الرفق بالحيوان في الإمارات.. منظومة تشريعية متكاملة تحافظ على التوازن البيئي وتضمن استمرارية الحياة الفطرية على كوكب الأرض
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
أولت دولة الإمارات عناية خاصة بحماية الحيوانات من المخاطر والرفق بها، كونها أحد الموضوعات المؤثرة المتعلقة بالبيئة، كما يعتبر ذلك انعكاساً حضارياً، وموروثاً ثقافياً تم استقاؤه من الأحكام السمحة لديننا الحنيف وعاداتنا الاجتماعية، إضافة إلى البعد الاقتصادي بعد أن أثبتت الأبحاث أن الرفق بالحيوان وطرق رعايته له علاقة إيجابية بإنتاجية الحيوانات وكذلك جودة المنتج.
وقد ظهر هذا الاهتمام مبكراً على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أنشأ في العام 1966، حينما كان حاكماً لإمارة أبوظبي، هيئة للرفق بالحيوان ضمت مجموعة من المراقبين الذين تولوا حماية المناطق البرية للإشراف على تطبيق الحظر المفروض على صيد الحيوانات من أجل المحافظة على البيئة واستدامة مواردها.
واستمر هذا الاهتمام حيث تم إشهار جمعية الإمارات للرفق بالحيوان بناء على القرار الوزاري رقم 56 لسنة 2011 الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية آنذاك، وهي جمعية تعنى بترسيخ مفاهيم وممارسات الرفق بالحيوان في الدولة والتعريف به ونشر الوعي العام بأهميتها والتشجيع على المحافظة على السلامة البيئية والثروات الحيوانية.
في الوقت ذاته حرصت وزارة التغير المناخي والبيئة على تطوير المنظومة التشريعية متمثلة في القانون الاتحادي رقم 16 لسنة 2007 في شأن الرفق بالحيوان والذي يعد أول قانون متكامل للرفق بالحيوان في دول المنطقة، واستندت في إعداد هذا القانون إلى المعايير والممارسات العلمية والعالمية، والذي استهدف تنظيم المعايير والممارسات العملية للرفق بالحيوان والواجبات التي تقع على مالكي الحيوانات بما يضمن عدم الإضرار أو التسبب في ألم أو معاناة للحيوانات وضمان توفير المكان المناسب لإيوائها، وفقاً لنوعيتها، وأعدادها، وطبيعتها، وتلاه مشاركة الدولة في إعداد النظام ( القانون ) الخليجي للرفق بالحيوان بالتعاون مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية .
وتنسجم المنظومة التشريعية في الإمارات الراعية للرفق بالحيوان مع محور “حماية البيئة” ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28″ الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي.
– قوانين ناظمة.
وأصدرت حكومة دولة الإمارات القانون الاتحادي رقم 16 لسنة 2007 في شأن الرفق بالحيوان، وقامت بتحديث بعض أحكامه لاحقاً بالقانون الاتحادي رقم 18 لسنة 2016 ليتلاءم مع التطوير الدوري للمعايير الدولية، حيث يحظر القانون على ملاك الحيوانات، والقائمين على رعايتها الإضرار أو إلحاق الأذى أو التسبب في ألم أو معاناة الحيوانات، وعدم إطلاق سراح أي حيوان تحت رعايتهم، يعتمد بقاؤه بشكل طبيعي عليهم، وفي حالة الرغبة في التخلي عنه يجب تسليمه للإدارة أو السلطة المختصة، بالإضافة إلى ضرورة توفير عدد كاف من العاملين ذوي خبرة مهنية بالأمور المتعلقة بالحيوانات. ويحق لوزارة التغير المناخي والبيئة توقيع أي من الجزاءات الإدارية المنصوص عليها في حال مخالفة أي حكم من أحكام هذا القانون.
وتعمل وزارة التغير المناخي والبيئة باستمرار على تطوير المنظومة التشريعية التي تضمن حماية الحيوان وضمان استدامة التنوع البيولوجي في البيئة المحلية، فقد أصدرت في ديسمبر 2018 اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي وذلك ضمن استراتيجيتها للحفاظ على البيئة وتحقيق استدامة مواردها الطبيعية وتنوعها البيولوجي.
وضمن اللائحة اعتبرت القائم على رعاية الحيوان قاسياً ويتوجب مخالفته في حال الإهمال في تقديم ما يكفي من الغذاء والراحة وتوفير المأوى المناسب أو ضرب الحيوان وتعمد احتجازه قسراً دون سبب وتعريض الحيوانات التي تستخدم للركوب أو التحميل أو الجر للإجهاد الزائد وعدم مراعاة عمرها وحالتها الصحية أو نقله بطريقة أو وسيلة غير مهيأة أو خلط أنواع مختلفة من الحيوانات مع بعضها عند النقل أو عرض وبيع والإتجار في حيوان مصاب أو مريض، كما اعتبرته مخالفاً في حال التخلي عن الحيوان أو تركه لفترة طويلة دون رعاية أو عدم عرضه على طبيب بيطري في حال مرضه أو التخلص منه بطريقة غير رحيمة أو استخدامه بصورة منافية لطبيعته في أداء العروض الفنية والترفيهية أو للتسلية والمزاح في رحلات الصيد أو حلبات المصارعة أو إعطائه أي أدوية محفزة للنمو أو منشطات محظورة أو مواد كيميائية من أغذية أو إضافات الأعلاف غير مصرح بها.
إلى ذلك، تم إصدار القانون الاتحادي رقم 22 لعام 2016 بشأن تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة ولائحته التنفيذية والذي يهدف إلى تنظيم امتلاك وحيازة وتداول وإكثار الحيوانات الخطرة وحماية الإنسان والحيوانات الأخرى من أذى الحيوانات الخطرة وانتقال أمراضها ومسبباتها إليه وإلى الحيوانات الأخرى وضمان حصول تلك الحيوانات على الرعاية الجيدة.
وشملت أحكامه عقوبات رادعة لكل من حاز، أو باع، أو عرض أي حيوانات مفترسة، كما يحظر القانون على أفراد المجتمع استيراد، أو المتاجرة بالحيوانات المفترسة بشكل تام، ويسمح باستيرادها فقط من قبل الجهات، والمنشآت المرخصة.
ويُحظر بموجب هذا القانون على أي شخص طبيعي، أو اعتباري امتلاك، أو حيازة، أو تداول، أو إكثار أي من الحيوانات الخطرة.
– حملات جماهيرية.
وحيث إن الرفق بالحيوان مرتبط بالوعي والممارسات والسلوك فقد تم تبني عدد من الحملات التوعوية التي استهدفت رفع الوعي وحماية الحيوان من الممارسات الضارة ومنها حملة “ الصحراء تنبض بالحياة “ والتي كانت تهدف إلى حماية الحيوانات من تلوث الصحراء والأكياس البلاستيكية، إضافة إلى ذلك فقد نظمت جمعية الإمارات للرفق بالحيوان حملة ”أحتاج للماء مثلك” التي بدأت بإطلاقها منذ عام 2015، وهي تهدف إلى غرس الوعي بقضايا الرفق بالحيوان ووقايته من حرارة الصيف، وقد شهدت الحملة تفاعلاً كبيراً من الجمهور، في العديد من المواقع التي غطتها على مستوى الدولة، وتعكس الحملة الوجه الإنساني والحضاري الذي تتميز به الدولة، وما تقدمه من رعاية واهتمام بالحيوان.
كما أطلقت جمعية الإمارات للرفق بالحيوان جائزة أفضل محل لبيع الحيوانات الأليفة بدولة الإمارات في دورتها الأولى 2014 – 2015 خلال فعاليات المعرض الدولي للصيد والفروسية – أبوظبي 2014.
– استجابة مجتمعية.
وفي كل صيف تطلق العديد من الجهات مبادرات سقيا الطيور التي تلقى استجابة جماهيرية واسعة كل عام، فقد أطلقت بلدية مدينة أبوظبي عبر مركز بلدية مدينة زايد مبادرة “سقيا الطيور وبناء الأعشاش” بهدف وقاية الطيور من الحر وتوفير مصادر مياه الشرب والطعام لها وحماية التنوع البيئي، والمحافظة على التنوع البيولوجي في المدينة.
وتضمنت المبادرة توفير أماكن آمنة للطيور وتوزيع أوعية المياه لسقيا الطيور في الحدائق العامة، وتوفير أكشاك وبيوت خشبية يمكن للطيور الاحتماء بها من الحرارة إضافة إلى توفير المأكل والمشرب لها يومياً.
كما أطلقت جمعية دار البر بالتعاون والتنسيق مع بلدية دبي مبادرة “سقيا الطير” في ظل الارتفاع الحاد في درجات الحرارة والرطوبة خلال فصل الصيف، وتولّت المبادرة توزيع “السقايات” في 100 حديقة في دبي خلال الصيف.
وأطلقت دار زايد للثقافة الإسلامية وبالتعاون مع هيئة الهلال الاحمر الإماراتي مبادرة “سقيا طير” تتمثل في توزيع “سقّايات” لسقي الطيور والحيوانات في الحدائق والمنتزهات.
ونفذت بلدية مدينة العين حملة “سقيا الطير” التي شملت مناطق قطاعي وسط المدينة والشمالي على فترتين صباحية ومسائية، تم خلالها توزيع سقايات ملونة لشرب الطيور، بهدف المحافظة على البيئة وحماية عناصرها لاستمرار الحياة الطبيعية وذلك عند ملاحظة عدد من الطيور النافقة في فترة الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
– التعاون وبناء الشراكات.
وتحرص وزارة التغير المناخي والبيئة على تبادل الخبرات وبناء الشراكات المحلية والإقليمية والدولية في ملف الرفق بالحيوان لتطوير التشريعات ومناقشة التحديات التي تواجهها هيئات الرفق بالحيوان، ووضع تصور مشترك، وتعزيز التعاون بين جميع الجهات المعنية برفاهية الحيوانات، والاتفاق على أولويات العمل على المستوى الوطني، وتحليل الاحتياجات لتطوير سياسة وطنية في مجال الرفق بالحيوان وأثرها في النمو الاقتصادي والصحة والبيئة.
وفي هذا الصدد وقعت وزارة التغير المناخي والبيئة عدداً من مذكرات التفاهم مع الصندوق الدولي للرفق بالحيوان وجمعية الإمارات للرفق بالحيوان وجمعية الإمارات لمربي الكلاب، كما نظمت الدولة، ممثلة بوزارة التغير المناخي والبيئة، خلال نوفمبر 2016 المؤتمر الوطني الأول للرفق بالحيوان الذي يعتبر الأول من نوعه على مستوى الإمارات ودول الجوار. وكررت التجربة بعد نجاحها في عام 2018 بتنظيم المؤتمر الوطني الثاني للرفق بالحيوان
وأطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في الفترة من 24 وحتى 31 يوليو 2022 فعاليات “أسبوع القرش” بالتعاون مع الصندوق الدولي للرفق بالحيوان، وهيئة البيئة – أبوظبي، وفندق أتلانتس النخلة، تحت شعار “أسماك القرش في دولة الإمارات”، وتستهدف رفع وعي الصيادين والجمهور، للتعريف بمجموعة واسعة من المعلومات حول أسماك القرش، والتوجهات العالمية الحالية بخصوص قضايا تجارة زعانف القرش.
كما شاركت الوزارة كممثل عن منطقة الشرق الأوسط في المؤتمر الدولي الرابع للرفق بالحيوان في المكسيك عام 2016، وتم استعراض خبرات الدولة في مجال التشريعات المنظمة لهذا الملف.
وشاركت الدولة بشكل دوري وفعال في منتديات الرفق بالحيوان بدعوة من المنظمة العالمية للصحة الحيوانية والتي تنظمها كل عام.
إلى ذلك، أبرمت جمارك دبي والصندوق الدولي للرفق بالحيوان اتفاقية تعاون بشأن التنسيق المشترك في العديد من المجالات خاصة في مجال التدريب الجمركي لمكافحة عمليات تهريب الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض وتبادل المعلومات والخبرات والاستفادة من الإمكانيات والكفاءات المتوفرة في الصندوق الدولي للرفق بالحيوان.
كما وقعت هيئة حماية البيئة والتنمية في رأس الخيمة مذكرة تفاهم مع الصندوق الدولي للرفق بالحيوان وذلك لتعزيز دور الهيئة في حماية البيئة ومكوناتها وتعزيز الجهود المشتركة وتبادل المعرفة والخبرات الواسعة والمتخصصة لدى الجهتين في العديد من المجالات الرئيسية ذات الصلة بالأنشطة البيئية.
وانضمت حديقة الحيوانات بالعين إلى الرابطة الإقليمية الأوروبية الآسيوية لحدائق الحيوان وحدائق الأحياء المائية (EARAZA) ، وتمثل هذه العضوية شراكة مع حدائق الحيوان في منطقة آسيا الوسطى بهدف التعاون وتبادل المعرفة والخبرات وتعزيز رسالة حديقة الحيوانات بالعين تجاه المساهمة الفاعلة في صون الحياة البرية من خلال البحث وتطوير المعرفة والتعليم، ورعاية الأنواع، وحماية الحيوانات المهددة بالانقراض، وتعزيز الوعي والسلوك الايجابي تجاه التنوع الحيوي.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: وزارة التغیر المناخی والبیئة الحیوانات الخطرة الرفق بالحیوان بالحیوان فی الحیوان فی العدید من فی حال
إقرأ أيضاً:
محافظ الغربية: منظومة متكاملة لتسهيل التصالح وإنهاء طلبات المواطنين
أكد اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، متابعة منظومة العمل بالمراكز التكنولوجية المسؤولة عن استقبال طلبات التصالح على مخالفات البناء، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية، مُشيرا إلى أن الجهود مٌستمرة لضمان انتظام العمل وتذليل العقبات بشكل فوري لتسهيل الإجراءات وتسريع معدلات الإنجاز في هذا الملف الحيوي.
تقديم الدعم الكاملوأشار محافظ الغربية، إلى أن المراكز التكنولوجية بتخلف مدن ومراكز المحافظة تعمل على تقديم الدعم الكامل للمواطنين من خلال فرق عمل مدربة خصيصًا للتعامل السريع مع كثافة الطلبات، مع ضمان عدم حدوث أي تكدس أو تأخير في إنهاء الإجراءات، ما يحافظ على وقت المواطنين.
كما تابع الجندي تطورات ملف التصالح من خلال استعراض إجمالي الطلبات المقدمة، وعدد المعاينات التي تم تسجيلها ضمن منظومة المٌتغيرات المكانية، والتقارير الواردة من الإدارات الهندسية وأملاك الدولة.
تسهيل الإجراءاتوشدد محافظ الغربية على رؤساء المدن والأحياء بأهمية متابعة سير العمل بالمراكز التكنولوجية، وتقديم كل التيسيرات والتسهيلات اللازمة التي تعمل على ضمان سرعة إنهاء مصالح المواطنين وتحقيق رضاهم.