الحصارُ اليمني على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر يعمق مأساة نتنياهو
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
يمانيون – متابعات
قبلَ أن يَفيقَ الاحتلالُ الإسرائيلي من صدمته السابقة، بالاستيلاء على السفينة GALAXY LADER، فاجأت قواتُنا المسلحة اليمنية الكيان الصهيوني بل والعالم أجمع بعملية نوعية استراتيجية ناجحة أصابت الكيانَ الصهيوني في مقتل.
وبعد أن حذّرهم السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وأكّـد في خطابه أن اللهَ سيمكِّنُ الشعبَ اليمني من أن يظفَرَ بسفن الكيان حتى وإن أنزلت العَلَمَ الإسرائيلي وأطفأت أجهزة التعارف، وَأَيْـضاً بعد أن أطلقت قواتنا المسلحة اليمنية البيانَين: الأول والثاني الذي حذرت فيه من استهداف أية سفينة ترفعُ عَلَمَ الكيان أَو يديرها الكيان أَو يملكها، إلا أن الكيان الصهيوني لم يستجب للتحذيرات، محاولاً الاعتماد على وسائل الهروب والتخفي، كما هو معروفٌ عن طبع الصهاينة الموسوم بالجبن والخوف والمذلة.
وأمام هذه الأحداثِ، تمكّنت قواتنا البحرية خلال عملية نوعية من الاستهداف المباشر لسفينتين صهيونيتين بصاروخ وطائرات مسيّرة، وتحييد البوارج الأمريكية المرافقة لها.
وفي هذا الشأن يقول الباحث والخبير الاقتصادي رشيد الحداد: “إن العملية المباركة التي نفذتها قواتنا المسلحة ضد سفن إسرائيلية في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، وهما السفينة “يونتي إكسبلورر”، والسفينة “نمبر ناين”، تعد رسالة عملية لكيان العدوّ لإسرائيلي وشركائه، ولها العديد من الأبعاد والدلالات سواءً على المستوى الداخلي أَو الإقليمي أَو العالمي، وهي تثبت بما لا يدعُ مجالاً للشك مدى الجاهزية والقدرات الكبيرة التي وصلت إليها قواتنا المسلحة والبحرية، وقدرتها على التأثير في مسار العدوان الصهيوني على قطاع غزة، كما تؤكّـد أن قواتِنا المسلحة -بتوسيع نطاق المعادلة اليمنية التاريخية ضد السفن الإسرائيلية من البحر الأحمر إلى البحر العربي- قادرة على التحكم في الاقتصاد العالمي، وليس منع سفن العدوّ من المرور من البحر الأحمر، ولديها الجهوزية التامة لنفاذ القرار وحمايته من أية محاولات وتحت أية ذريعة”.
وقال: “إن الإغلاق النهائي لأهم الطرق بما فيها مضيق باب المندب، أمام الملاحة الإسرائيلية، يشكل ضربة قاضية للاقتصاد الصهيوني الذي أصبح ينزف تحت طاولة المعادلة اليمنية التاريخية، حَيثُ يعيش أسوأ مراحله في مواجهة أخطر الضربات التي قد تقود الكيان إلى سقوطٍ مدوٍّ، وهو ما أقر به مسؤولون في حكومة الاحتلال، في تصريحاتٍ علنية تكشف حجم التأثير المباشر للعمليات اليمنية التي فرضت حصاراً خانقاً على حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وأوقفت الملاحة في أهم وأبرز موانئها”.
ويؤكّـد الحداد في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أن “العملية جاءت في أعقاب قيام أمريكا وبريطانيا بحشد بوارجها إلى خليج عدن تحت مبرّر مكافحة القرصنة والهدف كان حماية الملاحة الإسرائيلية؛ ظناً منها أن سياسة الترهيب والتلويح بالرد على عمليات قواتنا المسلحة سيثني قياداتنا وشعبنا عن الاستمرار في مساندة الشعب الفلسطيني ونصرة إخوَتنا في قطاع غزة”، موضحًا أن “تلك المحاولات فشلت اليوم في أول رد ضد بوارج العدوّ وسفن الصهاينة وانكشف ضعف العدوّ وشركائه في مواجهة ردع قواتنا البحرية”.
ووفق خبراء فَــإنَّ الضعفَ والعجز الإسرائيلي عن مواجهة عمليات قواتنا المسلحة يعد انعكاساً مباشراً للعجز الأمريكي الواضح في التعامل مع التصعيد اليمني ضد الكيان الصهيوني، في ظل إخفاق القوات والبوارج الأمريكية في حماية السفن الإسرائيلية، ويبدو أن هذا العجزَ المشترك بفعل العمليات البحرية، سيشكل ضغطاً كَبيراً على الأمريكي والإسرائيلي في إيقاف عدوانهما على قطاع غزة بشكلٍ أَو بآخرَ.
دورانٌ إجباريٌّ للخلف:
وبحسب الحداد فقد كان “للعملية الأخيرة خلال اليومين الماضيين صدىً واسعٌ على اقتصاد العدوّ؛ كونها مثلت رصاصة رحمة على اقتصاد العدوّ والحركة الملاحية في ميناء “إيلات” الذي أصبح مغلَقاً اليوم؛ بفعل حصار قواتنا المسلحة البحرية، وهو ما أشَارَت إليه صحيفة غلوبس الاقتصادية “الإسرائيلية”، التي أكّـدت أن الحرب البحرية اليمنية ألحقت أضراراً جسيمة بميناء “إيلات” الذي يواجه تهديداً بالإغلاق، مشيرةً إلى أن الميناء أصبح خاليًا من السفن؛ بفعل العمليات اليمنية ضد السفن الإسرائيلية، وينوي إخراج العمال من العمل وإغلاق بوابات الميناء؛ بسَببِ قلة العمل.
كما أعلنت شركة شحن الحاويات الدنماركية العملاقة «ميرسك»، والتي تحتلّ المرتبة الثانية عالميًّا في هذا المجال، بتملّكها حصّة 14.8 % من إجمالي التجارة تحول مسار سفنها المرتبطة بإسرائيل عبر قناة السويس والبحر الأحمر؛ بسَببِ تهديدات اليمن منها: السفينة «ليزا» التي وصلت من الهند وتمّ توجيهها إلى ميناء صلالة في عُمان، والسفينة «ميرسك باجاني» التي انطلقت من كيب تاون وتمّ تحويلُها إلى موندرا في الهند.
وقد اتّخذت الشركةُ هذه الخطوة؛ لأَنَّ السفينتين لهما علاقة بحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وتستأجرهما مجموعة XT، بقيادة أودي آنجل (50 % مملوكة لشركة آنجل، و50 % لإيدان عوفر)، وفق الحداد.
وجاء ذلك في أعقاب إعلان ثالث شركات الملاحة الإسرائيلية تسيم، تغييرَ خطوط ملاحة سفنها على الرجاء الصالح، بعد ساعات قليلة من تعرُّض سفينتين إسرائيليتين لقصف يمني مباشر في البحر الأحمر؛ ولهذا تحتاجُ السفنُ الإسرائيلية للدوران حول كامل القارة الإفريقية للوصول إلى الموانئ الإسرائيلية، وهذا يستغرق وقتاً طويلاً ويتطلّب زيادةً كبيرة في تكاليف التأمين والشحن؛ ما يعني وصول البضائع إلى الأراضي المحتلّة بأسعار باهظة.
وبحسب الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، فَــإنَّ تغيير السفن الإسرائيلية لمسارها لا يقتصر على ارتفاع أسعار الشحن والتأمين، بل تصاحبه أَيْـضاً تأخيرات واختناقات مرورية بأعداد أكبر من المعتاد؛ إذ أبلغت شركة الشحن MSC عن اختناقات مرورية عند مدخل ميناء أشدود، كما حوّلت شركة Evergreen السفن إلى حيفا البعيدة نسبيّاً عن صواريخ المقاومة الفلسطينية.
ولعل هذا ما أشَارَت إليه صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية التي أكّـدت أن “الحوثيين” حقّقوا نجاحاً كَبيراً في الإضرار بالتجارة الإسرائيلية، في وقت أكّـد مسؤولون إسرائيليون في قطاع الاستيراد، أن قرار تغيير مسار السفن سيؤدي إلى تأخيرات في عمليات التسليم تتراوح بين 30 إلى 50 يوماً؛ اعتماداً على بلد المنشأ والحاويات؛ ما يعني خسائر إضافية للاقتصاد الصهيوني.
ورقةُ ضغط:
وخلال الأيّام الماضية لم يتمكّن الكيانُ الصهيوني من الصمت طويلاً وإخفاء خسائره الاقتصادي جراء منع سفه من المرور عبر مضيق باب المندب.
ويقول الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي: “إن استهداف السفينة UNITY EXPLORER المملوكة لشركة الملاحة الصهيونية RAY SHIPINING التي يملكها الملياردير الصهيوني إبراهام أونجار، وَأَيْـضاً السفينة NUMBER 9 المملوكة للشركة الصهيونية (برنهارد شولت) يشكّل تأثيراً كَبيراً على اقتصاد الكيان الصهيوني، متمثلًا في ارتفاع أجور الشحن والنقل والتأمين إلى قرابة 10 أضعاف، وأصبح الآن الكيان الصهيوني يدفع قيمة البضاعة التي في السفينة ويدفع عليها أجور شحن ونقل وتأمين تعادل قيمة تلك البضاعة”.
وعلى سبيل المثال إذَا بلغت تكلفة الشحنة 100 مليون دولار يدفع عليها 100 مليون دولار شحن ونقل وتأمين، الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع أسعار السلع والخدمات في الكيان، وهذا يعني ارتفاعَ مؤشر التضخم وتكاليف المعيشة؛ الأمر الذي سيعتبر ورقةَ ضغط على حكومة الكيان لكَفِّ عدوانها على غزة، خَاصَّة وأن الكيان يعاني من الكثير من المشاكل الاقتصادية وَأَيْـضاً من المظاهرات من أهل وذوي الأسرى الصهاينة لدى حركة المقاومة في غزة.
ويؤكّـد الجعدبي في تصريحٍ لصحيفة “المسيرة” أن “استهداف السفن الإسرائيلية سيؤدي إلى تأخير وصول البضائع والشحنات من وإلى الكيان، خَاصَّةً أن اقتصادَ الكيان يعتبر اقتصاداً مستوِرداً، حَيثُ بلغت البضائع المفرغة في موانئه خلال العام 2022م حولي 41 مليون طن في حين بلغت البضائع المحملة من الكيان 19 مليون طن.
وتتكبد السفن الآن تحمُّلَ فترة إضافية؛ فبدلاً عن أن كانت الرحلة من الصين إلى الكيان تستغرق 24 يوماً إذَا مرت عبر البحر الأحمر وباب المندب، فَــإنَّ السفينة اليوم بحاجة إلى 55 يوماً لتمُرَّ عبر رأس الرجاء الصالح؛ أي أن الرحلةَ تتأخر 31 يوماً”، موضحًا أن “التكاليف اليومية التي تتحملها السفينة الواحدة تبلغ حولي 500 ألف دولار؛ بمعنى نتحدث عن قرابة تكلفة إضافية تقارب 16 مليون دولار تتحملها السفينة الواحدة؛ ولهذا يمثل البحر الأحمر عصب الحياة الرئيسي والشريان التجاري للكيان، إذ تمر عبره حوالي 35 % من إجمالي واردات الكيان، وخَاصَّة تلك التي تأتي من قارَّتَي أستراليا وآسيا وجزء من قارة إفريقيا، وحوالي 70 % من الغذاء”.
وبحسب الجعدبي فَــإنَّ “استهداف السفن الإسرائيلية ومنعها من المرور في البحر الأحمر، أَدَّى خلال الأيّام الماضية إلى توقف كامل لميناء إيلات من كُـلّ أنواع السفن، إضافة إلى أن ميناء حيفا يكاد يخلو من أية سفينة تتبع الكيان الذي يعتمد على قطاع النقل بنسبه 23 % من إجمالي الناتج المحلي؛ ولهذا فَــإنَّ قطاع النقل يعتبر أحد القطاعات الرئيسية في عصب اقتصاد الكيان الصهيوني.
ولهذا فَــإنَّ تأثيرات العمليات البحرية لم تقتصر على النقل البحري فقط، بل امتدت إلى النقل الجوي، حَيثُ أوقفت 42 شركة رحلاتها إلى الكيان وانخفض عدد الرحلات اليومية في مطار بن غوريون سواءً المغادِرة أَو الواصلة من 500 رحلة يوميًّا إلى حوالي 100 رحلة فقط”.
ويوضح الجعدبي أن “للعمليات البحرية اليمنية تأثيرًا كارثيًّا على اقتصاد الكيان الصهيوني ككل، حَيثُ تأثَّرت أسواق مال الكيان وتأثرت كُـلّ القطاعات (البنوك انخفضت 20 % وقطاع الغاز والنفط قرابة 16 % التكنولوجيا 12 % العقارات 15 % التامين 17 %) الأمر الذي نجم عنه -وفقَ تقارير وزارة مالية الكيان الصهيوني- خسائر فاقت 53 مليار دولار كخسائر مباشرة، إضافةً إلى تدخل بنك إسرائيل لمحاولة إنقاذ الشيكل (عملة الكيان) من الانهيار من خلال ضخ 30 مليار دولار للبنك، مع العلم أن البنكَ يمتلك 200 مليار؛ بمعنى أنه استنفد 15 % من الاحتياطي في الساعات الأولى، ولا ننسَ بأن الكيانَ خلال الساعات الأولى من عمليات “طُـوفان الأقصى” طلب من الولايات المتحدة 10 مليارا دولار وبعدها 14 مليار دولار، ولم يكتفِ الأمر عند ضعف الكيان الاقتصادي بل هناك عجز في الأسلحة والمعدات حتى وصل الحال بالكيان أن يطلب 10 آلاف قذيفة من الولايات المتحدة كانت متجهة إلى أوكرانيا”.
تداعياتٌ جديدة:
وفي ظِلِّ أجواء من التهويل الإعلامي الأمريكي الغربي، والانتشار العسكري الأمريكي في المنطقة العربية في الخليج والمتوسط والبحر الأحمر، في حماية واضحة للكيان الصهيوني الذي يحاول إبادةَ سكان غزة وتهجيرهم والقضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية، خلقت عمليةُ استهداف السفينتين الصهيونيتَين تداعياتٍ جديدةً على حركة الشحن الإسرائيلية، حَيثُ ارتفعت أقساط التأمين بشكل أكبر من السابق على سفن العدوّ مع انخفاض حجم التعامل معها، الأمر الذي يمثل ضربة كبيرة لاقتصاد كيان العدوّ، خُصُوصاً أن قرارَ الاستهداف ومنع السفن لا يزال قائماً حتى انتهاء العدوان على قطاع غزة.
وبعد العملية النوعية للقوات البحرية برزت نتائجُ عدةٌ انعكست على حركة الملاحة من وإلى كيان العدوّ الإسرائيلي، وامتدت لتؤثر على الحياة الاقتصادية الإسرائيلية، وذلك من خلال ارتفاع كلفة نقل البضائع من وإلى الاحتلال، على خلفية تغيير المسارات البحرية التي تسلكها السفن القادمة إلى الموانئ الإسرائيلية أَو المبحرة إلى دول العالم.
ولأن حكومة العدوّ الإسرائيلي لا تمارس أيةَ تجارة عن طريق البر، كما تفعل أُورُوبا على سبيل المثال، فَــإنَّها تعتمد بشكل كبير على موانئها البحرية التي يمر عبرها أكثر من 98 % من تجارة البضائع الإسرائيلية، حسب صحيفة “هآرتس الإسرائيلية”، وبالنظر إلى البيانات الاقتصادية نرى أن تجارة حكومة الاحتلال الإسرائيلي قد تحولت إلى دول شرق وجنوب شرق آسيا في السنوات الأخيرة؛ مما يعني أن تجارتها باتت تعتمد أكثر على الخطوط البحرية التي تمر عبر مضيق باب المندب، علماً أن قيمة البضائع بلغت نحو 46 مليار دولار في عام 2021م، وفي المقابل، تصدر حكومة العدوّ نحو 24.6 % من بضائعها نحو دول شرق آسيا والهند، والتي بلغت قيمتها، في عام 2021م، نحو 15.8 مليار دولار.
ولهذا فَــإنَّ استهدافَ السفن وإغلاق البحر الأحمر من قبل اليمن يفرض حصاراً شاملاً على العدوّ الإسرائيلي، ويلحق أضراراً جسيمة باقتصاده وأمنه، ويؤدِّي إلى أضرار كبيرة، أهمُّها: إطالة مسافة الرحلة؛ أي ارتفاع كلفة النقل، وكذلك ارتفاع قيمة التأمين على البضائع، بالإضافة إلى الضرر غير المباشر الحاصل؛ بسَببِ تأخّر وصولها.
وهذا ينعكس على كُلفة نقل البضائع، وهو ما يتحوَّلُ مباشرةً إلى ارتفاع في أسعار السلع المستورَدة والمُصدَّرة؛ ما يؤثّر سلباً على الاقتصاد؛ فارتفاعُ أسعار البضائع المستوردة يعني ارتفاعاً في معدلات تضخم الأسعار، فيما ارتفاعُ أسعار البضائع المُصدَّرة يعني فقدانَ تنافسية البضائع الإسرائيلية؛ وهو ما قد يحوِّلُ أنظارَ مستوردي هذه البضائع إلى أماكنَ أُخرى أقلَّ كُلفةً.
المسيرة / عباس القاعدي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السفن الإسرائیلیة الکیان الصهیونی فی البحر الأحمر قواتنا المسلحة حکومة الاحتلال ملیار دولار على اقتصاد الأمر الذی باب المندب على قطاع قطاع غزة أ ی ـضا وهو ما ف ــإن
إقرأ أيضاً:
الفنارات البحرية على جزر البحر الأحمر.. دليل ملاحي وتاريخ سياحي
في قلب البحر الأحمر، تتوزع مجموعة من الفنارات التاريخية على جزر معروفة مثل الأخوين، أبو الكيزان، والأشرفي، لتؤدي دورها الأساسي في إرشاد السفن وتوجيه البحارة نحو مسارات الملاحة الآمنة بعيدًا عن الشعاب المرجانية والمناطق الضحلة.
ومع تطور سياحة الغوص بالمنطقة، باتت هذه الفنارات وجهة سياحية تجذب رحلات السفاري البحرية ومحبي استكشاف الجزر النائية، حيث يمكن للزوار التعرف على معالمها والتقاط الصور التذكارية، وهو ما أضاف بعدًا سياحيًا مميزًا لها.
وأوضح حسن الطيب رئيس جمعية الانقاذ البحرى السابق، أن بناء هذه الفنارات يعود إلى فترة افتتاح قناة السويس، حيث كانت تهدف لتوفير إرشاد آمن للسفن العابرة في المجرى الملاحي، ويعتبر فنارا "الأخوين" و"أبو الكيزان" من أبرز الفنارات التاريخية التي تجذب اليوم العديد من الغواصين، لما لهما من طابع أصيل يمتد عبر الزمن، ويحتفظان بوظيفة إرشاد السفن نحو الممرات البحرية الآمنة.
ويشيرالطيب إلى أن الزوار يمكنهم أحيانًا صعود برج فنار الأخوين، الذي يبلغ ارتفاعه 31 مترًا ويعود تاريخه للقرن التاسع عشر، حيث تم بناؤه على يد البريطانيين في عام 1883 وتم تجديده في 1993 من قبل هيئة السلامة البحرية، ويعمل هذا الفنار بعدسة "فرينل" المصنعة بواسطة شركة "تشانس برازرز"، التي تضيء بومضات بيضاء كل خمس ثوان ويصل مدى إضاءتها حتى 20 ميلًا بحريًا.
ولا تزال منارة فنار الأخوين تحتفظ بآليتها الأصلية، حيث يتعين على العاملين تدويرها يدويًا كل أربع ساعات، مما يعكس تفانيهم في الحفاظ على هذا المعلم الأثري الذي يجمع بين التاريخ والملاحة، ويشكل مقصدًا لاكتشاف جمال وروح التراث البحري.