اتهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس الأربعاء، "عناصر في القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب في السودان" خلال النزاع الجاري بينهما منذ أشهر في البلاد، من غير أن تفرض واشنطن عقوبات جديدة عليهما في الوقت الحاضر.

كما اتهم "أيضا عناصر في قوات الدعم السريع ومليشيات متحالفة معها" بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية وعمليات تطهير عرقي"، مشيرا إلى روايات عن عمليات قتل جماعي ارتكبتها قوات الدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معها ضد قبيلة المساليت من الإثنية الأفريقية في إقليم دارفور.

وتابع بلينكن "تمت مطاردة المدنيين (من قبيلة) المساليت، وتركوا ليموتوا في الشوارع، وأضرمت النيران في منازلهم، وقيل لهم إنه لا مكان لهم في السودان".

وحضّ وزير الخارجية الأميركي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على "وقف هذا النزاع الآن والامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الفظائع".

وتستمر الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) منذ أبريل/نيسان الماضي.

وأسفرت الحرب عن سقوط أكثر من 10 آلاف قتيل، وفق تقديرات منظمة "مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها" (أكليد)، وتسببت في نزوح نحو 6 ملايين شخص داخل البلاد أو إلى دول مجاورة، بحسب الأمم المتحدة.

واعتبر بلينكن في البيان أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع "نشرا العنف والموت والدمار في كل أنحاء السودان". وأضاف "يدفع المدنيون ثمن هذا الصراع العبثي".

"ترهيب"

وذكر البيان أن عناصر في الدعم السريع ومليشيات متحالفة معه عملت على "ترهيب النساء والفتيات من خلال العنف الجنسي ومهاجمتهن في منازلهن واختطافهن في الشوارع، ومن خلال استهداف اللواتي حاولن الفرار إلى مكان آمن".

وأعلن أن هذه الأفعال بمثابة "صدى" للحرب في دارفور التي بدأت منذ 20 عاما ووصفتها الولايات المتحدة بأنها "إبادة جماعية".

وشهدت المنطقة الواقعة في غربي السودان منذ العام 2003 نزاعا داميا، وقد اندلع القتال عندما حمل متمردون أفارقة السلاح ضد نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير. واستعانت الخرطوم آنذاك بمليشيا الجنجويد التي كانت تجنّد مقاتلين من القبائل الرحل في المنطقة، يشكلون حاليا الجزء الأكبر من قوات الدعم السريع.

وتسبب النزاع في مقتل أكثر من 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون شخص، وفق الأمم المتحدة.

ولم يترافق الإعلان الأميركي أمس الأربعاء مع فرض عقوبات جديدة على السودان، لكن لم يستبعد المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر ذلك.

وقال خلال مؤتمر صحفي "عدم الإعلان عن عقوبات اليوم لا يعني أننا لن نفرض عقوبات جديدة لاحقا".

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت سلسلة من العقوبات استهدفت على سبيل المثال وزير خارجية سابق في حكومة البشير وعناصر في قوات الدعم السريع، لكن العقوبات لم تطل إجمالا سياسيين رفيعي المستوى.

وأكد خبراء في الأمم المتحدة مؤخرا أن العنف الجنسي منتشر على نطاق واسع في السودان، وأحيانا يتم بدوافع عرقية ويُستخدم "أداة حرب"، مطالبين بمحاكمة مرتكبي هذا العنف.

ورعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية جولة محادثات في مدينة جدة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي كانت الثانية بين طرفي النزاع بهدف وقف إطلاق النار، لكن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود لأن "أيا من طرفي النزاع ليس مستعدا للوفاء بالتزاماته"، حسبما أكد ميلر.

ولم تسفر محاولات الوساطة السابقة إلا عن هدن قصيرة، سرعان ما انتُهكت.

ودعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور الديمقراطي بن كاردين إدارة بايدن أمس الأربعاء إلى تعيين مبعوث خاص من أجل "تنسيق جهود حلفائنا وشركائنا لإنهاء الصراع نظراً لخطورة الأوضاع".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: وقوات الدعم السریع قوات الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

قوات الدعم السريع السودانية تتفق مع حلفائها على تشكيل حكومة عبر ميثاق جديد

قال السياسيان السودانيان، الهادي إدريس، وإبراهيم الميرغني، إنّ: "قوات الدعم السريع ستوقع ميثاقا مع جماعات سياسية ومسلّحة متحالفة معها، مساء اليوم السبت"، مبرزين أنهم من بين الموقعين على الميثاق.

وأوضح السياسيان، لوكالة "رويترز" أنّ الميثاق يأتي من أجل: "تأسيس حكومة سلام ووحدة في الأراضي التي تسيطر عليها القوات شبه العسكرية".

وقال إدريس إنّ: "من بين الموقعين على الميثاق والدستور التأسيسي، عبد العزيز الحلو الذي يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي ولديه قوات في ولاية جنوب كردفان. ويطالب الحلو منذ فترة طويلة بأن يعتنق السودان العلمانية".

تجدر الإشارة إلى أن كينيا، قد استضافت المحادثات، خلال الأسبوع الماضي، مما أثار جُملة تنديدات من السودان وانتقادات داخلية في كينيا للرئيس وليام روتو، بسبب ما وصفه بـ"إدخال البلاد في صراع دبلوماسي".

وفي حرب مستمرة منذ ما يقرب من عامين، تسيطر قوات الدعم السريع على معظم منطقة دارفور بغرب البلاد، وعلى مساحات شاسعة من منطقة كردفان؛ فيما يتصدى لها الجيش السوداني في وسط البلاد، مندّدا في الوقت ذاته بتشكيل حكومة موازية.

وبحسب عدد من التقارير الإعلامية، فإنه: "من غير المتوقع أن تحظى مثل هذه الحكومة، والتي أثارت قلق الأمم المتحدة، باعتراف واسع النطاق. إذ يقول مقربون من الحكومة إن تشكيلها سوف يُعلن من داخل البلاد".

وفي السياق نفسه، كانت الولايات المتحدة، قد فرضت في وقت سابق من هذا العام، عقوبات على محمد حمدان دقلو المعروف بلقب "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك الإبادة الجماعية.

إلى ذلك، اندلعت الحرب في السودان، عقب خلافات بين قوات الدعم السريع والجيش بخصوص ما يرتبط باندماجهما خلال مرحلة انتقالية، كانت تهدف للتحول إلى الحكم الديمقراطي، وهو ما تسبّب في تدمير مساحات شاسعة من البلاد ودفعت نصف السكان إلى أزمة معيشية صعبة، جرّاء المجاعة.

كذلك، تعيش السودان أزمة صحية طارئة، إذ أعلنت شبكة أطباء السودان، السبت، عن تسجيل 1197 إصابة بوباء الكوليرا، بينها 83 حالة وفاة في ولاية النيل الأبيض، المتواجدة في جنوبي السودان، وذلك خلال اليومين الماضيين.


وأوضحت الشبكة الطبية (غير حكومية)، عبر بيان لها: "تسبب الانتشار الواسع لمرض الكوليرا بولاية النيل الأبيض في وفاة 83 شخصا، فيما أصيب 1197 شخصا، تعافى منهم 259 شخصا حتى مساء أمس الجمعة، وغادروا مستشفى كوستي (حكومي) بولاية النيل الأبيض".

وأشار البيان نفسه إلى أن "الوضع الصحي بولاية النيل الأبيض كارثي بسبب تفشي الوباء"؛ فيما دعت شبكة أطباء السودان، السلطات الصحية في البلاد، لفتح عدد من المراكز بسبب ضيق المستشفيات.

وفي سياق متصل، كانت السلطات السودانية، قد أعلنت الأربعاء الماضي، عن مقتل 6 أشخاص من أسرة واحدة، وإصابة 3 آخرين، وذلك بقصف مدفعي نفّذته قوات الدعم السريع على مدينة أم درمان، المتواجدة غربي العاصمة الخرطوم.

وأوضحت وزارة الصحة بولاية الخرطوم، في بيان، أن: "قوات الدعم السريع ارتكبت مجزرة جديدة في حق المدنيين باستهدافها الممنهج والمستمر للمواطنين المدنيين بمنطقة كرري بمدينة أم درمان غربي الخرطوم".

وبحسب البيان نفسه فإن: "القصف المدفعي الذي شنته اليوم أدى إلى وقوع مجزرة باستشهاد 6 أشخاص من أسرة واحدة، وإصابة 3 آخرين جراء وقوع القذائف داخل منزل الأسرة في حي الثورة بمنطقة كرري".

وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" منذ أيام، لصالح الجيش، بكل من ولايتي الوسط (الخرطوم والجزيرة) وولايتي الجنوب (النيل الأبيض وشمال كردفان) المتاخمة غربا لإقليم دارفور (5 ولايات).


إلى ذلك، تسيطر "الدعم السريع" على 4 ولايات فيه، بينما لم تمتد الحرب لشمال البلاد وشرقها. وفي ولاية الخرطوم المكونة من 3 مدن، بات الجيش السوداني يسيطر على 90 في المئة من "مدينة بحري" شمالا، ومعظم أنحاء "مدينة أم درمان" غربا، و60 في المئة من عمق "مدينة الخرطوم" التي تتوسط الولاية وتحوي القصر الرئاسي وكذا المطار الدولي.

وقبل أيام قليلة، أفاد سكان وعاملون في القطاع الطبي بأن قوات الدعم السريع السودانية قد شنّت هجمات على مخيم زمزم للنازحين، الذي يعاني من أزمة مجاعة حادة، وذلك في إطار محاولات القوات العسكرية تعزيز سيطرتها على معقلها في دارفور، بينما تتكبد خسائر أمام الجيش في العاصمة الخرطوم.

ومنذ نيسان/ أبريل من عام 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وذلك بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، فيما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • قوات الدعم السريع السودانية تتفق مع حلفائها على تشكيل حكومة عبر ميثاق جديد
  • اقترحته على الأمم المتحدة لحل النزاع.. مشروع أمريكي يتجاهل وحدة أوكرانيا
  • واشنطن تقترح مشروع قرار أمميينهي سريعا النزاع الروسي الأوكراني
  • واشنطن تقترح اصدار قرار أممي يدعو لإنهاء النزاع في أوكرانيا
  • الدعم السريع ترقص في احتفال على الجماجم والأشلاء
  • الخرطوم تتهم كينيا بتهديد وحدة السودان بسبب استضافة اجتماعات لقادة الدعم السريع
  • مديرية الأمن في حمص تلقي القبض على أحد المتورطين بارتكاب جرائم حرب
  • الجيش السوداني يضيق الخناق على مقار الدعم السريع ويحكم سيطرته على كافوري في الخرطوم بحري
  • محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع
  • هل تسعى الدعم السريع لتقسيم البلاد؟