????السفير عبد الله الأزرق يكتب:
????المعقول واللاّ معقول في العلاقات الدبلوماسية (43)
????لندن (6)
لا أذكر لندن إلّا وأذكر شخصياتٍ لها في النفسِ إيقاعٌ ووَقْعُ.
ولا أذكر لندن وأهل الخير فيها، إلّا ويبرز عمنا الشيخ دكتور إبراهيم الطيب الريح، طيب الله ثراه وجعل الفردوس الأعلى مثواه.
تخرج عم إبراهيم من كلية غوردون التذكارية عام 1943.

.
بدأ الشيخ الوقور دكتور إبراهيم حياته التجارية بالسودان، ثم انتقل إلى نيجيريا، حيث توسعت أعماله التجارية وتمددت لتشمل نيجيريا وبريطانيا.
وانتقل دكتور إبراهيم للإقامة بلندن عام 1963، وفيها أصبحت داره مزاراً ومحجةً لفضلاء السودانيين ونخبتهم المتعلمة، فتجد فيها عبد الله الطيب والطيب صالح، ومن إليهم من المهذبين المتعلمين.
ولكن مقامه في لندن لم يقطع صلته بنيجيريا، فأنشأ فيها معهد اللغة العربية للناطقين بغيرها، وتخرج منه الألوف.
وفي لندن كان الشيخ الدكتور إبراهيم ينفق على كل ذي حاجة نفقة من لا يخشى فقراً؛ وأسس منظمة خيرية للرعاية الطبية في السودان.
فكان يرسل قافلة طبية كل ستة أشهر لولاية سودانية. وكانت القافلة تتكون من كل التخصصات الطبية والكوادر الطبية المساعدة والاحتياجات الطبية اللازمة.. ينفق على كل احتياجاتها وتذاكرها من حر ماله.
ولم يكن بالسفارة بند مالياً لمقابلة الحالات الإنسانية والطارئة.
وكنت أتصل به؛ فيقول لي: لا تذكر لي اسم المحتاج، فقط قل لي كم هو المبلغ المطلوب!!! نعم هكذا كان الرجل.
ومن الشخصيات التي أعانت السودان: السيد ديفيد وولتون David Wolton مدير برنامج متطوعي السودان Sudan Volunteer Pragramme (SVP) الذي تأسس عام 1997، وكان يرأس مجلس أمنائه الأستاذ أحمد بدري.
يطّلعُ هذا البرنامج بدور عظيم، إذ يرسل متطوعين إنجليز لتدريس اللغة الإنجليزية بالسودان في الكليات والثانويات.
وحين علمت بالبرنامج من السيد وولتون أعنته بإعفاء كل المتطوعين الذاهبين للسودان من رسوم التأشيرة؛ كما كنت أقنع ذويهم الخائفين من ذهاب أبنائهم للسودان، وأطمئنهم على الأمان والسلام في المناطق التي سيدرّسون فيها.
وخلال فترة عملي والمؤازرة التي قدمتها للبرنامج تضاعف عدد المتطوعين الإنجليز الذين ذهبوا للعمل بالسودان.
وحقيقةً عمل الأستاذ سيف حاج الصافي، وبروفسور محمد التوم ودكتور بدر الدين عمر في إنجاح التجربة.
وكان الأستاذ سيف حاج الصافي يستضيف ديفيد وولتون في منزله العامر عند ذهابه للسودان لتفقد المتطوعين.
وسيبقى في الذهن من نجوم السودان اللامعة ببريطانيا الطبيب بروفسر عبد الجليل علي رئيس (منظمة سلامات الطبية) الذي ينظم حملات طبية تجوب ولايات السودان وتقدم الخدمات الطبية كافة وفي كل التخصصات مجاناً لأهلنا؛ ويعينه الجراح دكتور العماس ودكتور سليم بابكر، وكوكبة نيرة من أطباء سودانيين وغير سودانيين.
وكان لبروفسور عبد الجليل علي، الفضل في تأسيس وحدة غسيل الكلى بمستشفى مدني، التي أصبحت مستشفى بحاله فيما بعد.
وكنت أعفي هؤلاء، بل كل ذاهب متطوع لعمل خيري بالسودان من رسوم التأشيرة ونمنحهم تأشيرة إكرامية Gratis، وهذه من صلاحيات السفير. ونسرّع لهم إجراءات منحها.
وترك هذا أثراً طيباً لدى كل الأجانب خاصة، وكتب لي بعضهم معبرين عن مشاعر تجيش طيباً.
وفي السودان لقيَ المتطوعون للإنجليزية حفاوةً وترحيباً ضاعف من تقديرهم وحبهم للسودان، وشجع البعض على التطوع أكثر من مرة. وكذلك كان يفعل الأطباء غير السودانيين في منظمة بروفسر عبدالجليل
حدثني عم إبراهيم أنه حين ابتدر إرسال الحملات الطبية للسودان، اتصل بنقابة الأطباء السودانيين ببريطانيا، آملاً في حشد جهودها معه للعلاج المجاني لأهلنا بالسودان.
وقال: إنه صدم حين رفضوا، مدَّعين أنه بمبادرته تلك يساعد حكومة الإسلاميين!!!
ولم تكن النقابة سعيدة بعمل (منظمة سلامات) ولم تتعاون معها.
هذا في حين أنها كانت ترسل حملات وسيارات إسعاف لمناطق سيطرة جون قرنق، وتسميها في نشراتها (المناطق المحررة)!!!
وظلت النقابة تحت سيطرة الشيوعيين منذ 1989.
وفي بداية عملي بلندن حضرت اجتماع جمعيتها العمومية، وتحدثت فيه.
ولكن الذي أثار دهشتي أن عدد الحضور لم يتجاوز ستين طبيباً؛ في حين أن ببريطانيا بضعة آلاف من الأطباء السودانيين!!
وكان هذا، فيما علمت، هو متوسط الحضور في كل اجتماعاتها الراتبة التي تختار قياداتها، ورغم ذلك تسمى نفسها (النقابة الشرعية)!!!
وكانت تركز على العمل السياسي المعارض – وليس الخدمات الطبية – ودعم حركة التمرد.
وكان واضحاً عزوف الأطباء السودانيين عنها؛ علماً بأن ترتيبهم من حيث العدد كان الثالث عربياً بعد المصريين والعراقيين.
عُرِف عن المرحوم رفيق الحريري، رجل الأعمال ورئيس وزراء لبنان الأسبق، أنه أتاح ألوف المنح الجامعية للبنانيين، حَسّنت حياة ألوف الأسر اللبنانية.
وكنت آمل أن ألتقي المليونير السوداني محمد فتحي إبراهيم الشهير بـ “مو” إبراهيم.
وكان في ذهني أن أقترح عليه تبني برنامج لاستقدام النابهين من أبنائنا بمنح للدراسة في الجامعات الغربية.
وكنت أفكر في أن اقترح عليه بناء مدينة طبية بالسودان؛ لعلاج أهلنا الذين كانوا يُنفقون أكثر من 700 مليون دولار للعلاج بالخارج كل عام ذلك الوقت.
لكن كل من استشرته صدَّني عن أن أسعى إليه بهذا المسعى؛ وأقنعوني أنه لا يختلف عن نقابة الأطباء ببريطانيا؛ وأنه يخلط بين معارضته لنظام سياسي والعمل على ما ينفع الناس.
وهذه سانحة لنذكر بالخير أم أبنائه التي أقامت أول مستشفى لعلاج سرطان الثدي بالسودان.
اتصل بي مرة خالي عمر البشير الأزرق، وهو رجل خير وبِرْ، تنفق يمينه ما لا تعلم شماله؛ وأفادني أن شاباً من أسرة محترمة شهيرة لها علائق وشيجة بأهلنا مجاذيب الصوفي الأزرق؛ انقطعت صلته بأهله أربعة عشر عاماً، وأنه مقيم ببريطانيا، وأن والديه الكبيرين اشتاقا له، وزودني برقم هاتفه طالباً مني أن أسهل رجوعه للسودان.
اتصلت بالشاب وعرفته بنفسي، وسألته عن سبب تأخره كل هذه المدة عن والديه؛ فقال لي: إنه من دارفور وأنه حصل على اللجوء بتلك الصفة.
قال لي هذا وأنا أعرف أهله جيداً وأعلم أنه لا يوجد واحد منهم غربي النيل الأبيض، دع عنك دارفور!!!
وكان ساسة سودانيون كبار يقيمون ببريطانيا ومعروفون جدا، يشاركون في التوصية بمعلومات كاذبة لطلاب اللجوء؛ وفيهم من استوزر في زمن الإنقاذ، حتى إذا ما فقد المنصب عاد لبريطانيا لممارسة ضلاله القديم.
وبهذا التزوير جرى تجنيس ابن الأديب المرحوم دكتور محمد عبد الحي (والدته عائشة موسى عضو مجلس السيادة فيما بعد) على أساس أنه هدندوي وعضو في حركة معارضة للإنقاذ في مدينة كسلا.
وكذلك فعل ابن نعمات مالك زوجة عبد الخالق محجوب من زوجها الأول.
وقال: إنه من دارفور وإنه فوراوي من مدينة الفاشر، وعضو في حركة عبد الواحد محمد نور، وإن أسرته نزحت جراء بطش حكومة الإسلاميين المتطرفين في السودان.
كانت هذه مجرد نماذج.
وهكذا كانوا يفعلون، غير آبهين بما يصيب صورة الوطن وسمعته.
ومن أراد الاستزادة فعليه بدكتور صلاح البندر، فليس هناك من هو أكثر منه تحقيقاً وتوثيقاً.
????السفير عبد الله الأزرق
————————————
6 ديسمبر 2023

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: دکتور إبراهیم

إقرأ أيضاً:

تبديل العملة يتسبب في ارتفاع المواد الاستهلاكية بالسودان

منحت الحكومة السودانية مهلة جديدة تستمر أسبوعًا لتبديل العملات القديمة من فئتي (500-1000) جنيه، تنتهي بنهاية العام.

بورتسودان: التغيير

قال مواطنون في عدد من الولايات السودانية إن أسعار المواد الاستهلاكية سجلت ارتفاعًا كبيرًا بسبب انتهاء مواعيد تبديل العملة السودانية.

وكانت الحكومة السودانية قد أعلنت الشهر الماضي عن تبديل العملة بسبب عمليات النهب التي طالت البنوك السودانية أثناء الحرب، إلى جانب انتشار عملات مزورة.

ومنحت الحكومة السودانية مهلة جديدة تستمر أسبوعًا لتبديل العملات القديمة من فئتي (500-1000) جنيه، تنتهي بنهاية العام، مع استثناء ولاية الخرطوم ومحليات الدويم والقطينة وتندلتي.

وأكدت وزارة الثقافة والإعلام السودانية أن هذا التمديد يأتي في إطار التزام الحكومة بتلبية احتياجات المواطنين وضمان تسهيل الإجراءات المالية في البلاد.

وأضافت أن هذا التمديد يوفر فرصة أكبر للمواطنين لتبديل العملات القديمة بالعملات الجديدة، مما يعزز الثقة في النظام المالي ويضمن استقرار المعاملات الاقتصادية.

وبحسب جولة لـ (التغيير)، ارتفع سعر كيلو اللحمة الضأن من 22 ألف جنيه إلى 34 ألفًا في ولايتي كسلا والقضارف.

كما وصل سعر جركانة الزيت الكبيرة إلى 110 آلاف جنيه بدلًا من 95 ألفًا، وجوال السكر زنة 50 كيلو إلى 110 آلاف بدلًا من 100 ألف جنيه، وجوال البصل إلى 115 ألفًا بدلًا من 90 ألفًا.

وأرجع تجار أسباب الارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية إلى شح العملات الجديدة في السوق، فيما شكا مواطنون من نقص العملات الجديدة، مشيرين إلى تأثر حركة التجارة بسبب رفض التجار تداول العملات الجديدة فيما بينهم نظرًا لعدم انتشارها بشكل واسع.

وشهدت البنوك في الولايات المستهدفة، مثل الشمالية، نهر النيل، البحر الأحمر، كسلا، والقضارف، ازدحامًا كثيفًا، مما اضطر البنك المركزي إلى تمديد ساعات العمل.

كما كشف المواطنون عن ظهور تعاملات ربوية من بعض السماسرة، حيث يجري تبديل العملة القديمة خارج الأسواق بسعر أقل، مثل تبديل 100 ألف جنيه قديمة بـ80 ألفًا جديدة.

وأوضح الخبير المصرفي عبد الماجد أحمد طه، لـ (التغيير)، أن الهدف من العمليات الجارية حاليًا هو إدخال الكتلة النقدية في النظام المصرفي، وتطويق العملة المزورة والمشبوهة.

وشدد طه على أهمية تمكين بنك السودان من التطبيقات البنكية لتسهيل عمليات السحب والإيداع، حفاظًا على استمرارية حركة البيع والشراء التي أوشكت على التوقف. كما أشاد بقرار تفعيل التحويل المصرفي عبر التطبيقات البنكية.

ووصف طه ما يحدث في السوق من ارتفاع بالأسعار بالمبالغ فيه، مشيرًا إلى أنه ارتفاع غير حقيقي وسيزول بزوال الأسباب المؤدية إليه.

الوسومآثار الحرب في السودان استبدال العملة السلع الاستهلاكية

مقالات مشابهة

  • كارثة جبل أولياء.. هل دخلت السدود في الحرب بالسودان؟
  • الأمم المتحدة قلقة لتفشي المجاعة وتدهور الأمن بالسودان
  • تقرير أممي: تفشي المجاعة في 5 مناطق بالسودان
  • سفير السودان لدى موسكو: لم نرفض استضافة قاعدة عسكرية روسية
  • مخاوف من امتدادها...المجاعة تنتشر في 5 مناطق بالسودان
  • البرهان للمبعوث الأممي للسودان: ملتزمون بالعمل مع الأمم المتحدة
  • إبراهيم الزيات: قانون المسؤولية الطبية يُهدد مهنة الطب ويُعاقب المريض قبل الطبيب
  • نبيلة عبيد تبكي مفيد فوزي في ذكرى وفاته: "ملوش زي وكان يعشق أعمالي"
  • تبديل العملة يتسبب في ارتفاع المواد الاستهلاكية بالسودان
  • وزير الزراعة يدحض بالأرقام التقارير التي تروج للمجاعة بالسودان