الجامعة العربية تشدد على وقف الحرب على غزة “التي تجاوزت كل حدود الإجرام”
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
القاهرة – أكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي أن الوقف الكامل لإطلاق النار في غزة وحده الذي يجعل للجهود الإنسانية أثرا ملموسا ويغيّر الوضع الإنساني للمدنيين في القطاع.
وأشار السفير زكي في كلمته عبر تقنية الفيديو، أمام المؤتمر الإنساني الدولي من أجل السكان المدنيين في غزة، إلى التدهور الكبير الذي شهده الوضع الإنساني منذ اجتماع الشهر الماضي، والتزايد المطرد في أعداد القتلى، وتفاقم الوضع الغذائي وصولا إلى حالات تقترب من المجاعة.
انتشار الأوبئة
ولفت إلى انهيار الوضع الصحي بشكل كامل تقريبا وانتشار الأمراض على نحو وبائي يُشير بوضوح إلى أن الجهود الإنسانية والإغاثية لا يمكن لها أن تحدث أثرا ملموسا، أو أن تغير في صورة الوضع الإنساني، من دون وقف كامل وشامل لإطلاق النار.
وأضاف السفير زكي: “ترى الجامعة العربية أن كل خطوة لإنقاذ السكان المدنيين والتخفيف من معاناتهم في غزّة هي جديرة بالترحيب. إلّا أن العهود التي تقطعها الدول لا تحمي المدنيين من ويلات القصف والتهجير القسري والموت جوعا أو مرضا. تلك هي الحقيقة التي تتجدّد كل يوم أمام أعيننا على نحو فاضح ومؤلم لمواقف المُجتمع الدولي الذي مازال عاجزا وبسبب – عدم وضوح مواقف دول غربية هامة – عن استجماع إرادته لوقف المذبحة فورا، ومؤلم لكل أصحاب الضمائر في العالم الذين يُتابعون ارتحال نساء غزّة وأطفالها من شمالها إلى جنوبها، هربا من ضربات عشوائية لا تُميز بين طفل ومقاتل، ولا ترحم شيخا أو مريضا”.
لا مكانَ آمنا في غزة
وأردف قائلا: “لا مكان يذهب إليه مئات الآلاف الذين تنقل بعضهم بين أكثر من ملاذ آمن عبر الشهرين الماضيين، بعد أن اتضح بجلاء أن لا مكان آمنا في غزة، لا في الشمال ولا الجنوب.. لا في مدارس الأونروا ولا في المستشفيات. كل إنسان في غزة هو هدف محتمل ومُستباح للقتل في أي وقت، وأي مكان”.
وأوضح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية أن التعهدات الإنسانية والالتزامات بتقديم المساعدات ستظل محدودة الأثر في إنقاذ السكان طالما استمرت آلة الحرب. مبينا أن “إحكام الحصار والتحكم في كميات المساعدات التي تدخل القطاع ونوعيتها من قبل جيش الاحتلال، فهو في حقيقة الأمر حكمٌ مؤجل بالإعدام على مئات الآلاف الذين لا تصلهم الإغاثة في الوقت المناسب”.
الحرب تجاوزت حدود الإجرام
وشدّد على أن فتح ممرات إنسانية مستدامة، عبر آلية فعّالة وناجزة، يظل أولوية مُلحة.
واختتم: “تظل الأولوية المُطلقة هي وقف هذه الحرب التي تجاوزت كل حدود الإجرام، وقوّضت الثقة في منظومة القانون الدولي الإنساني. إننا نتطلع لرسالة، واضحة وحاسمة وموحدة، تخرج عن هذا المؤتمر تدعو إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار”.
المصدر: RT
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
السودان وجنوب السودان: حتاما نساري “الدم” في الظلم (1-2)
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
كانت دولة جنوب السودان كإقليم في السودان معملاً كبيراً لنظرية العرق النقدية في الحرب السودانية، وأهاج أهلها خبر قتل جماعة من مواطنيها العالقين في السودان منذ الانفصال في 2011 بتهمة الارتزاق مع "الدعم السريع" واستنكرته حكومتهم.
ربما لم تكن عبارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في خطاب تنصيبه عن تصفية الليبرالية في المجتمع والدولة في قوة عبارة الرئيس رونالد ريغان، "مستر غورباتشوف اهدم هذا الحائط" التي انطوت بها خيم النظم الشيوعية. ولكن هدم ترمب بعبارته أعمدة العقيدة الليبرالية بلا مواربة. فقال إنه سينهي إشاعة الهندسة الاجتماعية للعرق والجندر في شأنهم العام والخاص. وسيقيم مجتمعاً كفيف البصر حيال اللون وقائماً على مكافأة من أحسن صنعاً. وعليه ستقوم سياسة الدولة على أن هناك نوعين من البشر ذكراً وأنثى.
حديث ترمب هذا يمثل طياً لخيم الليبراليين، أي لنظرياتهم في الهوية والشوكة مثل "الهويات المتقاطعة" (1989)، و"الووك" (2014)، وأشهرها "نظرية العرق النقدية" (آخر السبعينيات أوائل الثمانينيات). وجميعها تلتقي في الاعتراف بالفوارق العرقية سليلة التاريخ الأميركي التي لا تزال قائمة حتى بنهوض حركة الحقوق المدنية للسود الأميركيين. والأخيرة هي النظرية التي تقول إن العرقية ليست نتاج حزازة شخصية للفرد في جماعة ما ضد جماعة أخرى، بل هي ضغينة متوطنة في النظام القانوني والشوكة السياسية والثقافية.
وتريد هذه النظريات الكشف عن هذه المنطويات في التاريخ والواقع لتوضيح كيف تنظلم جماعات من الناس من هذه العرقية بقصد إنهاء آثارها الضارة وبناء عالم عادل وصحي للجميع. وامتد أثر النظرية ليشمل النساء والمثليين. وهي عند المحافظين نظريات هدامة مبالغة تدس بين القوم وتنبش التاريخ لتخجل به قوماً حيال قوم. وتتحول إلى شرطي يتعقب العبارة وصحتها السياسية. ووصف ترمب النظام الأميركي بأنه المكافئ لمن أحسن عملاً من أين جاء مما أراد به الكف عن التوسل بهذه الهويات الأصاغر في مثل التمييز الإيجابي للإحسان، فالإحسان في أميركا لمن أحسن عملاً بلا نظر لعرقه أو نوعه.
لم يجف مداد كلمة ترمب التي هدم فيها أعمدة الليبرالية حتى دخلت دولة جنوب السودان التي كانت كإقليم في السودان معملاً كبيراً لنظرية العرق النقدية في الحرب السودانية. فقد أهاج أهلها خبر قتل جماعة من مواطنيها العالقين في السودان منذ الانفصال في 2011 بتهمة الارتزاق مع "الدعم السريع"، واستنكرته حكومتهم. وساد بين الليبراليين في الشمال، ممن ينتسبون إلى تنسيقية القوى الديمقراطية والتقدمية "تقدم"، أو من حولها، خطاب بدا أنه لم يتصالح بعد مع حقيقة أن السودان صار سودانين اثنين. فظلوا يسمون قرار اعتزال الجنوب للسودان "انفصالاً"، وهي الكلمة البغيضة في القاموس السياسي منذ عهد الاستعمار الذي أدار جنوب السودان بمعزل عن بقية القطر تمهيداً لضمه إلى شرق أفريقيا بما عرف بـ"سياسة المناطق المقفولة". ولا يجد مواطنو جنوب السودان حرجاً في تسمية ما هم فيه "استقلالاً" يعدونه فخراً، ناهيك باستهجان بعضهم أن يوصف استقلالهم هذا بغير ما أرادوا له أن يسمى.
وبينما أحسن هذا الخطاب السوداني الليبرالي حقاً في شجب مقاتل تلك الجماعة الجنوب سودانية، إلا أنه استنكر إخضاع النظر إليها في واقع في الحرب التي نهضت الشواهد على توظيف لمواطني جنوب السودان العالقين وغير العالقين في الحرب إلى جانب "الدعم السريع". فتداولت الوسائط منذ أشهر فيديو لخطيب منهم، بدا كمقاول أنفار، بين جماعة غزيرة من مواطني جنوب السودان يطابق بين "الدعم السريع" وعقيدة السودان الجديد التي كانت عنوان الحركة الشعبية لتحرير السودان ضد دولة 1956، بل أنهى حديثه بـ"دعم سريع وي وي" وهي مما كانت تختم به حشود الحركة الشعبية.
من أفدح ما وقع في هذه المواجهة السودانية - الجنوب سودانية هو استباحة دم السودانيين في جنوب السودان ومالهم في الشغب الذي جرى، بعد سماع مواطني جنوب السودان خبر قتل بعض مواطنيهم في الجار الشمالي. وبدا من عبارات لبعض السودانيين الجنوبيين في الشغب وكأنهم يصفون ما زال حساباً قديماً ضد أبناء الشمال-السودان حين كان البلد واحداً. فكأن مقتل جماعة منهم في سياق الحرب، بغض النظر عن سببه، هو نسخة أخيرة لمقاتلهم في الشمال منذ استقلاله. وينسون هنا أنهم صاروا بلداً مستقلاً بإرادتهم وعزائمهم سواء في ميدان السياسة والحرب ومن فوق حق تقرير المصير، ذؤابة الحرية، في 2011.
وما حال دونهم والتفكير في السودان كدولة مستقلة، حتى لو أخطأت في حق بعض مواطنيهم، هي ثقافة المظلمة التي نشأوا عليها تذيعها الصفوة الليبرالية الشمالية. ونواصل.
ibrahima@missouri.edu