كيف فشل الإعلام الغربي بامتحان الحيادية في غزة؟.. كاتبة أمريكية تجيب
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
نشرت مجلة "ذي نيشين" مقالا للأستاذة في كلية العلاقات العامة والدولية في جامعة برينستون راضية إقبال ناقشت فيه فشل وسائل الإعلام الغربية في نقل أخبار الحرب الدائرة في غزة بشكل محايد.
وقالت إقبال، "في عام 2014، وأثناء توغل إسرائيلي سابق في غزة، كنت أقدم برنامجا مباشرا للأخبار الدولية وشؤون الساعة، ، على إذاعة بي بي سي وورلد سيرفيس- وهو برنامج يحظى بملايين المستمعين في الولايات المتحدة على محطات الإذاعة العامة.
وتابعت، "كنا نغطي القتال بين القوات الإسرائيلية وحماس داخل غزة لعدة أيام عندما مر خبر عاجل في أعلى شاشة جهاز الكمبيوتر الخاص بي: مؤتمر صحفي في بيروت عقده خالد مشعل، الذي كان في ذلك الوقت رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس".
ونقرت عليه لفتحه، فوجد أن حماس قد أعلنت وقف إطلاق النار، وكان لا يزال أمامنا حوالي 20 دقيقة على الهواء، وطلبت من المحرر أن يحجز مراسلا أو محللا ليتحدث إلينا حول هذا التطور المهم، وبدلا من ذلك، قال المحرر شيئا ظل في ذهني منذ ذلك الحين، "دعينا ننتظر حتى تقول إسرائيل شيئا".
وتقول إقبال: "بالنسبة لي، تلك الحادثة تلخص باختصار عنصرا حاسما في قواعد الصحافة: الدولة القومية هي ما نفهمه؛ فهي تتمتع بالقوة والمكانة، وبالتالي فهي صانع الأخبار الأكثر أهمية من الميليشيا التي تقاتل ضدها في هذه الحالة".
قد تجادل بأن التحيز لصالح الدول القومية ليس شيئا خارجا عن المألوف، ولكن في حالة إسرائيل وفلسطين وهو اسم، بالمناسبة، لا يستخدم حتى في تغطية بي بي سي فهذه نقطة مرجعية مهمة".
وتضيف: "نحن نروي لأنفسنا قصصا لفهم العالم بشكل أفضل. في تلك اللحظة، أدركت شيئا ما عن هذه القصة، وكيف سيطرت على حياة الفلسطينيين وشكلتها: إن حقيقة كونهم أكبر مجتمع في العالم بدون دولة يؤثر على كيفية تعامل وسائل الإعلام مع وجهة نظرهم".
وباعتبارها دولة قومية، بغض النظر عن الخلافات بشأن كيفية قيامها، فإن إسرائيل تحظى بالمصداقية والدعم، وخاصة من الولايات المتحدة. وهذا مهم بعدة طرق: كيف ننتج ونؤطر ونشكل الروايات في وسائل الإعلام، ولكن أيضا كيف اعتدنا على استهلاكها.
وقالت إن هذه القصة المثيرة للجدل تشير إلى أن المهم حقا هو من الذي يتحكم في السردية وكيف؟
وتعمل هيئة الإذاعة البريطانية وغيرها من وسائل الإعلام التقليدية بطرق مماثلة، ورغم أنها قد تنفي ذلك، فإنها بقبولها فكرة مفادها أن الدولة القومية تحمل وزنا أكبر، سواء عن وعي أو بغير وعي، فإنها تساعد وتحرض إسرائيل في حرب المعلومات تلك.
وأعني بذلك التركيز والزوايا. والتركيز الذي تعطيه للدولة القومية يبدو واضحا إذا بذلت الجهد لرؤيته".
وترى إقبال أن هناك احتراما لأولئك الذين يمثلون الدولة القومية، ونادرا ما يتم منحه لأولئك الذين يمثلون عديمي الجنسية؛ ومطالبتهم بإدانة حماس لن تصل بك بعيدا.
وأردفت، "أن استخدام اللغة يستحق الدراسة أيضا، فكلمات مذبحة، ومجزرة، والفظائع تستخدم بشكل روتيني لوصف ما فعلته حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لكن سيكون من الصعب عليك العثور على أي من هذه الكلمات المنسوبة إلى تصرفات إسرائيل في غزة.
ويرتدي إرهاب الدولة قناعا رسميا، مكتوب عليه عبارة "الحق في الدفاع عن النفس".
وفي الأيام والأسابيع الأولى من هذه المرحلة من الصراع، أظهرت نظرة روتينية على تطبيق صحيفة "نيويورك تايمز" التقارير الستة أو السبع الأولى التي تبدأ بكلمة "إسرائيل"، حيث هيمنت على أعمدة الرأي ما يحدث داخل إسرائيل.
و"كان الانتقام الإسرائيلي فوريا، إذ قتل عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين، ومع ذلك، ظل المنظور الإسرائيلي يهيمن على التغطية، كما كان الحال في العديد من وسائل الإعلام التقليدية. كان غلاف مجلة "إيكونوميست" في الأسبوع الرابع من الصراع – الذي أبرز عنوان مقال افتتاحي بعنوان "لماذا يجب على إسرائيل الاستمرار في القتال" – صادما بشكل خاص".
وأضافت، "إذا كان المصدر الوحيد لمخرجات هيئة الإذاعة البريطانية هو الموقع الإلكتروني للمؤسسة، الموقع الإخباري الأكثر زيارة في العالم، في الأيام القليلة الأولى، فربما يكون لديك انطباع بأن المعاناة الأكثر شرعية هي معاناة إسرائيل، حيث كانت المعاناة بارزة جدا في روايات ذات اهتمام إنساني من البلاد.
وفي المقابل، كانت معاناة الفلسطينيين أكثر تجريدا؛ ما حصلت عليه كان مجرد أرقام، وحتى تلك كانت موضع تشكيك، ما لم تحصل عليه هو رواية حول أناس حقيقيين وقصص معاناتهم الإنسانية، وإذا أردنا أن نقبل أنه في كل حياة إنسانية يوجد عالم كامل، فإن كل حياة يتم تدميرها تدمر عالما بأكمله.
ورغم أنني الآن أستاذة في جامعة برينستون، في كلية الشئون العامة والدولية، إلا أنني أستمر في استهلاك الأخبار بنهم، لقد دربتني عقود من العمل في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) على البحث عن نهج متوازن، ولكنني أدرك أيضا مدى صعوبة تحقيق هذا الهدف.
وتؤكد هيئة الإذاعة البريطانية، في هذه القصة وغيرها من القصص المثيرة للخلاف، أنه بما أن كلا الجانبين ينتقدان تغطيتها، فلا بد أنها تفعل الشيء الصحيح. قد يقنع ذلك البعض، بما في ذلك أولئك العاملين في هيئة الإذاعة البريطانية. لكنها حجة جوفاء.
ومن المؤكد أن هيئة الإذاعة البريطانية ظلت تحاول تصحيح هذا الأمر لسنوات عديدة. وفي عام 2004، تم تكليف الصحفي البارز "مالكولم بالين" بإعداد تقرير داخلي لفحص تغطية الصراع المستمر منذ عقود.
ولا يزال تقرير بالين طي الكتمان، وقد أنفقت هيئة الإذاعة البريطانية آلاف الدولارات كرسوم قانونية لرفض طلبات حرية المعلومات التي تطالب بنشره.
وقد تجددت الدعوات لنشره في أعقاب 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بسبب استمرار مزاعم التحيز من قبل الجانبين.
ومن المؤكد أن هيئة الإذاعة البريطانية تعرضت لانتقادات من عدة جهات في تغطيتها لهذه الجولة الأخيرة من المذبحة، وتعرض مقر هيئة الإذاعة البريطانية في لندن لهجوم بعد أسبوع واحد فقط من أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
واتهمت جماعة مؤيدة للفلسطينيين الهيئة بأن أيديها ملطخة بالدماء، قائلة إن هيئة الإذاعة البريطانية "تصنع الرضا عن جرائم الحرب الإسرائيلية".
وبعد نحو سبعة أسابيع من الصراع، دعا مسؤول تنفيذي كبير سابق إلى إجراء مراجعة مستقلة للتغطية، قائلا إن مصداقية علاقة المنظمة مع الجالية اليهودية وصلت إلى نقطة اللاعودة.
وهذان مثالان صغيران على حجة كلا الجانبين التي قد تكون هيئة الإذاعة البريطانية حريصة على تسليط الضوء عليها.
ولكن منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وهو يوم وحشي على نحو استثنائي بالنسبة للإنسانية، وما تلا ذلك من قصف غزة، الذي كان وحشيا أيضا على نحو فريد، حدث شيء آخر داخل هيئة الإذاعة البريطانية.
لقد تحدث صحفيوها علنا عن تغطية الهيئة قائلين، إن كونهم يفعلون ذلك دون الكشف عن هويتهم هو أمر مهم. وشعورهم هو أن الشركة تضفي طابعا إنسانيا على الضحايا الإسرائيليين وتغفل السياق التاريخي الرئيسي؛ وقد استقال عدد قليل من الصحفيين بسبب هذا.
ويظهر اتجاه مماثل في تغطية عمليات إطلاق سراح الرهائن والسجناء.
والوضع المثالي هو أنه عند النظر في التغطية بشكل عام، يجب أن يكون هناك شعور بأن قصة أي جانب لا تسود.
ولكن عندما تميل الكثير من القواعد الصحافية، نحو مراعاة أولئك الذين هم في السلطة بالفعل، بدلا من أولئك الذين يسعون إلى تحدي تلك السلطة، فإن عديمي الجنسية قد خسروا بالفعل قبل أن يصلوا إلى خط البداية.
و"من منطلق أن الصحافة هي المسودة الأولى للتاريخ، أترككم مع هذا الاقتباس من الكاتب النيجيري العظيم تشينوا أتشيبي: "إلى أن يكون للأسود مؤرخوها، فإن تاريخ الصيد سوف يمجد الصياد دائما"".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة تغطية غزة الاحتلال المقاومة تغطية العدوان صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هیئة الإذاعة البریطانیة وسائل الإعلام تشرین الأول فی غزة
إقرأ أيضاً:
أستاذ بجامعة القاهرة: وسائل الإعلام التقليدية ضعفت لهذا السبب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور محمود يوسف، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن الصحافة الورقية كانت تلتزم بالجوانب الأخلاقية إلى حد كبير، على خلاف ما هو موجود الآن، مشيرًا إلى أن الصحف ووسائل الإعلام التقليدية ضعفت بسبب تسلل غير المختصين إلى ساحة الأداء الإعلامي.
وأضاف "يوسف"، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي فهمي بهجت، ببرنامج "المحاور"، المذاع على فضائية "الشمس"، أن نسبة الالتزام بالمهنية لا تزيد عن 10 أو 15%، مشيرًا إلى أن كل الأخطاء التي تقع في المضمون الصحفي أو في مواقع التواصل الاجتماعي أو المنصات تتعلق بعدة جوانب تتمثل في الثوابت والمفاهيم الدينية، حيث يتحدث غير المتخصص في الدين، وأحيانًا يحدث تطاول على الدين، بالإضافة إلى انتهاك حق الخصوصية، خلاف عدم مراعاة مصلحة المجتمع.
وأوضح أن تخصص التربية الإعلامية مضمونه موجه حول تحصين الجمهور حول كيفية التعامل مع وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي.