من المبكّر التقاط تأثير الحرب على الفلسطينيين في غزة والضفة على التوجهات الإستراتيجية التي ستأخذها منطقتنا؛ إذ يظلّ ذلك رهنًا بأمد الحرب، إذ كلما طالت، أصبح من الصعب تصور ما سيأتي بعد ذلك، والكيفية التي ستنتهي بها، وما سيعقبها من مسارات على الأرض وفي السياسة.

برغم هذه الحقيقة، إلا إننا يمكن أن نجازف بإثارة الأسئلة أكثر من تقديم الإجابات، والإشارة إلى الظواهر والديناميكيات الجديدة التي يمكن أن تتبلور أو تتلاشى، ومناقشة مآل التوجهات التي كان يراد للمنطقة أن تسير فيها.

أولًا: استعادة القضية الفلسطينية كإحدى أولويات الأجندة الإقليمية والدولية

فقد ثبَت أنها إحدى محددات الاستقرار في المنطقة، وبدون إيجاد حلول لها ستظل المنطقة مهددة للسلم والأمن الدوليين.

واشنطن -على سبيل المثال- لم تعد قادرة على إهمال القضية الفلسطينية، وسيتعين عليها أن تجعل حلّ هذا الصراع محور مساعيها، وسيكون من المستحيل بالنسبة لها أن تعالج قضايا أخرى في المنطقة إلا أن يكون هناك طريق موثوق به إلى دولة فلسطينية مستقبلية قابلة للحياة.

أكدت حرب غزة أنّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو القضية الأكثر إثارة للانقسام في السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي.

الهدوء الذي راهنت عليه المصالحات والتهدئة التي طالت بعض الملفات، مثل: الاتفاق الإيراني السعودي والتهدئة في اليمن والمصالحات الخليجية ومع تركيا، ثبَت أنّ هذا الهدوء هشّ وقابل للانفجار بسهولة.

برغم هذا فإن الأطراف جميعًا لا تريد حربًا إقليمية، وتتخوف من أن تتسع أتون هذه الحرب؛ لذا فقد سعوا جميعًا لاحتواء التصعيد. تأكد نفوذ إيران في المنطقة من خلال وكلائها، ما يدفع باستمرار الانفراج الهشّ بين السعودية وإيران.

المشكل في قادة المنطقة أنهم يعرفون ما يريدون؛ لكنهم يعجزون -حتى الآن- عن أن يبلور كل طرف منهم ما يريد؛ ناهيك عن أن يتفقوا على الترتيبات الأمنية لما بعد الحرب.

أحدثت الحرب على غزة انقسامًا في الرأي العام الغربي، بما دفع أحد باحثي كارنيجي إلى بيان تأثيرها على الاتحاد الأوروبي بالقول: "مع تصاعد المشاعر وتزايد عمق الانقسامات، فمن الصعب أن نرى الدور الذي يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يلعبه"

جرى الترويج لعدة سنوات لسردية الشرق الأوسط الجديد، الذي يركز على الاقتصاد بدلًا من الأيديولوجية. كانت هذه فرصة رئيسية للصين لتكثيف استثماراتها الجيواقتصادية في الشرق الأوسط، والاستفادة من قوتها الاقتصادية لتعزيز نفوذها الجيوسياسي.

يشعر قادة المنطقة بالقلق من أن تؤدي حرب طويلة في غزة إلى عرقلة مثل هذه الخطط. تضمنت اتفاقات أبراهام رشوة واشنطن الأنظمة الاستبدادية للاعتراف بإسرائيل من خلال وعود بالأسلحة الأميركية والضمانات الأمنية.

ولكن مبادرة "الأسلحة والأمن مقابل السلام" كانت فاشلة؛ فقد أدت إلى زيادة عسكرة المنطقة، ولم تؤدِّ إلى زيادة الاستقرار، كما أظهرت الحرب في غزة. ثبت أيضًا أن إسرائيل بسياساتها تجاه الفلسطينيين وتوحشها يمكن أن تدفع المنطقة للاشتعال.

أصبح هناك إدراكٌ أكبر لضرورة دمج الفلسطينيين الذين كانوا مستبعدين في الترتيبات الاقتصادية التي يراد للمنطقة أن تنتهجها. لكن السؤال هل يتسع هذا الإدماج ليشمل المستبعدين الآخرين، مثل: لبنان، وسوريا، وتركيا، وإيران، بالإضافة إلى المهمشين، مثل: مصر، والأردن؟ سؤال يتعلق بالمستقبل، لكن من دون الوصول إلى توافق فيه؛ فإن المنطقة ستظل تعاني من عدم الاستقرار.

سمات استعادة القضية الفلسطينية

استعادة القضية الفلسطينية في هذا السياق له عدد من السمات أبرزها:

أنها تمت بيد الفلسطينيين وحدهم، وما يقوم به الآخرون هو دور المساندة والدعم، إن وجد. صحيح أنه ثبت قدرة القضية الفلسطينية على تعبئة قطاعات من الجماهير في المنطقة والعالم بشكل عميق؛ إلا أن هناك حدودًا لتأثير هذه التعبئة على تغيير السياسة.

أحدثت الحرب على غزة انقسامًا في الرأي العام الغربي، بما دفع أحد باحثي كارنيجي إلى بيان تأثيرها على الاتحاد الأوروبي بالقول: "مع تصاعد المشاعر وتزايد عمق الانقسامات، فمن الصعب أن نرى الدور الذي يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يلعبه".

لم يعد هناك أب للشعب الفلسطيني في السنوات الثلاثين الماضية. تنافست الأنظمة في إيران، والعراق، وسوريا على لقب بطل الشعب الفلسطيني، لكن مع هذه الأزمة لعب الجميع لتحقيق مصلحته الوطنية الخاصة.

إيران فصلت بهدوء مصالحها عن مصالح الفلسطينيين، وتركيا أبقت على علاقاتها التجارية مع إسرائيل، وصعدت خطابيًا فقط.

النظام الرسمي العربي يريد أن ينهي الحرب حتى لا تطاله نيرانها. هو على حد قول الإيكونوميست: "الجميع يريدون أن تنتهي الحرب، وجميعهم يريدون شخصًا آخر أن ينهي الأمر".

كانت تلك هي الرسالة، المبتذلة والمثيرة للجدل في آن واحد، من زعماء جامعة الدول العربية التي تضم 22 عضوًا، ومنظمة التعاون الإسلامي التي تتألف من 57 دولة. كان هذا كل ما أظهرته القمة الاستثنائية التي انعقدت في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني في العاصمة السعودية الرياض، وأتى الاجتماع بعد مرور أكثر من شهر على حرب غزة.

لا تزال فلسطين- مقارنة بأية قضية أخرى- تؤجج المشاعر الجماهيرية في المنطقة، وقادرة على أن توحد قطاعات من الشعوب العربية والمسلمة. الجديد هو بروز مساندة شعبية عالمية. هذه الاستعادة تعاني ضعف السياسة وهشاشة السياق المساند. الفلسطينيون منقسمون، ويعانون من غياب كيان يتمتع بالشرعية يمكن أن يمثلهم، بعد توقف الانتخابات كل هذه السنوات. الربيع العربي بانتفاضاته وموجاته المتعاقبة أنهك البلاد والعباد. أصبحت السردية الفلسطينية حاضرة بقوة على المستوى الدولي بجوار مثيلتها الإسرائيلية، خاصة لدى الفئات الشابة واليسار والحركات النسوية والسكان الأصليين، وكذلك السود في الولايات المتحدة. إن الحاضن الأساسي لهذه الاستعادة هم الفلسطينيون أنفسهم، لكن التوحش الاسرائيلي في غزة والضفة من شأنه أن يفرض حدودًا على قدرة هذه الحاضنة على المديَين: القصير والمتوسط؛ إن لم تكن هناك مساندة مستمرة لهم تضمن تقويتهم. كانت ولاتزال إستراتيجية إسرائيل هي الردع بالتوحش، ورفع كلفة أي فعل مقاوم، وهذا ما بدأ يتكشف الآن في غزة بعد الهدنة الحالية. ثانيًا: تصاعد مشكلة التمثيل في الدول العربية وافتقارها إلى الذاتية السياسية

حيث تفشل أفعالها في تلبية مطالب السكان على المستوى المادي، والرمزي أيضًا المتمثل في الكرامة.

إن الحرب الإسرائيلية الفلسطينية أيقظت الشارع العربي من جديد للمرَّة الثالثة خلال عقد من الزمن. بحمل علم فلسطين، سيتحدى الساخطون الحكام الفاسدين وغير الخاضعين للمساءلة، ولن يوقف تأثير الدومينو إلا المزيد من القمع، وسوف يستمر تمويل الطغاة في المنطقة؛ خوفًا من انزلاق الأوضاع إلى عدم الاستقرار.

قد تعمق الحرب على الفلسطينيين أزمة بعض الأنظمة؛ فقد تفجِّر أزماتها الاقتصادية والسياسية وموقفها المتخاذل في فلسطين. كما أن نتائج الحرب على مصر والأردن قد تدفع إلى عدم الاستقرار في ظل أزمة اقتصادية طاحنة.

مصر لديها الآن حربان نشطيتان على حدودها (في غزة والسودان)، وواحدة مجمدة، ولكن لم يتم حلها (في ليبيا). كما يتعين عليها سداد 29 مليار دولار من الديون الخارجية في عام 2024، (يصل البنك الدولي بالرقم إلى ما فوق الخمسين مليار دولار، وذلك إذا ضم ديون الهيئات الاقتصادية)، وهو مبلغ يعادل 85% من احتياطاتها الأجنبية.

أما الأردن فقد امتزجت أزمتها الاقتصادية بالمشاعر المعادية للإسرائيليين؛ فيفاقم ذلك أزمة الشرعية. سوف تركز هذه الأنظمة على البقاء، وستحاول تحويل حرب غزة إلى فرصة، لكن هل تستطيع؟

قد يرتفع الطلب على التمثيل مرة أخرى. ولكن مع تصاعد المظالم وتقييد سبل المعارضة إلى حد كبير، فإن القلق يكمن في أن حماس قد تقدم نموذجًا بديلًا، ليس من مدخل توقع صعود الجهادية مرة أخرى؛ ولكن أيضًا من زاوية أن جزءًا مقدرًا من التفاعلات المؤثرة في المنطقة تقوم به فواعل من غير الدول.

فبرغم قوة دول المنطقة، تظل حصة كبيرة من السلطة خارج النظام القائم على الدولة. جزء من السلطة في يد أولئك المستبعدين منها.

من المقرر أن تجري مصر انتخابات في ديسمبر الجاري، تليها في عام 2024 الجزائر، وإيران، وموريتانيا وتونس. ومن المؤسف أنه باستثناء موريتانيا، فإن الانتخابات ستكون هزلية، إذ يتم تحديد النتائج مقدمًا.

سوف يسجل المستبدون انتصارات ضخمة، ويوسعون حكمهم، بينما تستمر الديمقراطيات في المنطقة، بشكل أو بآخر، في العراق، والكويت، ولبنان، والمغرب في التخبط.

وستظل المقولة السائدة للحكام العرب: "نحن نوفر الاستقرار"، لكن ثبَت مع "طوفان الأقصى" أنه يحتاج مزيدًا من الاستثمار فيه حتى يتحقق. فهل سيحرص الجميع على الاستثمار فيه بما يكفي لتحقيقه، أم تظل المنطقة نهبًا لعدم الاستقرار؟

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة الاتحاد الأوروبی فی المنطقة الحرب على یمکن أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

20 سنة من حكم محمود عباس.. ما هي الخسارة المزدوجة التي تحققها السلطة الفلسطينية؟

مرت 20 سنة على ثاني وآخر انتخابات لرئاسة السلطة الفلسطينية التي كانت في عام 2005 بعد رحيل  ياسر عرفات، وفيها جرى انتخاب محمود عباس بنسبة  62.52 بالمئة في ولاية كان من المفترض أن تمتد لـ5 سنوات فقط.

وبحسب القانون، من المفترض أن يتم ينتخب "رئيس الدولة" لفترة ولاية مدتها خمس سنوات، ولا يجوز إعادة انتخاب شاغل المنصب إلا لمرة واحدة، وذلك وسط انتقادات واسعة للسلطة الفلسطينية ورئيسها بسبب عمليات ملاحقة المقاومة في جنين وممارسة التنسيق الأمني على أعلى المستويات.

وجرت هذه الانتخابات في التاسع من كانون الثاني/ يناير 2005، على أن يعمل "رئيس الدولة" على "حماية الدستور ووحدة الشعب، ويضمن استمرار بقاء الدولة وإستقلالها الوطني، والسير المنتظم للسلطات العامة، ويمارس اختصاصته وتحدد مسؤولياته وفقا لأحكام الدستور".

"خسارة - خسارة"
أكد محللون ومصدر مطلع أن السلطة الفلسطينية دخلت "معركة خاسرة" مع حملتها القمعية في جنين، والتي ستؤدي في نهاية المطاف إلى زوالها، بحسب ما جاء في تقرير لموقع "ميدل إيست أي".

وقال مسؤول كبير في حركة فتح إن الحملة المستمرة ضد المقاومة الفلسطينية في مدينة جنين الواقعة شمال الضفة الغربية، والتي أسفرت عن استشهاد 16 فلسطينيًا على الأقل حتى الآن، محكوم عليها بالفشل بغض النظر عن النتيجة.

وأضاف شريطة عدم الكشف عن هويته أن السلطة الفلسطينية "تعرضت لضغوط لإسقاط التوازن بين خدمة احتياجات إسرائيل الأمنية والحفاظ على الشرعية بين الشعب الفلسطيني"، واصفا الهجوم على جنين بـ"التخلي الفعلي عن الحياد السلبي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية واختبار الوقوف إلى جانب الإسرائيليين، في مقابل الحفاظ على السلطة".

وقال إنه "إذا نجحت السلطة الفلسطينية في جنين، فإنها ستفقد مبرر وجودها بين الفلسطينيين، وإذا فشلت، فإنها ستفقد مبرر وجودها فيما يتعلق بإسرائيل، وبالتالي فإنها تخسر المعركة على الجبهتين".


ويذكر أنه في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، شنت السلطة الفلسطينية حملة أمنية واسعة النطاق في جنين، شملت محاصرة المدينة وإطلاق النار على المدنيين العزل والاشتباك مع عناصر المقاومة باعتبار أنهم مجموعة من "الخارجين عن القانون".

وقتل عناصر السلطة الفلسطينية ثمانية فلسطينيين على الأقل من سكان المدينة منذ بدء العملية، بما في ذلك أب وابنه الأسبوع الماضي، كما قُتل ستة على الأقل من أفراد قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، بما في ذلك بعضهم في تبادل لإطلاق النار مع أعضاء المقاومة.

وتعتبر السلطة الفلسطينية أن حملة "حماية وطن" موجهة ضد "الخارجين عن القانون" وأنها تحظى بدعم  الأكاديميين والمثقفين والناشطين وتهدف إلى استعادة "القانون والنظام"، بينما تؤكد حالات المقاومة في الضفة الغربية أن العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي مشروع، وأنها تتجنب المعارك المباشرة مع السلطة الفلسطينية.

"سابقة خطيرة"
قال ناشط سياسي مقيم في نابلس فضل عدم الكشف عن اسمه ضمن تقرير الموقع أن السلطة الفلسطينية "دفعت الناس إلى أرض جديدة من خلال جعل قتل الفلسطينيين لبعضهم البعض أمرًا مقبولا، وهذه سابقة خطيرة وضعتها السلطة الفلسطينية".

وأضاف الناشط "في الماضي، كان لدينا انقسام سياسي، ولكن كان من غير المقبول على الإطلاق أن يقتل فلسطيني فلسطينيًا آخر، لكن الآن تم إضفاء الشرعية على سفك الدماء الفلسطينية، وهذا سيكون له عواقب وخيمة في المستقبل".

وأوضح أنه من "خلال قتل زملاء فلسطينيين، تثبت السلطة الفلسطينية أيضًا للجمهور أنها تتعاون مع الاحتلال، وهذا يزيد من الإحباط العام تجاه السلطة الفلسطينية، التي شهدت انخفاض شعبيتها في السنوات الأخيرة"، محذرا من أن الفلسطينيين سيصلون في النهاية إلى "نقطة الانهيار، جنبًا إلى جنب مع الغضب إزاء الحملة الوحشية ضد منتقدي حملة جنين".

وفي الشهر الماضي، أفاد موقع أكسيوس الأمريكي أن العملية كان يُنظر إليها على أنه حاسمة لمستقبل السلطة الفلسطينية، حيث كان محمود عباس حريصا على إرسال رسالة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بأنه "قادر على إدارة الشؤون الفلسطينية".

حتى الآن، رحبت "إسرائيل" بقمع السلطة الفلسطينية، حيث ذكرت قناة "كان" أن المؤسسات الأمنية شجعت الهجوم، وجيش الاحتلال أجرى مشاورات مع كبار المسؤولين الفلسطينيين من أجل "تحسين النشاط" في مخيم اللاجئين.

"شرعيات منتهية"
وقبل حلول انتهاء ولاية عباس الأولى عام 2010، وقعت أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007، وأدى إلى نشوء سلطتين سياسيتين وتنفيذيتين في صيف عام 2007 في الضفة الغربية تحت سيطرة حركة فتح، وفي قطاع غزة تحت سيطرة حركة حماس.

وحدثت هذه الأزمة السياسية بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2006، ونشوء أزمة سياسية ارتبطت بعراقيل للانتقال السلمي للسلطة داخليا وخارجيا، وخضوع أجهزة السلطة الفلسطينية للحزب الذي كان تقليديا ومنذ توقيع إتفاقية أوسلو يمسك زمام الحكم الذاتي الفلسطيني؛ وهو حركة فتح.


ويستمد رئيس السلطة الفلسطينية "شرعيته الحالية" من قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 2009 بأن "يستمر الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمجلس التشريعي في أداء مهامهما إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة".

ويشغل عباس إلى رئاسة السلطة الفلسطينية مناصب محورية وهي رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس حركة فتح، وفي عهد عرفات شغل مناصب رئيس الوزراء ووزير الداخلية وأمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة.

ومنذ أحداث الأقسام جرت العديد من المحاولات من أجل تحقيق المصالحة بين حماس وفتح وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية نظرا لانتهاء ولاية كل المؤسسات الفلسطينية بعد 19 عاما على آخر انتخابات، إلا أن ذلك لم يتكلل بالنجاح، وفي عام 2021، أُلغيت الانتخابات التي كان من المفترض أن تُجرى بعد سنوات من التأجيل، بحجة منع "إسرائيل" إجراءها في القدس.

أهم أدوار السلطة 
يشكل التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، الذي وصفه عباس بأنه مسؤولية "مقدسة"، ركيزة أساسية لاتفاق أوسلو منذ عام 1993، وعامل أهمية حيوية لبقاء السلطة الفلسطينية ذاتها وسبب وجودها من وجهة نظر "إسرائيل".

وعلى الرغم من تهديدات عباس المتكررة بقطع العلاقات الأمنية مع "إسرائيل" على مر السنين، فإنه لم يفعل ذلك إلا مرة واحدة من قبل، وسط مخاوف من ضم إسرائيلي وشيك في الضفة الغربية بعد إصدار خطة السلام لإدارة ترامب السابقة في عام 2020، لكنه استأنفه سريعا بعد انتخاب بايدن.

ولا يزال التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" غير مرغوب فيه للغاية بين الفلسطينيين العاديين من جميع الأطياف السياسية، الذين يرون فيه "شكلا من أشكال التعاون مع الاحتلال، وخيانة صريحة لمقاومة الشعب الفلسطيني".


والتسيق الأمني هو تعاون استخباري وتبادل المعلومات مع أجهزة إسرائيلية مثل "الشاباك"، ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، ويهدف إلى حماية الإسرائيليين أساسًا، ونبذ "الإرهاب وأعمال العنف".

ويلزم اتفاق أوسلو الموقّع عام 1993، واتفاق "طابا" عام 1995، السلطة بمحاربة المقاومة ونشطائها ضمن ما سمته الاتفاقيات بـ"الإرهاب"، وجعل السلطة مسؤولة عن اتخاذ الإجراءات المناسبة من خلال التعاون أمنيًا.

مقالات مشابهة

  • أسامة حمدان: المقاومة أسقطت مخطط الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية
  • محافظة مأرب تشهد مسيرات حاشدة نصرة للقضية الفلسطينية وإسنادًا لغزة
  • دعاء يوم الجمعة للأحباب.. أفضل الأدعية المكتوبة التي يمكن ترديدها
  • السيسي: نرفض محاولات تصفية القضية الفلسطينية والتهجير
  • 20 سنة من حكم محمود عباس.. ما هي الخسارة المزدوجة التي تحققها السلطة الفلسطينية؟
  • أيمن الرقب: القضية الفلسطينية دائما حاضرة لدى القيادة المصرية (فيديو)
  • الخارجية الفلسطينية: لا يمكن تبرير الفشل الدولي في وقف الإبادة وحماية المدنيين وتأمين احتياجاتهم
  • خبير علاقات دولية: مصر تتحرك على مسارات كثيرة لدعم القضية الفلسطينية
  • خبير في العلاقات الدولية: مصر تتحرك على مسارات كثيرة لدعم القضية الفلسطينية
  • رئيس الوزراء العراقي: موقفنا ثابت بإدانة الحرب الإسرائيلية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني