نظمت جامعة الجلالة الأهلية، ندوة تثقيفية بعنوان «نعم للمشاركة.. لا للشائعات.. خليك إيجابي»، وذلك بهدف رفع الوعي لدى الطلاب وجميع العاملين بالجامعة، بأهمية المشاركة في الانتخابات المقبلة وتجنب الشائعات وخطرها على الأمن القومي المصري، حيث حاضر فيها اللواء طيار دكتور هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وعدد من نواب البرلمان عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، منهم النائب محمد البدري، والنائبة راجية الفقي، والنائبة نهي ذكي، والنائبة مارسيل سمير.

جاء ذلك تحت رعاية وحضور كلًا من الدكتور محمد الشناوي، رئيس جامعة الجلالة الأهلية، والدكتور أحمد هنو، نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب، والدكتورة رنا زيدان، أمين عام الجامعة، بمشاركة العمداء ومديري البرامج والاداريين، وعدد كبير من الطلاب.

تضمنت الندوة جلسات حوارية تناولت الشائعات كأحد أدوات إسقاط الدول ومدي تأثيرها على الرأي العام، وآليات وأدوات هدم الدول من الداخل"، بالإضافة الي تطوير مفهوم حروب الجيل الرابع من خلال الإعلام المضلل كأحد أدوات إسقاط الدول، وأهمية التثقيف السياسي للشباب والاطلاع على مجريات الاحداث وحجم التحديات التي تهدد المنطقة وأبرزهم القضية الفلسطينية وموقف مصر الواضح تجاه دعوات تهجير الفلسطينيين لسيناء، وكيفية مواجهة مخططات إسقاط الدول وجهود مواجهتها، وأهمية المشاركة في الانتخابات كواجب وطني يعكس وعي كل مصري في ممارسة حقه الدستوري في اختيار من يمثله.

من جانبه، وجه الدكتور محمد الشناوي، رئيس جامعة الجلالة الأهلية، التحية والشكر للضيوف على تلبيتهم الدعوة، مشيرًا إلى أن الجامعة تحرص دائمًا على تنظيم مثل هذه الندوات التوعوية لتعريف الطلاب بأهم القضايا والتحديات التي تهدد مصر وأمنها القومي، مؤكدًا على أهمية توعية الشباب بمخاطر الشائعات، وسبل مواجهتها، من خلال زيادة الوعي والعمل على تنمية روح الولاء والانتماء للطلاب لرفع مكانه بلادهم والحفاظ على مقدراتها.

وفي كلمته، أكد اللواء طيار دكتور هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، على أهمية التوعية الفكرية للشباب ضد الأفكار المغلوطة وإعلامهم بالجهود غير المسبوقة والإنجازات التى تحققت فى السنوات الأخيرة، مشيرًا إلي أن مصر تواجه تحديات ضخمة وتعمل الدولة علي المواجهة في ظل ظروف إقليمية ودولية في غاية الصعوبة.

وأوضح الحلبي، كيفية التعامل مع الشائعات بأسلوب علمى يتماشى مع مستحدثات العصر خاصة حروب الجيل الرابع، مشيرًا إلى أهمية التفريق بين الأخبار المزيفة والحد من انتشارها، وبين الأخبار الحقيقية المتسقة مع مصادرها الرسمية، لعدم استغلال الشباب في التأثير على الروح المعنوية من خلال الحرب النفسية التي تعتبر السبب الأساسى فيها إطلاق الشائعات لتدمير الأوطان.

وأشار إلى أهمية أطلاع الشباب على إنجازات الدولة من خلال موقع الرئاسة المصرية، وايضًا التعرف على رؤية مصر 2030، من خلال موقع وزارة التخطيط، لمعرفة جهود الدولة في إحداث تغيير ملموس في حياة المواطن المصري في العديد من الملفات، مشيدًا بموقع مركز المعلومات ودعم واتخاذ القرار بمجلس الوزارء في توضيح الشائعات والرد عليه.

وفي كلمتها، قالت النائبة راجية الفقي، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن المشاركة الإيجابية في الاستحقاق الانتخابي حق وواجب في آن واحد لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، مشيرة إلى أهمية الإطلاع والوعي بما يدور في الصعيد المصري والعربي والعالمي.

كما أوضحت النائبة نهى زكى عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن السنوات السابقة تعكس مدى اهتمام الدولة المصرية بالشباب، من خلال عدة محاور منها تمثيل الشباب كنواب للوزراء والمحافظين وايضًا كأعضاء بالبرلمان، والاستماع للرأي والرأي الآخر من خلال الحوار الوطني ومنتديات شباب العالم، بالإضافة إلى إعداد وتأهيل الشباب للعمل العام والحياة السياسية، من خلال الاكاديمية الوطنية للتدريب والبرنامج الرئاسي، والأنشطة المختلفة للوزارات، كل هذا جزء لا يتجزأ من التجسيد الحقيقي لهذا الاهتمام.

فى حين أكدت النائبة مارسيل سمير، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، على إن المصريين قادرون على صناعة الفارق بالمشاركة الايجابية في الاستحقاقات الانتخابية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه وطنهم، ومن هنا تأتي قضية الوعي في الصدارة كركيزة أساسية يستلهم منها المصريين دورهم في بناء وطنهم أملًا في غد أفضل.

فيما أكد النائب محمد البدري، عضو لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، خلال كلمته، على أن الاستحقاق الانتخابي هو الأهم في التاريخ المصري الحديث، مشيرًا إلى أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية تعكس للعالم كله أن الشعب المصري يقف خلف القيادة السياسية فى كل قرارتها لحماية الأمن القومي المصري.

وأشاد البدري، بحجم انجاز الدولة المصرية في انشاء جامعة الجلالة الأهلية، كواحدة من أهم المشاريع القومية لتطوير التعليم العالي في مصر، معبرًا عن انبهاره بوعي شباب الجامعة بحجم التحديات التي تواجه الدولة المصرية، مما يعكس أهتمام الجامعة بتأهيل وإعداد الطلاب من خلال الأنشطة المختلفة، التي تنعكس على بناء مستقبلهم بما يحقق آمال وطموحات الوطن فيهم.

الجدير بالذكر، لاقت فعاليات الندوة الحوارية تفاعلًا ملحوظًا من الشباب مع الموضوعات المختلفة من خلال أسئلتهم واستفساراتهم، التي تؤكد على وعيهم وحرصهم على ممارسة دورهم فى حماية بلادهم.

IMG-20231207-WA0012 IMG-20231207-WA0014

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أكاديمية ناصر العسكرية العليا رئيس جامعة الجلالة شباب الأحزاب والسياسيين عن تنسیقیة شباب الأحزاب والسیاسیین جامعة الجلالة الأهلیة التحدیات التی من خلال مشیر ا

إقرأ أيضاً:

ما هو الموقف العقلاني من الانتخابات الرئاسية التونسية؟

إن الحديث عن "موقف عقلاني" من الانتخابات الرئاسية في تونس هو في الحقيقة حديث عن جملة من الأطروحات السياسية التي تدّعي أن مواقفها المتباينة من الانتخابات هي المواقف الأكثر عقلانية من جهة الفاعلية ومن جهة تحقيق المصلحة الوطنية. ولذلك فإننا سنكون موضوعيا أمام مجموعة من الأطروحات المتقاربة (دون تطابق) أو المتصارعة بمنطق النفي المتبادل، وهي أطروحات يمكن تقسيمها نظريا -على الأقل فيما يتصل بأهم الفاعلين السياسيين- إلى ثلاث: أطروحة السلطة، وأطروحة الهوامش الوظيفية للسلطة (الموالاة النقدية لـ"تصحيح المسار")، وأطروحة المعارضة الجذرية.

وقد يكون من الضروري في هذه المقدمة أن نوضّح أننا نتحدث عن "عقلانية" تحكم الأطروحات المتنازعة، وذلك من جهة التسليم بوجهة نظر الفاعل الاجتماعي لا من جهة التسليم بوجود تلك العقلانية بمعيار العقلانية السياسية المعاصرة. وهو ما يعني أننا سنحتاج إلى لحظة ثانية بعد لحظة التحليل والتفكيك، ألا وهي لحظة النقد الموجه لمجمل المواقف من الانتخابات الرئاسية، بل لمجمل الأطروحات المتنازعة على إدارة الشأن العام بعد 25 تموز/ يوليو 2021.

لو اعتمدنا معيار التناسق الداخلي أو عدم التناقض بين النظرية والتطبيق، فإننا سنعتبر أنّ أطروحة السلطة (أطروحة "تصحيح المسار") هي الأكثر عقلانية من بين الأطروحات المتنازعة. فالرئيس التونسي قد جاء إلى السلطة حاملا بديلا سياسيا لا علاقة له بالديمقراطية التمثيلية التي أوصلته إلى قرطاج، وهو مشروع لم يكن مخفيا على النخب بمختلف أيديولوجياتها وأجسامها الوسيطة، ولم يفعل منذ 25 تموز/ يوليو 2021 إلا ما يوجبه مشروع "الديمقراطية المباشرة" من هدم للامركزية القرار وإضعاف للأجسام الوسيطة وشخصنة للقرار السيادي. إننا أمام "عقلانية" مخصوصة لا تلتمس شرعيتها من قيم "الديمقراطية التمثيلية"، وهذه "العقلانية" لا تعترف بالانقسام الاجتماعي ولا بالأجسام الوسيطة التي أوكلت لها الديمقراطية "الفاسدة" إدارة التناقض بين المصالح المادية والرمزية لمجمل الفئات المشكلة للمجتمع. ففي الديمقراطية المباشرة أو المجالسية (وهي أطروحة ذات أصل يساري) لا وجود لانقسامات "مشروعة"ولذلك فإن "العقلانية" (من منظور السلطة) كانت تفترض تحويل حالة الاستثناء إلى مرحلة انتقالية تؤسس لجمهورية جديدة ذات نظام رئاسوي، كما أن "العقلانية" ذاتها توجب على الرئيس أن يرفض مبدأ التشاركية ومنطق التداول على السلطة مع أولئك الذين اعتبرهم "خطرا جاثما"؛ أعظم من "الخطر الداهم" الموجب لتفعيل الفصل 80 من دستور 2014 بقراءة "ما فوق دستورية".

إننا أمام "عقلانية" مخصوصة لا تلتمس شرعيتها من قيم "الديمقراطية التمثيلية"، وهذه "العقلانية" لا تعترف بالانقسام الاجتماعي ولا بالأجسام الوسيطة التي أوكلت لها الديمقراطية "الفاسدة" إدارة التناقض بين المصالح المادية والرمزية لمجمل الفئات المشكلة للمجتمع. ففي الديمقراطية المباشرة أو المجالسية (وهي أطروحة ذات أصل يساري) لا وجود لانقسامات "مشروعة"، بل هناك فقط انقسام واحد تقوم بين طرفيه علاقة لا متكافئة سياسيا وأخلاقيا. فنحن نجد الزعيم والشعب في أحد الطرفين (طرف الخير والعدل والمصلحة الوطنية) ونجد المتآمرين والخونة وأعداء الشعب في الطرف الآخر (طرف الشر والظلم والمصالح الشخصية). ولا يمكن لهذا المنطق السياسي القائم على أحادية "الحق" ونفي "الانقسام الاجتماعي" ونزع الشرعية عن "الأجسام الوسيطة"؛ أن يقبل بمنطق اقتسام السلطة داخل النظام ذاته (فهو يشخصن السلطة ويجعل الرئيس فوق المراقبة والمحاسبة)، فما بالك بأن يسمح باقتسامها مع أعدائه (أي أعداء الشعب والمصلحة الوطنية).

إننا أمام عقلانية "كُليانية" بحكم أصولها اليسارية وكذلك بحكم علاقة التعامد الوظيفي الذي يطبع علاقة الرئيس فيها بالدولة العميقة، وهي عقلانية ما قبل حديثة لأن أساسها ليس الإرادة الشعبية الحقيقية بل الإرادة الشعبية "المتخيلة" التي تقوم على التفويض المطلق والنهائي، والولاء الأعمى وشيطنة الخصوم وعدم تحمل المسؤولية السياسية عن الواقع. كما لا تتأثر "الشرعية" في هذه الأطروحة ولا تُراجَع أو تُنقض بمفهوم "الإنجاز" أو "المشروعية". فالواقع -حسب الخطاب الرئاسي- سيئ لأنه ميراث خيارات سيئة في "العشرية السوداء" وقبلها، والفشل لا يرتبط برأس النظام ولا بالفلسفة السياسية لتصحيح المسار، بل هو مردود إلى أولئك الذين خانوا "الأمانة" داخل النظام ذاته بحكم ارتباطهم بـ"الغرف المظلمة"). ولذلك فإن "العقلانية السلطوية" تقتضي إيجاد سياق انتخابي يسمح لها بالاستمرار بعيدا عن أي احتمال جدي للتغيير، وهو ما قامت به بإتقان ودون أي معارضة قادرة على فرض شروطها. فماذا فعلت الأطروحات المنافسة في مواجهة هذه الاستراتيجية التي لا يحركها إلا البقاء في السلطة بمنطق "التفويض الشعبي" أو "المبايعة" لا بمنطق الاحتكام للإرادة الشعبية في مناخ تنافسي نزيه؟

مهما كان موقفنا من "تصحيح المسار" فإننا لا نستطيع إنكار عقلانيته وفاعليته في الوصول إلى السلطة والمحافظة عليها، بصرف النظر عما يوجه إليه من انتقادات في مستوى الشرعية أو المشروعية. وهو ما لا يمكن أن نحكم به على الموالاة النقدية، أي تلك الموالاة التي مهدت لـ25 تموز/ يوليو ودعمته ثم اتخذت منه مسافة نقدية وتحولت إلى منافس سياسي له في الانتخابات الرئاسية. فأغلب رموز هذه الموالاة كانوا جزءا أساسيا في المشهد السياسي خلال ما يسمونه هم أنفسهم بـ"العشرية السوداء".

مهما كان موقفنا من "تصحيح المسار" فإننا لا نستطيع إنكار عقلانيته وفاعليته في الوصول إلى السلطة والمحافظة عليها، بصرف النظر عما يوجه إليه من انتقادات في مستوى الشرعية أو المشروعية. وهو ما لا يمكن أن نحكم به على الموالاة النقدية، أي تلك الموالاة التي مهدت لـ25 تموز/ يوليو ودعمته ثم اتخذت منه مسافة نقدية وتحولت إلى منافس سياسي له في الانتخابات الرئاسية
فالسيد زهير المغزاوي مثلا أو القيادي في حملته الانتخابية السيد محمد عبّو؛ كانا من أبرز الفاعلين في النظام البرلماني المعدّل سواء داخل السلطة أو في معارضتها البرلمانية. وكان حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب من أهم القوى البرلمانية التي أسقطت حكومة السيد "الحبيب الجملي" ودافعت عن "حكومة الرئيس"، وقد كانا أيضا من أهم الأصوات الداعية للانقلاب على التجربة الديمقراطية لأسباب ليس هذا موضع بسط الحديث فيها، ولكنها أسباب تجد جذرها -حسب رأينا القائم على الاستقراء- في إقصاء النهضة عن مركز الحقل السياسي وإعادة هندسة ذلك المشهد بالشراكة مع الرئيس.

لقد كانت "عقلانية" الموالاة النقدية" تقوم على مبدأين غير عقلانيين؛ هما الثقة في الرئيس دون وجود أي ضمانات في فلسفته السياسية ذاتها، وكذلك افتراض إمكانية وجود "ديمقراطية" دون حركة النهضة. وبصرف النظر عن أداء حركة النهضة خلال عشرية الانتقال الديمقراطي (وهو أداء يمكن أن يوجه إليه أكثر من نقد جذري)، فإن ما لم يفهمه أصحاب "الموالاة النقدية" هو أن استهدافها من لدن النظام لم يكن بسبب هويتها أو مرجعيتها "الإسلامية"، بل كان أساسا لاستهداف النظام البرلماني المعدل واستهدافهم هم أنفسهم، لأنه لا مكان لهم ولأحزابهم داخل النظام الرئاسوي والديمقراطية المباشرة.

لقد كان تحييد حركة النهضة يعني بالضرورة تحييد باقي القوى السياسية وتدجين الأجسام الوسيطة كلها، ولكنّ "عقلانية" الموالاة النقدية كانت عاجزة عن فهم هذا المعطى، أو لنقل إنها كانت مستعدة للمخاطرة بحكم أن نجاح الخطة كان يعني بناء نظام تشاركي مع الرئيس مع إقصاء حركة النهضة.

ولا يبدو أن هذه الموالاة قد تعلمت من الدرس الأول (درس التمهيد لـ"تصحيح المسار" ودعمه)، ولذلك فإنها قد اختارت التحول إلى منافسته من داخل سردية تصحيح المسار ذاتها (أي المعارضة مع الإبقاء على الشيطنة النسقية لما قبل 25 تموز/ يوليو). فـ"عقلانية" الموقف من الانتخابات الرئاسية تجد حجتها الأساسية عند هؤلاء في مقاومة انحراف تصحيح المسار (أي عدم التشكيك في شرعية 25 تموز/ يوليو ولكن رفض مساره) مع الوعد بإعادة الديمقراطية (أي العودة إلى الديمقراطية التمثيلية).

ولا يخفى ما في هذا الموقف من تناقضات داخلية هي في دائرة اللا مفكر فيه عند أصحابه. فكيف يمكن اعتبار "تصحيح المسار" استجابة شرعية لانتظارات التونسيين وهو القائم في جوهره على إلغاء الحاجة للأحزاب وللديمقراطية التمثيلية التي يعد السيد المغزاوي ومن معه بالرجوع إليها؟ وأي معنى للعودة إلى تلك الديمقراطية بالفلسفة السياسية القائمة على مركزية الصراع الهوياتي ضد حركة النهضة، وتسفيه أي إرادة شعبية قد تدفع بها مرة أخرى إلى مركز الحقل السياسي؟ بل كيف يمكن الثقة في "ديمقراطية" من كانوا أول من دعا بعضهم إلى "البيان رقم واحد" منذ المرحلة التأسيسية، وساند بعضهم الانقلاب المصري واعتبره "ثورة تصحيحية"؟ وكيف يمكن التفكير في الفوز على نطام يرفض منطق التداول على رأس السلطة من داخله، فما بالك بأن تكون من خارجه؟ إنها أسئلة لا ندعي أن المعنيين بالإجابة عنها مهتمون بها، ولكننا نزعم أنها تجعل من "عقلانية" الموالاة النقدية عقلانية متهافتة لن يتعدى دور أصحابها مرتبة "الديكور الانتخابي".

أما فيما يتعلق بالمعارضة الجذرية التي اعتبرت تصحيح المسار انقلابا ثم ارتأت أن تعترف بشرعيته ضمنيا بمنافسته في الانتخابات الرئاسية، فإن عقلانيتها هي الأخرى لا تتجاوز سقف عقلانية الموالاة النقدية رغم اختلاف المقدمات. فهيئة الانتخابات قد أقصت رموز هذه المعارضة من السباق الرئاسي -في تحد صريح لأحكام القضاء الإداري- ولكن ذلك لم يمنع أنصارها من مواصلة "أحلام اليقظة" بالحديث عن دعم أحد المرشحين الثلاثة (السيد العياشي الزمال). وتستند "عقلانية" هذا الموقف عند المدافعين عنه إلى وجود "ضمانات" بعدم التلاعب بصناديق الاقتراع. وهو افتراض لا يوجد أي دليل عليه، ولذلك يمكن اعتباره تجسيدا لمبدأ الرغبة وإسقاطا له على الواقع.

الامتناع عن التصويت ومحدودية نسبة المشاركة لا تمثل بالنسبة لهذا النظام أي حرج، وهو ما أثبتته المحطات السابقة مثل الاستفتاء على الدستور أو الانتخابات لغرفتي البرلمان. فرغم نسبة المشاركة المنخفضة فإن النظام لم يتراجع عن خارطة طريقه، ذلك أن البنية الدينية العميقة لـ"تصحيح المسار" تجعل من الأرقام مجر تفاصيل غير مهمة
فما الذي سيجعل الصناديق ونتائجها في مأمن من انحياز هيئة الانتخابات وفي منأى من ولايتها العامة التي أثبتت خلال المسار كله أنها في خدمة الرئيس المنتهية ولايته؟ وما الذي سيمنع المنظومة من إعادة إنتاج نفسها بمنطق "التأسيس الثوري الجديد" الطارد لأي تداول ممكن على السلطة؟ إن ما لم يفهمه المدافعون عن ترشيح السيد الزمال هو أن منطق إحراج السلطة أو تهرئة شرعيتها هو منطق يصلح داخل الديمقراطية التمثيلية ولا مكان له في الديمقراطية المباشرة (ما يقابل السلطة الجبرية في التراث الإسلامي)، كما أن ما لم يفهمه هؤلاء هو أنّ التعويل على "الدولة العميقة" أو على السياقات الإقليمية المتغيرة هو منطق يفضح محدودية وعيهم السياسي ولا يفصح عن أية "عقلانية" تتجاوز أحاديث النفوس وما تهوى (منطق الرغبة لا منطق الواقع).

ختاما، فإننا المقارنة بين ضروب العقلانيات التي تحكم المواقف من الانتخابات الرئاسية (من جهة الفاعلية والواقعية) تجعل فوز الرئيس في تلك الانتخابات هو الفرضية الأرجح. فالامتناع عن التصويت ومحدودية نسبة المشاركة لا تمثل بالنسبة لهذا النظام أي حرج، وهو ما أثبتته المحطات السابقة مثل الاستفتاء على الدستور أو الانتخابات لغرفتي البرلمان. فرغم نسبة المشاركة المنخفضة فإن النظام لم يتراجع عن خارطة طريقه، ذلك أن البنية الدينية العميقة لـ"تصحيح المسار" تجعل من الأرقام مجر تفاصيل غير مهمة في مشروع "خلاصي" يؤمن بالقلة الصالحة والصادقة في مواجهة الأغلبية الفاسدة والضالة. كما أن كثافة التصويت لن تُحرج هذا النظام حتى إذا كانت ضده، فهيئة الانتخابات قادرة على تكييف الإرادة الشعبية -بسلطة القانون أو بمنطق فرض الأمر الواقع- حسب ما تقتضيه "المصلحة الوطنية"، وهو ما يعني أن النتائج أو الإرادة الشعبية ليست هي المحدد الأساسي لشرعية السلطة، فهذه الشرعية هي شرعية "متعالية" لأنها تطابقت مع الإرادة الشعبية ومع منطق التاريخ مرة واحدة وإلى الأبد.

x.com/adel_arabi21

مقالات مشابهة

  • “القومي للحوكمة” يعقد ندوة حول دمج النوع الاجتماعي
  • مجمع إعلام قنا ينظم ندوة عن المبادرات الرئاسية ومواجهة الخصومات الثأرية بقوص
  • قنا تنظم ندوة عن المبادرات الرئاسية ومواجهة الخصومات الثأرية بقوص
  • «المصرية الأفريقية لأمراض القلب» تطلق حملة «سبورتيفيا» للتوعية بأهمية الصحة القلبية
  • الإفتاء تؤكد: المشاركة في ترويج الشائعات حرامٌ شرعًا
  • ما هو الموقف العقلاني من الانتخابات الرئاسية التونسية؟
  • معهد فتيات الغردقة ينظم ندوة تثقيفية ضمن مبادرة " معًا لبناء إنسان "
  • الإفتاء تُحذر من المشاركة في ترويج الشائعات: تبث الفزع بين الناس
  • دار الإفتاء المصرية تؤكد: المشاركة في ترويج الشائعات حرامٌ شرعًا
  • محافظ الجيزة يتفقد مركز شباب نزلة ترجم في أطفيح|صور