يثار التساءلات بشأن الموقف المصري الصامت تجاه اعتداء دولة الاحتلال الإسرائيلي المتكرر على معبر رفح، والرضوخ لقرار الاحتلال في التحكم بالمعبر على الجانب الفلسطيني، في الوقت الذي يتحدث فيه رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بأن الأمن القومي خط أحمر.

وتأتي تصريحات النظام المصري بشأن "الأمن القومي"، بالتزامن مع محاولة الاحتلال إجبار سكان قطاع غزة على الهجرة القسرية تجاه مصر بعد دفعهم وحشرهم ومحاصرتهم في مدن الجنوب ومن هناك إلى مدينة رفح الفلسطينية على الحدود المصرية.



ويتحكم الاحتلال بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية، ويمنع دخول الوقود إلا بكميات قليلة جدا  إلى قطاع غزة، كما يتحكم بأعداد وأسماء الجرحى الذين يغادرون عبر معبر رفح البري، رغم أنه يخضع لإدارة وسيادة مصرية.

ورغم العدد الكبير جدا من الجرحى جراء العدوان المتواصل على قطاع غزة، إلا أنه لم يسمح بالمغادرة عبر المعبر إلا لأكثر من 400 جريح فقط، للعلاج في المستشفيات المصرية في سيناء، عدد قليل منهم تم استضافتهم للعلاج في دول أخرى.

وأقر وزير الدفاع المصري، محمد زكي، خلال كلمة له في افتتاح المعرض الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية "إيديكس 2023" بالقاهرة، الإثنين بأن الوضع في فلسطين يواجه منحنى شديد "الخطورة والحساسية" هدفه تصفية القضية الفلسطينية.

وقال زكي إن "الأحداث العالمية الجارية وخصوصا ما تواجهه القضية الفلسطينية من منحنى شديد الخطورة والحساسية وتصعيد عسكري غير محسوب لفرض واقع على الأرض، هدفه تصفية القضية"، مضيفا "لابد للسلام من قوة تحميه وتؤمن استمراره، فعالمنا اليوم ليس فيه مكان للضعفاء".


تتجه الأنظار صوب معبر رفح مع استمرار حشد القصف الإسرائيلي لمئات آلاف المهجرين من شمال ووسط قطاع غزة إلى أقصى الجنوب، حيث بات الآلاف على بعد أمتار قليلة من الحدود الفلسطينية المصرية.

ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي قام الطيران الحربي بالقصف الجوي على مقربة من معبر رفح على الجانب المصري طال بعضها أحد الأبراج والحواجز الأسمنتية وأسفرت عن إصابة عدد من المجندين.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، في 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن "إسرائيل استهدفت المعبر 4 مرات وترفض دخول المساعدات".

إلى جانب وقوع انفجارين في نويبع وطابا بشبه الجزيرة المصرية، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ما تسبب في سقوط جرحى، وفق الرواية المصرية، لكن روايات أخرى تشير لوقوع قتلى مصريين.

وفي وقت سابق أكد سائق إحدى شاحنات المساعدات إلى رفح ، لـ"عربي21"، كشاهد عيان، "وقوع قصف إسرائيلي متكرر على الأراضي المصرية أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المجندين"، موضحا أنه "لم يمكن حصرهم ولكن تمت مشاهدة العديد منهم"، مشيرا أيضا إلى "إصابة بعض الشاحنات القريبة من معبر رفح".

ما يحدث في معبر رفح ترتيبات مصرية إسرائيلية
وأعرب رئيس الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى المصري سابقا، رضا فهمي، عن اعتقاده بأنه "لا شيء يحدث على معبر رفح إلا باتفاق ثنائي بين مصر وإسرائيل بما فيه الوضع الحالي على المعبر من تنسيق دخول الأجانب والمصريين وجرحى العدوان الإسرائيلي وإدخال المساعدات الإنسانية وحتى توجيه ضربات إلى المعبر من أجل فرض أمر واقع".

وأضاف أن "كل هذه الأحداث هي ترتيبات أمنية بين الجانبين، والموقف المصري هو موقف متواطئ ومتآمر" حسب قوله.

وتوقع في حديثه لـ"عربي21": "أن لا يكون هناك رد فعل مصري، وأي حديث يسوقه النظام على احتفاظه بحق الرد أو أن الأمن القومي المصري على معبر رفح خط أحمر هو للاستهلاك المحلي".

وتابع بأن "السيسي يعمل ضمن أجندة صهيونية من أجل استمرار بقائه في الحكم وثمنا لدعمه في حكم مصر والتغاضي عن جرائمه في مصر وفي محافظة شمال سيناء تحديدا التي تعرضت لعمليات عسكرية وتهجير قسري لمواطنيها وإخلاء المدن وتجريف الأراضي بدعوى محاربة الإرهاب".

واعتبر فهمي أن "تصريحات السيسي هي عكس ما يحدث على الأرض، ولا تتفق مع ما يعلنه للرأي العام المحلي والدولي، هناك آلاف الأطنان من المساعدات المكدسة على معبر رفح بحجة أن إسرائيل هي من تمنع دخولها".


وتساءل قائلا: "أي بلد وأي سيادة تقر بمثل هذه الحجج الواهية؟".. مضفا: "إلا إذا كانت مجرد ذريعة لتبرير هذا التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي وعليه فإن التخلي عن السيادة لصالح إسرائيل جزء من تفاهمات أمنية مشتركة واسعة، والنظام شريك أصيل فيما يحدث في قطاع غزة".

وعلى المستوى الدولي، قرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تحرك نادر، تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، لوصف الوضع في قطاع غزة، باعتباره "تهديدا للسلم والأمن الدوليين".

وبحسب بيان نشر على الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة، فإن غوتيريش أرسل خطابا إلى رئيس مجلس الأمن، الأربعاء، يفعّل فيه للمرة الأولى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة "نظرا لحجم الخسائر في الأرواح في غزة وإسرائيل في غضون فترة وجيزة".

الموقف المصري بين المعلن والواقع
وصف الباحث المصري في الشؤون العسكرية، محمود جمال، الموقف المصري من الاعتداءات الإسرائيلية على معبر رفح بأنه "غير مسبوق ولم يحدث في أضعف حالات مصر السياسية".

وأضاف أنه "بعد ثورة 25 يناير عندما اخترق الطيران الحربي الإسرائيلي الأجواء المصرية، اعتبرته مصر حينها تعد على سيادتها، وقال المشير حسين طنطاوى الحاكم العسكري حينها إنه أعطى أوامر للدفاعات الجوية المصرية بإسقاط أي طائرة إسرائيلية تدخل أجواء سيناء".

وأضاف لـ"عربي21": "عقيدة الجيش المصري حتى عام 2013 كانت تصنف دولة إسرائيل على أنها عدو وأن الخطر مصدره من الشرق".

وتابع بأن "مقولة السادات أن حرب أكتوبر 1973 هي آخر الحروب، لم تمنع الجيش المصري وقياداته من اعتبار إسرائيل عدوا، ولكن بعد الانقلاب العسكري تحولت عقيدة الجيش المصري بشكل حاد حول التطبيع الكامل مع الجيش الإسرائيلي".

وأضاف أنه،"وما حدث على معبر رفح من قصفه أربع مرات لم يحرك ساكنا لدى النظام المصري وأعلن المتحدث العسكري بعد فترة من الفتور أن الجانب الإسرائيلي اعتذر وأنه يجري تحقيقات ويعمل على عدم تكرار هذا الأمر".

الموقف المصري المعلن، بحسب جمال، هو ما قاله السيسي مع المستشار الألماني بعد عملية طوفان الأقصى بأنه ليس ضد القضاء على المقاومة، وحتى تحقق "إسرائيل" هدفها يمكن تهجير سكان قطاع غزة إلى صحراء النقب.


وأضاف أن "النظام المصري يعتبر حركة المقاومة في فلسطين خطرا، وما يقال في الإعلام الحكومي أن "الدولة ضد التهجير"، لكن الواقع شيء آخر فوقف التهجير يتطلب فتح المعبر من أجل مساعدة الناس في قطاع غزة على استكمال حياتهم بأبسط المقومات، لكن التذرع بعدم القدرة على إدخال مساعدات يساعد بلا شك إسرائيل في حصار وخنق الفلسطينيين ودفعهم نحو معبر رفح المصري"..

وخلص جمال إلى القول إنه "لا توجد إرادة لدى مصر في فتح معبر رفح بشكل كامل والسماح للمساعدات بالدخول وللجرحى بالخروج مع احتدام المعارك في جنوب القطاع وفي مدينة خانيونس".

ورأى أن "اندفاع مئات الآلاف نحو مدينة رفح الفلسطينية واكتظاظهم في خيام بالقرب من الحدود ليس له سوى معنى واحد أنه عند أول ضربة لتلك المناطق المكتظة، سوف تقتحم جحافل من المحاصرين على المعبر الحدود ولن تجد أمامها سوى مدينة رفح المصرية الفارغة ومنطقة الشيخ زويد حيث وعد الجيش السكان بإعادتهم إليها في أكتوبر الماضي ولكن حنث بوعوده معهم ولم يسمح بعودة أحد، مؤكدا على أن "مصر بشكل متعمد تشارك في مخطط التهجير".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال معبر رفح النظام المصري السيسي غزة التهجير السيسي غزة الاحتلال معبر رفح النظام المصري سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام المصری الموقف المصری الأمن القومی على معبر رفح قطاع غزة وأضاف أن ما یحدث

إقرأ أيضاً:

بالفيديو.. الأونروا: الأوضاع في قطاع غزة كارثية والطرق البرية الأفضل لإدخال المساعدات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قالت إيناس حمدان، القائم بأعمال مدير إعلام أونروا، إن إغلاق المعابر وإدخال مساعدات قليلة جدًا في معبر كرم أبو سالم، وذلك يؤثر بشكل سلبي على العملية الإنسانية التي تديرها الأونروا وباقي المؤسسات الدولية، مشيرة إلى أن قطاع غزة محاصر من قبل الحرب، وبالتالي فإن هناك اعتماد كبير جدًا على ما يدخل غزة من خارج القطاع، سواء الغذاء أو الدواء والمياه أو الوقود فكل ذلك يدخل من خارج القطاع عن طريق المعابر.

وأضافت "إيناس" في حوارها عبر سكايب، لبرنامج "صباح جديد" على فضائية "القاهرة الإخبارية" اليوم الاثنين، أن معبر رفح مغلق وبالتالي فإن الأونروا لا تستطيع أخذ الإمدادات الإغاثية إلا عن طريق معبر كرم أبوسالم والذي لا يمكن إدخال إلا قليل القليل من خلاله، موضحًة أن الأوضاع في قطاع غزة كارثية جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة.

وتابعت، أن الطرق البرية هي الأكثر فاعلية لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، كما أن ما يدخل من وقود إلى قطاع غزة يمثل 14% فقط مما تحتاج إليه الوكالة، موضحًة أن هناك تعاونا مشتركا بين الوكالة والمنظمات الأممية الأخرى لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، مؤكدة أن الوكالة لم تصل بعد إلى الحد المطلوب من المساعدات بقطاع غزة من مواد غذائية ووقود ومستلزمات طبية.

وأردفت، القائم بأعمال مدير إعلام أونروا، أن إضعاف الوكالة وتفكيكها يعني تصفية قضية اللاجئين، "لدينا 13 ألف موظف في قطاع غزة لأداء مهمة الوكالة الأممية بتقديم الخدمات للفلسطينيين".

مقالات مشابهة

  • المقاومة بالضفة تنسف مدرعة بشكل كامل والاحتلال يعترف بمقتل جندي (شاهد)
  • بالفيديو.. الأونروا: الأوضاع في قطاع غزة كارثية والطرق البرية الأفضل لإدخال المساعدات
  • إطلاق 20 صاروخا من خانيونس صوب غلاف غزة والاحتلال يرد بالمدفعية
  • غارات إسرائيلية على منازل في جنوب لبنان .. والاحتلال يزعم أنها لحزب الله
  • حمزة الجمل: الأحداث في الكرة المصرية صعبة واحترم عامر حسين ولا بد من عذره
  • مصر ترفض دخول قواتها إلى قطاع غزة وتتمسك بموقع معبر رفح
  • حلمي النمنم: مصر هي المستهدف الأول مما يحدث في قطاع غزة (فيديو)
  • في ذكرى 30 يونيو.. وقفة أمام السفارة المصرية بهولندا (شاهد)
  • وسائل إعلام: القاهرة ترفض دخول أي قوات مصرية إلى داخل قطاع غزة
  • القاهرة : نرفض دخول أي قوات مصرية الى داخل غزة