إصلاح الاقتصاد يبدأ من السوق الداخلى وينتهى بالتصدير
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
شهدت العديد من بلدان العالم مثل سنغافورة وماليزيا والصين وهونج كونج وباكستان ونيجيريا ورواندا وقطر وتركيا وغيرها معدلات نمو متسارعة للغاية خلال العقدين الآخرين بالرغم من تزايد أعداد السكان فى هذه البلدان، واستطاعت تحقيق أرقام مذهلة من حيث ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى، وخفض معدلات التضخم نوعا ما مع التوسع فى حجم النشاط الصناعى والإنتاجى والخدمى وهو الأمر الذى ترتبت عليه نتائج إيجابية فيما يتعلق بالتصدير لدرجة أن دولة مثل الصين وهى التى كانت بالأمس القريب تبذل جهودا كبيرة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وأصبحت اليوم ثانى أكبر منتج ومصدر على مستوى العالم وتزاحم الولايات المتحدة الامريكية على صدارة العالم فى الإنتاج والتصدير وامتلاك أكبر حصة سوقية.
وتبذل الحكومة المصرية جهودا كبيرة للخروج بالاقتصاد الوطنى من النفق الذى دخله بسبب ظروف قهرية عاتية ربما تعجز دول كبيرة عن مواجهتها وكان فى مقدمة وعلى رأس هذه الظروف ثورة 25 يناير والتى دمرت تقريبا أشياء كثيرة منها ما يتعلق بالبنية الأساسية، ومنها ما يتعلق بتراجع الإنتاج والتصدير، ومنها ما يتعلق بتفاقم الخلل فى الجهاز الإدارى للدولة بسبب المطالبات الفئوية وتشغيل أعداد كبيرة، مما أدى إلى تضخم الجهاز الإدارى الذى أصبح يعمل به أكثر من 6.5 مليون موظف وهو رقم أعلى من الموجود فى الولايات المتحدة الأمريكية أكبر دولة فى العالم.. الأمر الآخر فيما يتعلق بالظروف القهرية التى شكلت عبئاً على الاقتصاد الوطنى، اندلاع جائحة كورونا وتوابعها والتى استمرت على مدار أكثر من ثلاثة أعوام متصلة حصدت معها الأخضر واليابس وتسببت فى إلحاق خسائر فادحة بمعظم اقتصاديات العالم تقريبا وليس مصر وحدها، ولم يكد العالم يشم أنفاسه من كورونا حتى استفاقوا مرة أخرى على كارثة جديدة وهى الحرب الروسية الأوكرانية وكل من الدولتين له مكانته الكبيرة فى إنتاج وتصدير العديد من الحاصلات الزراعية الاستراتيجية عالمياً، وكان ولا يزال من أبرز النتائج السلبية لهذه الحرب الضروس ارتفاع معدلات التضخم على مستوى العالم بشكل غير مسبوق حيث زادت أسعار السلع والحاصلات الزراعية، والعديد من أصناف الغذاء، وزادت معها أسعار الخدمات اللوجستية بشكل غير مسبوق أيضا خاصة أسعار النقل والشحن.. وفوق كل ذلك لم يكن أمام مصر سوى أن تفتح أبوابها للأشقاء الذين يهرولون إليها بالملايين نتيجة الأحداث والظروف السياسية فى بلادهم وهو قدر بلادنا باعتبارها البلد الأم، والكبيرة التى تحتضن كل عربى يلجأ إليها للعيش فيها والاحتماء بها وهو ما يشكل عبئاً على الحكومة والمواطن معاً.
الحكومة والمواجهةكل الظروف الجبرية السابقة وضعت الحكومة فى موقف لا تحسد عليها، وأصبحت مطالبة بإصلاح كل مناحى الحياة تقريبا خاصة فيما يتعلق بالشق الاقتصادى، فقد أصبحت الحكومة مطالبة بتوفير كل السلع، وخفض الأسعار، وتوفير فرص عمل، وضخ استثمارات جديدة، وإقامة المشروعات، والقضاء على مشاكل الدولار، وتحسين الخدمات والطرق والتعليم والصحة وإصلاح الخلل فى هيكل الأجور مع تحسين مناخ الاستثمار، وإقامة صناعات جديدة، والتوسع فى الرقعة الزراعية مع زيادة إنتاجية الفدان، وإصلاح الفجوة الكبيرة فى الميزان التجارى، وشرعت الحكومة فى تنفيذ خطوات بهدف البناء وبدأت بإقامة عدد من المشروعات العملاقة وعلى رأسها بنية الطرق واللوجستيات، ثم المدن الجديدة المتكاملة كالعاصمة الإدارية، أو مدينة العلمين الجديدة لمواجهة الكثافة السكانية الرهيبة والتى تبتلع أو تتسبب فى ضياع أى ملامح للتنمية، ولكن لا تزال المشاكل الاقتصادية قائمة رغم الجهود المبذولة لحلها، وتتطلع الحكومة فى مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية أن تستكمل خطوات الإصلاح الاقتصادى.
الوصايا العشر للإصلاح الاقتصادى
مشاكل مصر الاقتصادية غير خافية على أحد ويتناولها خبراء الاقتصاد وأصحاب الشأن من أهل الصناعة والتجارة والزراعة والعاملين بالقطاع المصرفى والاستيراد والتصدير تحليلها بصورة شبه يومية ونستطيع أن نلخص جزءا كبيرا من الحلول لمواجهة هذه المشكلات والتغلب عليها فى نقاط عشر نسردها فى السطور التالية..
الاهتمام بقطاع الزراعة مع ضرورة التركيز على زيادة مساحة الرقعة الزراعية، والتركيز على المحاصيل الزراعية الاستراتيجية مثل الأرز، بنجر السكر، الخضراوات، القطاع الحيوانى، والعمل على استقرار السياسات المالية واستقرار سعر الصرف قدر الإمكان، وتحسين بيئة مناخ الاستثمار، وجذب استثمارات جديدة تتميز بالتنوع، وذات عائد كبير على رأس المال المستثمر، وتوسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص فى التنمية، وأن يكون شريكا رئيسيا، فى وضع السياسات المتعلقة بالمشروعات القومية، والتوسع فى المعارض المتخصصة بهدف التوسع فى الإنتاج والتصدير.
ووضع برامج محددة ومدروسة لزيادة القيمة المضافة للصناعات التى تنتج فى مصر ويتم تصدير جزء منها للأسواق الخارجية، كذلك تعظيم الاستفادة من الاتفاقيات الموقعة مع عدد كبير من التكتلات الاقتصادية، وزيادة حجم التجارة البينية خاصة مع أهم الشركاء التجاريين ومنها بلدان الاتحاد الأوروبى، وأفريفيا، وتعظيم إنتاجية الثروة الحيوانية والداجنة، مع الاستغلال الأمثل لما تمتلكه البلاد من موارد طبيعية مثل الأرض الزراعية، والأيدى العاملة المدربة، وتوسيع قاعدة المكاتب التجارية فى الخارج والاستفادة قدر الإمكان من الكوادر البشرية الكفء التى يمتلكها جهاز التمثيل التجارى بوزارة التجارة والصناعة على أن تعمل هذه المكاتب بالتنسيق مع سفارات مصر بالخارج.
وأخيرا الاهتمام بالتصدير ثم التصدير ثم التصدير، ولا يعقل أن دولة بحجم مصر لا تتعدى صادراتها 51.6 مليار دولار وفقا لإحصائيات صادرة، ونستورد بضعف هذا الرقم، وهو الأمر الذى دفع الدولة إلى أن تنادى بزيادة الصادرات إلى رقم الـ200 مليار دولار بحلول عام 2030 ومصر قادرة على تحقيق هذا الرقم شرط زيادة الإنتاج وزيادة ساعات العمل وتغليب المصالح العليا للبلاد على المصالح الخاصة. وعلى القطاع الخاص ومستثمريه وجمعيات ومنظمات واتحادات الأعمال ضرورة العمل على التقارب الشديد بمنهجية وفكر جديد مع نظرائهم فى دول التكتلات الاقتصادية.. متسلحين بأيديولوجية جديدة مبنية على دراسات وأبحاث وقدرة تمويلية لاختراق أسواقها والعمل فيها بشكل فعال.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سنغافورة ماليزيا الصين هونج كونج قطر تركيا الاقتصاد الوطنى الولايات المتحدة الأمريكية الحرب الروسية الأوكرانية ما یتعلق
إقرأ أيضاً:
الفائز بـ «نوابغ العرب» عن فئة الاقتصاد: الجائزة تُذكّر بالإرث العلمي والفني للعالم العربي
أكد البروفيسور الجزائري ياسين آيت سحالية، أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة برينستون والفائز بجائزة «نوابغ العرب» 2024 عن فئة الاقتصاد، أن هذه الجائزة توفر نماذج تُحتذى للشباب في المنطقة، كما أن مثل هذه الجوائز تُذكّر العالم بالإرث العلمي والفني العظيم للعالم العربي، معبراً عن أمله في أن تُسهم في تعزيز نهضته.
واعتبرها مبادرة متميزة كونها تعرض قصص النجاح في العلوم والفنون، مشيراً إلى أن الفوز بالجائزة والاعتراف بإنجازاته الأكاديمية يُمثل شرفاً كبيراً له على المستويين الشخصي والمهني.
وقال البروفيسور ياسين آيت سحالية في تصريح لوكالة أنباء الإمارات «وام»، إن اقتصاد دولة الإمارات نجح في تنويع مصادره بعيداً عن النفط، مع مساهمات كبيرة للسياحة والعقارات والخدمات اللوجستية والتجارة والخدمات المالية والتكنولوجيا.
وأضاف أن التركيز على الصناعات القائمة على المعرفة، والاستثمارات في البحث والتطوير لدعم الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية هي خطوات استراتيجية ذكية للغاية من جانب دولة الإمارات لمواصلة تنميتها.
أخبار ذات صلة جامعة الإمارات تكرم أصحاب المساهمات البحثية المتميزة إنجاز تاريخي.. الإمارات تتجاوز حاجز المليون حركة جوية خلال 2024وأكد قوة وأثر التعليم في رفع مستوى شخص ما ومجتمعه، مشيراً إلى أنه لم يتوقع أن يكون جزءاً من مجموعة من العلماء والفنانين المتميزين في مختلف التخصصات الذين تم تكريمهم هذا العام بجائزة «نوابغ العرب».
وتطرق البروفيسور الفائز بالجائزة، تقديراً لإسهاماته في تطوير نظريات ومنهجيات تحليل الأسواق المالية والتخطيط الاقتصادي، إلى أبحاثه حول البيانات المالية عالية التردد، موضحاً طبيعتها وتأثيرها على الأسواق المالية. وقال: إن البيانات عالية التردد تشير إلى المعلومات المالية المسجلة خلال فترات زمنية قصيرة للغاية، مثل كل ثانية أو جزء من الألف من الثانية، والتي تلتقط الصفقات وتغيرات الأسعار في الوقت الفعلي. وأضاف أنه ركز عمله على محاولة فهم هذا الفيض من البيانات باستخدام النماذج الرياضية، بهدف فهم تحركات الأسعار ومخاطر السوق والتقلبات الصغيرة التي تحدث في جزء من الألف من الثانية، ولكن يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الأسواق، ويمكن أن يساعد هذا المشاركين في السوق والجهات التنظيمية في اكتشاف سلوك السوق غير المعتاد أو المخاطر بشكل أسرع وأكثر دقة. وأشار إلى أن العديد من الشركات المالية تعتمد استراتيجيات التداول عالية التردد، التي أصبحت مصدراً أساسياً للسيولة في الأسواق. وأوضح أن الصناعة المالية استثمرت بشكل كبير في البنية التحتية الحاسوبية لمعالجة وتحليل البيانات عالية التردد، بينما تستخدم الجهات التنظيمية هذه النماذج لمراقبة الأسواق واستقرارها، وحماية المستثمرين الصغار وضمان الشفافية.
وعن أبرز التحديات التي تواجه الأسواق المالية، أشار إلى تقلبات السوق وعدم اليقين الناتج عن التوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي، إضافة إلى ظهور التمويل اللامركزي والعملات المشفرة كمصدر جديد للمخاطر على الأنظمة المالية التقليدية، بجانب التحديات التكنولوجية والمخاطر السيبرانية الناتجة عن أنظمة وخوارزميات التداول الرقمية.
وذكر أن بعض أبحاثه الأخيرة تهدف إلى معالجة هذه المخاطر من خلال تحليل استراتيجيات شركات التداول عالية التردد وتقديم تنبؤات مستنيرة حول سلوكها المحتمل في مواقف السوق المختلفة. وحول أفق وتطور القياس الاقتصادي المالي، أوضح أن هذا المجال يتبنى بشكل متزايد أدوات التعلم الآلي وعلوم البيانات، لافتاً إلى أن هذه الأساليب تتيح تحليل البيانات الكبيرة في بعدين يشملان تواتر الملاحظات، وعدد المتغيرات التي يتم تحليلها في وقت واحد. ووجه البروفيسور سحالية نصيحة للشباب الباحثين في مجال المال والاقتصاد في العالم العربي، بأن يبدأوا بأساسيات الاقتصاد والتمويل والأساليب الرياضية، والتعرف على أساليب التعلم الآلي التي يتعاظم دورها في التمويل والاقتصاد، بجانب حضور المؤتمرات الدولية والندوات عبر الإنترنت وورش العمل للتواصل مع الباحثين الآخرين.
المصدر: وام