لازالت الهزات الارتدادية لسقوط البشير تتوالى لتعصف بما تبقى من الحركة الاسلامية. ففي هذا الاطار فصل حزب المؤتمر الشعبي الذي يقوده د.على الحاج ،عددا من اعضائه القياديين في المركز والولايات على خلفية تمايزات في الموقف من الحرب الجارية منذ اكثر من سبعة اشهر بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.

ويجيء الحدث الذي يقترب من ان ياخذ طابع انقسام سياسي وتنظيمي، بعد ان تكشفت علاقة الاسلاميين بقيادة على كرتي، بالحرب من ناحية، ونزوع حزب المؤتمر الشعبي للتأهل للالتحاق بتحالف قوى الحرية والتغيير، ومن ثم ضمان موقع له في ترتيبات الفترة الانتقالية.



هذا التطور يعني مزيدا من التمايز في صف الاسلاميين، وتعميق الانقسام الذي حدث نهاية العام 1999. وادى لظهور حزب المؤتمر الشعبي بقيادة د. حسن الترابي بانسلاخه من حزب المؤتمر الوطني الذي يرأسه عمر البشير، من جهة، وظهور حركة العدل والمساواة بقيادة د.خليل ابراهيم التي بدأت بشن الحرب على النظام من دارفور في العام 2003. وقد عانت الحركة نفسها من انقسام مماثل مؤخرا على خلفية الموقف من الحرب ايضا. حيث خرج جناح بقيادة سليمان صندل واحمد تقد لسان على قيادة د.جبريل ابراهيم الوزير في حكومة الامر الواقع.

وفي تطور ذي مغزى في هذا السياق، اعلنت مجموعة من الاسلاميين، خروجها من حزب الحركة الاسلامية، التيار الرئيس، ورفضها للحرب وادانتها للانقاذ وسياساتها، واكدت دعمها للانتقال وللديموقراطية.

هذا التطور غير معزول عن سؤال المصائر والمآلات التي تنتظر الحركة الاسلامية عقب خسرانها رهان الحرب. قد لايرهص الحدث بمولد وخروج من يمكن وصفهم بالاسلاميين الديموقراطيين، وخروجهم من جلباب الحركة الاسلامية. فالجماعة الاخوانية، التي اسسها حسن البنا قبل ما يقارب قرنا من الزمان، ظلت تتلمس طريقها السياسي تجريبيا، بين الخطأ والصواب بعيدا عن اي التزام صميم بالديموقراطية مبدأً وممارسة.

لم تتخلف الجماعة الاخوانية ومشتقاتها، والتي اصبحت فاعلا سياسيا مؤثرا في عدة بلدان عربية، من التعاطي التكتيكي مع الديموقراطية مع رفضها نظريا، او معارضتها بالشورى، كما فعل د. حسن الترابي في كتابه "الشورى والديموقراطية "، وهي اطروحة غامضة وملتبسة سياسيا. ففازت لاول مرة، في انتخابات حرة برئاسة بلد المنشأ. ومن قبل فازت في انتخابات تشريعية في الجزائر وتونس والمغرب وفي السودان.

وقد تسبب خروج حزب الجبهة الاسلامية القومية بقيادة الترابي على ما عرف بقواعد اللعبة البرلمانية، وتقويض النظام الديموقراطي بانقلاب 30 يونيو 1989، في الازمة الوطنية الشاملة التي يعيشها السودان حاليا. لا يوجد غير القليل من الاختيارات والمصائر والمآلات التي تنتظرها. فبسبب توسلها بالدين لتحقيق اهدافها السياسية فانه يصعب على الحركة الاخوانية التماهي مع الديموقراطية، ودوزنة خطاها على ايقاعها، كما ان اعتمادها العنف في العلاقة مع الاخر المختلف سياسيا وفكريا، يدفع بها نحو الارهاب، وافساد الحياة السياسية. فقد رأى المؤرخ د.عبدالعظيم رمضان، في كتابه "الاخوان والعنف"، ان الاخوان المسلمين هم الذين ادخلوا العنف في الحياة السياسية في مصر منذ نهاية اربعينات القرن الماضي، ووفروا للسلطة ذريعة استخدام العنف المضاد.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الاسلامیة حزب المؤتمر

إقرأ أيضاً:

اتهامات متبادلة| أستاذ قانون دولي عن مشهد ترامب وزيلينسكي: خروج عن قواعد الإتيكيت والدبلوماسية

شهدت الساحة السياسية الدولية، حدثًا غير مسبوقا وتحديدا في 28 فبراير 2025، حيث اندلع خلاف علني بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في البيت الأبيض، بعدما تطور النقاش إلى تبادل حاد للاتهامات، ما أثار تساؤلات حول احترام البروتوكولات الدبلوماسية وقواعد الإتيكيت في مثل هذه اللقاءات.

خلفية اللقاء

وتعليقا على ذلك، أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي، أنه كان من المقرر أن يناقش الرئيسان اتفاقية لاستغلال الموارد المعدنية في أوكرانيا كخطوة نحو تحقيق وقف إطلاق النار في الصراع المستمر مع روسيا. 

وأضاف: إلا أن الاجتماع تحول إلى مواجهة حادة عندما انتقد ترامب طلبات زيلينسكي المستمرة للحصول على مساعدات عسكرية، معتبرًا أن ذلك قد يؤدي إلى تصعيد الصراع إلى حرب عالمية ثالثة. 

وأوضح أستاذ القانون الدولي، في تصريحات خاصة لصدى البلد: من جانبه، رفض زيلينسكي تقديم أي تنازلات لروسيا، مشيرًا إلى الانتهاكات السابقة من قبل موسكو وعدم التزامها بالاتفاقيات، حتى انتهى الاجتماع بشكل مفاجئ دون التوصل إلى اتفاق، مما أثار قلقًا بشأن مستقبل الدعم الأمريكي لأوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي. 

قواعد الإتيكيت والبروتوكول الدبلوماسي

وأوضح سلامة: تستند اللقاءات بين رؤساء الدول إلى مجموعة من القواعد البروتوكولية والإتيكيت التي تهدف إلى ضمان الاحترام المتبادل والحفاظ على العلاقات الدبلوماسية. من بين هذه القواعد:

*الاحترام المتبادل* 

يجب على القادة التعامل مع بعضهم البعض بلباقة واحترام، وتجنب الانتقادات العلنية أو الإهانات الشخصية.

*السرية* 

تُعتبر المناقشات الخاصة بين القادة سرية، ولا يتم الكشف عن تفاصيلها إلا بموافقة جميع الأطراف المعنية.

*التنسيق المسبق* 

يتم التحضير للقاءات الرسمية بعناية، مع تحديد جدول الأعمال والمواضيع التي ستُناقش مسبقًا لتجنب أي مفاجآت أو توترات.

*التواصل البناء* 

يُفضل استخدام لغة دبلوماسية بناءة تهدف إلى تعزيز التعاون وحل النزاعات بطرق سلمية.

وبناء على ذلك، أوضح الخبير القانوني الدولي، أن ما حدث بين ترامب وزيلينسكي يعتبر خروجًا عن هذه القواعد، حيث تم تبادل الانتقادات بشكل علني وأمام وسائل الإعلام، مما قد يؤثر سلبًا على العلاقات الثنائية ويثير تساؤلات حول مستقبل التعاون بين البلدين.

واختتم: الحفاظ على البروتوكولات الدبلوماسية وقواعد الإتيكيت ليس مجرد تقاليد شكلية، بل هو أساس لضمان التواصل الفعّال وبناء الثقة بين الدول، مما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام على الساحة الدولية.

مقالات مشابهة

  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • عُزل أم استقال؟.. كواليس خروج ظريف وتعيين سنائي نائبًا للرئيس الإيراني
  • منتخب العراق للكرة الشاطئية يخوض كأس آسيا في تايلاند بقيادة إيرانية
  • من هو الصحفي الذي أشعل الحرب داخل البيت الأبيض بين ترمب وزيلينسكي؟
  • خروج الجارحي من السجن.. ملخص الحلقة الأولى من مسلسل سيد الناس
  • موسم التشرذم السياسي في السودان
  • حماس: لا توجد حاليا أي مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية
  • تقرير يكشف الضرر الكبير الذي خلفته الحرب على الصحة العقلية للأطفال في لبنان
  • اتهامات متبادلة| أستاذ قانون دولي عن مشهد ترامب وزيلينسكي: خروج عن قواعد الإتيكيت والدبلوماسية