وادارة المنظمات للخدمات.
الاشادة بالدور التوثيقي
يضيف دكتور قصي همرور شيخ الدين الباحث والاستشاري منذ بداية الحرب ما زال حجم المجاهيل اكبر، وحجم المعلومات الموثقة أصغر، وهذا جعل تلمس الدروب في هذا الجانب صعب، وهذا بدوره يقود الي الاشادة بالدور التوثيقي الذي تعمل عليه ’’ الشبكة الشبابية ‘‘، ويجب ان تكون هناك مصداقية في هذا العمل، في الأسابيع الأولى للحرب، كانت كل الأطراف السياسية الفاعلة، ليس القوات المسلحة والدعم السريع، كانت هذه الجهات تعتقد ان الحرب لن تستمر الى فترة طويلة، وتصل إلى سنة وزيادة، مع استمرار الازمة الاوضاع اصبحت مختلفة.
ذكر قصي خمسة عوامل اساسية في هذه التغييرات، العامل الأول أن الحرب كانت بعناصر داخلية في المجمل، وقدرات موجودة مسبقة داخل القوات المسلحة، ومنظومة قوات الدعم السريع، كانت لدرجة كبيرة اشتعال لمكونين متناقضين، بين مكونات السلطة، انفجرت فيها الاحتقانات الكبيرة المتراكمة، ولم تكن غائبة عن نظر الجميع، من دلائل أن الحرب بدأت بعناصر داخلية، في ذلك الوقت، رئيس المجلس السيادي لفترة ما يحارب في نائبه، من دون أن يعزله، وهذا يؤكد المجلس الانتقالي لم يكن كتلة صماء، بل داخله تناقضات ممكن تنفجر في أي لحظة، بينما كان السياسيين الذين يمثلون تطلعات الشعب، وصوت الحراك الثوري في المفاوضات، كانوا يتعاملون مع الطرفين باعتبارهم عساكر فحسب.
أضاف قصي أن العامل الثاني مع بداية الحرب كانت هناك جهتين فقط تحمل السلاح، مع استمرار الحرب، أصبحت هناك عدة جهات مسلحة، وكان هذا امرا متوقعا، وتعددت الجهات حاملة السلاح، وكل جهة لا يمكن أن توصف ان دوافعها ورؤيتها تتوافق مع المعسكر الكبير، داخل كل معسكر توجد هذه الجهات، مثلا، القوة المشتركة، قوات حركات الكفاح المسلح التي قررت التصدي لأطماع قوات الدعم السريع، وصارت حليف قتالي للجيش في هذه الحرب، وقوات درع السودان التي ارتمت في احضان قوات الدعم السريع، ثم عادت الي الجيش السوداني، و كتيبة البراء بن مالك هي تتبع للكيزان، المسؤولين عن إنشاء الدعم السريع، اضافة ظهور المستنفرين، دوافعهم لا تشبه دوافع الفصائل المسلحة الاخرى، لان جملة أسباب انضمام الى الحرب، نابعة من الضرر البليغ الذين وصل إلى المواطنين.

ishaghassan13@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • كيف يعمل النظام الانتخابي في ألمانيا؟ وما أبرز التعديلات الجديدة التي طرأت عليه هذا العام؟
  • روسيا تشن أكبر هجوم بالمسيّرات على أوكرانيا في ذكرى اندلاع الحرب
  • احذر .. تناول العسل في هذه الحالة يسبب زيادة الوزن
  • ترامب: سأنهي الحرب الروسية الأوكرانية وسنستعيد أموالنا التي دفعناها لأوكرانيا
  • ما هي الدروس التي استخلصها الجيش الفرنسي بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا؟
  • السيطرة على حريق فى فرن بمنطقة البيطاش بالإسكندرية دون إصابات
  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
  • تداعيات حرب السودان خلال العام 2024 …. عدم وجود الاستجابة من المجتمع الدولي
  • ندوة بمأرب تناقش واقع مؤسسات المجتمع المدني في زمن الحرب
  • 4 مشروبات ساخنة ومجربة للتغلب على برد الشتاء