القدس المحتلة – عمّق اشتراط حارسة أمن بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تفتيش رئيس هيئة أركان الجيش، هرتسي هليفي، والتأكد من عدم حمله جهاز تسجيل، قبيل الدخول إلى جلسة مشاورات أمنية لـ "كابنيت الحرب"، أزمة الثقة بين نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، في وقت تحتدم فيه المعركة البرية بقطاع غزة.

ومع انكشاف حجم الإخفاق الاستخباراتي بمنع عملية "طوفان الأقصى"، بعد مرور أسبوع على بداية العدوان على قطاع غزة، أعطى نتنياهو تعليماته لطاقم مكتبه وللمقربين منه، بحظر تسجيل أي مداولات ومناقشات تتعلق بسير الحرب.

وأعقبت هذه الإجراءات انتقادات شديدة اللهجة وجهها رئيس الوزراء إلى قادة الجيش والأجهزة الاستخباراتية، وهي الانتقادات التي قوبلت بالاستهجان من قادة المعارضة والشركاء في حكومة الطوارئ وأعضاء "كابينت الحرب"، وزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، الذين طالبوا نتنياهو بالكف عن انتقاد الجيش وتوظيف الحرب على قطاع غزة لأهداف سياسية.

وسط هذه الإجراءات ونهج نتنياهو في إدارة الحرب على غزة وتعامله مع قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، وتخصيصه ميزانيات ضخمة للأحزاب المشاركة بالائتلاف لمنع تفكك حكومته، تعالت الأصوات في "المعسكر الوطني" بمطالبة غانتس الاستقالة من حكومة الطوارئ والانسحاب من "كابينت الحرب".


أهداف سياسية

ووصل التوتر بين نتنياهو وغانتس، إلى ذروته مع المصادقة على الموازنة المعدلة لعام 2023 في القراءة الأولى، ورفض نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريش تحويل أموال الائتلاف الحكومي إلى احتياجات الحرب، حسب المحللة السياسية بالموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" موران أزولاي.

وأشارت أزولاي إلى تعالي الأصوات داخل حزب "أزرق أبيض" برئاسة غانتس، للانسحاب من حكومة الطوارئ، بينما أبدى الشركاء في "المعسكر الوطني" أعضاء حزب "أمل جديد" برئاسة غدعون ساعر، معارضتهم لخطوة تفكيك الحكومة خلال فترة الحرب.

ويعتقد بعض أعضاء "المعسكر الوطني" أن نتنياهو يوظف الحرب لأهداف سياسية تزامنا مع مرحلة الحملة الانتخابية، وأن المعسكر سيتضرر في حال بقي شريكا بائتلاف حكومة الطوارئ، بينما يعتقد آخرون أنه من الخطأ الانسحاب من الحكومة في هذه المرحلة الحرجة من الحرب، حسب ما نقلت عنهم أزولاي.

وبعد سماع آراء معظم أعضاء "المعسكر الوطني"، طلب غانتس تلخيص المناقشة، قائلا "أنا لا أتصرف لاعتبارات سياسية، أنا أفعل ما هو جيد لإسرائيل، لا أنهض وأغادر عندما لا يكون الأمر جيد، وعلى أي حال عندما تفعل ما هو صحيح لإسرائيل، فإن الشعب يدعمك سياسيا".

نتنياهو منع كبار قادة الجيش من تسجيل الاجتماعات الخاصة بالحرب على غزة (مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي) أزمة ثقة

وأوضح الصحفي الاستقصائي أفي بار إيلي، أن تعليمات نتنياهو لطاقمه بحظر تسجيل أي مداولات وجلسات سواء للحكومة والوزارات و"كابينت الحرب" على وجه الخصوص، تهدف إلى ضمان بنية تحتية للمناورة السياسية لنتنياهو وأتباعه في إدارة الحرب على غزة، وتوثيق تقدم سير الحرب من وجهة نظره هو فقط.

وأشار إلى أن اعتراض حارسة الأمن بمكتب رئيس الوزراء لرئيس الأركان وتفتيشه قبيل دخول إلى جلسة "كابينت الحرب"، تعكس أزمة الثقة بين قادة الجيش ونتنياهو، الذي رفض تحمل مسؤولية شخصية عن الإخفاق في منع الهجوم المفاجئ، وألقى المسؤولية على قادة الجيش والأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

وأورد إيلي، وهو مسؤول قسم التقارير الاستقصائية في صحيفة "دى ماركر"، منع مكتب نتنياهو ضباط الجيش الإسرائيلي من تسجيل مناقشات مجلس الوزراء والكابينت بشأن سير وتطور الحرب على غزة، وأمرهم بترك أجهزة التسجيل في الخارج، وذلك على الرغم من أن التسجيلات مطلوبة لاحتياجات عملياتية ومطبقة منذ سنوات.

ويقول الصحفي الاستقصائي، إن مكتب نتنياهو بهذه الإجراءات لا يشدد قبضته على سير الحرب فحسب، بل في تحديد وصياغة الرواية المتعلقة بالمسؤولية عن الإخفاق بمنع أحداث السبت الأسود كذلك، والتطورات الإيجابية والسلبية للحرب.

اتهامات لنتنياهو بتوظيف الحرب على غزة لأهداف سياسية شخصية (مكتب الصحافة الحكومي الإسرايلي) احتكار الوثائق

الطرح ذاته تبناه مراسل الشؤون السياسية للقناة 13 الإسرائيلية سيفي عوفاديا، الذي قدر أن إجراءات مكتب رئيس الوزراء بمنع إدخال أجهزة تسجيل إلى المشاورات والجلسات المتعلقة بسير الحرب على غزة، تهدف في نهاية المطاف إلى احتكار المواد والوثائق والمستندات المتعلقة بالحرب على غزة والإخفاق بمنع الهجوم المفاجئ، إلى ما بعد انتهاء الحرب، حيث ستعقد لجنة تحقيق رسمية.

وأوضح مراسل الشؤون السياسية أن ما يظهر وكأنه صراع وخلاف بين مكتب نتنياهو ورئاسة الأركان بشأن تسجيل وتوثيق المشاورات، يعكس عمق الأزمة بين نتنياهو والجيش، وهي محاولة منه لمنع أن يكون بحوزة الجيش أي توثيق خاص به متعلق بمناقشة الحرب على غزة.

وأشار عوفاديا إلى أن تسجيل جلسات مجلس الوزراء و"الكابينت" من الجيش الإسرائيلي، هو أمر مقبول ودارج منذ سنوات طويلة باتفاق كل الأطراف وسكرتارية الحكومة، وبشكل عام يستخدم الجيش التسجيلات "للاسترجاع السريع" لبروتوكول المناقشة المتعلق بالمبادئ التوجيهية، وشرح النقاط والقضايا الأمنية.


صراع خفي

في السياق ذاته، كشف الصحفي غادي فايتس، أن مكتب نتنياهو طلب وثائق سرية من فترة الحكومات السابقة، حيث حُوّلت إلى مكتب نتنياهو، بينما منعت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية غالي بهاراف ميارا، نقل محاضر الاجتماعات الكاملة؛ لأن نقلها وتسليمها مخالف لأنظمة الحكومة.

وأوضح فايتس، الذي يشغل منصب رئيس قسم التحقيقات الاستقصائية في صحيفة "هآرتس"، أنه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يرفض نتنياهو تحمل المسؤولية عن الهجوم المفاجئ على إسرائيل، حيث يسعى إلى إلقاء المسؤولية على المؤسسة الأمنية العليا، ومعارضيه في الحكومة السابقة.

وأشار إلى أن نتنياهو أوكل إلى أحد كبار أعضاء حزب الليكود مهمة جمع الوثائق والمستندات، التي من شأنها أن تعطي انطباعا سلبيا وتشوه صورة المسؤولين بالمؤسستين الأمنية والعسكرية، وتحميلهم كامل المسؤولية عن الإخفاق الاستخباراتي ومنع الهجوم المفاجئ.


صياغة سردية

وحيال هذه الممارسات والنهج لنتنياهو ولطاقم مكتبه ولمقربيه من الليكود ومعسكر اليمين، بعثت المستشارة القانونية للحكومة، رسالة إلى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، ونسخة إلى رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، طلبت خلالها جمع المواد السرية التي حصل عليها نتنياهو.

وبحسب مراسلة الشؤون القانونية لصحيفة "يديعوت أحرونوت" طوفا تسيموكي، فإن هذه التعليمات، تهدف إلى منع نتنياهو من احتكار أي وثائق ومستندات تتعلق بسير الحرب على غزة، والحصول على بروتكولات جلسات الحكومة السابقة.

ورجحت تسيموكي أن منع نتنياهو من حيازة بروتوكولات ومواد سرية من جلسات "كابينت الحرب"، سيصعب على نتنياهو ورجاله جمع المواد وصياغة السردية لمساعدته على التنصل من مسؤولية الإخفاق في منع هجوم حماس، أو التباين بالمواقف والإخفاق بتحقيق أهداف الحرب المعلنة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الهجوم المفاجئ المعسکر الوطنی حکومة الطوارئ الحرب على غزة مکتب نتنیاهو کابینت الحرب رئیس الوزراء نتنیاهو من قادة الجیش

إقرأ أيضاً:

جنرال إسرائيلي: الجيش في وضع صعب.. حذر من التفكك ومزيد من القتلى

قال جنرال إسرائيلي إن "رئيس الأركان بإخفائه الحقيقة عن وضع الجيش الصعب، إلى جانب المستوى الأمني، يساهم بشكل كبير في تفكك الجيش والتسبب بمزيد من القتلى والجرحى"، مشددا على أن الجيش ليست لديه قدرة على الاستمرار.

وأوضح الجنرال إسحاق بريك في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، أنه "لو جاء كائن من الفضاء الخارجي ونظر إلينا من أعلى ماذا كان سيرى. سيرى حرب تستمر منذ أكثر من سنة ولا نرى نهايتها. سيرى بأنه لم يتحقق أي هدف من أهداف الحرب، سواء تحرير المخطوفين أو إعادة المخلين من الشمال إلى بيوتهم، أو تدمير حماس أو حزب الله أو إبعاد إيران عن وكلائها".

وتابع بريك قائلا: "سيرى أن اقتصاد إسرائيل في حالة انهيار، والمناعة الاجتماعية في حالة تفكك، وعلى شفا الحرب الأهلية، والعالم المتنور ينفصل عن إسرائيل، والجيش البري تآكل إلى أقصى درجة".

وأردف بقوله: "هذا الكائن كان سيرى أن الجيش لا يقول الحقيقة للمستوى السياسي عن الأزمة الشديدة في صفوفه، وعن جنود الاحتياط الذين 40 في المئة منهم أصبحوا يصوتون بالأرجل وهم غير مستعدين للخدمة مرة أخرى، وعن الجنود النظاميين الذين يتم تسريحهم بسبب حالتهم النفسية والجسدية وعدم قدرتهم على مواصلة القتال. كان سيرى أيضا بأن الجيش البري موجود في حالة تفكك من ناحية القوة البشرية وتنقصه الوسائل القتالية".

واستكمل قائلا: "هذا الكائن كان سيرى بالضبط ما وصفه الصحفي ايتي انغل في برنامج "عوفدا" في الأسبوع الماضي. واليكم ملخص ما قاله (في مقاله عرض ضمن أمور أخرى، توثيق لجنازة وعدد من اعضاء حزب الله الذين يطالبون بقتل شعبنا): "العدو تعزز، الثمن الذي يتمثل بحياة الانسان ارتفع، الحل السياسي بعيد أكثر من أي وقت مضى، الصورة التي يتم عرضها لنا، أن حزب الله ضعيف وأن الجيش الاسرائيلي هو المنتصر في الحرب في لبنان، هي مختلفة كليا (..)".



وأضاف أن "هذا الكائن من الفضاء كان سيرى أيضا كيف أن رئيس الأركان هرتسي هليفي يحاول أن يعرض على المستوى السياسي وعلى الجمهور صورة تقول بأن الجيش قوي جدا وقادر على تنفيذ أي مهمة تلقى عليه الى أن يتم تحقيق اهداف الحرب. لذلك فان وزير الدفاع الجديد، اسرائيل كاتس، المقطوع عن الواقع بشكل تام يعلن بأنه يجب مواصلة القتال ضد حزب الله حتى هزيمته بشكل كامل".

وذكر أن "هليفي يفعل ما يؤمر به دون أن يشرح له بأن وضع الجيش الاسرائيلي متدني، ولا يمكنه سواء الدخول في عملية برية عميقة أو البقاء في المناطق التي احتلها بسبب النقص الكبير في جنود الاحتياط. الجيش لا يمكنه أيضا وقف مئات الصواريخ والقذائف والمسيرات التي يتم اطلاقها كل يوم وتشل الحياة وتدمر الشمال. رئيس الاركان يساهم في اخفاء الحقائق بشكل كبير الى جانب المستوى السياسي، وفي تفكك الجيش البري والتسبب بعدد كبير من القتلى والمصابين".

وأشار إلى أن "هذا الكائن كان سيرى سلوك المستوى السياسي المنحرف، الذي تتغلب لديه الاعتبارات السياسية للبقاء على اعتبارات الأمن القومي. وكان سيرى أيضا كيف أن الكثير من ابناء الشعب يتصرفون مثل قطيع هائم، لا يعرف ما الذي يحدث من حوله ويدعم المستوى السياسي والأمني".

وأكد أنه "في نهاية المطاف هذا الكائن كان سيرى كيف فتح وزراء الحكومة عيونهم وأدركوا أنه بقوة الذراع لا يمكن تدمير حزب الله وانهاء الحرب. وبناء على ذلك فان الحكومة توجهت الآن الى مسار التسوية السياسية بوساطة أمريكية".

واستدرك بقوله: "مع ذلك، رؤساء السلطات المحلية في الشمال لا يوافقون على فكرة التسوية السياسية، لأنه بالنسبة لهم لا يمكن الوثوق بأي اتفاق مع حزب الله، وهم يواصلون المطالبة بهزيمته العسكرية المطلقة، وهو الطلب الذي لا يصمد في امتحان الواقع".

ولفت إلى أن "كائن الفضاء الذي ينظر إلينا كان سيرى بأن عدد من رؤساء المجالس والبلدات في الجليل الذين تخلوا عن البلدات وعن السكان في الاستعداد للحرب، وأيضا اثناء الحرب، لا يستحقون البقاء في مناصبهم. هذا الكائن كان سيرى بأنه منذ بداية الحرب وحتى الآن يوجد لدينا 1772 قتيل و21744 جريح، و787 جندي قتيل، و101 مخطوف (احياء واموات) و143 ألف مخلى من بيوتهم، وتقريبا 300 ألف من الذين يخدمون في الاحتياط تم تجنيدهم، و26240 إطلاق للصواريخ والقذائف والمسيرات نحو أراضينا".

مقالات مشابهة

  • جنرال إسرائيلي: الجيش في وضع صعب.. حذر من التفكك ومزيد من القتلى
  • بيراميدز يخشى مفاجآت البنك الأهلي في الدوري
  • مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
  • إعلام إسرائيلي: لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو
  • مكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض يوقع مذكرة تفاهم مع «إنكون» لاستضافة برامج تعليمية
  • مكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض يوقع مذكرة تفاهم مع «إنكون» لاستضافة برامج تعليمية من 2025 إلى 2027 بهدف تعزيز قطاع الاجتماعات والفعاليات
  • لماذا نتنياهو مستعد لقبول وقف إطلاق النار مع حزب الله دون حماس؟
  • قطر تنفي إغلاق مكتب حماس في الدوحة.. تحدثت عن تعليق الوساطة
  • أنا ضد الحرب ومع الجيش
  • وزير العدل يبحث التعاون مع رئيس مكتب الادعاء المالي الفرنسي