آخر تحديث: 7 دجنبر 2023 - 9:49 صبقلم: أدهم إبراهيم أثارت الحرب الإسرائيلية على غزة تساؤلات حول مدى فاعلية المؤسسات الأممية في ضمان السلام والأمن، ويلعب مجلس الأمن دورًا محوريًا في معالجة وحل النزاعات الدولية. ومع ذلك، فإن استجابة المجلس للحرب الدموية في غزة كانت موضع تدقيق، مما جعل الكثيرين يشككون في كفاءته وتأثيره على الاستقرار العالمي.

ليس هناك ما يشير إلى أن الحرب ستنتهي قريباً، حيث يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الحرب مستمرة ولن تتوقف حتى إعادة جميع المحتجزين والقضاء على حماس حسب قوله.إن عدم اتخاذ قرار أممي بوقف الحرب غير المتكافئة بدعوى القضاء على حماس يعطي غطاء دوليا لإسرائيل لتنفيذ خططها التوسعية الظالمة بحق الفلسطينيين. ومع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة تتزايد المخاوف من صراع إقليمي أوسع نطاقا، وتسعى الشبكات الدبلوماسية لعدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة إلى درئه. وقد صرح السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل مارتن أنديك أن “احتمال انتشاره (الصراع) ليس فقط في لبنان، بل خارجه أصبح الآن مرتفعًا للغاية”، حسب ما نقلت عنه صحيفة نيويورك تايمز. وأضاف “لهذا السبب تعمل الحكومة (حكومة بايدن) جاهدة لمنع ذلك”. واعترف المستشار الأمني ​​للرئيس الأميركي جيك سوليفان، يوم الأحد، على شبكة سي بي إس، أنه تم إرسال رسائل خاصة إلى نظام طهران في الأيام الأخيرة، من خلال دول وسيطة، لثني الثيوقراطية الإيرانية عن تشجيع اندلاع حريق في المنطقة. ومع إرسال حاملتي طائرات إلى المنطقة، تخشى واشنطن من أن يؤدي التدهور الأمني ​​إلى إجبار الولايات المتحدة على الدخول مباشرة في هذا الصراع، جوا وبحرا، للدفاع عن أقرب حليف لها في الشرق الأوسط، إسرائيل. ودخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الحلبة الدبلوماسية بقوله إنه تحدث مع قادة إيران وسوريا، وكذلك الرئيس المصري، ورئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، من أجل التعبير عن موقف روسيا من الأزمة والاستماع إلى اعتبارات هؤلاء اللاعبين الإقليميين. إن الخسائر الكبيرة في الأرواح وتهجير المدنيين في عموم قطاع غزة جعلا من هذه الحرب ما يمكن وصفه بالتطهير العرقي، وهو ما أثار حفيظة الكثير من الدول داخل وخارج المنطقة، وأثار أيضا توترات عالمية آخذة بالازدياد يوما بعد يوم. وأصبح السلم العالمي مهددا بخطر محدق.وفي مواجهة مثل هذه الأزمة الخطيرة، وما رافقها من قتل الآلاف من الفلسطينيين، يتطلع المجتمع الدولي إلى المنظمات الدولية، وعلى الأخص مجلس الأمن الذي يسعى، من خلال الدبلوماسية والعقوبات، للقيام بمسؤولية الحفاظ على السلام والأمن الدوليين. ولكن الموقف السلبي لمجلس الأمن تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة وتخاذله في اتخاذ قرار لإيقاف الصراع على أرض الواقع، أثار الشكوك حول جدوى المنظمات الأممية.إن تحقيق التوازن بين مصالح الدول الأعضاء المتنوعة، والتغلب على التوترات الجيوسياسية، وضمان الاستجابة السريعة والفعالة، أمر ضروري لكي يتمكن المجلس من الوفاء بتفويضه. وبينما يراقب العالم تطورات الحرب الظالمة في المنطقة، يظل دور المجلس في تعزيز السلام والأمن الدوليين عرضة لتساؤلات مشروعة، مما يؤكد الحاجة إلى إعادة التقييم وإيجاد الوسائل اللازمة لإصلاح النظام الدولي الحالي بما يحقق الأهداف التي وجد من أجلها لضمان الأمن والسلام الدوليين. إن ما يجري في غزة الآن من قتل جماعي وتدمير للبنية التحتية يجرح الضمير الإنساني العالمي، وهو أكثر من مجرد شعور بالحزن.إن السلام والأمن والمستقبل من الاحتياجات الأساسية التي يرغب فيها الأشخاص الذين يعيشون في دوامة العنف المتواصل ومنهم الشعب الفلسطيني، وينبغي السعي الحثيث لإيجاد حلول مستدامة لإيقاف دوامة الحرب الظالمة على غزة بأي ثمن.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الحرب الإسرائیلیة على غزة السلام والأمن

إقرأ أيضاً:

الحرب في السودان: بعض تحديات الاستقرار والتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار

بروفيسور حسن بشير محمد نور

بعد تقدم الجيش السوداني وحلفائه في جبهات الحرب وقرب احكام السيطرة علي المركز في العاصمة القومية وولاية الجزيرة، يراود كثير من المواطنين السودانيين العودة الي منازلهم التي هجروا منها قسرا، علي امل معاودة الحياة بشكل طبيعي. لكن واقع الحال والدمار الكبير للبنية التحتية المتواضعة اصلا يضع كثير من التحديات، من حيث توفر الخدمات الاساسية ومقومات الحياة في حدها المقبول. لذلك هناك متطلبات وتحديات عديدة تواجه تحقيق تلك الامال المرتبطة بشكل اساسي بتوفر الاستقرار السياسي والامني الضروري للتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار، التي تعتبر شروطا اولية نحو تحقيق مقومات العيش الانساني الطبيعي من سكن ومأكل ومشرب، علاج وتعليم، مواصلات سالكة وتوفر الماء والكهرباء، باعتبار ان هذه احتياجات اولية لا غناء عنها.
اول المتطلبات هي تحقيق السلام المستدام كخطوة حاسمة نحو التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار. من منظور اقتصادي، يتطلب هذا السلام معالجة جذرية للأسباب الهيكلية التي أدت إلى الحروب والنزاعات، مع التركيز على الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في حزم سياسية متكاملة ومتسلسلة.
من اهم تلك الأصلاحات او بالاصح المتطلبات، تحقيق العدالة وضمان عدم الإفلات من العقاب، اذ ان تاريخ السودان مليء بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم المنظمة، خاصة خلال فترة حكم نظام الإنقاذ بقيادة عمر البشير وما اضافته الحرب الحالية من تعميق لتلك الانتهاكات وتصعيدها لمستويات بالغة الخطورة علي الامن والاستقرار الاجتماعي. استمرار الإفلات من العقاب يقوض أسس الدولة ويؤدي إلى استمرار دوامة الأزمات السياسية والاقتصادية. لذا، فإن تعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة والعدالة الانتقالية يُعَدَّان من الأولويات الاساسية لضمان مستقبل مستقر.
جانب اخر في غاية الاهمية هو معالجة الأزمة الهيكلية للدولة، فمن المعروف ان الدولة السودانية نشأت في ظل سلطة استعمارية وديكتاتوريات متسلطة، تعمقت أزماتها خلال فترات الحكم الوطني بسبب سوء السياسات والرشد الاداري أو غيابها. هذا أدى إلى ضعف قدرة الدولة على أنجاز التنمية وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية بشكل متراكم. لذا، فإن إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية وتعزيز سيادة القانون عبر اصلاح مؤسسي شامل يعتبر من الخطوات الضرورية لتحقيق الاستقرار الضروري للتعافي واعادة الاعمار.
كذلك الامر فيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية، اذ تسببت الحرب في أضرار كبيرة ودمار واسع النطاق للبنية التحتية والمرافق الحيوية يقدر بمئات مليارات الدولارات، مما أثر سلبًا على الاقتصاد السوداني. بالإضافة إلى ذلك، أدت السياسات الاقتصادية غير الفعالة إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. لذا، فإن ايجاد حكم مقبول وحكومة تتبني وقادرة علي تنفيذ سياسات اقتصادية تعزز التنمية المستدامة وتوفر فرصًا اقتصادية للمواطنين، يُعَدُّ أمرًا حيويًا للتعافي الاقتصادي. هذا يحتاج لمقومات القبول الداخلي والخارجي للحكم الذي يفتح الطريق نحو وصول الاعانات الخارجية وجذب الاستثمار الاجنبي والوصول الي مؤسسات التمويل، وتيسير التجارة اقليميا ودوليا وامكانية الوصول دون عوائق للاسواق العالمية تصديرا واستيرادا.
من المهم اداراك ان مصير الاستقرار السياسي والأمني ومعالجة المشاكل الاجتماعية، اللازمة لتحقيق استقرار سياسي وأمني يعالج المشاكل الاجتماعية والتناقضات العميقة بين المكونات المجتمعية في السودان، يتطلب اتباع نهج شامل يتضمن:
- تعزيز العدالة والعدالة الانتقالية: اذ يجب تحقيق العدالة بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات السابقة، لضمان عدم تكرارها وبناء ثقة المجتمع في النظام العدلي والقضائي. قد يعتبر البعض ان هذا امرا صعب التحقيق، وهو كذلك، لكن رغم صعوبته فهو شرط لا مناص من تحقيقه كشرط للتعافي الاجتماعي والاستقرار.
- الإصلاح المؤسسي الضروري لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية، تضمن المشاركة الشعبية والشفافية والمساءلة واجتثاث الفساد الهيكلي المتوطن في مفاصل الدولة السودانية بجميع مؤسساتها.
- تبني سياسات اقتصادية موجهة نحو التنمية وتعزيز النمو المستدام وتوفر فرص عمل، مع التركيز على تنمية المناطق المهمشة والمتضررة من النزاعات.
- إدارة التنوع: الاعتراف بالتنوع الثقافي والعرقي والديني في السودان واعتماده كعامل قوة، من خلال سياسات تضمن التمثيل العادل والمساواة بين جميع المكونات الاجتماعية ووضع هذا الهدف ضمن المناهج التعليمية والتربية الوطنية.
- ضرورة تبني سياسات قطاعية مؤسسة باستراتيجات شاملة تستخرج منها خطط وبرامج ومشاريع تنموية مخططة بشكل واقعي ومنظم، يتفق مع المنهجيات المتبعة لاهداف التنمية المستدامة المعتمدة عالميا، ويشمل ذلك بالطبع السياسات التجارية والوفاء بشروط عضوية منظمة التجارة العالمية (WTO) للاندماج في النظام التجاري العالمي وامكانية الوصول لعضوية المنظمات الاقليمية والدولية بشكل فعال مفيد وليس عضوية شكلية.
- اطلاق الحريات العامة وسيادة حكم القانون واتباع سياسة اعلامية حرة ومنفتحة علي التطورات الكونية للاعلام المهني المتخصص، كعامل اساسي لتحقيق جميع ما تم ذكره.
- تبقي بعد ذلك اهمية الاصلاح العسكري والامني واتفاقيات السلام التي يجب مناقشتها ضمن حزم متكاملة للسلام المستدام وتحقيق الاستقرار المنشود واستدامته ولضمان عدم تكرار الحروب والنزاعات عبر عقائد مستحدثة.
في الختام، ما احدثته الحرب من دمار وتصدعات شاملة في الدولة السودانية يعتبر مهمة بالغة التعقيد، ويعتبر انجازها شرطا للاستقرار والتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار، وهي مهمة لا يمكن ان يقوم بها طرف واحد او حتى عدة اطراف، دون توافق بثقل كبير ومشروع وطني يستوعب الغالبية المطلقة للمكونات السودانية. بذلك يتطلب تحقيق السلام المستدام في السودان، الذي يعتبر شرطا اوليا للاستقرار والتعافي، يتطلب نهجًا شاملاً يعالج الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز على بناء دولة ديمقراطية تعزز سيادة حكم القانون، وتوفر فرصًا متساوية لجميع مواطنيها. بدون تحقيق تلك المطالب والجوانب المكملة لها، لن تمضي الامور الي الامام، ولا يتوهم البعض ان انحسار الصراع او تراجع مستويات القتال او احكام السيطرة علي مواقع استراتيجية، يمكن ان تؤدي وحدها بسلاسة لتوفير مقومات الحياة الطبيعية، ولا حديث الان بالطبع عن الازدهار والرفاهية علي شاكلة شعوب الامم المستقرة المتطورة.

mnhassanb8@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • تفاصيل أول اتصال بين ترامب والرئيس المصري
  • صحة غزة تُصدر آخر إحصائيات الحرب الإسرائيلية على القطاع
  • تركيا: نشر بخيبة أمل من قرار مجلس الأمن بشأن قبرص
  • أوربان: واشنطن تسعى الآن من أجل السلام في أوكرانيا وبروكسل تسعى لاستمرار الحرب
  • يديعوت تكشف تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة
  • الأمم المُتحدة غاضبة من التجاوزات الإسرائيلية بحق سوريا
  • المغربي يكرم الحكام الدوليين
  • خالد عمر يوسف يؤكد معارضة حزبه للحكومة الموازية
  • الحرب في السودان: بعض تحديات الاستقرار والتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار
  • سردية السلام لمناهضة الحرب وخطاب الكراهية