قال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة الدكتور أشرف القدرة إن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد تصفية المنظومة الطبية في شمال قطاع غزة الذي بات الآن بلا غطاء صحي لأكثر من 500 ألف نسمة، بما ينسجم مع سياسة إسرائيل للتهجير القسري للسكان.

وأضاف القدرة -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- أن الاحتلال الإسرائيلي أجبر الموجودين في مستشفى كمال عدوان على الخروج منه تحت قوة السلاح والقصف المستمر، كما فقد مستشفى المعمداني القدرة الطبية والاستيعابية تماما، حيث ينزف الجرحى حتى الموت لعدم توفر الخدمات الصحية.

وأشار المتحدث إلى أن وزارة الصحة "تحاول تشغيل أي قسم من مجمع الشفاء الطبي كالطوارئ أو العمليات أو العناية المركزة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن تشغيل هذا المستشفى يواجه صعوبات كبيرة بعد أن دمره الاحتلال بشكل كبير"، والآن "أصبحت الأجزاء العاملة فيه المنصة الصحية الوحيدة العاملة في منطقة شمال غزة".

وطالب القدرة المؤسسات الأممية بضرورة التدخل العاجل لحماية المنظومة الصحية في كل مستشفيات شمال القطاع، خاصة مجمع الشفاء الطبي، و"العمل على توفير الدعم اللازم لها من أدوية ومستلزمات طبية ووقود، حتى نستطيع أن نقدم الخدمة الصحية المنقذة لحياة الجرحى والمرضى".

ولفت الناطق باسم وزارة الصحة إلى أن منطقة شمال قطاع غزة الآن تباد بشكل جماعي، إذ إن هناك استهدافا مركزا للأحياء السكنية وإسقاطا للبيوت على رؤوس ساكنيها، ولا يوجد أي مكان للوصول إليه لتلقي الخدمات الصحية، وبالتالي سنشهد فقدانا للأرواح بشكل كبير خلال هذه الفترة.

ليس أحسن حالا

وقال القدرة إن جنوب قطاع غزة "ليس أحسن حالا، والواقع الصحي هناك كارثي للغاية، ونخشى تكرار سيناريو شمال القطاع في جنوبه"، لأن الاحتلال الإسرائيلي يصعّد حاليا الهجمات العسكرية على منطقة خان يونس.

وأشار إلى أن هجمات الاحتلال تدفع السكان إلى النزوح نحو منطقة الجنوب، والمستشفى الوحيد الذي يعمل فيها هو مجمع ناصر الطبي، وهو الأكبر في المنطقة، ونخشى أن يقدم الاحتلال على تنفيذ سيناريو مماثل لما حدث في مستشفيات الشفاء أو الإندونيسي أو المعمداني.

وعن الواقع الصحي في منطقة رفح، قال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة إن هذه المنطقة لا تتوفر فيها الخدمات الطبية المناسبة للعدد الهائل من النازحين، ولا تتوفر فيها إلا 3 مستشفيات صغيرة ومحدودة الخدمات، وبالتالي يواجه الواقع الصحي -سواء في شمال القطاع أو جنوبه- تصفية حقيقية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تريد إنهاء الوجود الصحي داخل القطاع مع عدم توافر أي خدمات طبية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی وزارة الصحة

إقرأ أيضاً:

رفض التهجير لا يكفي: غزة تحترق وعلينا مسؤوليات تاريخية

في الوقت الذي تشهد فيه غزة واحدة من أعتى حملات الإبادة الجماعية في العصر الحديث، تخرج الوثيقة السياسية الجديدة الصادرة عن "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" لتعيد التأكيد على ثوابت القضية الفلسطينية، وتقدم رؤية سياسية تستند إلى رفض التهجير والإبادة معا، وتطرح أفقا لتفعيل دور فلسطينيي الخارج بوصفهم ركيزة لا غنى عنها في المعركة الوطنية الشاملة.

تبدأ الوثيقة بتشخيص الواقع، مؤكدة أن ما تتعرض له غزة هو "إبادة جماعية موثقة"، وأن مشروع التهجير القسري ليس نظرية، بل ممارسة تُنفّذ على الأرض من خلال الحصار والقصف والتجويع. وهي بذلك لا تكتفي برفض التهجير كخطر استراتيجي، بل تربطه عضويا بالإبادة الجارية، وتحمّل المجتمع الدولي، والدول العربية والإسلامية، وأحرار العالم، مسؤوليتهم المباشرة في وقف هذه الجريمة الكبرى، وليس فقط التخفيف من آثارها.

مركزية غزة ورفض الحلول المسمومة

واحدة من أقوى نقاط الوثيقة هي تأكيدها على مركزية غزة في المشروع الوطني الفلسطيني، باعتبارها "خط الدفاع الأول عن وحدة الأرض والشعب والهوية". فالإبادة الحالية لا تستهدف فقط سكان القطاع، بل تسعى لتفكيك المعنى السياسي والمقاوم لغزة، وتحويل مسألة الاحتلال إلى مجرد عبء إنساني على بقعة جغرافية جميلة يُستخدم مبرّرا لفرض حلول تفكيكية تُنهي القضية. لذلك، ترفض الوثيقة بقوة ما يُطرح من مبادرات "إنسانية" ظاهرها الرحمة وباطنها التصفية، مثل مشاريع إعادة الإعمار مقابل نزع السلاح، أو نقل السكان تحت مسمى "مناطق آمنة".

الإبادة الحالية لا تستهدف فقط سكان القطاع، بل تسعى لتفكيك المعنى السياسي والمقاوم لغزة، وتحويل مسألة الاحتلال إلى مجرد عبء إنساني على بقعة جغرافية جميلة يُستخدم مبرّرا لفرض حلول تفكيكية تُنهي القضية
في هذا الإطار، تذكّر الوثيقة بأن غزة لا تحتاج فقط إلى مساعدات عاجلة، بل إلى وقف فوري وشامل للإبادة، ورفع الحصار، وضمان حق السكان في العودة إلى بيوتهم وأراضيهم، لا إخراجهم منها. وهذا يضع تحديا أمام العرب والمسلمين وأحرار العالم، ليس في تأمين الإغاثة فقط، بل في اتخاذ مواقف سياسية واضحة ترفض التهجير وتواجه الإبادة بجرأة.

رؤية وحدوية مقاومة

في الجانب السياسي، تشدد الوثيقة على ضرورة وحدة وطنية فلسطينية، قائمة على برنامج مقاوم لا يُفرّط بالحقوق. وتطالب بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية حقيقية، بحيث تشمل جميع القوى الفلسطينية، وعلى رأسها قوى المقاومة، وتمنح الفلسطينيين في الخارج تمثيلا فعليا. وهذه عبارة سمعها الفلسطينيون كثيرا إلى حد الملل، ولكن يبدو أن هذا هو السقف الذي تحرص معظم المؤتمرات التي تحاول تمثيلهم على التمسك به، أو على الأقل تسعى للحفاظ عليه حتى إشعار آخر.

هذا الطرح لا يأتي من فراغ، بل من إدراك عميق لحالة الإقصاء والتهميش التي يعانيها الملايين من فلسطينيي الشتات، الذين تم تقزيم دورهم أو اختزاله في أطر رمزية. والوثيقة تفتح الباب نحو بناء شرعية جديدة، تعتمد على الإرادة الشعبية لا على التوازنات الدولية أو الوصايات الإقليمية، وهذا أمر جوهري إذا أردنا فعلا تحرير القرار الفلسطيني.

تفعيل دور فلسطينيي الخارج

واحدة من الإضافات المهمة في الوثيقة هي الإشارة إلى ضرورة تمكين فلسطينيي الخارج سياسيا وتنظيميا، باعتبارهم "الركن الأوسع في الشعب الفلسطيني". فهؤلاء لم يعودوا مجرد داعمين من بُعد، بل هم طاقة حية يمكنها التأثير سياسيا وقانونيا وإعلاميا في مسار القضية، إذا ما تم تفعيلها وتنظيمها.

لحظة فاصلة، تتطلب من الجميع -أفرادا ومؤسسات، في الداخل والخارج- التحرك الجاد لتوحيد الجهود، وتوظيف الإمكانيات، وتجاوز الحسابات الضيقة، من أجل بناء جبهة فلسطينية عريضة، قادرة على مواجهة الاحتلال، والدفاع عن غزة، وصون حقوق شعبنا في كل مكان
وفي هذا السياق، أدعو إلى الاستفادة من أدوات العصر الحديث، وعلى رأسها التقنية والاتصال عن بُعد، لتجاوز العوائق الجغرافية والتنظيمية. وهذا أمر بالغ الأهمية، فقد باتت الاجتماعات الافتراضية، والتصويت الإلكتروني، والعمل التنسيقي عن بُعد، ممكنة وميسّرة، ولا عذر في تعطيلها. المطلوب هو إرادة سياسية صادقة تفسح المجال للخارج، لا أن تبقيه رهينة لقرارات نُخَب ضيقة أو مصالح آنية.

المخاطر والتحديات

رغم وضوح الرؤية التي تطرحها الوثيقة، إلا أن العقبات أمام ترجمتها إلى واقع ليست قليلة. فهناك واقع استثمار قيادة السلطة في الحفاظ على الانقسام الفلسطيني الذي لم يُعالج جذريا حتى الآن، وهناك توازنات إقليمية ترفض صعود أي مشروع فلسطيني مستقل. كما أن النظام الدولي، بما فيه المؤسسات الأممية، لا يزال عاجزا أو متواطئا أمام جرائم الاحتلال.

ومع ذلك، فإن الوثيقة تُعدّ محاولة جادة لإعادة الاعتبار إلى المبادئ الأساسية للقضية الفلسطينية، وتقديم بديل حقيقي عن مسار التنازلات والانحدار السياسي الذي جرّ على الشعب الفلسطيني الكوارث. وهي تنطلق من الميدان، من وجع غزة وصمودها، لا من قاعات التفاوض أو أوهام التسوية.

رسالة الوثيقة: لا نهوض بلا وحدة.. ولا وحدة بلا مقاومة

خلاصة ما تحمله الوثيقة من وجهة نظري، هو أن رفض التهجير لا يكتمل دون وقف الإبادة، وأن الدفاع عن غزة هو دفاع عن الحق الفلسطيني كله. كما تؤكد أن وحدة الفلسطينيين لا تتحقق في غياب مشروع مقاوم، وأنه من دون تمثيل حقيقي للشتات، ستبقى مؤسساتنا ناقصة الشرعية.

إنها لحظة فاصلة، تتطلب من الجميع -أفرادا ومؤسسات، في الداخل والخارج- التحرك الجاد لتوحيد الجهود، وتوظيف الإمكانيات، وتجاوز الحسابات الضيقة، من أجل بناء جبهة فلسطينية عريضة، قادرة على مواجهة الاحتلال، والدفاع عن غزة، وصون حقوق شعبنا في كل مكان.

مقالات مشابهة

  • إغلاق 3 منشآت خاصة.. حملات مكثفة لضبط المنظومة الصحية بكفر الشيخ
  • رفض التهجير لا يكفي: غزة تحترق وعلينا مسؤوليات تاريخية
  • وزير الصحة يبحث مع نظيره التركي مجالات التعاون للنهوض بالقطاع الصحي السوري
  • الصحة والبنك الدولي يبحثان سبل التعاون للنهوض بالقطاع الصحي
  • تعزيز التعاون مع اليابان بالقطاع الصحي
  • «خنق غزة».. نتنياهو يوظّف المناطق المعزولة بالقطاع في الترحيل الجماعي للفلسطينيين
  • 38 شهيدا بالقطاع والاحتلال يوجه أوامر إخلاء جديدة في خان يونس
  • تعزيز التكامل بين مكونات المنظومة الصحية لمتابعة جاهزية الخطط في الرياض
  • هكذا يزيد قصف المعمداني تهالك المنظومة الصحية بغزة
  • قطر تُعلّق على استهداف مستشفى المعمداني وتحذر من انهيار المنظومة الصحية