طوفان الأقصى في مواجهة الفلسفة الغربية.. هابرماس وبن حبيب وآخرون
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
كانت عملية "طوفان الأقصى" طوفانًا بحق، جرَف أمامه العسكرية الإسرائيلية، وأجهزة استخباراتها، والقوى الغربية التي وقفت خلفها، والقادة العرب الذين يخشون ويطيعون تلك القوى الغربية.
انفجرَ الطوفان بكل قوته في المجالَين: الاقتصادي، والسياسي، وفي مجال الإعلام والاتصال، وأخلّ بكل التوازنات حتى الآن.
لم يدمّر هذا الحدث كل الدعاية الإسرائيلية والتصوُّرات الأسطورية التي روّجتها في العالم فحسب، بل قلبَ أيضًا كل الروايات التي تم إنتاجها حتى الآن عن حماس، وعن الإسلام والعنف والإرهاب.
لعب انعدام الكفاءة الإسرائيلية- في هذه العملية وتفلّتها التاريخي من جهود السلام- دورًا في تحقيق هذا الأثر، فضلًا عن العدوان والإبادة الجماعيّة التي يصعب تبريرُها.
لا توجد دعاية يمكن أن تفسّر قتل الأطفال، والاستهداف المستمرّ والممنهج للمستشفيات، واستهداف المساجد والكنائس والمدارس والأسواق، وجميع الأماكن المدنيّة دون تمييز. ليس لدى إسرائيل كيسٌ يكفي لوضع كل هذه الرماح فيه.
"طوفان الأقصى" لم يضرب السياسة والعسكرية والروايات الإعلامية السائدة فحسب، بل حوَّل فلسفة القرن إلى غِربال مملوء بالثقوب
من ناحية أخرى حقّق الفرع الإعلامي لحماس نجاحًا غير مسبوق منذ اليوم الأول لـ "طوفان الأقصى". تصريحات "أبو عبيدة"- الناطق باسم كتائب القسام، بزيّه الفريد كل مساء- لها قوة إقناع وتأثير غير عاديين.
البيان الذي كانت ستخرج به منظّمة التعاون الإسلامي بعد اجتماعها لم يكن أكثر أهمية من البيان الذي سيلقيه "أبو عبيدة" في ذلك المساء.
لا أحد يأخذ على محمل الجِد التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره في المؤتمرات الصحفية حول الحرب. بل ينتظر الجميع بعد حديثهم أن يخرج "أبو عبيدة" ليؤكد أو يكذِّب ما قالوه.
لـ "أبو عبيدة" الكلمة الأخيرة والقول الفصل في أخبار الحرب؛ لأنَّه لم يكذب في أي من خطاباته، وجميع المعلومات التي قدمها كانت دقيقة. في المقابل، كل تصريحات نتنياهو ورئيس أركان جيشه لا ترقى إلى مستوى الدعاية اليائسة.
واقع الحدث وتجلّياته وأداء حماس في أثنائه منح ذلك خطابها قوة ومصداقية غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم.
حماس تخلق حرفيًا "طوفان الأقصى" في الساحة الإعلامية. فيما تزداد الدعاية الصهيونية ضدها بؤسًا مع كل تصريح لمسؤول إسرائيلي يلجأ لأكبر عدد ممكن من الأكاذيب اليائسة. وقد رأينا كيف أصبح الوضع البائس للمتحدث العسكري الإسرائيلي -الذي كان يبحث عن عناصر حماس في مستشفى الشفاء- سُخريةً على لسان الجميع.
في ضوء هذا السقوط للأكاذيب الإسرائيلية، تُظهر قدرتها على مواصلة العدوان المدمر- بهذه الوقاحة- أن ما تعتمد عليه حقًا هو قوتها العسكرية. هي لا تشعر بالحاجة إلى تقديم تفسير مقنع لأي شخص. التبرير والتفسير مجرّد شكليات وتفاصيل غير مهمة بالنسبة لها، فوراءَها من يؤيدها دون قيد أو شرط، لكنه فقط يحتاج إلى حُجة ولو كانت سخيفة ليستخدمها للدفاع عنها.
وعندما تقدِّم لهم الصور الميدانية حقيقةً دامغة على كذب ما يقولون، (مثلما كانت صور محاولة الانقلاب في تركيا 2016)، لا يكون بوسع هؤلاء إلا أن يقولوا: "كنّا نظن هذه الصور ألعاب كمبيوتر". فأي من أكاذيب إسرائيل لا يسارع هؤلاء لتصديقها، وأيّها يمتنعون عن الدفاع عنها؟!
هذه الدعاية البدائية المكشوفة- التي تسخر بها إسرائيل من العقل البشري، وتجعل الأطفال يضحكون بصوت عالٍ- كافيةٌ جدًا لإقناع بعض الفلاسفة الكبار المؤيدين للصهيونية على الفور.
إن تصريح بعض الفلاسفة- ومن بينهم يورغن هابرماس، المنظّر الكبير لبيئة وشروط الاتصال المثالية، وآخر ممثل كبير للنظرية النقدية- هو في الحقيقة فضيحة كبيرة من أي زاوية يُنظر منها إليه.
"طوفان الأقصى" لم يضرب السياسة والعسكرية والروايات الإعلامية السائدة فحسب، بل حوَّل فلسفة القرن إلى غِربال مملوء بالثقوب.
لم يرَ هابرماس أي مشاهد لوحشية الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل أمام أعين العالم بأسره، أو ربما رآها بقدر ما، لكنه وصفها بأنها: "رد فعل إسرائيل على الوحشية الشديدة لحماس".
وهو هنا يجادل بوضوح بأن الرد الإسرائيلي له ما يبرره؛ لأن حماس تعلن في خطابها أنها تنوي القضاء على اليهود، (بغض النظر طبعًا عن حقيقة أن الانتقام الإسرائيلي يؤدي إلى تدمير شعب غزة بأكمله). كما يعارض وصف ما فعلته إسرائيل بالإبادة الجماعية، مضيفًا: إنه من غير المقبول أن يتعرض اليهود في إسرائيل أو ألمانيا مرَّة أخرى لمخاطر تهدد حياتهم، وأن يخافوا من العنف الجسدي في الشوارع.
حسنًا.. وماذا عن الفلسطينيين؟ ماذا تصنّف هؤلاء بالضَّبط؟!
يحمل أحد كتب هابرماس، المترجمة إلى التركية، عنوانَ: "الآخر، والعيش مع الآخر"، وقد تم تعليمنا لسنوات أن هابرماس، باتجاهاته الفلسفية والسياسية اليسارية، كان يبحث عن صيغة أخلاقية دقيقة وعميقة وفلسفية للتعامل مع الآخر، وأن "التحرّر" من قمع السلطات الاستبدادية الفاشية كان هو الهدفَ النهائي لنظريته النقدية. واليوم اكتشفنا كيف تكْمُن العنصرية البغيضة تحت هذه الفلسفة عن "الآخر"، في مفترق الطرق بين إسرائيل وفلسطين.
كما شاركت الفيلسوفة اليهودية من أصل تركي، سيلا بنهابر- وهي صاحبة الشهرة العالمية- في الحملة نفسها، بمقال مستقلّ بدلًا من التوقيع على إعلان.
والفكرة الرئيسية هي نفسها، ومفادها: أن الحرب الإسرائيلية التي وصلت إلى حد الإبادة الجماعية – ولكن لا يمكن تسميتها أبدًا بالإبادة الجماعية- هي رد على عدوان حماس، وهي رد عادل ومشروع.
وكأن الأزمة قد بدأت بهجوم حماس، وكأنه ليس وراء هذه الحادثة تاريخُ احتلال دام 75 عامًا، ونكبةٌ وحشية، واستيطان، ونهب، وحصار، ومجازر. هل سمعنا شيئًا من هؤلاء الفلاسفة عن هذا التاريخ حتى الآن؟
لقد ظلّ الفلاسفة والمثقفون اليهود يلاحقون هايدجر لصمته عن النازيين طوال الوقت، ولكن الكاتب عبد القادر المرابط علّق في مقال نشرته مجلة "التذكير" (العدد 5، 1993) قائلًا: "حسنًا يا هابرماس، ماذا سنقول عن صمت بوهر، وماركوز وغيرهما عن إسرائيل وفلسطين، وصبرا شاتيلا؟"
ومن العجيب أن أحد أهم اهتمامات سيلا بنهابر أيضًا هو "الآخر"، والمسؤوليات تجاه ذلك "الآخر"، وشروط العيش المشترك من الناحية الأخلاقية.
من الواضح أنّ الفلسطينيّ لا يُنظر إليه على أنه "الآخر" الذي يتحمّلون إزاءه مسؤولية أخلاقية. إذا لم يكن الفلسطيني هو "الآخر"، فمن سيكون "الآخر"، إذن، في منظورهم؟ هل صنعتم كل هذه الفلسفة عن "الآخر" فقط لتعريف شروط العيش المشترك بين اليهود؟ هل ستكون الفلسفة المثالية هي عالم يتكوّن فقط من اليهود؟
إذا كان الأمر كذلك، فعلينا أن نشكر حماس على فتح أعيننا على هذا الموضوع.
أزالت عاصفة الأقصى الغبار الرقيق الذي كان يغطي الفلسفة، وكشفت عن القسوة والعنصرية الكامنتَين تحتها عند نقطة التقاطع بين فلسطين وإسرائيل.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: طوفان الأقصى أبو عبیدة طوفان ا
إقرأ أيضاً:
FP: هل يتمكن حكام سوريا الجدد من مواجهة المشاكل التي زرعها الاستعمار الغربي
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للزميل الأول لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك، قال فيه إن المسألة لم تكن سوى مسألة وقت قبل أن تخترق حقائق الوضع في سوريا الروايات الأخيرة، التي اتسمت في معظمها بالأمل والتفاؤل، حول انتقال البلاد من سلالة الأسد.
في 7 آذار/ مارس، اندلعت انتفاضةٌ ضد النظام السوري الجديد الذي أسسه أحمد الشرع، واشتبكت مع السلطات في اللاذقية وطرطوس وجبلة. بعد أن حقق الأسديون بعض النجاح الأولي، حشدت القوات الموالية للشرع قواتها وقمعت الانتفاضة.
تفاصيل هذه الأحداث غامضة نوعا ما نظرا لسيل الشائعات والمعلومات المضللة التي غمرت منصات التواصل الاجتماعي، فضلا عن ندرة الصحفيين الفعليين في المنطقة.
بحسب من اختار المراقبون تصديقه، كانت هناك إما مجازر بحق العلويين والأكراد والمسيحيين السوريين، أو لم تكن.
كان الشرع على علم بهذه المجازر، أو لم يكن. أما الرئيس السوري، فهو إما جهادي غير متجدد، أو أنه انفصل عن ماضيه ويحاول بناء سوريا جديدة بعد خمسة عقود من حكم عائلة الأسد.
تشير التقارير الموثوقة إلى أن القوات الحكومية والقوات الموالية للشرع سحقت الموالين للأسد بشراسة صادمة خلّفت نحو ألف قتيل، معظمهم من المدنيين.
تفاصيل الانتفاضة - كما هي، وإلى الحد الذي يستطيع المحللون فيه استنباط ما حدث - أقل تعقيدا من التحديات والعقبات التي تعترض بناء مجتمع يتفق فيه الجميع على معنى أن يكون المرء "سوريا".
لا شك أن الغالبية العظمى من السوريين سيقولون إن جميع سكان البلاد - العلويون والأكراد والدروز والمسلمين والإسماعيليون والمسيحيون والقلة المتبقية من اليهود - سوريون. هذا شعور إيجابي، لكنه شعور هش. وكما رأينا للتو، ففي أوقات الأزمات، يُمكن بسهولة وبعنف الطعن في هذه الفكرة التعددية. وهذا لا يُبشر بالخير لمستقبل البلاد القريب.
تُتيح الظروف الحالية في سوريا فرصة شبه مثالية لأصحاب المشاريع السياسية والقوى الخارجية العازمة على تقويض الشرع وجماعته التابعة سابقا لتنظيم القاعدة، هيئة تحرير الشام. عندما كانت فرنسا قوة استعمارية في بلاد الشام، رسّخت مكانة الطائفتين العلوية والدرزية كأقليات مُفضّلة، بل ذهبت إلى حدّ إنشاء دويلات لكليهما.
وتمّ في النهاية ضمّ هذه الدويلات إلى سوريا، لكن هذا لم يكن الحال بالنسبة للدولة المسيحية التي اقتطعها الفرنسيون مما أسماه القوميون ذوو الرؤية التوسعية لبلادهم "سوريا الطبيعية" لإنشاء دولة ذات هيمنة مارونية تُدعى لبنان. تمّ كل هذا على حساب السكان السنة، الذين كانوا كثيرين وغير مُرتاحين عموما للمشروع الأوروبي في المنطقة.
لقد خلق التلاعب الاستعماري بالطوائف والجماعات العرقية مجموعة من التبعيات المسارية التي ثبت أنه من الصعب على السوريين التخلص منها على مدى المائة عام الماضية.
كان حافظ الأسد، الذي حكم سوريا من عام 1971 حتى وفاته عام 2000، عضوا في حزب البعث - وهو حزب قومي عربي بامتياز. لقد حافظ، مثل الأحزاب والفصائل القومية العربية في جميع أنحاء المنطقة، على وهم أن الشرق الأوسط عربي بامتياز، مما أدى إلى محو التشكيلة الغنية من الجماعات العرقية والدينية التي كانت من السكان الأصليين للمنطقة.
لم يكن التزام حافظ بالبعث مهما كثيرا من الناحية العملية أو السياسية. ربما كان الرجل القوي في سوريا لفترة طويلة، لكنه لم يستطع أبدا التخلص من حقيقة أنه كان علويا - عضوا في مجتمع فقير تقليديا يمارس دينا غير تقليدي وتعاون قادته مع السلطات الاستعمارية الفرنسية.
وعلى الرغم من وجود سوريين من خلفيات متنوعة في هيكل السلطة السورية خلال فترة حكم حافظ الأسد الطويلة، فإنه اعتمد على العلويين كقاعدة لسلطته، مما أدى إلى إعادة خلق وتعزيز الاختلافات الطائفية والعرقية بين السوريين.
خلال فترة حكمه، قيل إن المسيحيين كانوا محميين، والأكراد كانوا يتعرضون للقمع ما لم يُستخدموا ضد الأتراك، وكان العديد من السنة مستائين. تمرد البعض - وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها - وأشهرها في حماة عام ١٩٨٢. من جانبهم، مارس الدروز التقية.
هذه تعميمات بالطبع. لم يدعم كل علوي نظام الأسد، ولم يعارض كل سني النظام. كان هناك مسيحيون فعلوا ذلك، وكان هناك دروز وطنيون سوريون. أراد معظم السوريين ما يريده الجميع في كل مكان: عيش حياة كريمة ورؤية أطفالهم يكبرون ويزدهرون. مع ذلك، لا تقلل هذه الفروق الدقيقة من البعد الطائفي للسياسة السورية، وهو قابل للاستغلال.
ليس من المستحيل على السوريين التغلب على المؤسسات الاجتماعية والسياسية التي تقسمهم وتصنفهم حسب الطائفة والعرق، لكن الأمر سيكون في غاية الصعوبة.
من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت السياسة الجديدة في سوريا ستقوض هذه الأنماط، التي ترسخت في سياسة البلاد ومجتمعها على مدى القرن الماضي، أم ستعززها.
تُفسر هذه السمة "المتأصلة" لماذا، بمجرد أن أقدم الأسديون، الذين تدور مظالمهم ظاهريا حول السلطة والسياسة، على التحرك، بدا أن العنف الذي أعقب ذلك قد اتخذ طابعا طائفيا وعرقيا. ذلك لأن السلطة والسياسة في سوريا متشابكتان بشدة مع هذه الاختلافات.
لا شك أن أشخاصا وجماعات ودولا - إيران؟ روسيا؟ إسرائيل؟ - داخل سوريا وخارجها، سعت إلى تضخيم هذه الاختلافات وتعزيز فكرة أن ما كان يحدث هو هجوم جهادي شامل على الأقليات السورية.
يبدو - من التقارير غير الدقيقة التي ظهرت من غرب سوريا - أن هناك بعض الحقيقة في هذه الروايات. لا يمكن إنكار حقيقة أن أتباع الشرع قتلوا أعدادا كبيرة من العلويين (مع ذهاب البعض خارج البلاد إلى حد التلميح إلى أنهم يستحقون ذلك). رفض ناشطون وشخصيات على مواقع التواصل الاجتماعي الاتهامات الموجهة إلى مؤيدي النظام الجديد بقتل المسيحيين، ولكن يبدو أنهم كانوا مستهدفين. وهذا أمرٌ لا ينبغي أن يُفاجئ أحدا. فالمتطرفون الإسلاميون يهددون رجال الدين المسيحيين وكنائسهم منذ سقوط الأسد.
هذا ليس دفاعا عن الأسديين. فقد كانت سوريا بلدا قمعيا ودمويا للغاية خلال العقود الممتدة بين صعود حافظ الأسد عام ١٩٧١ وسقوط بشار الأسد أواخر عام ٢٠٢٤. وكان تصميم الابن على استخدام القتل كوسيلة للخروج من الانتفاضة ضد حكمه عام ٢٠١١ هو الدرس الذي تعلمه من والده، الذي قتل عشرات الآلاف ردا على انتفاضة حماة عام ١٩٨٢.
بل إن وجهة نظري هي أن السوريين، مثل جيرانهم في لبنان والعراق، من المرجح أن يواجهوا صعوبات في التكيف مع الهياكل الاجتماعية التي أورثهم إياها التاريخ. هناك نماذج قليلة يمكن للسوريين اتباعها. يُسهم النظام السياسي الطائفي في لبنان في التشرذم، بينما يُسهم النظام العراقي في دوامة من الغنائم والاختلال الوظيفي. لقد قال الشرع كلاما صائبا عن كون سوريا لجميع السوريين.
إنها رؤية إيجابية لمستقبل سوريا، يتفق عليها بلا شك الكثير من مواطنيه. ولكن، وبعيدا عن التعبير عن المشاعر، لم يُقدم الرئيس السوري طريقا حقيقيا للمضي قدما. في الوقت الحالي، يحق للسوريين أن يتساءلوا: "إلى أي سوريين يشير؟".