لحم متعفن وعمليات لأطفال دون مخدر.. مشاهد مروعة داخل مستشفى بخان يونس
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
فيما يستمر النزوح الجماعي نحو جنوبي قطاع غزة، في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي الذي تشهده مختلف مناطق القطاع، والذي يحتدم مؤخرا في الجنوب، كشف طبيب بريطاني يتواجد في المستشفى الأوروبي بخان يونس، مشاهد وصفها بـ"المروعة"، تعكس حجم المأساة جنوبي القطاع.
وتحدث جراح الحرب المخضرم توم بوتوكار، الذي يعمل في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، عما يجري في المستشفى، قائلا إنه "رأى طفلا صغيرا مصابا بحروق بالغة، ينادي على أمه التي لا يعرف أنها ماتت، وذلك في وقت لا يوجد فيه ما يكفي من مسكنات الألم لتخفيف معاناته".
كما أشار إلى طفل يبلغ من العمر 8 سنوات، أصيب دماغه بأضرار كبير جراء تعرض منزله للقصف، لافتا إلى أن طفلة أخرى خضعت لعملية استئصال عين، لأن كل عظمة في وجهها تحطمت.
وأضاف الطبيب في حديثه إلى صحيفة "إندندبنت"، أنه "شاهد طفلا مبتور الأطراف يبلغ من العمر 3 سنوات، وأطرافه المقطوعة موضوعة في صندوق وردي بجانبه"، فيما تظهر في خلفية كل تلك المشاهد "رائحة اللحم المتعفن"، في حين "تخرج الديدان من الجروح غير المعالجة".
وقام الجيش الإسرائيلي بتوسيع حملته البرية من شمالي القطاع المحاصر إلى الجنوب، حيث نزح ما يقدر بنحو 1.9 مليون فلسطيني.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بـ"مواصلة الحرب إلى أن يتم القضاء على حركة حماس" التي تدير القطاع، والتي شنت هجمات غير مسبوقة على جنوبي إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أدى إلى مقتل أكثر 1200 شخص، غالبيتهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات المختصة.
في المقابل، تشن إسرائيل قصفا متواصلا في أعقاب هجوم مسلحي حماس، المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، مما أدى إلى مقتل أكثر من 16 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وفي الأيام الأخيرة، بدأت القوات الإسرائيلية في اقتحام خان يونس، أكبر مدينة في جنوب قطاع غزة، وشنت ما يعتقد أنه أكبر هجوم بري منذ انهيار الهدنة الهشة التي استمرت سبعة أيام.
وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي تحذر فيه الأمم المتحدة، من أن "الوضع الإنساني في غزة أصبح مروعا".
"نجا من الموت بأعجوبة"وقال بوتوكار إنه يتواجد داخل المستشفى الأوروبي، وهو أحد المراكز الطبية الرئيسية التي تخدم خان يونس والمناطق المحيطة بها، حيث يكافح المسعفون من أجل علاج تدفق الجرحى "المتواصل"، لافتا إلى أن "نصفهم من الأطفال".
وتابع الطبيب الذي لم يغادر المستشفى الأوروبي منذ 5 أسابيع: "لم أتمكن من إحصاء عدد الأطفال الذين عالجناهم والذين يعانون من إصابات مروعة وحروق وبتر أطراف، وفقدوا أسرهم بأكملها".
وقال: "المسعفون الفلسطينيون والدوليون ينامون على أرضية غرف التمريض، وطعامهم عبارة عن كميات محدودة من المعكرونة، ويعملون في نوبات مدتها 14 ساعة".
ونوه بوتوكار بأنه في إحدى الليالي "كاد أن يفقد حياته جراء شظية اخترقت نافذة الغرفة التي كان يتواجد فيها".
وقُتل بعض الأطباء، من بينهم عناصر من طاقم التمريض والجراحين الذين عمل معهم بوتوكار، إلى جانب العشرات من أفراد أسرهم. كما قُتل ما لا يقل عن واحد من موظفي اللجنة الدولية المئة العاملين في غزة، وفق الصحيفة.
وهذه هي المرة الـ14 التي يعمل فيها بوتوكار كمسعف في غزة، حيث سبق له العمل في هذا المجال كجراح في الصومال وسوريا وأفغانستان واليمن، مؤكدا أن هذا الصراع "هو بلا شك الأسوأ الذي شهده حتى الآن".
وتابع: "رأيت عدداً كبيراً جداً من الأطفال الذين دمرت حياتهم.. لقد عالجت صغيرا يبلغ من العمر 4 أشهر مصابًا بحروق كبيرة، كما عالجت طفلاً يبلغ من العمر 8 سنوات كان يعاني من كسر مفتوح في جمجمته ودماغه مكشوف".
وأردف: "إنه أمر مروع أن نرى أن هذه الإصابات تتوالى في الولوج إلى المستشفى كل يوم".
وفي الآونة الأخيرة، كان بوتوكار يعالج مريض حروق في وحدة العناية المركزة كان قد نزح من شمالي القطاع، وكانت جروحه متعفنة لأن "الضمادات لم يتم تغييرها لعدة أيام".
"تأثير مدمر على الأطفال"ومنذ انتهاء الهدنة الإنسانية في الأول من ديسمبر، توغل الجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة، كما واصل عملياته في الشمال.
وحذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، الأربعاء، من أن ما يقرب من مليوني فلسطيني - أمرتهم إسرائيل بالاحتماء في الجنوب - محشورون الآن "في أماكن صغيرة ومكتظة للغاية في ظروف غير صحية".
وأضاف: "المساعدات الإنسانية انقطعت فعلياً مرة أخرى، مع انتشار المخاوف من انتشار الأمراض وتفشي الجوع على نطاق واسع".
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، جوناثان كونريكوس، لشبكة "سي إن إن" الأميركية، الأربعاء، إن القوات الإسرائيلية "استهدفت مراكز القيادة والسيطرة التابعة لحماس، وتخزين الأسلحة والمرافق اللوجستية"، وأنها "طلبت من الفلسطينيين الإخلاء إلى منطقة إنسانية خاصة في جنوب غزة، بالقرب من خان يونس".
واعترف بأن هذا "ليس مثاليًا، لكنه الحل الأفضل والمتوفر حاليًا لدينا".
من جانبها، ذكرت منظمة الإغاثة "أنقذوا الأطفال"، أن عدد القتلى من الأطفال في القطاع الفلسطيني "مرتفع للغاية، لدرجة أنه يتجاوز العدد السنوي للأطفال الذين قتلوا في مناطق النزاع بالعالم منذ عام 2019".
وقال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، جان إيغلاند، الثلاثاء، إن "تدمير غزة يعد الآن من بين أسوأ الاعتداءات على أي سكان مدنيين في عصرنا الحالي".
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) هذا الأسبوع، إن غزة هي "أخطر مكان في العالم بالنسبة للأطفال، وإن الأمور ستزداد سوءا".
وفي المستشفى الأوروبي، يوجد الآن ما لا يقل عن 360 شخصًا على قائمة الانتظار لإجراء عملية جراحية، وهو "رقم يستحيل التعامل معه"، كما يقول بوكوتر.
ويتفاقم هذا الأمر بسبب نقص الموظفين، حيث يُقتل المسعفون في منازلهم، أو يُمنعون من الوصول إلى المستشفى بسبب القصف والطرق المدمرة.
وذكر بوكوتر أن "الممرضة التي ساعدته في علاج طفل مبتور الأطراف يبلغ من العمر 3 سنوات، قُتلت قبل 3 ليالٍ مع 12 فردًا من عائلتها".
كما قُتل أحد كبار جراحي التجميل، والذي كان أيضًا زميلًا للطبيب البريطاني، مع 30 فردًا من عائلته في غارة جوية قبل 4 أسابيع.
وتابع بوكوتر: "هناك عدد كبير جدًا من المرضى وليس هناك عدد كافٍ من الطواقم الطبية، ولا يوجد متسع من الوقت في غرفة العمليات لعلاجهم جميعًا، لذلك علينا تحديد الأولويات".
وتنتشر العدوى الآن في المستشفيات بسبب عدم معالجة الجروح في الوقت المناسب؛ فهناك عدد "هائل" من المرضى الذين يعانون من إصابات معقدة تم إهمالها، وفقا لبوكوتر، الذي أكد أن "أي أحد يشك في التأثير المدمر على المدنيين (في غزة)، سيغير رأيه إذا أمضى يوما واحدا في عنابر المستشفى".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المستشفى الأوروبی یبلغ من العمر قطاع غزة فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير الصحة من مستشفى بنت جبيل: اطلعت على نتائج العدوان وهي أكبر مما يُصور
إنتقل وزير الصحة العامة ركان ناصر الدين والوفد المرافق إلى مستشفى بنت جبيل، المحطة الثانية في جولته على عدد من المستشفيات الجنوبية، وكان في استقباله النائبان أيوب حميد وأشرف بيضون ومديرة المستشفى لينا بزي ورئيس بلدية بنت جبيل ورئيس اتحاد بلديات بنت جبيل وحشد من الفاعليات الصحية وممثلي المجالس المحلية ووفود شعبية.وقد رحبت مديرة المستشفى بالوزير ناصر الدين، مشددة على إعادة إعمار ما تهدم من أقسام المستشفى، مشيرة إلى أن مستشفى بنت جبيل بدأ يفتح أقسامه تدريجًا بدءًا من العناية الفائقة وقسم غسيل الكلى.
وكان ترحيب مماثل بوزير الصحة العامة من النائبين حميد وبيضون اللذين شددا على إعادة الإعمار منوّهين بأن وجود الوزير ناصر الدين في المنطقة رسالة مهمة لأهالي قرى الحافة الحدودية.
ثم ألقى الوزير ناصر الدين كلمة حيا فيها صمود الطواقم الطبية منذ اليوم الأول من الحرب حتى اللحظة، مضيفا أن "بنت جبيل عصيّة على العدوان".
وقال: "اتيت لزيارة هذه المنطقة اليوم ليس فقط كوزير بل ايضا كطبيب لاقف الى جانبكم واؤكد انني قريب منكم جميعا. إطلعت على نتائج العدوان الإسرائيلي وهي اكبر بكثير مما يُصور. من الواضح أن الاذى المتعمد على الطواقم الطبية في المستشفيات هدف لضرب القطاع والبنية التحتية بطريقة ممنهجة. وهذا الأمر يؤدي إلى شعور بالاسى والحزن، ولكن بقدر الشعور بالاسى والحزن سيكون هناك شعور بالامل واعادة الاعمار. والالتزام الذي قدمته الحكومة لاعادة الاعمار والترميم ليس التزامًا بالمباني فقط، فالبنية التحتية تتعدى المباني وتبدأ بالإنسان والطواقم الطبية، اذ لا يمكن ان يبقى الاهالي من دون استشفاء. ونحن على الوعد والله يقدرنا للتعاون مع الجهات المانحة لنحقق المطلوب". اضاف: " ننحني امام تضحيات كبرى، لكننا نامل بغد مشرق وهذه البلاد العصية ستبقى مواجهة لكنها تتطلب آلية للصمود. والتزام الحكومة باعادة الاعمار والترميم قائم، وقد اطلعنا على مطالب واحتياجات هذا المستشفى وهناك امور ايجابية وانني سررت جدا في افتتاح الاقسام وبلقاء مرضى غسيل الكلى بعد العودة ونامل ان تعود باقي الاقسام والى مزيد من التعاون فالبلد لا يقوم على شخص واحد بل على التعاون من الجميع. ويعطيكم الف عافية ونامل ان نجتمع في المرة المقبلة ويكون السقف "جالسا".