الأوبئة تفتك بالنازحين في رفح والأونروا تحذر من سيناريو أشد رعبا
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
غزة – لازمت كلمة "وبعدين"، التي تستخدم شعبيا للإشارة إلى انسداد الأفق وانعدام الخيارات، أحمد العامودي بينما كان منشغلا بتثبيت قطع من البلاستيك القديم على أعمدة خشبية لإقامة خيمة وسط ساحة مركز للإيواء في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) غرب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
لم يجد العامودي متسعا له في 5 مراكز إيواء، فنصب خيمة في ساحة مدرسة، رغم أن التسجيل فيها مغلق أمام النازحين الجدد، ويقول "أين سأذهب بأسرتي؟ الزحام في رفح كأنه يوم القيامة".
النزوح المتكرر أتعب العامودي (45 عاما) وأسرته المكونة من 6 أفراد، فمن مخيم النصيرات حيث نزح إليه -أول مرة- من منزله في حي النصر شمال مدينة غزة، إلى منزل صديقه في منطقة القرارة شرق خان يونس جنوبي قطاع غزة، ومنه إلى مستشفى ناصر الحكومي غرب المدينة، ثم إلى مركز إيواء في رفح.
وأعرب العامودي، في حديثه للجزيرة نت، عن أمنيته في أن يكون تحركه القادم ليس نزوحا جديدا، وإنما عودة إلى منزله، قائلا "والله تعبنا والعالم يتفرج علينا ونحن نموت بالصواريخ وبالأمراض".
مدينة منكوبة
واستجابة لموجات النزوح المتلاحقة، وجهت لجنة الطوارئ في مدينة رفح النازحين نحو مباني مستشفى حمد قيد الإنشاء غرب المدينة، في حين قررت مديرية أوقاف المدينة فتح المساجد أمام النساء والأطفال وكبار السن.
وتخشى الأونروا ما وصفته بـ"سيناريو أشد رعبا"، ووفقا لمستشارها الإعلامي عدنان أبو حسنة، فإن الأمراض المعوية زادت بمعدل 4 أضعاف، وزادت الأمراض الجلدية بمعدل 3 أضعاف، ويعاني نحو 170 ألف طفل من التهابات رئوية، مجددا التحذير من أن "الأمراض المعدية على وشك الانتشار".
بدوره، اختصر رئيس لجنة الطوارئ الصحية في رفح الدكتور مروان الهمص واقع الحال بأن "الوضع كرب"، مضيفا أن "رفح مدينة منكوبة، والازدحام الشديد في المدارس والمرافق العامة والمنازل السكنية ينذر بكارثة صحية، ولا نمتلك الإمكانيات لمجابهة هذه الكارثة".
ويدير الهمص مستشفى أبو يوسف النجار الأكبر بالمدينة، ووفقا له فإن المستشفى يستقبل أعدادا مضاعفة من حالات الإصابة بالإسهال وارتفاع درجات الحرارة والإعياء الشديد، النسبة الكبرى منها بين الأطفال وكبار السن داخل مراكز الإيواء، بحسب حديثه للجزيرة نت.
ويعاني كثير من الأطفال والرضع في مراكز الإيواء من الجفاف وفقر الدم الناجم عن سوء التغذية، حسب الهمص، الذي يضيف أن "القادم أسوأ ما لم يتم فتح معبر رفح بشكل دائم وضمان تدفق يومي للمساعدات والاحتياجات الإنسانية الأساسية، بما فيها الإغاثية والطبية، وكذلك الوقود اللازم لتشغيل المرافق الحيوية".
الهمص: رفح مدينة منكوبة والقادم أسوأ ما لم يفتح معبر رفح أمام تدفق المساعدات الإغاثية والطبية (الجزيرة) الكوليرا تطل برأسهايتعامل الدكتور محمد ماضي يوميا مع العشرات من الحالات التي تحدث عنها الهمص، ويقول للجزيرة نت إن "الواقع مأساوي، ونتعامل مع هذه الحالات بأيد فارغة ومن دون أبسط المقومات الطبية".
ونزح ماضي من مستشفى الرنتيسي للأورام وسرطانات الأطفال في مدينة غزة، ويقيم مع أسرته في مركز للإيواء في مدرسة القدس الثانوية الحكومية في مدينة رفح، وقال إن انتشار أمراض وأوبئة أكثر فتكا وعلى نطاق واسع ليس أمرا مستبعدا، مثل الكوليرا والتهاب الكبد الوبائي، جراء عدم توفر المرافق الصحية والتغذية السليمة والمياه الصالحة للشرب.
وتطوع ماضي وزملاؤه من النازحين بفتح "نقطة طبية" داخل مركز الإيواء، موضحا أن النازحين يعيشون في "بيئة خصبة لتفشي الأمراض"، حيث الازدحام الشديد في الغرف والساحات، مما يتسبب في أمراض جلدية ونزلات معوية والتهابات صدرية.
ولضمان استمرار عمل هذه النقطة الطبية، يضطر ماضي إلى التجول بين المستشفيات والمراكز الصحية للحصول على بعض الأدوية والعلاجات الأولية.
الدكتور محمد ماضي يتعامل يوميا مع عشرات الحالات المرضية لأطفال في مركز للإيواء بمدينة رفح (الجزيرة) نزوح إلى المجهولوفي سياق متصل، قال المستشار الإعلامي للأونروا عدنان أبو حسنة إن المئات من العائلات النازحة باتت في الشوارع على أبواب مراكز الإيواء، حيث لا مكان لها، مع وجود حوالي 1.2 مليون نازح في 156 مركز إيواء على مستوى القطاع، ولا يمكن استيعاب المزيد.
من بين هؤلاء النازحين، لجأ نحو مليون نازح إلى 99 مدرسة ومنشأة تابعة للأونروا في مناطق وسط القطاع ومدينتي رفح وخان يونس في جنوبي القطاع، وبحسب الوكالة الأممية، فإن متوسط عدد النازحين في مراكزها يبلغ 10 آلاف و326 نازحا، وهو أكثر من 4 أضعاف طاقتها الاستيعابية.
وتقدر الأونروا ومنظمات دولية أخرى العدد الإجمالي للنازحين بنحو مليون و900 ألف فلسطيني، بنسبة تبلغ 85% من إجمالي سكان القطاع وعددهم يتجاوز 2.2 مليون نسمة، ويتوزع هؤلاء النازحون بين مراكز الإيواء وفي منازل أقارب وأصدقاء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مراکز الإیواء مدینة رفح فی رفح
إقرأ أيضاً:
أدوية اليمن تحت المجهر: هل تزيد من تفشي الأوبئة؟
شمسان بوست / خاص:
يشهد اليمن موجة جديدة من الأوبئة مثل الكوليرا والملاريا، ما يثير قلقاً واسعاً حول جودة الأدوية المتوفرة في الأسواق المحلية.
ويتساءل المواطنون عن مدى التزام الشركات الدوائية بالمعايير الدولية للجودة والسلامة، خاصة مع تصاعد المخاوف من تأثير الأدوية المغشوشة أو غير الفعالة.
مخاوف متزايدة من الأدوية المغشوشة
تقارير حديثة كشفت عن ارتفاع معدلات الإصابة بعدة أوبئة، مما دفع المواطنين للتعبير عن قلقهم من أن بعض الأدوية قد تكون دون المستوى المطلوب. هذه المخاوف تعززت بسبب ضعف الرقابة على الشركات المصنعة والمستوردة، في ظل غياب ضمانات كافية لجودة الأدوية وسلامتها.
دعوات لتعزيز الرقابة واستيراد آمن
مع استمرار انتشار الأوبئة، تطالب جهات صحية ومجتمعية بتشديد الرقابة على شركات الأدوية المحلية والتأكد من مطابقتها للمواصفات الدولية.
كما تدعو إلى تسهيل استيراد الأدوية من مصادر موثوقة لتوفير خيارات فعالة وآمنة، مما قد يسهم في كسر الاحتكار وتقليل انتشار الأدوية المهربة.
حاجة ملحّة للتحرك
في ظل التحديات الصحية الراهنة، تُبرز المطالب الشعبية أهمية تدخل الجهات المعنية لضمان حماية المواطنين من أدوية غير آمنة، وللعمل على تعزيز الثقة في القطاع الدوائي كركيزة أساسية لمواجهة الأوبئة.
التحرك العاجل لتطبيق معايير صارمة وضمان استيراد الأدوية الآمنة بات ضرورة قصوى لاحتواء الأزمة الصحية المتفاقمة في اليمن.