عصمت.. إقناع طرفي الصراع لن يكون سهلاً
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
رصد – نبض السودان
اكد القيادي بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في السودان الاثنين أن مهمة التنسيقية في إقناع طرفي الصراع بخارطة الطريق الخاصة بإنهاء الحرب في البلاد “لن تكون سهلة”، لكنه عبر عن ثقته في رغبة الطرفين بإيقاف الحرب الدائرة منذ أكثر من سبعة أشهر.
وقال محمد عصمت عضو المكتب التنفيذي للتنسيقية في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) “عازمون على بذل أي مجهود لوقف الحرب وعودة السلام إلى ربوع البلاد”.
وأضاف “سنستعين بكل أصدقائنا، سواء في المجتمع الدولي أو المجتمع الإقليمي، إضافة إلى دول الجوار التي أعلنت عن مواقف بناءة وأكدت عزمها على ضرورة إيقاف هذه الحرب وعودة المسار المدني الديمقراطي إلى السودان”.
وحول أنباء تعليق المرحلة الثانية من مفاوضات جدة، عبر عصمت عن أمله في استئناف المفاوضات في أقرب وقت ممكن، قائلا “سيظل الأمل معقودا على عودة الرشد والحكمة للطرفين، فهما يعلمان حجم الدمار والخراب الذي حدث في البلاد على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي”.
هذا وتعثرت الجولة الثانية من المفاوضات بين الجيش والدعم السريع في جدة، حيث علقت الوساطة المفاوضات دون إحراز أي تقدم، لا سيما في الملفات الإنسانية ووقف إطلاق النار.
وأبلغ مصدر مطلع وكالة أنباء العالم العربي اليوم بأن محاولات الجيش السوداني إشراك عناصر وصفها بأنها تنتمي لنظام الرئيس السابق عمر البشير شكلت أحد الأسباب الرئيسية في فشل الجولة الثانية من مفاوضات جدة.
وتطرق عصمت للحديث عن اتصالات خارجية مرتقبة ستقوم بها التنسيقية مع عدد من الدول الأوروبية والإفريقية والعربية، موضحا أنها “ليست للبحث عن حلول يتم فرضها على السودانيين”.
وتابع “خارطة الطريق هي مجهود سوداني خالص، وسنستعين بالمجتمع الدولي والإقليمي ودول الجوار فقط من باب التسهيل والتيسير للوصول إلى حل لهذه القضية، ولكن يظل التعويل بالكامل على الجهود السودانية الخالصة”.
كان رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان أكد على أن أي مفاوضات سلام لا تلبي رغبة الشعب السوداني لن تكون مقبولة، ووجه كلامه إلى من وصفهم بأنهم “يتسولون في عواصم العالم ويدعون جلب الحلول”، مشددا على أنه “لن تفرض أي حلول قادمة من الخارج على السودانيين”.
“ليس شرا كله”
أكد عصمت في حديثه إلى وكالة أنباء العالم العربي أن تصويت مجلس الأمن لإنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) لن يؤثر على خطة السلام التي وضعتها تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية.
وأوضح أن البعثة الأممية “جاءت للعمل في ظروف استقرار وسلام، وطبيعة هذه البعثة سياسية بحتة، فقد واجهت صعوبات كبرى في القيام بعملها منذ اندلاع الحرب، وكاد عملها على الأراضي السودانية أن يصبح مستحيلا”.
واعتبر أن قرار إنهاء عمل البعثة “ليس شرا كله، بل حمل أيضا بعض الإيجابيات، ومنها أن القرار قد أكد على وحدة وسلامة أراضي السودان كما أكد على ضرورة التوصل إلى حل للصراع من خلال التفاوض عبر منبر جدة، ودعا إلى وقف إطلاق النار والعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى داخل البلاد في المناطق المتأثرة بالحرب”.
وأشار عضو المكتب التنفيذي لتنسيقية تقدم إلى نقطة سلبية في القرار وهي “تخويل كل المهام التي كانت موكولة للبعثة الأممية إلى وكالات الأمم المتحدة داخل السودان، حيث سيضطر السودانيون إلى التعامل مع عدة جهات بعدما كانوا يتعاملون مع جهة واحدة فقط”.
غير أن عصمت أشاد بقرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اختيار مبعوث شخصي له، وقال “نأمل أن يساهم اختيار غوتيريش للجزائري رمطان لعمامرة مبعوثا شخصيا له إلى السودان في تيسير كل المهام التي يمكن أن تفضي إلى إيقاف إطلاق النار في البلاد، والوصول إلى عملية سياسية تشمل كل السودانيين عدا المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية وواجهاتها تنهي كل ما ترتب على هذه الحرب اللعينة “.
كان مجلس الأمن الدولي اعتمد يوم الجمعة الماضي قرارا يقضي بإنهاء ولاية البعثة الأممية اعتبارا من الثالث من ديسمبر كانون الأول الجاري، ويدعو إلى البدء فورا في وقف عملياتها ونقل مهامها إلى وكالات الأمم المتحدة وبرامجها وصناديقها بهدف إنهاء تلك العملية بحلول 29 فبراير شباط 2024.
وفي الشهر الماضي، عين غوتيريش الدبلوماسي الجزائري لعمامرة مبعوثا شخصيا له إلى السودان.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: إقناع الصراع سهلا طرفي عصمت لن يكون
إقرأ أيضاً:
الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِيٌّ (4)
المُبْتَدَأُ: -
مِن وِجْهَةِ نَظَرٍ مارْكِسِيَّةٍ تُعْتَبَرُ الحُرُوبُ الأَهْلِيَّةُ تَعْبِيراً عَن الصِراعاتِ الطَبَقِيَّةِ وَالتَناقُضاتِ الاِجْتِماعِيَّةِ الداخِلِيَّةِ داخِلَ المُجْتَمَعِ.
وَالخَبَرُ: -
(31)
للقائد الشيوعي الأممي ف. ايلتش لينين رأي واضح في تيار اليساريين الإصلاحيين فقد وصفهم بالانتهازيين، قائلاً: "الإصلاحيون هم انتهازيون يخونون مصالح الطبقة العاملة من أجل مصالحهم الشخصية أو من أجل تحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأجل." مؤكدا أن "الصراع الطبقي هو المحرك الرئيسي للتغيير التاريخي، والإصلاحيون يحاولون تخفيف الصراع عوضا عن تعزيزه.".
(32)
لقد رأينا نحن في السودان؛ بأم أعيننا صدق هذا القول والتحليل؛ حين اعتلت سدة سلطة الانتقال؛ بعد انتصار ثورة 19 ديسمبر 2018م المجيدة مجموعة من الإصلاحيين ضعيفي البصر والبصيرة؛ وكيف أنهم قد فرطوا في أهداف الثورة وشعاراتها، وأضروا بمسارها الثوري؛ حينما ارتضوا شراكة العسكر في السلطة وها نحن نجني علقم غرسهم البائس. القائد الشيوعي الفذ؛ ثاقب البصر والبصيرة لينين؛ ظل يرى أن الإصلاحات قد تحسن ظروف الطبقات المسحوقة على نحو مؤقت، لكنها لا تقضي على اِسْتِغْلالُهُمْ من قبل الرأسماليين؛ قائلا: "الإصلاح هو تحسين ظروف العبودية، أما الثورة فهي تحرير العبيد."
(33)
نحن كشيوعيين؛ ملزمين بقضية نشر الوعي الطبقي؛ ومحاربة أي فكر أو عمل ينتج عنه تأثير معاكس؛ ويؤدي إلى تدهور الوعي الطبقي ومفاقمة الانقسامات القومية بما في ذلك أفكار اليسار الإصلاحي. من الوهم الاعتقاد بأن الطبقة العاملة أو الطبقات المسحوقة على العموم؛ يمكنها أن تجد حلولا لمشاكلها بالتحالف مع هذا الجناح أو ذاك من أجنحة الطبقات السائدة في حالة السلم فكيف بالله عليكم وهي تطحن في رحى حرب ضروس؟!!.
(34)
واجب الشيوعيين يحتم عليهم قول الحقيقة للطبقة العاملة والطبقات المسحوقة، والشرائح الاجتماعية الضعيفة؛ بأن لا تثق بأي جناح من أجنحة الطبقة السائدة، فجميعها دون استثناء بما فيها الأجنحة الإصلاحية؛ تسعى في النهاية فقط لخدمة مصالحها الطبقية؛ ووفقا لميزان القوى في اللحظة التاريخية المعينة.
(35)
طرفا الحرب الدائرة في السودان اليوم؛ يحاولان إخفاء أهدافهما الحقيقية باستعمال كافة أنواع الحيل والدعاوي الأخلاقية. لكن المصالح المادية لا الدعاوي الأخلاقية هي التي تحدد في واقع الأمر؛ ورغم عن ذلك نجد للأسف أن بعض القوى الإصلاحية تعتقد أن بإمكانها ممارسة الضغط على الطرفين لإيفاق الحرب. إن واقع الصراع الدامي الدائر لزهاء العامين حتى الآن يكذب هذا الاعتقاد؛ ويؤكد أن الطرفين لا يضعان أي قيمة لتلك الضغوطات أو المناشدات.
(36)
الحرب وفق تعبير ( كلاوزفيتز) هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى. لقد عجزت أدوات طرفي الصراع (الجيش والدعم السريع) السلمية؛ عن حل تناقضات مصالحهما المادية فانتقلا إلى ممارسة السياسة بوسيلة أخرى أكثر عنفاً. فمن الحتمي عندما يصل الصراع بين طرفين لمرحلة الصراع التناحري؛ أن تتبلور قناعة لدى كل منهما بأن وجود الآخر بات يمثل تهديدا وجوديا له ولمصالحه.
(37)
وفي مثل هذه الحالة التي تطابق حالة طرفي الحرب الدائرة في السودان؛ لا يبقى لدعوات إيقاف إطلاق النار وحقن الدماء العاطفية؛ التي تطلقها بعض القوى الإصلاحية؛ أي تأثير وتظل فقط محض دعوات غارقة في النزعة السلمية والأوهام الدبلوماسية؛ خالية من الموقف الطبقي؛ والحلول الطبقية. وبتصاعد وتيرة التوترات بين القوى الرجعية نتيجة التنافس على السلطة، لحد عجز المنافسة السلمية عن تحديد هوية المهيمن بين القوى، تغدو الحرب هي الخيار الوحيد المتاح؛ خاصة عندما تغدو مصالح القوى الرجعية على المحك.
(38)
الحروب الأهلية ليست مجرد صراعات بين جماعات عرقية؛ أو دينية أو سياسية، بل هي انعكاس لصراع الطبقات الاجتماعية؛ وعلى وجه الخصوص هي صراع الفئات الاجتماعية المهمشة والمستغَلة ضد النخبة الحاكمة أو صراع النخب الرجعية الحاكمة التي تناقضت مصالحها وتعارضت مع بعضها البعض كما هو الحال في الحالة السودانية الراهنة.
(39)
وانطلاقا من هذا الفهم المادي فالدعوات الطيبة للحلول السلمية لمثل هذه الحروب، والمناشدات الخجولة لإيقافها بالحوار المفتقرة للموقف الطبقي، هو موقف مثالي ونهج طوباوي غير واقعي؛ إن المصالح المادية هي الموجه الأساسي للنزاعات والصراعات؛ عليه يجب علينا كشيوعيين أن نرى الواقع كما هو ونسمي الأشياء بأسمائها الصحيحة؛ بقول الحقيقة المستندة على الصراع الطبقي.
يَتْبَعُ
تيسير ادريس
tai2008idris@gmail.com