"كنت أنوي أن أكتب عن الحياة اليومية في فترة الهدنة، وعن تحديات تأمين المياه وخشية هطول الأمطار أو بروز طقس غائم يحول دون استمرار الألواح الشمسية في إنتاج بعض الكهرباء، أو عن البحث عن أي نوع من الطعام، أو عن رائحة مدارس الإيواء، أو كيلومترات الطوابير التي تنتظر ملء أسطوانة غاز الطبخ، أو غيرها من التحديات اليومية العديدة، ولكن صوت المدفعية الثقيلة والقصف هو الذي أيقظني".

بهذه المقدمة افتتحت صحيفة هآرتس مقالا بقلم أميرة هاس، تنقل فيه نداء من صديق في غزة بعد تلقي رسالة من بسام ناصر، الذي اضطر هو وعائلته إلى النزوح من مدينة غزة إلى دير البلح، ومن ثم إلى رفح بسبب القصف خلال الأيام الأولى من الحرب، قال فيها إن "أدق وصف لما يحصل هو الجحيم".

وكتب هذا الصديق أن: الآمال عندما استؤنف القصف كانت كبيرة في تمديد الهدنة، ويشوبها تفاؤل بشأن وقف إطلاق النار على المدى الطويل. فجاء التوجيه الحاسم من شخصيات مؤثرة يُشار إليها في كثير من الأحيان باسم "أسياد الكون"، وحثت إسرائيل على ممارسة ضبط النفس أثناء عملياتها العسكرية في جنوب قطاع غزة.

وهذه الكيانات هي نفسها التي أمرت سكان غزة بالانتقال إلى ما وصفتها بالمناطق الآمنة في الجنوب. إنهم من دعا إلى زيادة توزيع المساعدات الإنسانية على الفلسطينيين في غزة، وهم يصرون، رغم حصيلة الوفيات اليومية التي تتجاوز 370 مدنيا بريئا معظمهم من الأطفال، على وصف هذه الأعمال بأنها "دفاع عن النفس".

وتضيف الرسالة أن "الفرق الوحيد بين اليوم وقبل 55 يوما هو طبيعة التفويض، ففي البداية كان موافقة غير مقيدة على القتل والمجازر والتدمير والغزو والحصار، أما التفويض الحالي فيسمح بمواصلة هذه الإجراءات بهدف الانتهاء قبل عيد الميلاد. إذ يبدو أن المنافقين المتورطين يرغبون في الاحتفال دون أي إزعاج من صور الأطفال الفلسطينيين القتلى".

ناصر: أرجو منكم الامتناع عن محاولة تشخيص حالتي. أنا لست في مرحلة ما بعد الصدمة ولا "طبيعي" تماما. من فضلك لا تنظر إليّ بشفقة أو تعاطف (..) قضيتنا الأساسية هي تطلعنا إلى الحرية وتقرير المصير. نحن نرفض العيش في الأسر سواء بأماكن مغلقة أو سجون في الهواء الطلق.

محبطون وضائعون

وفي رسالة أثناء الهدنة المؤقتة، وصف بسام الناس وهم يتجولون مثله في شوارع رفح، ويبدو أنهم محبطون وضائعون وحزينون ويبحثون عن شيء ما.

قال مخاطبا أصدقاءه ذوي الخلفيات في علم النفس والطب النفسي "أرجو منكم الامتناع عن محاولة تشخيص حالتي. أنا لست في مرحلة ما بعد الصدمة ولا "طبيعي" تماما. من فضلك لا تنظر إلي بشفقة أو تعاطف (..) قضيتنا الأساسية هي تطلعنا إلى الحرية وتقرير المصير. نحن نرفض العيش في الأسر سواء في أماكن مغلقة أو سجون في الهواء الطلق".

وفي اليوم نفسه، كتب ناصر أيضا بشوق عن مدينة غزة "التي قد لا تكون المدينة الأكثر راحة ولا تطورا، لكنها تمتلك سحرا آسرا ينافس الأماكن الأكثر تميزا. تتميز غزة بكرم أهلها وشهامتهم وفخرهم.. إنها مدينة تقع على البحر وتظل صامدة في وجه العواصف".

وفي الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كتب "باعتباري شخصا وُلد في فلسطين وعشت طوال حياتي تحت الاحتلال، لدي كل الحق في التساؤل عن سبب مقتل عائلتي وأصدقائي وأقاربي وجيراني".

وإذا كان مصيرنا محددا -يضيف ناصر- و"إذا كان قدرنا هو أن نلقى الشهادة بغض النظر عن أفعالنا أو أقوالنا، وإذا كانت قبورنا قد فتحت بالفعل وأكفاننا جاهزة، فلا مانع من تحمل العطش والجوع. ويمكن للمجتمع الدولي أن يواصل تسليم مساعداته المقررة لغزة. ما نحتاجه حقا هو الجرافات التي تحفر لنا وتدفننا في أحشاء أرضنا".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

عدن تشهد شللًا تامًا في الحياة اليومية بسبب انقطاع الكهرباء

شمسان بوست / خاص:

منذ يوم الثلاثاء، تشهد مدينة عدن انقطاعًا تامًا للتيار الكهربائي، ما أدى إلى توقف الحياة اليومية بشكل شبه كامل، في وقت تتصاعد معاناة السكان بسبب أزمة الوقود.

وفي وقت سابق، حذرت المؤسسة العامة لكهرباء عدن من نفاد الوقود في محطات التوليد، مشيرةً إلى أن المدينة ستغرق في ظلام دامس.

وفي نفس السياق، حذرت المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي من توقف خدماتها خلال 24 ساعة نتيجة نقص الوقود، لكنها أعلنت لاحقًا عن توفير كميات إسعافية لحل المشكلة.

تستمر الأزمة دون حلول واضحة، في ظل غياب أي توضيحات من الحكومة بشأن تدابير عاجلة لمعالجة الوضع. قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي من جانبها، اتهمت الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي بالفشل في تحمل المسؤولية، داعيةً السعودية والإمارات للتدخل الفوري لإنقاذ عدن من كارثة إنسانية قد تلوح في الأفق.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الانقطاع هو الثاني من نوعه في غضون أسبوعين، مما يزيد من الضغوط على السكان ويهدد بتوقف الخدمات الأساسية في المدينة.

مقالات مشابهة

  • «مش هنسيب أرضنا».. عائلة «الكحلوت»: هنعمَّر بيتنا في غزة من جديد
  • «فتاة وبحيرتان».. رواية تُبحر فى أعماق النفس والقدر
  • رابطةُ العالم الإسلامي تعزي في ضحايا حادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة أوربرو بمملكة السويد
  • "غزة أرضنا ولن نرحل".. فلسطينيون في دير البلح يحتجون على تصريحات ترامب
  • عدن تشهد شللًا تامًا في الحياة اليومية بسبب انقطاع الكهرباء
  • وزارة الخارجية تعرب عن بالغ أسف المملكة لحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة أوربرو بمملكة السويد
  • أصوات من غزة.. صعوبة تأمين الاحتياجات اليومية
  • لوقف انتهاكاتها اليومية.. عون طلب من السفير الفرنسي الضغط على اسرائيل
  • ترامب يعتزم الموافقة على توريد جرافات وقنابل بقيمة مليار دولار لـإسرائيل
  • الاعيسر .. نستنكر بأشد العبارات الجريمة البشعة التي تعرض لها المدنيون في مدينة كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان