لجنة برلمانية تكشف عن عمليات استخبارية بريطانية عرضت أشخاصا للتعذيب
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
كشفت وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية البريطانية أن دومينك راب الذي شغل منصب وزير الخارجية في حكومة بوريس جونسون، قد أجاز 3 عمليات على الأقل نفذتها خدمة الاستخبارات السرية البريطانية، شكّلت خطرا حقيقيا بارتكاب التعذيب.
الوثيقة التي وصلت لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني خلال تحقيقها في عمليات استخبارية بريطانية يُعتقد أنها عرّضت أشخاصًا لخطر التعذيب من قبل حكومات أجنبية، كان ضمن تقرير للجنة كشفت عنه صحيفة التايمز البريطانية.
وأشار التقرير إلى أن راب وخلال سنتين من عمله وزيرا للخارجية بين عامي 2019-2021، سمح لخدمة الاستخبارات السرية البريطانية بتمرير معلومات استخبارية لحكومة أجنبية، حيث واجه المشتبه به معاملة قاسية أو غير إنسانية أو مهينة.
وأشار التقرير إلى أنه في عملية أخرى، تضمنت تمرير معلومات استخباراتية مهددة للحياة، كان هناك "خطر حقيقي" من تعرض الشخص المعنِي للتعذيب على يد الحكومة التي تمّ تقديم المعلومات إليها.
وقد جاء هذا الكشف بعد تقرير قدمته لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني، أشار إلى أن إجازة وزير الخارجية السابق تبدو خرقا للضمانات القاطعة التي قُدمت للبرلمان بعدم طلب خدمة الاستخبارات السرية تفويضا لتمرير معلومات استخبارية في الحالات التي يوجد فيها خطر جدّي بارتكاب التعذيب.
وقد أشار تقرير لجنة الاستخبارات إلى مخاوف حقيقية حول الثقافة الأمنية والأنظمة المتبعة لدى مكاتب الاتصالات الحكومية، وهي المؤسسة الأمنية البريطانية المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية الإلكترونية.
وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن التقرير يشير إلى أن راب وافق على 3 عمليات شكّلت خطرا حقيقيا بارتكاب التعذيب، فيما وافق على 22 طلبا من خدمة الاستخبارات السرية ارتبطت بخطر وجود "معاملة غير مقبولة" مثل الاعتقال وأمور متعلقة بظروف السجن، بحسب تقرير لجنة الاستخبارات.
وخلال استجوابه من قبل لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني، أنكر راب أنه وافق على مثل هذه الإجراءات، معربا عن تشككه في فعالية التعذيب وآثاره الأخلاقية على سمعة وكالات الاستخبارات البريطانية.
وقد أورد تقرير اللجنة أن وزارة الخارجية قدمت دليلا يُظهر بوضوح حقيقة عدم وجود حظر على الوزراء في إجازة إجراءات تشكل خطرا في ارتكاب التعذيب، وأن الوزراء قد أجازوا بالفعل مثل هذه الإجراءات.
وكان الوزير السابق قد أكد لصحيفة التايمز البريطانية أنه اتخذ القرار الصحيح بناء على المعلومات التي كانت أمامه في ذلك الوقت. وقال إنه واثق من أن كل القرارات التي اتخذت كانت قانونية. وبالرغم من ذلك، فقد أكد تقرير اللجنة البرلمانية أن راب تصرف بموجب الصلاحيات الممنوحة له، وأن إنكاره لم يكن مقصودا منه تضليل اللجنة.
في هذه الأثناء، أدانت منظمة "ريبريف" لحقوق الإنسان الإجراءات التي اتخذها وزير الخارجية السابق واعتبرتها غير قانونية. وقال مدير السياسات والمناصرة في المنظمة، دان دولان، إن عمل راب لم يكن قانونيا، متهما الحكومة الحالية باتباع سياسة "تعكير المياه" حول هذه القضية.
وقد أشار دولان إلى حوادث مشابهة مثل اعتقال الناشط السيخي البريطاني-الهندي جاكتر سينغ جوهال في الهند منذ 2017، والذي تعرض للتعذيب على يد السلطات الهندية على خلفية مشاركة معلومات استخبارية بريطانية مع نيودلهي، بحسب دولان.
ولم يذكر تقرير لجنة الاستخبارات والأمن تفاصيل عن تلك الحوادث، أو عن الحكومات الأجنبية والشخصيات ذات الصلة بعمليات تبادل المعلومات الاستخبارية مع الخدمة السرية البريطانية.
يُذكر أن صحيفة "غارديان" البريطانية نشرت في ديسمبر/كانون الأول 2021 أن راب الذي شغل منصب وزير للعدل في وقت سابق لدى حكومتي تيريزا ماي وريشي سوناك، كان قد قال في سنة 2009، عندما كان عضوا في البرلمان، إنه لا يدعم قانون حقوق الإنسان البريطاني ولا يؤمن بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی البرلمان إلى أن
إقرأ أيضاً:
عنف الاستعمار بالجزائر.. فرنسا استخدمت التعذيب والحرق والأسلحة الكيميائية
أثارت مجلة لوبس مسألة الجرائم المرتكبة أثناء احتلال الجزائر والحروب الاستعمارية الأخرى مثل حرب الهند الصينية، وذلك بالتزامن مع سحب القناة الفرنسية الخامسة فيلما وثائقيا يكشف عن استخدام فرنسا الأسلحة الكيميائية، بالإضافة إلى توقيف صحفي بسبب مقارنته تلك الجرائم بما ارتكبته القوات النازية في فرنسا.
ونقلت الصحيفة -في مقال بقلم دوان بوي- شهادة ضابط إسباني في يونيو/حزيران 1845، قال فيها "لا شيء يمكن أن يعطي فكرة عن المشهد الرهيب الذي أنتجه الكهف. كانت جميع الجثث عارية، في أوضاع تشير إلى التشنجات التي تعرضوا لها قبل وفاتهم، وكان الدم يخرج من أفواههم. ولكن ما أثار الرعب أكثر هو رؤية الأطفال الرضع يرقدون بين بقايا الأغنام وأكياس الفاصوليا".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبيران دوليان: أوقفوا الحرب المقبلة بين إثيوبيا وإريتريا قبل اشتعالهاlist 2 of 2صحف عالمية: على ترامب إجبار نتنياهو لإنهاء الحصار على غزةend of listوذكرت المجلة بأن هذا ليس وصفا لكنيسة أورادور سور غلان، حيث تم حبس 450 امرأة وطفلا وإحراقهم في التاسع من يونيو/حزيران 1944 على يد الألمان، بل هو شهادة ضابط إسباني، في يونيو/حزيران 1845، قبل قرن تقريبا من حادثة الكنيسة، أمام غار الفرشيح، حيث أشعل العقيد بيليسييه النار، وسجلت هيئة الأركان العامة 760 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال.
سياسة المحرقة
وقد وردت هذه الممارسات ضمن سياسة "المحرقة" التي أمر بها مارشال بوجو، وهي إستراتيجية تهدف إلى خنق المقاومين الجزائريين أثناء الغزو الاستعماري، وتم تنظيمها من قبل أحد "أبطالها" المارشال بيجو الذي يقول "إذا تراجع هؤلاء الأشرار إلى كهوفهم، فاطردوهم كما تطرد الثعالب".
إعلانوكانت هناك مجازر وعمليات تهجير كثيرة أثناء غزو الجزائر، وتظهر هذه الشهادة، التي أدلى بها العقيد دي سانت أرنو في أغسطس/آب 1845، أن تعليمات بيجو تم اتباعها بحماس "فقد أغلقتُ المخارج بشكل محكم وأنا أقوم بإنشاء مقبرة واسعة. ستظل الأرض مغطاة بجثث هؤلاء المتعصبين إلى الأبد. هناك 500 من قطاع الطرق لن يذبحوا الفرنسيين بعد الآن.. ضميري لا يوبخني على أي شيء".
وفي منتصف الحرب الجزائرية، جاء هذا الوصف لممارسة التعذيب في مجلة لوبس، وكانت وقتها تسمى "فرانس أوبسرفاتور" بقلم كلود بوديه، "إن التعذيب بحوض الاستحمام، أو نفخ الماء عبر فتحة الشرج، أو التيار الكهربائي على الأغشية المخاطية والإبطين أو العمود الفقري، هي الأساليب المفضلة، لأنها "إذا طبقت بشكل جيد" لا تترك أي أثر مرئي. إن عذاب الجوع مستمر أيضا، كما أن الخازوق واللكمات والركلات والضربات بأعصاب الثور ليست بمنأى عن ذلك أيضا".
وفي هذا السياق، أثار الكاتب الصحفي جان ميشيل أباتي جدلا واسعا بمقارنته بين هذه الفظائع التي ارتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر بمذبحة أورادور سور غلان، وخاصة بقوله "لقد ارتكبت فرنسا مئات المجازر مثل أورادور سور غلان"، ليتم إيقافه عن العمل من قبل إذاعة "آر تي إل"، وفي التاسع من مارس/آذار أعلن عبر مواقع التواصل الاجتماعي قراره بمغادرة العمل.
وأثارت المجلة قضية حساسة عن كيفية التعامل مع إرث العنف الاستعماري، وكيف تنعكس هذه الذاكرة على الخطاب العام والسياسة المعاصرة، تاركة السؤال مفتوحا حول قدرة المجتمع على مواجهة ماضيه بشفافية، مشيرة إلى أن فرنسا تُحيي ذكرى بعض المجازر مثل أورادور-سور-غلان بينما تتجاهل جرائمها في مستعمراتها السابقة، مما يعكس انتقائية في طريقة تذكر الماضي.
أسلحة كيميائية
وإلى جانب استقالة أباتي، وفي سياق دبلوماسي متوتر يحتدم فيه النقاش حول الجرائم الاستعمارية، سحبت القناة الفرنسية الخامسة فيلما وثائقيا غير منشور يكشف عن استخدام فرنسا للأسلحة الكيميائية في الجزائر قبل 5 أيام من بثه، مع أنه متاح عبر الإنترنت منذ الأربعاء 12 مارس/آذار.
إعلانويستند الوثائقي -حسب تقرير آخر لصحيفة ليبراسيون- إلى أبحاث المؤرخ كريستوف لافاي، ويكشف استخدام الجيش الفرنسي لأسلحة كيميائية محظورة لتطهير المناطق الجبلية من المقاتلين الجزائريين، مثل غاز "سي إن 2 دي" (CN2D) المحظور وفق معاهدة جنيف لعام 1925.
وذكرت ليبراسيون بأن الوثائقي الذي عُرض على قناة "آر تي إس" السويسرية قبل أيام، وأثار تفاعلا واسعا في الإعلام الجزائري، يأتي في وقت حساس بسبب توتر العلاقات الفرنسية الجزائرية، لا سيما بعد اعتراف فرنسا في صيف 2024 "بالسيادة المغربية" على الصحراء الغربية.
وأشارت لوبس إلى أن العنف لا يقتصر على الجزائر وحدها، وقد أوضح المؤرخ كريستوفر جوشا، الذي أجرت معه مقابلة في عددها الخاص "الهند الصينية، الاستعمار المنسي"، أن حرب الهند الصينية كانت حرب الاستعمار الأكثر عنفا في القرن الـ20، حيث كانت حصيلة الضحايا المدنيين أعلى حتى من حصيلة ضحايا حرب الجزائر.