سودانايل:
2024-11-08@04:30:37 GMT

مشروع الجزيرة كعصفور في يد اطفال اشقياء وقساة

تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT

نعود الى ما كتبنا قديما. وقت المجاملات والتفريط يجب ان ينتهي . الوطن اليوم في حالة ان نكون او لا نكون . التاريخ هو احسن معلم . قلت قديما لكي تصل يجب ان تعرف اين تقف .
اهتمام مصر بما يحدث في مشرع الجزيرة ناتج من ان انتاج القطن طويل التيلة قد بلغ بعد امتداد المناقل الى 180 الف بالةبعد أن كان 100 الف بالة .

هذا رقم لا تستطيع مصر الوصول اليه . كل الارض المزروعة في مصر لم تزد وقتها عن 6 مليون فدان . الحديث أن مشروع الجزيرة الذي كان اكبر مزرعة في العالم تحت ادارة واحدة قد نفذه البريطانيون ، والا لما قدر السودانيون على تنفيذه !! امتداد المناقل تم بايادي سودانية خالصة بجيش من السودانيين على رأسهم كان مهندسان هما كوباوي وصالح العبيد. صالح العبيد هو من غنت له الفنانة حواء جاه الرسول المعروفة بالطقطاقة . الأغنية تقول .......المهندس جا ورسم البنا .
في ايام الكيزان الاولى وبمراهقة الطلاب السياسية . رفعوا شعار نأكل من ما نزرع . اهلكوا الارض عن طريق ذبح الدورة الثلاثية . التي تعني ثلث المشروع تترك فيه الارض بورا لترتاح . يزرع الثلث بالبقوليات القمح الذره وهذه تساعد في اصلاح التربة . يزرع القطن طويل التيلة الذي يساوي سعره اربعة اضعاف القطن المطري قصير التيلة في الثلث الاخير . عندما رفعوا شعار نلبس من ما نزرع . استخدموا القطن طويل التيلة الذي كان يصدرويعود بالمال الوفير الذي يمكن ان يشتروا به القمح من السوق العالمي رخيصا . استخدموا القطن طويل التيلة في انتاج الزي المدرسي الملابس العسكرية وكل شئ. تدني انتاج القطن الى 20 الف بالة في بداية الانقاذ . اهلكت الارض عن طريق زراعة القمح في نفس الارض لاربعة مواسم متواصلة . !!ماتت الارض التي يمتلكها المواطن .
من موضوع قديم تحت عنوان مشروع الجزيرة والمصريين .
منذ قديم الزمان كان عند المصريين غبينة مع مشروع الجزيرة . فلقد هاجموه بشراسة واتى محمد حسين هيكل الأول, وهذا يختلف عن محمد حسنين هيكل الذي يزور التاريخ. والأول شتم السودانيين بكل قباحة ولؤم ووصفهم بالعبيد وشتم حتى طعامهم الكسرة ناسيا المش المدود الذي يتلذذ بأكله المصريون. المصريون كانوا يقولون بالمفتوح ان ري السودان يضر بري مصر. وان على السودان ان يكتفي بالزراعة المطرية وان ينتج الحبوب واللحوم التي تحتاجها مصر ويكتفي بذلك. وهذا يعني ان السودان يجب ان يكون جبراكه لمصر. لمعلومية من لا يعلم فإن الجبراكه هي المزرعة الصغيرة التي تزرعها المرأة خارج منزلها.
في المؤتمر الشيوعي العشرين بعد التخلص من الإستالينية. كان هنالك نقاش عن تقسيم العمل في مجموعة (الكوميكون) الدول الاشتراكية. وطرحت فكرة تخصيص بلغاريا وبعض الدول الاخرى للتخصص في الانتاج الزراعي لإطعام بقية المجموعة. أنسحب الوفد البلغاري احتجاجا. ثم اعيد النظر في الامر وتراجع الاتحاد السوفيتي لأنه لا يمكن ان تبني الإشتراكية بدون قاعدة صناعية.
الآن بعد قتل السودانيين في ميدان مصطفى محمود. وإصطياد السودانيين كالأرانب في الحدود الإسرائيلية. وبعد ان تكرم علينا المصريون واكرمونا بإحتلال حلايب , وسفك الدم (البربري), يكرم المصريون وتطرح قضية مكافأتهم بمليون فدان من اخصب الاراضي في العالم. ولا يهم اذا كانت تمليك, هدية او (دقندي). يجب ان نعرف ان المصريين عندهم عداوة مع مشروع الجزيرة. ولقد افلح الانجليز في إبعادهم عن مشروع الجزيرة.
دقندي هي الزراعة بتأجير الارض لموسم واحد.
من المحن السودانية ان الإنقاذ لا يهما اي شيء في الوقت الحاضر سوى المحافظة على وجودهم. وسيعطوا إبليس راكوبة في القصر الجمهوري, اذا احسوا أن هذا سيجنبهم الملاحقة. ولكن هل يصعب على السودانيين ان يفهموا ان مصر والسودان مثل اثنين في الملجة يبيعان البطيخ فإذا حدثت مصيبة لأحدهما سيستفيد الآخر.
مصر والسودان ينتجان القطن طويل التيلة وهنالك جزء صغير من بوليفيا ينتج بعض القطن طويل التيلة. ومصر كانت تسعى كل الوقت وتدعو الله ان ينزل صاعقة تقضي على مشروع الجزيرة حتى ينفردوا بالسوق العالمي. وقديما كان كل الإنتاج يذهب الى انجلترا ومغازل لانكشير التي كانت الاكبر في العاليم وتصنع اقمشة الروبيا التي لا ينتجها الا القطن طويل التيلة. وكانت الروبيا ترجع الينا في شكل ثياب ابو قجيجة وازهري في المطار والمظاهر واسرار.
وبدأت سويسرا تستورد كميات ضخمة من القطن السوداني طويل التيلة عالي الجودة وكانوا يقولون ان الموضة تبدا في مدينة سانت قالان. هنالك تصنع اقمشة ،،الفوال ،، وهو تخصص سويسري وهو الخيط المبروم . وتذهب تلك الاقمشة الى فرنسا وايطاليا وكل العالم. ولهذا افتتح مكتب للأقطان في جنيف كان يديره خيرة ابناء السودان منهم الطيب ميرغني شكاك رحمة الله عليه. وفي نهاية الثمانينات كان يديره الاخ امير عبدالله ميرغني . والثياب التي تأتينا في السودان ليست مصنعة للسودان وهي مصنعة لكل العالم خاصة نيجيريا التي تستهلك كميات ضخمة. 120 مليون نايجيري وخاصة الرجال يلبسون المخرم والمطرز. والتطريز تتخصص فيه النمسا التي تعيد المنسوجات بعد تطريزها لسويسرا. السودان كان يمكن ان يحدد اسعاره ويفرض شروطه. والقطن السوداني كان يدفع ثمن العلاج والتعليم ومرتبات الموظفين والبنى التحتية والجيش والشرطة…..الخ.
مشروع الجزيرة هو اكبر مزرعة في العالم تحت إدارة واحدة. وهنالك شبكة قنوات تفوق ال 8 الف كيلومتر. والري هو الري الانسيابي الذي لا يحتاج الى مضخات او اي تعب يأتي المطر في شهر 6 وتبذر البذور ولا يبقى سوى الرقاعة ,,ملئ الاماكن التي لم ينبت فيها النبات ,, الشلخ ،، عندما تنمو عدة نباتات متقاربة, يتم التخلص من يعضها . الطراد الناشف والطراد بالبقر والحش ثم اللقيط والقلع والحرق, وترحيل القطن الذي كان يتم بسكة حديد داخلية ومحالج.القضبان قد بيعت المحالج توقفت. سكك حديد قومية تأخذ القطن الى بورتسودان. عملية مرتبة ومنظمة وبسيطة. تحتاج لمقدرة وجهد عظيم لكى تخرب هذه المنظومة. ومن المحن السودانية اننا نتمتع بحكومات قادرة على الخراب.
عندما استلم الاشتراكيون السلطة في انجلترا واطاحوا بحكومة وينستون تشرشل, تعاملوا مع المستعمرات وخاصة السودان بطريقة كريمة . والانجليز عندهم حب و احترام للسودانيين ليس بمسبوق. يمكن ان نرى هذا في كتب مثل ظلال على الرمال وحكاوي كانتربري السودانية التي تشمل ذكريات موظفين بريطانيين بمشارب مختلفة في السودان وذكريات قوين بل. ولقد مدح الشاعر المميز واللورد البريطاني كيبلينق السودانيين خاصة البجا الذين هزموا الانجليز في معركة التيب في شرق السودان والتي حدث في نفس زمان معركة شيكان. وكسر المربع البريطاني وجرح اللورد كتشنر. وقال كيبلينق لقد حاربنا خلف البحار. حاربنا كثيرا من الشجعان وحاربنا آخرين لم يكونوا من الشجعان. لقد حاربنا الزولو والبتان ولكن البجا يبقون اروع الشجعان . وصفهم كيبلينق ب (فاظي واظي) اشارة الى شعورهم المميزة.
رفع حزب العمل الانجليزي شعار ان السودان والمستعمرات قد ضحوا في الحرب العالمية وانه يجب تعويض السودان . وكان اول تعويض عبارة عن 2 مليون جنيه سوداني اتو 6 مليون دولار. وقديما ميزانية حكومة السودان كانت تتراوح بين 4 و 6 مليون جنيه سودان. وانشئ مشروع الزاندي لإنتاج القطن والغزل. وتضاعف انتاج القطن في جبال النوبة وفي طوكر. وكان السودانيون قد تخلصوا من آفات القطن وامراضه. لأن السيقان كانت تحرق بعد كل موسم. وكانت التقاوي تزرع في طوكر حتى يعطي هذا القطن مناعة.
ولفترة عانى القطن السوداني من اللزوجة والتي تسبب مشاكل في الغزل. وحلت تلك المشكلة. ولكن مصر كانت تعاني كل الوقت من امراض فظيعة خاصة اللطع والكرمشة الذي كان يحتاج المزارع المصري ان يحاربه بيده. وعندما كانت مبيعات السودان ترتفع كانت مصر تواجه مشاكل في تسويق القطن. وبسبب التدخل المصري خاصة عندما تأكد لجمال عبدالناصر ان الإتحاد لن يتم, دبرت مصر المؤآمرات للسودان وكانت مشاكل وإضرابات مشروع انزارا. وكان من المحرضين احد المصريين ,, كما ورد في تقريرلجنة التحقيق ,, الذي كان عضوا نشطا في النقابة. وانتهى الامر بإضرابات ومذبحة انزارا التي كانت بداية الإنتفاضة الجنوبية. والتي لا نزال نعاني منها الى الآن. وكان للشماليين القدح المعلى. لقد صدرت اوامر من الجيش و البوليس بإطلاق النار على المتظاهرين. وفرحت مصر.
إن اي نشاط بشري له خلفية إقتصادية . المال هو الذي يحرك كل شيء. عندما اتفقت شركات تصنيع السيارات الاربعة في لوس انجلس قاموا بشراء شركات المواصلات العامة ثم الغوها. وساعد هذا في بيع كميات ضخمة من السيارات ولهذا فإن لوس انجلس لم تعرف المواصلات العامة.
اذا سيطر المصريون على نصف مشروع الجزيرة فسيكونون سعداء جدا ان تنتج فيه حبوب واعلاف حتى لا يجد قطنهم المنافسة, خاصة و ان الاقمشة المصرية قد بدأت تجد رواجا كبيرا في العالم.
لماذ الإستعانة بأعمى لكي يقود اعمى آخر. الدولة المصرية فاشلة. من المؤكد انها اقل فشلا من الدولة السودانية الا انها دولة فشلت في ان تطعم اهلها. مصر الى الآن تستجدي نصف اكلها الذي يأتيها في شكل صدقات مشروطة. ومصر ليست دولة مشهورة بالتطور التقني او الإدارة النزيهة المتطورة. لماذا الإتجاه لمصر؟. ومصر عضو معنا في نادي الفاشلين. اين ذهب صراخ البشير وشعاراته في بورتسودان عندما افرح الناس في السودان, وذكر ان حلايب سودانية. وهذه إشارة صريحة بأن هنالك ارض سودانية مغتصبة والمحنة ان المغتصب يكافأ بأرض جديدة.
مساحة الجزيرة اكبر من هولندا التي هي في اول 10 دول إقتصاديا. والسودان 60 مرة مساحة الدنمارك والدنمارك اغنى من مجموعة من الدول العربية ببترولها.
لقد لعب المصريون بالسودانيين كل الوقت. بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة ارتفعت اسعار القطن اضعافا مضاعفا. وكان المزارعون يأخذون الريالات بالشوال. وابتاع المزارعون كل شيء. واشتروا الغالي من الثياب والاثاث. زرعت مصر الفتنة ودعت للإضراب وإنساق زعماؤناخلف تلك المزاعم. ودفعوا موظفي الجزيرة والمزارعين على الإضراب. وكان هنالك الإضراب الشامل. بالرغم من انه كان هنالك إضرابين صغيرين في الجزيرة عام 1942 و 1944 ولكن إضراب ما بعد الحرب كان إضراب شاملا. وكان المصريون يفركون اياديهم سعداء ويعطوننا الحبل لكي نشنق انفسنا. والسودانيون عادة يسهل إثارتهم. خاصة اذا لعب لهم على وتر الدين والوطنية. يندفعون كثيران هائجة. لقد ذكر الاستاذ عمر محمد عبد الله الكارب مؤلف كتاب عن الجزيرة رحلة عمر ، ان المولدين ويقصد بهم السودانيين من اصول مصرية كانوا في ايام الاضراب الكبير يركضون مع الارانب ويصطادون مع الكلاب. وهم الذي نفذوا مخططات المخابرات المصرية.
بعد إستلام الاشتراكيين في انجلترا وكثير من الدول الاوروبية, دعت امريكا بالمفتوح وحذرت من إستمرار الاستعمار وقال الانجليز للسودانيين بالمفتوح سنترك لكم البلد في ظرف 10 الى 15 سنة. وستحكمون انفسكم وكونت الجمعية التشريعية التي ضمت الشماليين والجنوبيين لكي يتعودوا على النظام البرلماني. وكان هنالك سودانيين في مواقع قيادية . ويخدم تحتهم إنجليز يأتمرون بأمرهم. وقد كان عبدالله خليل وزير الزراعة. وكان الدكتور علي بدري وزير الصحة. وكان عبدالرحمن علي طه وزير المعارف.
و انطلقت الزراعة وارتفعت ميزانية التعليم والصحة الى 25 % من ميزانية حكومة السودان. وهذه نسبة خرافية لن نبلغها ابدا. وكان التعليم والعلاج مجانيا. وعندما احتج وكيل وزارة المعارف وهو بريطاني بالصرف الكثير وفتح المدارس في كل مكان. قام الاستاذ عبدالرحمن علي طه بكل بساطة بطرده من الخدمة. وشملت الجمعية التشريعية ممثلي النقابات والمزارعين والرعاة. وكان فضل بشير يمثل نقابة التاكس في الجمعية التشريعية. ولهم مجلة اسمها مجلة العامل تمثلهم. وبالرغم من هذا و بإيعاز من المصريين كان الاتحاديون يقولون سنقاطعها وإن جاءت منزهة من كل عيب. ومن المحن السودانية ان هذا منطق معوج. كما رفعوا شعار بإيعاز من المصريين ايضا تحرير ولا تعمير. وكأنما التعمير رجس من عمل الشيطان. ورفع الحزب الاتحادي الشعارات شبه الفاشية التي رفعتها الثورة المصرية والتي كان قوادها متأثرين بالحزب النازي. والشعار هو الاتحاد والنظام والعمل.
لقد طالب الموظفون والعاملون في حكومة السودان بزيادة اجورهم وتحسين اوضاعهم وتقليل ساعات العمل وقامت الحكومة بإعطائهم ما عرف بالبونص وهو عبارة عن مبالغ مالية ضخمة في ذلك الزمان. ولسؤ الحظ ان كثير من من استلموا تلك المبالغ لم يعودوا ابدا للعمل. بعضهم بدأ في التجارة ولم تنجح . والبعض انغمس في الشرب ولم يفيقوا منه الى بقية حياتهم. وعرفوا بضحايا البونص. وارتفعت الاجور بنسبة 55% واشك انه ستأتي حكومة وتزيد المرتبات 55 % . ودفعت بأثر رجعي. وكانت هنالك لجنة للعمال برئاسة ميلز تحدد البونص. وكان للموظفين لجنة برئاسة البريطاني ويكفيلد. ولسؤ الحظ ذهبت اغلب تلك المبالغ في القصف والسكر وانتعشت بيوت الدعارة. وهنالك قصة اشعال 10 جنيه للبحث عن الفتيل. والفتيل هو حلية ذهبية سقطت من جيد احد الغانيات. 10 جنيه كانت مرتب شهرين لبعض الناس.
وتسببت هذه الزيادة في تزمر موظفي الجزيرة. بالرغم من ان الجزيرة هي شركة وليست حكومة وان موظفي وعمال الجزيرة كانوا يتمتعون بمزايا لم تكن متوفرة لعمال الحكومة. فلقد كان عندهم سكن وترحيل مجاني. وكان للمفتشين سيارات وخيل.
احسن من كتب عن الإضراب هو ابن الجزيرة وابن المزارع وموظف الجزيرة الذي بلغ شأنا عاليا وهو عمر محمد عبدالله الكارب. الذي بدأ يعمل في الجزيرة وهو قبل العشرين وواصل الى نهاية حياته. ويقول في كتابه الجزيرة قصة مشروع ورحلة عمر. ويتحدث في الاول عن تنظيمات المزارعين فلقد كانت هنالك هيئة ممثلي المزارعين ويقول الاستاذ الكارب..( وتمت اول انتخابات في المشروع لممثلي المزارعين بطريقة سرية لإنتخاب رئيس الهيئة ونوابه ومساعديه. فوقع الاختيار على الشيخ احمد بابكر الازيرق, المزارع بتفتيش درويش ليكون رئيسا للهيئة ومعه السادة ابوالحسن عبدالمحمود, موسى النعيم ومحمد الطيب عمر والعبيد احمد موسى وطه الشيخ سعيد وابراهيم الشيخ الطيب واحمد حمد النيل وحمد النيل محمد الحسن ويوسف احمد نوابا لمكتب الهيئة. وعقد اول اجتماع للأعضاء المملثيين في مكتب مدير المديرية بود مدني في يوم 8 مايو 1947. والآن لا يستطيع المزارعون ان يعقدوا إجتماع في مكتب باشكاتب).
شيخ اللمين رئيس مزارعي الجزيرة صار وزيرا في حكومة اكتوبر. وكان يتفقد المستشفيات ويحاسب العاملين والدكاترة ويطالب بحقوق اهل الجزيرة. ويقول نحن ناس الجزيرة بندفع ميزانية الدولة ويهز عصاه. شاهدته في براغ وهو محل حفاوة واحترام الدولة والسودانيين. وكان يذهب الى موسكو ويقابل بإحترام بوصفه زعيم نقابي. وضيف دولة..
الإضراب الذي حصل كان بسبب زيادة المرتبات ومال الاحتياط. بإيعاز من المصرين اصر المزارعون على تقسيم مال الاحتياط . فلقد كانت تقتطع مبالغ من مشروع الجزيرة لكي تصرف على السنين السيئة. في بداية الثلاثينات كانت الحواشة تأكل ولا تلد وهجر كثير من المزارعين حواشاتهم.
وكان في مصلحة مصر ان يضرب مزارعي الجزيرة. لأن حرب اكتوبر مثلا رفعت اسعار البترول. وحرب العراق الاخيرة قد جعلت سعر البترول يصل الى 150 دولار. واضراب الجزيرة كان سيجعل مصر منفردة في الانتاج. وعندما يجوع مزارع الجزيرة تنعم مصر بالسعر المضاعف.
اذكر ان انتاج القطن وصل في شمال اعالي النيل الى 8 قنطار للفدان. ولم يهتم اصحاب المشاريع مثل بركة العجب وابخدرة بالقطن المتساقط في الارض. بل ان بعض المشاريع مثل طيبة قد اوقفت اللقيط وكان لا يزال هنالك بعض القطن في اللوز. ثم تدنى الانتاج في ايام نميري بسبب سياساته الخرقاء وتدخل الحكومة في ما لا تعرف. وصار الانتاج اقل من 2 قنطار للفدان.
من حسن الحظ ان الرجل الذي كان محافظ مشروع الجزيرة كان البريطاني مستر جيتسكل وهذا الرجل كان اشتراكيا وكان انسانا بمعنى الكلمة وكان يحب السودان حبا منقطعا النظير وبدأ حياته العملية في السودان. وعمل الى ان تقاعد في السودان. واورد عنه الاستاذ محمد عبدالله الكارب ان والده كان يعمل في بورما وانجب ولدين اكبرهما آرثر جيتسكل والثاني هيو جيتسكل الذي كان عضوا بارزا في حزب العمال ثم وزيرا للخزانة. وكان من المتوقع ان يكون رئيسا لحزب العمال الا ان عاجلته المنية وهو في عنفوان شبابه وحيويته وتطلعاته.
واما آرثر جيتسكل فهو الأكبر تخرج من الكلية الجديدة في جامعة اوكسوفورد. وكتب عنه استاذه المباشر يقول كان جديرا ان ينال درجة الشرف الاولى لولا الحيز الكبير الذي كان يأخذه انشغاله بالنواحي الانسانية.
ويمكن انا اورد ان شوقي بدري من دراساتي ان بعض الانجليز كان مسكونا بحب السودان والسودانيين وكانوا اصحاب رسالة ويؤمنون بمساعدة السودانيين. وان السودانيين هم من نبلاء البشر, ويستحقون المساعدة والاحترام.
ويقول بابكر بدري في الجزء الثالث من مذكراته عن نيوبولد الذي كان السكرتير الاداري للسودان والحاكم الفعلي. وهذا الرجل خدم السودان بتفان واجهد نفسه في ايام الحرب لدرجة انه مات من الاجهاد والتعب. وفي نهاية اجتماعه مع بابكر بدري, ان تقدم مع بابكر بدري الى نهاية السلالم ثم قبل يدي بابكر بدري مودعا كعادة السودانيين مع كبار القوم. وبابكر بدري كان كثير المشاكسة ومعارضة الانجليز.
عندما وضع اسم بابكر بدري في لجنة اقناع اهل الجزيرة بفائدة مشروع الجزيرة قال بابكر بدري بأنه ليس بمقتنع بالمشروع. ولم يغضب المفتش بل سأله عن سبب اعتراضه. وقال بابكر بدري ما معناه (الارض حقتنا انت عندك شنو؟. فقال المفتش ..انا عندي الموية!!..فقال بابكر بدري مويتك بتكب في البحر الابيض المتوسط..فسأل المفتش سؤال من يريد ان يعرف..طيب رأيك..الموضوع يتم كيف؟. فقال بابكر بدري..يحتفظ الناس بأراضيهم. والشركة تبيع ليهم الموية..وشطب المفتش اسم بابكر بدري وسجل كلامه)..
الاخ الاستاذ هلال زاهر سرور الساداتي متعه الله بالصحة والذي كان مدير لمعهد التونج ومسؤول تعليمي ذكر انهم عندما كانوا في رحلة الى بورتسودان كان فنان القعدات هو البريطاني هوبسن الذي يجيد الغناء السوداني. وكان هنالك انجليز يجيدون اللهجة السودانية مثل اهلها..احدهم كتشنر. وكان في رفاعة مفتش يؤلف الدوبيت. ولهذا احب جيتسكل وكثيرون غيره السودان بطريقة عقائدية.
ويواصل السيد الكارب..(تقدم السيد جيتسكل للعمل في مشروع الجزيرة وتم اختياره في شهر فبراير 1923 وكان وقتها في الثالث والعشرين من عمره. وكان ذلك حدثا فريدا في ذلك الوقت ان يختار شاب بريطاني تخرج من جامعة اوكسفورد الشهيرة للعمل في مشروع الجزيرة الزراعي الناشئ لتوه. بدلا من ان ينضم الى الصفوة من اصحاب الياقات البيضاء في الخدمة المدنية الممتازة في حكومة السودان المخصصة لخريجي الجامعات البريطانية الشهيرة.( والسودان لم يكن ابدا مستعمرة بريطانية بل كان تابعا لوزارة الخارجية..والبريطانيون كانوا يحترمون السودانيون كثيرا)…كان اول عمله مفتش غيط صغير في عام 1923 في تفتيش عبدالحكم. ولم تكن اهتماماته فقط بالنواحي الزراعية فقد ذهبت به اهتماماته الانسانية التي ذكرها استاذه الى ان يهتم بالناس الذين يعملون معه. فصادق الكثير من المزارعين وغيرهم. اذكر منهم الشيخ المغفور له الشيخ البشير احمد الطريفي خليفة ودالطريفي صاحب القبة المشهورة بقرية طلحة ودالطريفي. والشيخ احمد ابوسنينة. والشيخ مصطفى محمد الحاج عبدالله. والذي تعرف بواسطته على المغفور له الشريف بركات احمد طه بقرية الشرفة بشرق النيل الازرق. وكان يداوم على زيارة الشريف بركات طوال فترة عمله في عبدالحكم.
هذا الرجل افسد المؤامرة المصرية عندما كان محافظا للجزيرة التي انساق لها السياسيون والمزارعون واقسموا القسم الذي لا رجوع منه بأنه اذا لم تصرف لهم اموال الاحتياطي مرة واحدة فلن يزرعوا. وعندما طرح موضوع الاضراب على محافظ مشروع الجزيرة جيتسكل..قال لهم ما كان يؤمن به..ان الاضراب من حقهم . وحرف كلامه كنوع من التحدي. اي انه يقصد انتو اضربوا وشوفا انا حا اعمل شنو!!. ولكن بعد الاجتماع الاول ازيل سوء التفاهم. والادارة كانت تقول للمزارعين بأنه اذا صرفت لهم الفلوس فليس هنالك من البضائع ما يكفي في السوق وسيسبب هذا ازمة. ولكن عليهم ان ينتظروا حتى تستورد الدولة البضائع الكافية. لكي تستوعب الفلوس..وحلت القضية.
وتظل مصر دائما متربصة بمشروع الجزيرة..ويجب ان لا ننسى ان الحكومة البريطانية قد اممت مشروع الجزيرة في سنة 1950 وقدم كهدية للسودان. وتكونت لجنة حسب قانون مشروع الجزيرة لسنة 1950 (نمرة 19) ومجلس الادارة الاول متكون من المستر ساندرس مدير مديرية النيل الازرق وابراهيم بدري والمستر ار.ه .مان وعبدالحافظ عبدالمنعم والمستر جيتسكل والمستر بيكن والاستاذ مكي عباس و المستر شارب سكرتير المجلس (المراقب المالي)
يجب ان نذكر ان الانجليز لم يسمحوا لأي بريطاني لأن يمتلك ارض في السودان. وكل المشاريع الزراعية الضخمة حتى مشروع الجزيرة لم تكن الارض ملكا للشركة. المشاريع الاهلية كانت تحت قانون لائحة سحب مياه النيل ولفترة 25 سنة فقط.
الاستاذ مكي عباس الذي كان استقلاليا وضد الاتحاد مع مصر ومنظر الحزب الجمهوري الاشتراكي ورئيس تحرير جريد الرائد صار محافظا لمشروع الجزيرة. ولكن الحكومة الانتقالية التي كانت تدين بفوزها لرشاوي مصر ، تخلصت من الاستاذ مكي عباس .
في بداية تكوين مشروع الجزيرة قال ود ابو سن الكبير للمفتش (انت ختيت عينك في طينتي وانا كلامك ما بسمعو وبمشي بشتكيك للمدير. كان المدير ما انصفني بمشي الحاكم العام. الحاكم العام ذاتو ما بسمع كلامو. وكان بعت نص طينتي بمشي بشتكي في مجلس اللوردات). ولم يستطع الانجليز نزع ارضه. وانتظروا الى ان مات ووصلوا الى اتفاق مع ورثته. بمعنى ان الامر لم يكن همبته. وكان هنالك امكانية الاستئناف.
ويقول بابكر بدري الذي كان كثير المشاكسة مع الانجليز انه ذهب في سنة 36 للسير جلين السكرتير الاداري هذا بعد المعاهدة المصرية الانجليزية. وهاجم الاتفاقية وقال (لا ينالنا منها فائدة نحن معشر السودانيين. فقال لي.. اشترط فيها رفاهية السودانيين, وتعيينهم في الوظائف الكبيرة التي يـؤهلون لها لكفاءتهم قبل المصريين والانجليز. وقلت له ان الكفاءة السودانية موقوفة على شهادات رؤساءهم من المصريين والانجليز. وهم يريدون الوظائف الكبيرة. اذا لا تزال محجوزة لهما..قال لي ..ما الذي تطلبه للسودان؟.قلت اطلب للسودان حفظ الجنسية وحفظ الاطيان..فقال لي..ان الاطيان من سنة 1907 حفظناها لكم . الم ترى ان الاجانب الذي سبق ان اشتروا اراضي في جزيرة توتي وفي الجزيرة الكبرى لم تسجل لهم . وانك من سكان رفاعة ولقد حرمتك الحكومة شراء اراضي في الجزيرة. فهذا دليل على حفظ الاطيان من كل اجنبي بالسودان. اما الجنسية هي موقوفة على استمساككم بها وليس للحكومة دخل فيها. فأقتنعت بقوله وخرجت.
لم يكن هنالك سوي 700 بريطاني اداري في كل السودان . ولم يكن هنالك استيطان . احد المسئولين دخل بحصانه فناء حوش مسجد ود ارو في امدرمان بالخطأ . فقام من كان نائما بضرب الحصان بالمرطوب وهو يصرخ ,,كافر نجس ,, وجاهد البريطاني في كبح جماح حصانه وهو يعتذر . وذهب لحاله
ونواص مع بابكر بدري في الجزء الثاني وعندما يتكلم عن تحديد الحدود في الجزيرة في بداية القرن…ويقول
في هذه السنة تعهد يوناني بتوريد الحجر لتحديد اطيان الجزيرة لممتلكيها حتى اذا محت الجسور تكون محفوظة بالحجارة التي توضع في الزوايا الاربعة. وخصص المتعهد بمدني جزء من العهدة للخواجة جورجي كلمنيانوس المقيم برفاعة..جئته يوما لأحصل منه اجرة دكاني. في اثناء الحديث جرى ذكر الشيخ عوض الكريم عبدالله ابوسن. فهاج حورجي. وقال الولد ده ما يريد ان يسكت حتى نضعه في السجن؟. فقلت له انت تضع عوض الكريم في السجن..فقال نعم..فقلت ..الآن اخبره انا بقولك هذا. وذهبت الى عوض الكريم فلما اخبرته كان رده (شنسيل) اي ماذا اصنع له.. وفي ظهره المامور يشرب معه كل ليلة (طبعا المامور مصري) فقلت له انت ما تستطيع تجمع الجمال وتورد الحجر للحكومة بدلا من جورجي. قال هل يمكن تحويل التعهد لنا. قلت ممكن تحويل مامورية جمع الجمال وصرف قيمتها لأهلها بواسطتكم. وجمالكم هي التي تنقل الحجر الآن. واهلها دافعوا الضرائب. اما جورجي فلا قيمة له اذا طلبتكم ذلك. قال اخبر الشيخ بذلك..اي والده. وشجعته فذهب للمستر منكريف مفتش رفاعة فأمره بتقديم طلب وصى عليه لسعادة اللواء ديكنسون باشا الذي سر سرورا عظيما وصدق له بتوريد جميع الحجر بواسطة جمال الشكرية.
الحدود محفوظة بالحجارة والخرط معروفة والملكية موجودة..
الانجليز يحفظون حقوقنا والانقاذ تفرط فيها !!!.
ارجو هنا ملاحظة ان جورجي كان لا يمتلك الدكان بل يستأجر من المواطن الفقير بابكر بدري في رفاعة. الذي كان يمتلك 10 دكاكين, عندما وزع سوق رفاعة مع بداية الادارة البريطانية ولسكان رفاعة فقط. وقام ببنائها بيده بمساعدة بناء. وكاد ان يموت عندما سقط من رأس احد الدكاكين.
الانجليز لم يكونوا ولن يكونوا ملائكة . ولكن كان هنالك العدل والقانون والنظام. والصحافة والرأي العام في بريطانيا.
زراعة القطن بدأت في طيبة ويذكر بابكر بدري . ان الفكرة بدأت في طيبة ويقول..
سنة 1911 فكرت حكومة السودان في تجربة الري في الجزيرة حضر سعادة ديكلسون المدير برفاعة وتصادف وجود الشيخ عبدالباقي حمدالنيل برفاعة . تزوج بنت المرحوم الطيب العربي. فتقابلا بضبطية رفاعة. وطلب المدير من الشيخ عبدالباقي ان يبتدئ هذه التجربة بواسطة وابور يوضع بطيبة ومتى صحت التجربة يبدأ الري فعلا بوابور كبير بطيبة. فرفض الشيخ عبدالباقي وضع وابور حالا ومآلا بطيبة. فطلب المدير الشيخ عبدالله ابوسن يحسن للشيخ عبدالباقي وهو يرفض بشدة. وابتدأ المدير يظهر عليه الغضب رغم اناته. فأخذنا الشيخ عبدالباقي خارج المكتب وما زلنا به حتى ادخلناه على المدير موافقا. في سنة 1919 مررت على طيبة لتفتيش مدرستها فوجدت الابل ترعى في اللوبيا كأنها في البطانة وحالة الحلة مظهرا للنعمة سكانا ومساكن. فقلت للشيخ عبدالباقي اذا رأت الحكومة تحويل المشروع من طيبة ماذا يكون رأيك؟. فقال لي (والله نتبعو محل ما تحولوا). فذكرته بتوقفه. فقال نحنا عارفين عدلهم. كنا نظن انهم ينهبون طيننا. ويحولونا منه ويجعلونه ملكا للإنجليز.
قمنا ونشأنا وشفنا الهتافات والمظاهرات ضد الإستعمار. ودرسنا الاشتراكية وكرهنا الرأسمالية والغرب والإستعمار والإمبريالية . أكتشفنا ان احسن نظام مر على السودان كان لسؤ الحظ نظام الادارة البريطانية. وهذه احدى المحن السودانية.
مافي انجليزي شال بوصة من السودان. وكان الانجليز وخاصة الحكومة الإشتراكيةالعمالية تدافع عن الانسان البسيط . ولقد حكم علي اثنين من البريطانيين بالسجن لمشاركتهم في تجارة البرشوت . وهي التلاعب بالمواد التموينيةايام الحرب . وحكم القاضي الدرديري علي بريطاني زائر بالجلد لسرقته تمثالا . ونفذ الجلد في زمن الانجليز . والبشير يعفي عن من خدر فتاة وقام باغتصابها ،وادين .
التحية…
ع.س. شوقي بدري

shawgibadri@hotmail.com
//////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القطن طویل التیلة حکومة السودان مشروع الجزیرة انتاج القطن ان السودان فی الجزیرة فی السودان کان هنالک فی العالم فی بدایة الذی کان یمکن ان فی ایام کثیر من لم یکن الى ان ما کان قال لی یجب ان

إقرأ أيضاً:

"من البذرة إلى الكسوة".. توقيع وثيقة مشروع القطن بين الصناعة والزراعة واليونيدو

وقعت وزارتا الصناعة والزراعة واستصلاح الأراضي ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو" وثيقة مشروع القطن المصري (المرحلة الثانية) الذي يستهدف تعزيز الاستدامة البيئية الاقتصادية والاجتماعية لسلسلة قيمة القطن المصري من خلال شراكات قوية مع المؤسسات الوطنية الرئيسية، والجمعيات القطاعية، والجهات المعنية في القطاع الخاص المحلي والدولي.

وقع الوثيقة الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، وعلاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وباتريك جان جيلابيرت، الممثل الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "يونيدو" في مصر.

وحضر التوقيع، الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور مارتينو ميللى، مدير الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي فى مصر، وعدد من ممثلي الغرف الصناعية والمجالس التصديرية لقطاعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة.

وفي مستهل كلمته عقب مراسم التوقيع أعرب نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل عن سعادته بتوقيع وثيقة مشروع القطن المصري (المرحلة الثانية) الذي تنفذه منظمة اليونيدو لصالح وزارتي الصناعة والزراعة واستصلاح الأراضي الأمر الذي يعود في النهاية بالنفع على مصر بأكملها، حيث تم تصميم المشروع لدعم قطاع القطن المصري من المزرعة إلى المصنع وتقديم الخبرات المؤهلة للحفاظ على تنافسيته في سوق سريع التغير وذلك من خلال تدريب صغار مزارعي القطن على ممارسات وخطط عملية ومستدامة قابلة للتطوير، والابتكار والتكنولوجيا الخضراء ومناهج الاقتصاد الدائري وتنمية رأس المال البشرى لتلبية متطلبات الأسواق الدولية بالإضافة إلى تعزير توظيف الشباب في مختلف مراحل سلسلة قيمة المنسوجات القطنية المصرية من خلال توفير الموارد البشرية الماهرة.

وتوجه الوزير بالشكر للقائمين على المشروع سواءً من الحكومة المصرية وشركاء التنمية وعلى رأسهم منظمة اليونيدو على الجهود المبذولة للتعاون في هذا المشروع الهام خلال الفترة الماضية، متمنياً أن يستعيد القطن المصري مكانته ويتربع على عرش القطن العالمي.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل أن القطن المصري يقوم بدور رئيسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يحقق قطاع المنسوجات تكاملاً رأسياً بدءاً من المواد الخام ووصولاً إلى الملابس الجاهزة.

وأشار إلى أن أن توقيع المرحلة الثانية من المشروع يأتي استكمالاً للنجاح الذي حققته المرحلة الأولى والتي امتدت من عام 2018 وحتى عام 2021 وتم تنفيذها في إطار استراتيجية الحكومة المصرية لتطوير قطاع النسيج بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.

وأضاف أنه تم دعم وتمويل المشروع من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي بالإضافة إلى الاستفادة من مبادرة "Cotton for life" التابعة لمجموعة فيلما الإيطالية، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، حيث كان الهدف من المشروع تعزيز الاستدامة والشمولية وتعزيز القيمة المضافة لسلسلة قيمة القطن المصري طويل التيلة وفائق الطول، من خلال تحسين الأداء الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للمزارعين ومعالجي القطن، وتعزيز المؤسسات الداعمة.

وأشار الوزير إلى أنه على صعيد الإنتاج تم التعاون بين المشروع ومعهد بحوث القطن لتعزيز إنتاج القطن في محافظتي كفر الشيخ ودمياط، حيث ركزت برامج بناء القدرات على طرق الإنتاج التقليدية والعضوية، وتم استعراض الوفر الاقتصادي المحتمل من خلال تقليل استخدام المياه والمبيدات الحشرية والأسمدة مع تقليل الأثر البيئي.

وأوضح الوزير أنه في ضوء موافقة كلٍ من وزارتي التجارة والصناعة، والزراعة واستصلاح الأراضي عام 2019 على دعم منظمة اليونيدو لإطلاق "القطن الأفضل في مصر" وهي أول شهادة استدامة تغطي حوالي 25٪ من إنتاج القطن العالمي، وإطلاق "القطن الأفضل" رسميًا في عام 2020 بالتعاون مع شريكين من القطاع الخاص حيث شمل ذلك حوالي 1600 مزارعاً، وتوسع البرنامج حالياً وأصبح يشمل 13700 مزارعاً بعدد 6 محافظات.

ونوه الوزير بأن المشروع شمل مشاركة القطاع الخاص في جميع مراحل سلسلة قيمة القطن والنسيج، حيث مكنت البرامج التدريبية 17 شركة خاصة من تنفيذ ممارسات مستدامة لإدارة المواد الكيميائية، كما عُقدت جلسات بناء القدرات الإضافية حول الممارسات المستدامة في صناعة النسيج والتقنيات الخضراء والاقتصاد الدائري مع أكثر من 150 متخصصاً، بالإضافة إلى التعاون الوثيق بين مشروع القطن المصري ووزارة التربية والتعليم لتطوير مناهج الكتب الدراسية حول الغزل والنسيج، حيث تم تقديمها لأول مرة في مدرسة برج العرب الفنية وتم تدريب حوالي 717 طالباً.

وخلال كلمته وجه علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي  الشكر الى الفريق مهندس  كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل على الدعوة والمشاركة في توقيع وثيقة مشروع القطن المصرى للمرحلة الثانية بعنوان "من البذرة إلى الكسوة".

وقال ان القيادة السياسية تولى أهمية كبيرة للنهوض بمحصول القطن المصرى وتعظيم القيمة المضافة من خلال خطة تطوير شاملة بدءاً من الزراعة حتى التصنيع النهائى أو ما يطلق عليه "من البذرة إلى الكسوة"، للوصول إلى إنتاج قطن خالى من الشوائب والملوثات واستخدام التكنولوجيا الحديثة للحليج لتحقيق القدرة على المنافسة فى ظل التحديات الإقتصادية الراهنة.

وأضاف "فاروق" أن هذا المشروع طموح نظراً لإشتراك عدة منظمات ومؤسسات محلية ودولية ونتيجةً للنجاح الذي تحقق في المرحلة الأولى... من خلال الباحثين والمتخصصين بمعهد بحوث القطن بمركز البحوث الزراعية وهو الجهة الممثلة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في هذا الشأن.

وأعرب عن ثقته بأن مشروع "من البذرة إلى الكسوة" سيشكل نقلة نوعية في قطاع القطن المصرى، أملا أن يثمر هذا التعاون في تحقيق نهضة شاملة وقيمة مضافة للاقتصاد الوطني وزيادة القدرة على المنافسة واستعادة المكانة المتميزة للقطن المصري في الأسواق العالمية.

وفي كلمتها خلال حفل توقيع وثيقة القطن المصري، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط أن الشراكة التي نحن بصددها اليوم تعكس دور الدبلوماسية الاقتصادية والتعاون متعدد الأطراف، في دعم جهود التنمية الاقتصادية ودفع النمو والتشغيل، كما تؤكد التكامل بين شركاء التنمية الثنائيين من خلال الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي، التي تُمول المشروع الذي نحن بصدده اليوم والذي تنفذه هيئة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو).

وأشارت وزيرة التخطيط، إلى أن النجاحات التي تحققت على مدار عقود بالتعاون مع شركاء التنمية لتنفيذ مشروعات في مختلف القطاعات، تفتح آفاق التعاون المستقبلي وتؤكد الرؤية الواضحة التي تتحرك الدولة في إطارها للاستفادة من الشراكات الدولية، في سد فجوات التنمية في بعض القطاعات.

وأكدت المساهمة الفعالة لقطاعي الزراعة والصناعة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث يُسهم قطاع الزراعة بنسبة 12% تقريبًا كما يُعد من أكثر القطاعات مساهمة على مستوى التشغيل، كما يُسهم قطاع الصناعة بنسبة 14% في الناتج المحلي الإجمالي، مشيرة إلى الدعم الذي يتم تقديمه للقطاعات المختلفة من خلال شركاء التنمية، على مستوى دعم جهود توطين الصناعة، وتعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في قطاع الزراعة، من خلال البذور المقاومة للتغيرات المناخية، والتوسع في أنظمة الإنذار المبكر، وهو ما يدعم تقوية سلاسل الإنتاج.

ولفتت إلى أن التعاون مع الجانب الإيطالي، يعكس قوة الشراكة الثنائية تحت مظلة العلاقات الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، كما أنه يأتي في إطار "خطة ماتي" التي تسعى لتقوية العلاقات الإيطالية الأفريقية، ويعد تطبيقًا عمليًا لأهداف تلك الخطة، منوهة بأن المضي قدمًا في المرحلة الثانية من المشروع يؤكد فكر الاستدامة من خلال النجاح الذي تحقق في المرحلة الاولى.

وذكرت أن المشروعات والشراكات المنفذة مع شركاء التنمية تقوم على الملكية الوطنية، وتسعى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، لصياغة المشروعات والبرامج التي يتم تنفيذها مع الشركاء الدوليين لتلبية احتياجات التنمية المختلفة.

مقالات مشابهة

  • السودان يشكك في الأرقام المعلنة من الأمم المتحدة بشأن نازحي ولاية الجزيرة
  • بعد حصار الدعم السريع ... 79 قتيلا بولاية الجزيرة السودانية
  • كشف تفاصيل كارثية في الجزيرة على يد قوات الدعم السريع.. 1000قتيل وإحتجاز مواطنين رهائن وتهجير قسري وحصار
  • وفاة أكثر من 73 شخصاً في ولاية الجزيرة بالسودان بسبب الوضع الصحي
  • ارتفاع عدد النازحين وزيادة المقابر في ولاية الجزيرة بالسودان
  • السودان... مقتل 10 مدنيين بجرائم للدعم السريع في ولاية الجزيرة
  • المشاط تُشارك في فعاليات توقيع وثيقة مشروع القطن المصري
  • مقتل 18 مدنيا في هجوم لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة
  • "من البذرة إلى الكسوة".. توقيع وثيقة مشروع القطن بين الصناعة والزراعة واليونيدو
  • السودان.. ميليشيا الدعم تقـ.تل 10 مدنيين في ولاية الجزيرة