«مزرعة إكسبو».. عودة إلى الطبيعة
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
ضمن فضاء «مزرعة إكسبو» التي تتألق في «كوب 28»، يفيض المكان بالسحر والجمال، وبروائح النباتات العطرية الخضراء التي تبهج الزوار من مختلف أنحاء العالم، وتمنحهم فرصة الاطلاع على أنواعها ونموها بهذه الأرض الطيبة التي تحولت بالإرادة والإصرار من صحراء قاحلة إلى حقول خضراء يانعة، تخاطب الحواس، ضمن تجربة تعليمية ترفيهية تحاكي الأجواء الريفية، ومنصة مستدامة تدعو إلى العودة للطبيعة.
                
      
				
حقول مصغرة
عندما يجول الزائر في «مزرعة إكسبو» بحديقة الفرسان، يمر عبر ممرات مزينة بالنباتات، تفضي إلى حقول مصغرة مفتوحة تزخر بمختلف المحاصيل من طماطم وبطاطا وبصل وجزر وقرنبيط وبروكلي وطماطم، وباذنجان وذرة ونعناع وبقدونس، وغيرها الكثير من الورقيات الخضراء اليانعة، ليستمتع بأجواء طبيعية خلابة، ويضطلع على أحدث التقنيات الزراعية، مع إمكانية تناول الطعام الطازج الذي يأتي من المزرعة مباشرة للمطبخ ضمن ورشة «الطي المفتوح»، إلى جانب المحاضرات والورش التعليمية الزراعية، وكلها عناصر مجتمعة توفر للضيوف السعادة والمتعة، من خلال التواصل مع الطبيعة والتوعية بأهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي عبر الزراعة في البيت أو في الشرفات، في دعوة لاستثمار المساحات مهما كانت صغيرة.
زراعة متجددة
المزرعة المستدامة النموذجية في «إكسبو دبي»، تزخر بشتى أنواع الخضراوات والورقيات، وتقدم تجربة فريدة للاستمتاع بالطبيعة، فهي مبادرة تتبنى الزراعة المتجددة ونهجاً متقدماً لتحسين الموارد وعدم استنزافها؛ بهدف مواجهة التحديات البيئية للزراعة التقليدية، في ظل ندرة المياه والمناخ الحار والتوسع الحضري، داعية جميع أفراد المجتمع للانضمام إلى تجربة تفاعلية ممتعة، والتعرف على قدرات تخزين الكربون في التربة، وإظهار كيف يمكن للمدن النامية الاعتماد على الأغذية المحلية لتحقيق الوفرة دون هدر.
حلول مستدامة
مي شلبي مديرة الاستدامة في مدينة إكسبو دبي، قالت إن فكرة «مزرعة إكسبو» بدأت بالتزامن مع استحداث مدينة مستدامة، قليلة الانبعاثات الكربونية، فكانت هذه المزرعة العضوية التي تحقق الاكتفاء الذاتي وتشكل نموذجاً زراعياً يُحتذى به، بهدف عدم الاعتماد على الأطعمة المستوردة ذات الانبعاثات الكربونية العالية، حيث إن عملية التغليف والتصدير تقلل من جودة المحاصيل، ومع ازدياد عدد السكان يتم استنزاف الغابات من أجل توفير المزارع، وأضافت «لهذا فكرنا في هذا الحل المستدام، لاسيما أن الناس في المستقبل قد يسكنون المدن أكثر من الريف، فاتجهنا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بإنشاء مزارع أكثر في أماكن مفتوحة مأهولة بالسكان، وبكل هذه المعطيات جاءت فكرة هذه المزرعة، بالتعاون مع شركات محلية ودولية لديها ابتكارات وخبرات في هذا المجال».
أقسام
وأضافت مي شلبي: «تعمل مزرعة مدينة إكسبو دبي على توضيح مفهوم النظم الغذائية المستدامة، بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي لدولة الإمارات العربية المتحدة 2051، وتشكل نموذج اختبار للحلول المناخية التي تقدمها، لإيمانها بأن الابتكار والتعاون مع شركاء محليين ودوليين يمكن أن يحقق مستقبلاً أفضل للبشر والكوكب، موضحة أنها تنقسم إلى عدة أقسام، منها مزرعة خارجية عضوية، بالشراكة مع شركتين محليتين، وتتضمن نباتات محلية وصحراوية وطبية، وتوفر الماء وتتحمل درجة الحرارة في الصيف، وهناك قسم الفحم الحيوي العضوي، الذي يتمتع بعدد من التطبيقات الزراعية والقائمة على الطبيعة، فعلى سبيل المثال عند إضافة هذا الفحم الحيوي للتربة الرملية يسهم في تحسين حفظ المياه والعناصر الغذائية، ويتيح للنباتات والمحاصيل الزراعية والأشجار النمو والازدهار، ويساهم في زيادة الإنتاجية الزراعية من المحاصيل، كما أن لديه قدرة على تنقية المياه والتربة الملوثة نتيجة الأنشطة البشرية الخاصة بالتعدين واستخراج الوقود الأحفوري ومكبات النفايات، ويُمكن الحصول على الفحم الحيوي من حرق مخلفات المحاصيل الزراعية، لتكون الاستفادة مضاعفة.
تحتفظ بالماء أكثر 
وفي سياق حديثها عن أركان مزرعة إكسبو دبي، أشارت مي شلبي إلى أن هناك قسم «الزراعة الداخلية» العمودية المائية، بالتعاون مع شركة عالمية في مجال التقنيات الزراعية، موضحة أن الزراعة العمودية تُعيد تدوير الماء وتستهلك أقل من 90 إلى 95 من ماء الري التقليدي، وهذا أمر مهم وحيوي بالنسبة للمناطق الصحراوية، لافتة إلى أن هناك أيضاً تعاوناً مع شركة عالمية أخرى لجمع الرطوبة من الجو وتحويلها إلى ماء يمكن استعماله في الشرب أو ري الورقيات والخضراوات ذات المساحات الصغيرة، مما يجعلها حلاً مثالياً للزراعة في البيوت والشرفات والأسطح، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، كما تضم مزرعة مصغرة للفطر تصلح للبيوت، وهي عبارة عن ثلاجة تم تعديلها لتناسب بيئة إنتاج الفطر، حيث يتم استعمال «بقايا» البن الذي يتم جمعه من المقاهي القريبة من المدينة ومخلفات النخيل، كتربة وسماد للمشروم، الذي يحتاج إلى القليل من الماء والعناية، وهو من الغذاء الصحي والغني بالبروتين، والذي يمكن استخدامه كبديل للحوم.
فحم حيوي مستدام
قالت مديرة الاستدامة في مدينة إكسبو دبي، إن المزرعة تستخدم الفحم الحيوي والمستدام، الذي يتم إنتاجه من مواد نباتية ويتم تخزينه في التربة كوسيلة لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، لتحسين التربة، والذي تقدمه «أهيلثير إيرث»، التي تستخدم الأسمدة الطبيعية من مصنع الإمارات للأسمدة البيولوجية لتعزيز التربة وتغذية المحاصيل، وكحل مبتكر للمياه في البيئات القاحلة، تجمع تقنية «مونتانا تكنولوجي» الرطوبة من الجو وتحولها إلى ماء، مما يجعل الغلاف الجوي مصدراً مائياً متجدداً وثابتاً، كما يتم استخدام بقايا القهوة لزراعة الفطر بالتعاون مع شركة «بلو فارم» ومقرها الإمارات، تتميز المزرعة بمساحات مظللة بألواح الطاقة الشمسية لاستضافة ورش العمل التعليمية وجلسات الاستدامة مع الخبراء، كما يرحب مقهى المزرعة بالزوار للانضمام إلى دروس الطبخ مع أشهر الطهاة لإعداد وجبات مغذية ومستدامة.
من المزرعة للمائدة
«من المزرعة إلى المائدة»، توفر للمطاعم الحصول على متطلباتها مباشرة من المزارعين المحليين، حيث يقوم الطهاة بإعداد قوائم غذائية بناء على المنتجات الموسمية للمزارعين، لتصل هذه المكونات طازجة إلى المطبخ في وقت قصير، وبتبني هذا النهج بدأت مزرعة مدينة إكسبو في إنتاج الأطعمة لمنافذ الطعام الخاصة بها، ووفرت للزوار فرصة الاستمتاع بالطعام المنتج محلياً بمقهى المزرعة، إضافة إلى تنظيم ورش تعليمية تستقبل الأطفال يومياً، فضلاً عن محاضرات يقدمها خبراء في الزراعة، ومزارعون محليون ليتحدثوا عن خبراتهم وتجاربهم ويطلعوا الجمهور على أسرار الزراعة الناجحة في الإمارات.
نصائح
إلى جانب المساحات الخضراء والمنصات التفاعلية، توفر مزرعة إكسبو المعلومات الزراعية التي يمكن الاسترشاد بها، وتنصح بتناول المأكولات الطازجة العضوية المحلية، وتجنب هدر الطعام وتدوير بقاياه وتحويله إلى أسمدة، مع ضرورة تناول الخضراوات والفواكه الموسمية، والعمل على تنوع المحاصيل الزراعية وتناوب مواسمها من أجل استمرار خصوبة التربة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كوب 28 مؤتمر الأطراف الإمارات دبي مدينة إكسبو دبي الاکتفاء الذاتی مدینة إکسبو إکسبو دبی
إقرأ أيضاً:
وزير الزراعة يستعرض مع نظيره الأيرلندي فرص الشراكة في الأمن الغذائي والتكنولوجيا الزراعية
التقى علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ونظيره الأيرلندي، "نويل جريلش"، وزير الدولة للشئون الزراعية والغذاء الايرلندى، وبحضور المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة، وعدد من قيادات الوزارتين من الجانبين لبحث سبل تعزيز وتوسيع آفاق التعاون المشترك بين البلدين في القطاع الزراعي.
يأتي ذلك في إطار جهود تعزيز التعاون الثنائي بين جمهورية مصر العربية وجمهورية أيرلندا في مجالات الزراعة والإنتاج الحيواني والبحث العلمي الزراعي، كما يأتي اللقاء على هامش زيارة وزير الزراعة الأيرلندي إلى القاهرة للمشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير.
وفي مستهل اللقاء، رحب "فاروق"، بنظيره الأيرلندي والوفد المرافق له، مؤكدا على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وتطلعه الى تطوير التعاون في المجالات الزراعية ذات الاهتمام المشترك، بما يساهم في تفعيل الشراكة الاستراتيجية بما يخدم مصالح البلدين، وخاصة في مجالات الأمن الغذائي وتوطين التكنولوجيا الزراعية الحديثة. 
واضاف أن مصر، بفضل توجيهات القيادة السياسية، تسعى جاهدة لتعظيم الاستفادة من الخبرات العالمية، وفي مقدمتها التجربة الأيرلندية المتميزة في الثروة الحيوانية، وتحسين السلالات، والتحول الرقمي للقطاع الزراعي. هدفنا المشترك هو تحقيق مرونة أكبر في سلاسل الإمداد الغذائي وزيادة الإنتاجية بكفاءة، مع دعم متواصل لصغار المزارعين كركيزة أساسية للتنمية الزراعية المستدامة.
فيما أعرب وزير الأيرلندي عن تقديره للتطور الملحوظ في القطاع الزراعي المصري خلال السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن مصر تمثل شريكًا استراتيجيًا مهمًا في مجال الأمن الغذائي الإقليمي. كما أبدى اهتمام بلاده بنقل الخبرات في مجال الرقمنة الزراعية واستخدام التكنولوجيا الحديثة في إدارة المزارع، والاستفادة من التجربة المصرية في مشروعات الري الحديث والتوسع الأفقي في الأراضي الجديدة.
وتناول اللقاء عددًا من الموضوعات ذات الأولوية، من بينها تعزيز التعاون في مجال الثروة الحيوانية والألبان، والاستفادة من الخبرات الأيرلندية في مجال تحسين السلالات،و بحث فرص التعاون في مجال البحوث الزراعية التطبيقية، لا سيما في مجالات استدامة الموارد المائية والتكيف مع التغيرات المناخية، وإمكانية تبادل الخبراء والتدريب الفني بين المعاهد البحثية المصرية والأيرلندية.
وأكد الجانبان على أهمية تعزيز التبادل التجاري في المنتجات الزراعية والغذائية، خاصة في مجالات الألبان واللحوم والتقاوى والأعلاف، مع بحث إمكانية فتح الأسواق أمام المنتجات المصرية في السوق الأيرلندية بما يتوافق مع المعايير الأوروبية، إلى جانب التعاون في تطوير نظم الاعتماد والفحص الزراعى والبيطري، إضافة إلى تشجيع الاستثمارات المشتركة بين البلدين، وتشجيع الكوادر المصرية لزيارة أيرلندا للاطلاع على أفضل الممارسات الزراعية.
وناقش الوزيران أيضا سبل دعم صغار المزارعين، وضرورة تعزيز البرامج التي تستهدف بناء قدرات المزارعين الصغار في مجالات الزراعة المستدامة، وتحسين الكفاءة الإنتاجية، وتوفير الدعم الفني والتدريبي اللازم لهم، وأهمية توفير القروض الميسرة لتسهيل تمويل صغار المزارعين، وكذا تشجيع التعاونيات الزراعية لإنتاج وتسويق المنتجات.
وبحثا أيضا سبل لاستفادة من برامج Horizon الأوروبية للبحث العلمي والتطوير الزراعي،لتبادل الخبرات في إنتاج التقاوى، تربية الماشية، والأسمدة العضوية، والزراعة المستدامة، مع التركيز على تطوير البحث العلمى والتعليم الزراعي وتدريب الكوادر المتخصصة، إضافة إلى تشجيع استغلال الطاقة الشمسية والرياح وإنتاج الهيدروجين الأخضر لدعم الزراعة والصناعات الغذائية، وتعزيز المشروعات الزراعية الحضرية على أسطح المباني ومشروعات الزراعة المستدامة.
وفي ختام اللقاء، تم الاتفاق على اعداد زيارات للكوادر الفنية من الجانبين بشأن تبادل المعلومات والخبرات في مجالات الإنتاج الحيواني والبحوث الزراعية وإدارة الموارد المائية، وكذا دراسة تنظيم زيارة ميدانية لوفد فني مصري إلى أيرلندا للاطلاع على التجارب الحديثة في مجالات التصنيع الغذائي والزراعة المستدامة، إضافة الى تحديد نقاط الاتصال من الجانبين لاستمرار التواصل ومتابعة ما تم الاتفاق عليه.