الفرص التي تقدمها غزة للعالم
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
الفرص التي تقدمها غزة للعالم
يجب إعادة تنظيم النظام العالمي بهذا الدعم التاريخي، الذي تقدمه شعوب العالم لفلسطين.
إسرائيل الصهيونية لا تتمتع بأي شرعية تاريخية دينية أو قانونية قائمة على التوراة في فلسطين التي اغتصبتها، ولا يمكن أن تتمتع بأي شرعية أخلاقية.
الفلسطينيون مقاومون يدافعون عن أرضهم، وفقا لقوانين الأمم المتحدة والقانون الدولي وطالما الاحتلال مستمر، فمقاومته في كل زمان ومكان حق مشروع.
أليس من العار أن تنتظر الدول الإسلامية والقادة العرب إشارة أمريكا والغرب لدعم فلسطين، في حين تدعم حرب إسرائيل الهمجية وهي تعلم أنها ليست على حق؟
* * *
اغتصبت دولة إسرائيل الصهيونية الأراضي الفلسطينية، من خلال التشبث بخرافة «أرض الميعاد»، ومنذ سنوات طويلة ترتكب إبادة جماعية بحق جميع أفراد الشعب الفلسطيني، من دون أي تمييز بين أطفال ونساء ومسنين، عبر الادعاء بأن قوم «العمالقة» في التوراة هم الفلسطينيون.
وقد آمن جميع زعماء الصهاينة بهذه الادعاءات، بدءا من مؤسس الصهيونية السياسية ثيودور هرتزل، ومؤسس إسرائيل دافيد بن غوريون، وصولا إلى شمعون بيريز وبنيامين نتنياهو.
لم يكتفِ قادة الصهاينة بأنفسهم فقط، بل جعلوا زعماء العديد من الدول، بما فيها الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، يؤمنون بهذه الخرافات، أي هذه الادعاءات.
وبالتالي، فإن مطالبتهم بحقوق في الأراضي الفلسطينية يزعمون كذبا أنهم غادروها قبل ألفي عام، وتجاهلهم وذبحهم الشعب الفلسطيني، الذي يعيش على تلك الأراضي منذ آلاف السنين، جعل من الضروري إعادة النظر في السياسة العالمية.
هذا الموقف الإسرائيلي الذي ينتهك مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي بدعم من الولايات المتحدة والقادة الغربيين، لاقى انتقادات وردود فعل كبيرة من شعوب العالم.
إسرائيل الصهيونية لا تتمتع بأي شرعية تاريخية دينية أو قانونية قائمة على التوراة في فلسطين التي اغتصبتها، ولا يمكن أن تتمتع بأي شرعية أخلاقية، ولذلك يجب إعادة تنظيم النظام العالمي بهذا الدعم التاريخي، الذي تقدمه شعوب العالم لفلسطين.
ولا شك في أن الفرص التي تقدمها لنا غزة تتطلب ذلك. المذابح والإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة أمام أعين العالم أجمع لا ترعب الرأي العام العالمي فحسب، بل إنها توفر أيضا فرصا مهمة لإقامة العدالة على الأرض.
إحداها هو أن أساس الحكم القائل بأن «القوي هو دائما على حق» تبين أنه هش تماما، لقد خرج الملايين من الناس إلى الشوارع في العديد من البلدان، من البرازيل إلى إندونيسيا، ومن أيرلندا إلى اليابان، وانحازوا إلى جانب الحق والعدالة، وألقوا الهراء القائل «القوي هو دائما على حق» في مزبلة التاريخ واستبدلوه بمبدأ «المحق هو القوي».
والحقيقة الأخرى التي كشفت عنها غزة هي أن المؤسسات الإعلامية الرائدة في الغرب، مثل «سي أن أن»، و«بي بي سي»، و«فوكس»، و«لوموند»، و«دير شبيغل»، هي في خدمة رأس المال اليهودي، وليس الحقائق، كما تزعم.
هذه المؤسسات التي يزعمون بأنها محترمة أيدت قتل عشرات الآلاف من المدنيين وآلاف الأطفال، متذرعة بـ»حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» منذ بداية الحرب.
شاركت هذه المؤسسات الإعلامية رسميا في المجزرة، من خلال إخفاء وجهات نظر الرأي العام في بلدانها عن شاشاتها وصفحاتها، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي كشفت مدى نفاقها بكل وضوح.
وهي في الواقع تعلم جيدا أن إسرائيل هي دولة احتلال، وأن الفلسطينيين مقاومون يدافعون عن أرضهم، وفقا لقوانين الأمم المتحدة والقانون الدولي. وطالما أن الاحتلال مستمر، فإن مقاومته في كل زمان ومكان حق مشروع للفلسطينيين.
هناك مسألة أخرى باتت مهمة أيضا، وهي أن المجازر والإبادة الجماعية المرتكبة في غزة جعلت قضية فلسطين على الأجندة الرئيسية للعالم أجمع، فقد أصبحت قضية فلسطين الآن الموضوع الرئيسي الذي يتم الحديث عنه ومناقشته في مئات الملايين من المنازل حول العالم، من أمريكا اللاتينية إلى افريقيا، ومن تايلند إلى اليابان.
إضافة إلى ذلك، كشفت مجازر غزة عن مدى خطورة إسرائيل ورأس المال اليهودي الذي يقف وراءها على العالم كله، لأنه بمجرد أن بدأت الحرب في غزة، تعرض كل من عبّر عن الحقيقة، بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة ونجوم هوليوود والشخصيات الرياضية والأكاديمية الشهيرة في العالم، للتهديد من قبل رأس المال اليهودي، بل إن بعضهم فقد وظيفته وواجه حملات لتشويه سمعته.
وأدرك الرأي العام العالمي بالفعل أن الوقت قد حان لتحرير مجالات مثل الفن والإعلام والسينما والسياسة وغيرها من سيطرة إسرائيل ورأس المال اليهودي.
الحقيقة المحزنة والمؤسفة التي كشفت عنها غزة أيضا هي، الفوضى واليأس الذي يعيشه العالم الإسلامي المكون من 52 دولة و5 مناطق تتمتع بالحكم الذاتي.
يعاني العالم الإسلامي، لاسيما البلدان العربية، حالة من التشتت والعجز الكبير لدرجة أنه لا يستطيع حتى التدخل لمنع مذبحة تحدث بجواره.
أليس من العار أن تنتظر الدول الإسلامية والقادة العرب الدعم والإشارات من القوى العظمى لدعم فلسطين، في حين تدعم فيه أمريكا ودول الغرب حرب إسرائيل الهمجية وهي تعلم أنها ليست على حق؟
من المعروف أن القانون الدولي يعتبر أشكال الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي كافة لفلسطين مشروعا، وإذا اكتفت الدولة الإسلامية بالشعارات ولم تتخذ خطوات ملموسة في ضوء هذه الحقيقة فإن مصيرها سيكون كارثيا.
في المحصلة؛ يجب أن يعلم قادة الدول الإسلامية والعربية، أنه مهما قدموا من تنازلات فإن مصير بلدانهم سيكون مثل العراق وليبيا. والصهيونية التي تؤمن بفكرة «إسرائيل الكبرى» لن تقبلهم إطلاقا حتى لو غيروا الجنس أو الدين.
لذلك، إذا أرادت دول العالم العربي والإسلامي أن تعيش في أمن وسلام، عليها أن تضع النقاشات الأيديولوجية جانبا، وتوقف هذه الفوضى في أسرع وقت ممكن، وتسرع إلى إنشاء وحدات عسكرية وسياسية مشتركة، وعليها أيضا أن تقتدي بالمقاومة في غزة وتدرب جيوشها مثل أفراد المقاومة الفلسطينية.
وإذا لم تتمكن من تحقيق ذلك رغم فرصة وقوف شعوب العالم إلى جانبها اليوم، فقد يصعب عليها تحقيق ذلك في وقت آخر. ويمكننا القول إنه إذا تم استغلال هذه الفرص التي توفرها غزة اليوم بشكل جيد، فإنها لن تؤدي إلى خلاص العالم الإسلامي والعربي فحسب، بل وأيضا البشرية جمعاء.
*توران قشلاقجي كاتب تركي
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا الغرب غزة فلسطين مجازر الفرص أرض الميعاد الإبادة الجماعية قضية فلسطين الرأي العام العالمي شعوب العالم الفرص التی على حق فی غزة
إقرأ أيضاً:
فوز المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة بلقب دبلوماسي العام
ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية ان المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور، نال لقب دبلوماسي العام، والمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز لقب شخصية الأمم المتحدة لعام 2024، المقدمين من منظمة PassBlue غير الحكومية.
واشارت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان لها، اليوم الثلاثاء، الي إن هذا التكريم يأتي في واحد من أكثر الأعوام دموية وصعوبة على شعبنا، إذ أسفرت حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة عن استشهاد ما لا يقل عن 45,059 مواطنا، وإصابة 107,041 آخرين، وتدمير ما لا يقل عن 85% من المنازل.
وأضافت : في خضم هذا الألم الفظيع، استمرت بل تعاظمت جهود منصور، وألبانيز من خلال عملهما الدؤوب والشجاع على إعلاء صوت الحق وفضح حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ما خلق مصدراً للأمل والإلهام والصمود.
كما ثمنت، جهود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والمفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فيليب لازاريني، في ضمان استمرار عمل المنظمات المتخصصة للأمم المتحدة وعلى رأسها الأونروا، خاصة في ظل التحديات غير المسبوقة لعملها، لا سيما في إنقاذ الأرواح والحفاظ على حقوق ملايين اللاجئين، الأمر الذي كلف منظومة الأمم المتحدة خسارة في الأرواح فاقت 258 فردا من كوادرها المختلفة في قطاع غزة.
كما عبرت "الخارجية" عن شكرها للمندوبة الدائمة لمالطا لدى الأمم المتحدة فينيسا فرازير، على جهودها في صياغة وتبني قرارات مجلس الأمن المطالبة بوقف إطلاق النار وتعزيز الأمن والسلام الدوليين، من خلال عضوية مالطا غير الدائمة في مجلس الأمن، وكذلك ثمنت جهود المندوبة الدائمة لغويانا لدى الأمم المتحدة كارولين رودريجيز، في مساهمتها المهمة في تعزيز أهداف التنمية المستدامة وتحقيقها، ومناصرتها لقضية التغير المناخي.
وتابعت: رغم أن هذا التكريم مقدم من منظمة PassBlue غير الحكومية وغير الربحية، وليس جائزة رسمية من الأمم المتحدة، فإنه يعكس ضمير الإنسانية والاعتراف العالمي بإسهاماتهم البطولية. كما يُعد شهادة أصيلة على تضامن المجتمع الدولي مع القضية الفلسطينية ورفضه للإفلات من العقاب والظلم المستمر بحق الشعب الفلسطيني.
وجددت "الخارجية"، تقديرها لجميع من يعملون دون كلل في المنظمات الدولية كافة، وعلى رأسها الأمم المتحدة، من أجل دعم مبادئ العدالة والمساواة والسلام، مشددا على أن تكريمهم ليس فقط احتفالاً بجهودهم المميزة، ولكنه أيضاً تذكير بأن النضال من أجل حقوق شعبنا يجب أن يبقى مسؤولية قانونية وأخلاقية مشتركة للعالم أجمع.