تعرف على قصة القديس الشهيد يعقوب المقطع.. تحتفل به الكنيسة اليوم
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
يحيي الأقباط الأرثوذكس، اليوم الخميس، في صلواتهم بالكنائس، ذكرى القديس يعقوب الفارسي المعروف باسم يعقوب المقطع، وفقاً لكتاب سنكسار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
و«السنكسار» هو كتاب يوناني الأصل، يسمى «سيناكساريون»، ويعني جامع، حيث يجمع السنكسار سير وأخبار الأنبياء والرسل والشهداء، كما يتضمن تذكارات الأعياد وأيام الصوم، مرتبة حسب أيام السنة، ويقرأ منه في الصلوات اليومية، ويستخدم التقويم القبطي، الذي يتكون من 13 شهرًا.
وبحسب السنكسار، فإنه في مثل هذا اليوم السابع والعشرون من شهر هاتور لعام 1740 القبطي، سنة 137 للشهداء (421م)، استشهد القديس يعقوب الفارسي المقطع، والذي وُلد في إحدى بلاد فارس من أسرة مسيحية عريقة، وتولّى مناصب مرموقة في بلاط الملك، إلا أنه ترك إيمانه بالسيد المسيح بسبب ما ناله من كرامة لدى الملك.
ولما سمعت أمه وزوجته وأخته بما حدث، كتبن إليه رسالة يطلبن منه العودة إلى إيمانه المسيحي، قائلات: «إذا كان بفعلي هذا قد تغربت عن أهلي وجنسي، فكيف يكون أمري مع السيد المسيح؟».
لمّا قرأ القديس يعقوب الرسالة، حركت النعمة قلبه، فقرر أن يجاهر بإيمانه، وعندما علم الملك بذلك، أمر بضربه ضرباً موجعاً حتى يرجع عن إيمانه، فلم يضعف القديس، فأمر الملك بقطع أصابع يديه ورجليه، ثم ذراعيه وفخذيه، حتى بقى رأسه وبدنه فقط، وكان القديس كلما قطعوا عضواً من أعضائه، يرتل ويسبح قائلاً: «ارحمني يا الله كعظيم رحمتك».
وبعد ذلك، أمر الملك بقطع رأس القديس، فنال إكليل الشهادة، وتَقدَّم بعض المؤمنين وأخذوا جسده وكفَّنوه، ووضعوه في مكان خاص.
فلما سمعت أمه وزوجته وأخته بما حدث، فرحن جداً وأتين إلى حيث الجسد وقبَّلْنَهُ ولَفَفْنَهُ بأكفان فاخرة وأطياب غالية.
وبُنيت له كنيسة ودير في زمن الملكين البارين أركاديوس وأنوريوس.
ولما علم ملك الفُرس بذلك، أمر بحرق أجساد الشهداء في كل أنحاء مملكته، فأتى بعض المؤمنين وأخذوا جسد القديس، وتوجهوا به إلى أورشليم ثم أودعوه عند القديس بطرس الرهاوي أسقف غزة.
وبعد ذلك، جاء القديس بطرس الرهاوي إلى مصر ومعه الجسد المقدس، وأقام في مصر بدير به رهبان قديسون، وما زال الجسد موجوداً في مصر، وهناك حالياً جزء من رفاته بأنبوبة بدير السريان العامر بـ«برية شيهيت» المعروفة بصحراء وادي النطرون.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: السنكسار الكنيسة
إقرأ أيضاً:
المعنى في الصورة – أو مشهد ما قبل، وبعد الرصاصة الأولى
عندما تُقرأ الحربُ لا من فُوَّهةِ البندقيّة، بل من تعبيرات الوجه، ووَضْعِيّات الجسد، ونظرات الازدراء والتحدّي، فإنّنا نكون في صُلبِ معركةٍ أعمقَ للحرب الثقافيّة الرمزيّة، التي تُمهِّدُ لما بعدها من عنفٍ ودمار.
فالتحليلُ للحربِ الدائرةِ بأنّها حربٌ تستمدُّ تغذيتها من تاريخٍ مهولٍ من العنصريّةِ والكراهيّةِ وشَتّى علاماتِ الانقسامِ الاجتماعيّ والثقافيّ، قد يستغرق وقتًا وعملًا معلوماتيًّا مُجهِدًا، قد يحتاج إلى عشرات المؤلّفات، كما هي مبذولةٌ لمن أراد التثبّت من الوقائع والإقناع بها. ولكن، صورة فوتوغرافيّة واحدة، في أقل من ثانية، مُقْتطَعة من تصوير فيديو جرى بكاميرا الهاتف أو بكاميرا احترافيّة، في هذا التوقيت من الزمان، تُصبح قادرةً على إيصال المعنى والتأكيد على الحُجّة.
هكذا، انتشر في الأيام الماضية مقطعٌ لفيديو يُظهِرُ شخصًا بدينًا، ضخمَ الجثة، شماليَّ أو وَسَطيَّ الملامح، في لحظة تصوير وهو يتهجّم على صبيّ، تقول هيئتُه إنّه قادمٌ من إحدى مناطق الغرب، أو جبال النوبة، أو جنوب النيل الأزرق، فأبطَلَ من تدفُّقِ الرجل، الذي كان – وفيما ثبت لاحقًا – يُسجّل مقطعًا عن عودة الحياة لطبيعتها في منطقةٍ من مناطق الجزيرة، لصالح قناة الجزيرة مباشر.
تحرُّشُ البدين بالصبيّ في وسط سوق الخضار لم يكن لخطأٍ مقصودٍ أو إساءةٍ مُفتعلةٍ قام بها الصبي، عندما قاطع التصويرَ بمروره ما بين البدين والكاميرا، بل لسوء تقدير، أو عدم معرفة أصلًا بما يجري من تصوير، وما يتطلّبه من سلوكٍ حركيّ ما بين المتحدّث والكاميرا.
لاحقًا، ذُكرت المعلومات أنّه "الشيخ" عبد الباسط الشُّكري، والذي وصفه المحلّلُ المعلوماتيّ والصحفيّ الاستقصائيّ *بُشرى علي* بأنّ آخر وظيفةٍ تسنَّمها كانت مشرفًا على خلوة مجمّع إبراهيم مالك، وما عُرِف عنه حينها باهتمامه بركوب عربته الـ"برادو" الجديدة أكثر من اهتمامه بوظيفة الإشراف على الخلوة. وأنّ المصوّر هو شقيقه المراسل، الذي -فيما يبدو- أراد أن يخصّ شقيقه بالإكراميّة الماليّة التي تُقدّمها القناة في مثل هذه الإفادات.
أظهر الفيديو المُتداوَل عبد الباسط متحرّشًا بالصبي، بينما أبدى الأخيرُ ردًّا دفاعيًّا استثنائيًّا عن كرامته بعدم الانصياع لأوامر عبد الباسط بالابتعاد من دائرة التصوير، الأمر الذي سجّل إعجابًا شعبيًّا منقطع النظير، منحازًا للحظة دفاع الصبي عن نفسه.
الصورة، بالتفاصيل التي أوردتها لغةُ الكلام والجسد، عبّرت عن السلوك العنيف، غير الإنسانيّ، للشيخ عبد الباسط، بحيث انطوت على توبيخٍ لم يكن يجد تبريرًا إلّا في سياقٍ يُذكّرُ بتعامل التّجار التاريخيّين في الرقّ، أو سادة الحملات الاسترقاقيّة باحتقارهم لرعاياهم من المُستَرَقّين. غير أنّ ردّة فعل الصبيّ المُستنكرة ألغت كلّ "ملكيّة" مزعومة لعبد الباسط في الأمر والنهي.
لقد كشفت الصورةُ بجلاءٍ عن انتفاض كرامة "المُستَعبَد المفترَض"، التي رفضت الانصياع، وتمرّدت على التوبيخ، فواجهت النظرة الفوقيّة بندّيّةٍ مذهلة، ما جعل المشهد ليس مجرّد شجار، بل احتكاك هُويّتين: هُويّة "السّيّد"، المرتكزة على الجسد المترهّل، والملبس التقليدي، والميكروفون المثبَّت بعناية، والذي يحمل صورة "الشرعيّة" الإعلاميّة والدينيّة؛ وهويّة الصبيّ، الباحث عن ردّ اعتبار لكرامته التي جُرِحت.
القراءة السيمائيّة البصريّة لزاوية التصوير تُظهر عبد الباسط وهو يطأ بظلّه الجسديّ والنفسيّ على مساحة الطفل، فتعكس نظامًا تراتبيًّا مُكرّسًا، كأنّه يقول: "أنا الأعلى، أنت الأدنى". فلغةُ الجسد، التي تعتمد على القُرب لدرجة الالتحام المُهدِّد بالضرب واستعمال العنف، تصنع خطابًا بصريًّا مُنتِجًا للمعنى، من صراع الاحتقار والمقاومة في دلالته العامّة.
أمّا زاوية التصوير، أو الصورة فلسفيًّا، فتقول أكثر مما يُقال. ففي نظريّة ميشيل فوكو عن السلطة، يُفهم الجسد كمساحةٍ تُمارَس عليها أنظمة الضبط والانضباط. وفي هذه الصورة، يحاول "الشيخ" أن يضبطَ الجسد الخارج عن الطاعة – جسد الصبي – لكن الردّ المقاوم يفضح آليّات السلطة كلّها، بالتحدّي، إلى عكسه: شدّ الصبي لجسده، وإرساله نظرةَ تحدٍّ استثنائيّة للشُّكري.
أمّا في سيمياء رولان بارت، فهذه الصورة تُمثّل لحظةَ انفجارٍ للمعنى، الذي أعاد تعريفها كونها ليست مجرّد صورة، بل خطابًا اجتماعيًّا كاملًا، مشحونًا بالعنصريّة، والتاريخ، والمقاومة، مما يجعلها ليست فقط توثيقًا للحظةٍ عابرة، بل شهادةً بصريّة تعبّر عن أنّ الانقسام الاجتماعيّ في السودان ليس مزروعًا فقط في المظالم السياسيّة والاقتصاديّة، بل في النظرات، والأجساد، وردود الأفعال المتباينة في لحظات الصدام.
المفارقة الساخرة، أنّ هذا التهجُّم وقع أثناء تصوير مشهدٍ إعلاميّ يُفترَض أنّه "يطمئن" الناس على عودة الحياة إلى طبيعتها، بينما "اللاطبيعيّ" تجلّى في عنف الشُّكري ذاته.
وهكذا، نخلصُ من الفيديو، أو الصورة بوصفها وثيقةً وشهادة، إلى أنّ الحرب لم تبدأ مع البنادق، بل بدأت حين تمّ ترسيخ طبقيّاتٍ وإثنيّاتٍ تُهين الإنسان وتُجزِّئه حسب لون بشرته، أو لهجته، أو لباسه. وتُكرِّس لكلّ ذلك حربًا بداخلها قانونٌ غير مكتوب، يحمل اسم: *الوجوه الغريبة*، في أرجاءٍ ومناطقَ بعينها، من بلدٍ من المفترض أن يكون واحدًا، موحّدًا.
wagdik@yahoo.com