أعلن وزيرة الدولة البريطاني للهجرة روبرت جينريك استقالته من منصبه، بعد ساعات من إعلان الحكومة مشروع قانون جديد لإنقاذ خطة ترحيل المهاجرين إلى رواندا. من جهتها، حذرت وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان من أن المحافظين يتعرضون للهزيمة في الانتخابات إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جديدة أبعد من الخطط الحالية، لمواجهة الهجرة.



وجاءت استقالة جينريك الأربعاء، احتجاجا على عدم تضمن المشروع ما يتيح للوزراء تجاوز قواعد القانون الدولي بما يسهّل عملية ترحيل المهاجرين الذين يصلون إلى بريطانيا بطريقة غير قانونية، مثلما كان يطالب الجناح اليميني في حزب المحافظين.


وطرحت الحكومة مشروع "القانون الطارئ" لتجاوز إعلان المحكمة العليا البريطانية الشهر الماضي؛ عدم قانونية خطة الترحيل، حيث أكدت المحكمة أن رواندا لا تعدا بلدا آمنا.

وقال جينريك إن القانون المطروح يقترب من موقفه، لكنه اعتبره غير كاف، وشكك في نجاحه نظرا للتجارب السابقة.

ووصف رئيس الوزراء ريشي سوناك استقالة الوزير بأنها "مخيبة للآمال"، وأعرب عن خشيته من أن موقف جينريك "مبني على سوء فهم عميق للوضع".

وقال وزير الداخلية جيمس كليفرلي أمام البرلمان إن مشروع القانون يهدف لتجنب مواجهة قانونية جديدة بشأن خطة الترحيل.

ووقع كليفرلي اتفاقا جديدا مع رواندا؛ تأمل الحكومة البريطانية أن يؤدي الى ترحيل آلاف المهاجرين إلى البلد الأفريقي.

من جهتها، أكدت الحكومة الرواندية حديث سوناك لنواب حزبه بأنها تقف وراء عدم سن قانون للانسحاب من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان لتسريع الترحيل. وقال وزير الشؤون الخارجية الرواندي فنسنت بيروتا في بيان إن اتفاقية الترحيل مع بريطانيا يجب أن "تتوافق مع أعلى معايير القانون الدولي".

وأعرب نواب من الجناح اليميني لحزب المحافظين الذي يتزعمه سوناك عن استيائهم من قرار المحكمة العليا البريطانية، داعين الأخيرة إلى التفكير في الانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. لكن المحكمة أوضحت أن قرارها يستند إلى عدد من القوانين والمعاهدات، وليس إلى الاتفاقية الأوروبية وحدها.

وتزايدت الضغوط على الحكومة من الجناح اليميني في حزب المحافظين بعد إعلان إحصائيات تتعلق بالهجرة خلال عام 2022، حيث كشفت الأرقام أن صافي الهجرة بلغ أكثر من 700 ألف مهاجر رغم تعهدات الحكومة بتخفيض أرقام الهجرة.


وكشفت الحكومة يوم الاثنين عن خطة لتخفيض أعداد المهاجرين القانونيين القادمين إلى بريطانيا، عبر زيادة الحد الأدنى للأجور التي يمكن أن تُمنح على أساسها تصاريح الإقامة.

من جهتها، حذرت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة المتشددة سويلا برافرمان؛ سوناك من التهاون في قضية الهجرة وإلا فإنه سيواجه هزيمة مؤكدة في صناديق الاقتراع العام القادم.

وكانت برافرمان قد أقيلت من منصبها الشهر الماضي بعد إدلائها بسلسلة من التصريحات المتطرفة ضد مظاهرات مؤيدي فلسطين، وساهمت بتحريض أنصار اليمين المتطرف الذين اشتبكوا مع الشرطة في لندن.

وقالت برافرمان الأربعاء، إن الوقت حان الآن لمواجهة "هجرة جماعية غير شرعية خارج السيطرة" وإلا فإن ذلك لن يحدث أبدا.

وكانت برافرمان قد دعت من قبل إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بشأن الهجرة، وحمّلت اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين والتشريعات الأوروبية لحقوق الإنسان مسؤولية عرقلة خطط الحكومة. لكن موقفها الأخير ذهب أبعد من ذلك، وسيشكل مادة جذب لزملائها اليمينيين في حزب المحافظين الذين يرون أن سيطرة بريطانيا الكاملة على حدودها هي القطعة الأخيرة لاستكمال أحجية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقالت برافرمان للنواب: "إن حزب المحافظين سيواجه هزيمة انتخابية في غضون أشهر في حال تقديم مشروع قانون آخر يكون مصيره الفشل"، وحذرت من أن حزب المحافظين يواجه خيارا بين "الكفاح من أجل السيادة أو ترك حزبنا يموت"، مضيفة "أرفض الجلوس متفرجة وتركنا فريسة للفشل".

ورأت أن سوناك يفتقر إلى "الشجاعة السياسية" للذهاب أبعد من خططه الحالية التي تمت صياغتها بعد أن اعتبر قضاة المحكمة العليا أن سياسة الترحيل غير قانونية بموجب القانون الدولي. ودعت إلى أن يعالج أي مشروع قانون جديد مخاوف المحكمة بشأن الوضع في رواندا للسماح برحلات جوية إلى هناك قبل الانتخابات المتوقعة العام المقبل، من خلال "إغلاق جميع طرق الطعن".

وقالت: "سلطات احتجاز وإبعاد (المهاجرين) يجب أن تكون قابلة للممارسة بغض النظر عن قانون حقوق الإنسان والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية اللاجئين وجميع القوانين الدولية الأخرى".


وحضت برافرمان على تنفيذ عمليات ترحيل المهاجرين في غضون أيام من وصولهم، وعلى "الاحتجاز الإداري للوافدين غير الشرعيين حتى يتم ترحيلهم". وأضافت: "إذا قاد رئيس الوزراء تلك المعركة فهو يحظى بدعمي الكامل"، في إشارة إلى أن سوناك سيواجه معارضة داخلية قاسية من الجناح اليميني في الحزب في حال لم يفعل ذلك.

وكان من المقرر ترحيل أول دفعة من المهاجرين إلى رواندا في حزيران/ يونيو العام الماضي، لكن جرى إنزالهم من الطائرة تنفيذا لحكم قضائي صدر في اللحظة الأخيرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومنذ ذلك الحين ظلت قضية هؤلاء المهاجرين عالقة في المحاكم.

ويصل غالبية المهاجرين القانونيين في قوارب صغيرة إلى الشواطئ البريطانية، انطلاقا من ميناء كاليه الفرنسي، وقد فشلت جهود تخفيض أعدادهم رغم الإجراءات المشددة للمراقبة والاتفاقيات مع الحكومة الفرنسية لمنع انطلاق المهاجرين عبر القنال الإنكليزي.

وسعت الحكومة لتطبيق سياسة لدفع قوارب اللاجئين إلى عرض البحر، لكن الخطة واجهت عقبات.

ولجأت الحكومة إلى إجراءات أخرى لتكون بريطانيا أقل جاذبية للمهاجرين، منها مثلا إيواء طالبي اللجوء في سفينة في البحر أو قواعد عسكرية سابقة بدلا من الفنادق أو الأبنية السكنية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية رواندا المحافظين الهجرة بريطانيا حقوق الإنسان بريطانيا حقوق الإنسان الهجرة رواندا المحافظين سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأوروبیة لحقوق الإنسان القانون الدولی حزب المحافظین

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: تفشي النظرة السلبية تجاه المهاجرين في فرنسا وأميركا يغذي التوترات

يقول الكاتب روجر كوهين، رئيس مكتب صحيفة نيويورك تايمز في باريس والذي يغطي قضية الهجرة وقضايا أخرى في أوروبا، إن الناس في فرنسا، مثلما هو الحال في أميركا، أصبحوا معادين للمهاجرين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مهتمان بذلك.

وأوضح كوهين أنه مع الصعود السريع لتيار اليمين القومي في فرنسا ونظرته إلى المهاجرين باعتبارهم يشكلون تهديدا مباشرا لهوية البلاد في جوهرها، هناك شعور آخذ في الازدياد لدى العديد من الفرنسيين بأنهم لم يعودوا يشعرون بأنهم في وطنهم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مقال في هآرتس: على اليهود الأميركيين محاربة نظام نتنياهو البغيضlist 2 of 2فات الأوان لوقفها.. مؤرخ بريطاني مرموق: لا مفر من حرب عالمية ثالثةend of list

ووصف الكاتب، في مقال تحليلي بالصحيفة، هذا الشعور بأنه غامض لكنه قوي، وينطوي على معطيات، من بينها الإحساس بالحرمان وتغير العادات والأزياء في الأحياء مع وصول المهاجرين المسلمين، لا سيما من دول شمال أفريقيا، وفقدان الهوية في عالم سريع التغير.

استثمار سياسي

ويعتقد الكاتب أن حزب التجمع الوطني، الذي يستمد شعبيته المتزايدة من موقفه المعادي للمهاجرين، قد استفاد من كل هذه المعطيات.

وأظهر استطلاع للرأي، نُشر أمس الأحد، أنه من المتوقع أن يتقدم حزب التجمع الوطني وحلفاؤه باليمين المتطرف في الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية المقررة نهاية الشهر الجاري بنسبة 35.5% من الأصوات.

وقال رئيس الحزب جوردان بارديلا، في تصريح لقناة "فرانس 3" التلفزيونية الأسبوع الماضي، "لن يتسامح أي مواطن فرنسي مع العيش في منزل بلا أبواب أو نوافذ"، وهو ما فسره كوهين بأنه يعني أن الدول تحتاج إلى حدود فعالة يمكن إغلاقها بإحكام.

ويتبنى بارديلا، البالغ من العمر 28 عاما، أفكار اليمين المتطرف من خلال معاداته للهجرة والمهاجرين وللحضور الإسلامي في فرنسا بشكل خاص، وقد تولى رئاسة حزب التجمع الوطني في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2022، خلفا لزعيمته مارين لوبان، ابنة مؤسس الحزب جان ماري لوبان.

صدى في أوروبا

واعتبر كوهين، في مقاله بنيويورك تايمز، أن هذه هي الرسالة عينها التي رددتها أحزاب قومية صاعدة في مختلف أنحاء أوروبا، والتي كانت موضوعا رئيسيا لحملة دونالد ترامب المرشح الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وكانت وراء فوز حزب التجمع الوطني على حزب الجمهورية إلى الأمام، بزعامة الرئيس إيمانويل ماكرون في انتخابات البرلمان الأوروبي هذا الشهر.

ووفقا لتحليل الصحيفة الأميركية، فقد "هزَّت" تلك الهزيمة ماكرون كثيرا، لدرجة أنه ربط المستقبل السياسي للبلاد برهان محفوف بالمخاطر، تجلى في دعوته لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، على أن تعقد الجولة الأولى منها في 30 يونيو/حزيران الحالي.

وتوقعت الصحيفة أن تتولى زمام السلطة في فرنسا حكومة قومية يمينية متطرفة برئاسة بارديلا قبل بدء دورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها باريس في 26 يوليو/تموز.

تعصب مستتر

وأشارت إلى تفشي النظرة السلبية إزاء المهاجرين باعتبارهم يضعفون الهوية الوطنية، ويعتمدون على شبكات الأمان الاجتماعي، ويستوردون العنف، وهو ما يغذيه في كثير من الأحيان تعصب مستتر.

وبحسب كوهين، اضطر زعماء تيار الوسط في الغرب، بمن فيهم الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي ماكرون، إلى التحول من الانفتاح بشأن الهجرة إلى موقف أكثر تشددا لمحاولة "سرقة" أصوات الحركات القومية.

وأضاف أن حكومة ماكرون أقرت، في وقت سابق من هذا العام، مشروع قانون الهجرة الذي ألغى منع ترحيل بعض الأجانب المقيمين في فرنسا، ونفذت الطرد الفوري لكل من رُفض طلبه للجوء، وسعت لإلغاء الحق التلقائي في الجنسية للأطفال المولودين في فرنسا لأبوين أجنبيين، قبل أن يبطل المجلس الدستوري المحاولة.

غير أن تلك التدابير جاءت بنتائج عكسية، حيث رأى تيار اليسار أنها تنطوي على خيانة للقيم الإنسانية الفرنسية، أما اليمين فقد اعتبرها خطوات قليلة جدا وبعد فوات الأوان.

وفي الولايات المتحدة، أغلق بايدن، هذا الشهر، الحدود الجنوبية مؤقتا في وجه معظم طالبي اللجوء، وهو ما عدّه كاتب المقال بمثابة انقلاب جذري باعتبار أن أميركا هي أمة مهاجرين، حتى إن العديد من أنصار حزبه الديمقراطي اتهموه بتبني سياسة إشاعة الخوف التي ينتهجها ترامب.

لكن كوهين يزعم أن قرار بايدن يعكس رغبة العديد من الأميركيين، مثل كثيرين في فرنسا، في سياسات أكثر صرامة بمواجهة الأعداد القياسية من المهاجرين الذين يدخلون البلاد.

تأجيج الغضب

فلماذا هذا التحول إذن؟ يجيب الكاتب بالقول إن المجتمعات الغربية التي تعاني من تفاقم ظاهرة عدم المساواة بين أطيافها المختلفة، قد تخلت عن كثير ممن يشعرون بالظلم، مما أدى إلى تأجيج الغضب.

وفي فرنسا، كان النموذج الاجتماعي، الذي نجح لفترة طويلة، غير قادر على حل المشاكل الناجمة عن فقدان الأمل، وعن فقر المدارس في ضواحي المدن حيث يعيش العديد من المهاجرين. وهذا، بدوره، يغذي المزيد من الإحباط، ويؤدي إلى اندلاع التوترات بانتظام بين المسلمين والشرطة، بحسب نيويورك تايمز.

ولفتت الصحيفة إلى وجود اختلافات ثقافية عميقة بين الولايات المتحدة وفرنسا، ففي حين أن الأولى أمة تشكّل قوامها من الهجرات بطبيعتها المتجددة ذاتيا، فيما الثانية (فرنسا) دولة "أشد صرامة"، يُعد اندماج "الأقليات الظاهرة" في مجتمعها تحديا لصورتها الذاتية، ومصطلح الأقليات الظاهرة يُقصد به المسلمون في فرنسا تحديدا.

ونقلت الصحيفة عن حكيم القروي، مفكر سياسي ومصرفي فرنسي من أصل تونسي، يعمل مستشارا بارزا في شؤون الهجرة، القول إن الإجماع على أن "وضع المهاجرين المسلمين لم يعد قابلا للحل، بات اعتقادا راسخا الآن لدى مختلف ألوان الطيف السياسي"، لدرجة أنه "لا يوجد أي نقاش جدي حول الهجرة، على الرغم من أنها في قلب الحملة" الانتخابية.

وأشارت إلى أن هناك نحو 140 ألف طلب لجوء خلال العام الماضي، بحسب المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية، ويعد هذا الرقم ضعف العدد الذي كان عليه قبل عقد من الزمن، وقدر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، العام الماضي، أن هناك ما بين 600 ألف إلى 900 ألف مهاجر غير شرعي في فرنسا.

مقالات مشابهة

  • الهجرة الدولية: 129 مهاجراً لا يزالون مفقودين عقب غرق قارب تهريب قبالة شبوة
  • ملاسنات وانتقادات في آخر مناظرة قبل الانتخابات البريطانية
  • وكالة الأنباء الفرنسية: ليبيا ساعية لإعادة المهاجرين غير الشرعيين طواعية لديارهم
  • بريطانيا تمنح مواطنيها 75 ألف جنيه مقابل الهجرة.. ما حقيقة المنشورات؟
  • "هل أنتما حقا أفضل ما لدى بريطانيا؟".. مناظرة أخيرة حامية بين سوناك وستارمر قبيل الانتخابات
  • بريطانيا تمنح مواطنينها 75 ألف جنيه مقابل الهجرة.. ما حقيقة المنشورات؟
  • اعتقال 4 أشخاص حاولوا اقتحام منزل رئيس الوزراء البريطاني
  • سوناك: أمامنا عشرة أيام لإنقاذ بريطانيا من حزب العمال
  • برلمانية تدعو على المباشر إلى استقالة وزير الفلاحة بعد “كارثة العيد”
  • نيويورك تايمز: تفشي النظرة السلبية تجاه المهاجرين في فرنسا وأميركا يغذي التوترات