عباس يجدد استعداده لحكم غزة بعد الحرب.. ونتنياهو: لن يحدث خلال ولايتي
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، موقفه مما يُعرف بـ"اليوم التالي" لما بعد الحرب في قطاع غزة، باستعداد سلطته حكم قطاع غزة، قبل أن يعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه ذلك المقترح، خلال فترة ولايته.
وقال عباس خلال استقباله فيل غوردون مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، إن حل القضية الفلسطينية هو حل الدولتين الذي يتطلب حصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن.
وأضاف: "السلطة الفلسطينية مستعدة لتولي الحكم في غزة والضفة الغربية بعد نهاية الحرب".
ووصل غوردون إلى رام الله الأربعاء قادماً من إسرائيل، حيث أجرى مناقشات مستفيضة وموسعة مع مسؤوليها تناولت قضيتين ترى الولايات المتحدة أنهما مترابطتان: محاولات "إضعاف السلطة" في الضفة، وإقامة كيان فلسطيني واحد يضطلع بمسؤولية الضفة وقطاع غزة بعد انتهاء الحرب الحالية.
وناقش المسؤول الأمريكي، الموفد من هاريس، مع عباس أيضاً هاتين المسألتين، لكنه سمع الكلام نفسه الذي سمعه المسؤولون الأمريكيون الآخرون، ومفاده أن السلطة الفلسطينية موجودة في قطاع غزة ولم تخرج منه وتتحمل مسؤوليته وهو جزء من الدولة الفلسطينية، وأن بسط السيطرة عليه يجب أن يكون في إطار حل شامل تفرض فيه السلطة سيطرة حقيقية على الضفة والقطاع.
اقرأ أيضاً
أكسيوس: تل أبيب أكثر استعدادا للنقاش حول مستقبل إدارة غزة بعد الحرب
وأكد عباس أيضاً معارضته للخطط الإسرائيلية في غزة، وقال إنه لن يسمح بتمرير "التهجير القسري" أو "فصل، أو احتلال، أو اقتطاع، أو عزل أي جزء من قطاع غزة".
وطالب عباس واشنطن بالضغط على إسرائيل من أجل وقف العدوان الإسرائيلي في الضفة وفي غزة، ووقف اعتداءات المستوطنين، والإفراج عن أموال المقاصة والضرائب الفلسطينية المحتجزة لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ومضاعفة إدخال المواد الإغاثية والطبية والغذائية، وتوفير المياه والكهرباء والوقود بأسرع وقت ممكن، وتقديم ما يلزم من مساعدات لتعاود المستشفيات والمرافق الأساسية عملها.
ومواقف عباس تؤكد الخلافات الموسعة حول اليوم التالي للحرب؛ إذ تريد أمريكا "سلطة فلسطينية متجددة" وتريد السلطة حكماً شاملاً في إطار حل سياسي، ولا تريد إسرائيل أي سلطة فلسطينية من أي نوع.
إلا أن نتنياهو ، رد على عباس بالقول: "عباس، لن يتولى السيطرة على قطاع غزة خلال ولايتي".
ونشر نتنياهو، تغريدة جديدة له على حسابه الرسمي في موقع "إكس" (تويتر سابقا)، اتهم فيها عباس بـ"دعم الإرهاب وممولي الإرهاب، ولا يمكنه السيطرة على غزة"، على حد قوله.
وضغط غوردون في إسرائيل من أجل مناقشة تفصيلية حول ما بعد الحرب، وقال مسؤول أمريكي كبير، إنه خلال المحادثات التي جرت هذا الأسبوع مع غوردون، كان المسؤولون الإسرائيليون الذين ركّزوا على خوض الحرب "مستعدين للحديث عن المستقبل" في غزة.
اقرأ أيضاً
مقدمة لنزع سلاحه.. إسرائيل تسعى لإنشاء منطقة عازلة في غزة
وتريد الولايات المتحدة تجنب فراغ الحكم والأمن في غزة بعد الحرب وعدم السماح لـ"حماس" بالنهوض مرة أخرى، كما جاء في تقريرين على "أكسيوس" الأمريكية وموقع "واللا" العبري.
ووصل غوردون وفريقه إلى المنطقة قادمين من دبي، حيث رافقوا هاريس في اجتماعاتها مع عدد من القادة العرب على هامش قمة المناخ، وركزت مناقشاتها في دبي على اليوم التالي في غزة.
وقال المسؤولون الأمريكيون، إن المجموعة ناقشت الأهداف والعمليات العسكرية في غزة، وإن غوردون أطلع الإسرائيليين على نتائج محادثات هاريس في دبي وعرض ما طرحته علناً حول كيفية رؤية الإدارة الأمريكية لإعادة الإعمار والأمن والحكم في غزة بعد القتال.
وأضاف المسؤولون الأمريكيون، أنّ غوردون أخبر نظراءه الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة تريد أن يكون لديها خطة لمستقبل غزة لتجنب السماح لـ"حماس" بـ"العودة إلى الحياة".
وقال مسؤول أمريكي كبير: "كان هناك تحرك على الجانب الإسرائيلي من النقطة التي ركزوا فيها فقط على القتال، ورفضوا مناقشة اليوم التالي، إلى النقطة التي أصبحوا فيها على استعداد للحديث عن المستقبل".
في المقابل، قال مسؤول إسرائيلي كبير، إن حكومة نتنياهو وإدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن تناقشان منذ أسابيع مسألة غزة ما بعد الحرب، وإنه لم يطرأ أي تغيير في النهج الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً
بايدن يدعو لتولي السلطة الفلسطينية حكم الضفة وغزة
واعترف المسؤولون الأمريكيون، بأنه لا تزال هناك اختلافات بين الطريقة التي ترى بها الولايات المتحدة غزة بعد الحرب، وكيف تنظر إليها إسرائيل، بشكل رئيسي حول مسألة الدور الذي ستلعبه السلطة الفلسطينية.
والثلاثاء، اعترض نتنياهو على فكرة أن يكون للسلطة الفلسطينية دور مستقبلي، مشدداً على أن الطريقة الوحيدة للتأكد من أن غزة ما بعد الحرب منزوعة السلاح، هي أن يشرف الجيش الإسرائيلي، وليس القوات الدولية، على هذه العملية.
وفي هذا السياق، قال مسؤول أمريكي: "لا أحد يعتقد أن السلطة الفلسطينية في وضعها الحالي تستطيع إدارة غزة وتوفير الأمن، لكن لا أحد يرى في الوقت الحالي أي بديل لقيادة فلسطينية في غزة بعد الحرب".
وأضاف: "نعتقد أننا في حاجة إلى تعزيز السلطة الفلسطينية حتى تتمكن من حكم غزة".
وتشعر إدارة بايدن بالقلق من أن الخطوات التي اتخذتها إسرائيل منذ الحرب، مثل حجب جزء كبير من عائدات الضرائب التي تجمعها للسلطة الفلسطينية، قد أضعفت قدرة السلطة على أن تكون فعالة، ولا توافق على تصريحات نتنياهو بخصوص غزة.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين، إن أمامهم "الكثير من العمل.. ولن يكون الأمر سهلاً".
اقرأ أيضاً
إسرائيل تدرس خطة بتسليم حكم غزة لمصر.. هذه تفاصيلها
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: نتنياهو عباس إسرائيل حكم غزة أمريكا السلطة الفلسطينية المسؤولون الأمریکیون السلطة الفلسطینیة الولایات المتحدة غزة بعد الحرب الیوم التالی ما بعد الحرب اقرأ أیضا قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
رَجُل إسرائيل يتبوأ منصبه في رام الله
لم يبتهج الشارع الفلسطيني لاستحداث السلطة الفلسطينية منصب نائب للرئيس بعد اجتماع المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك تلبية لشرط أمريكي وغربي، كجزء من عملية إصلاح مطالبة السلطة الفلسطينية بتنفيذها. والإصلاح هنا لا علاقة له برغبة الفلسطينيين ومطالبهم بالإصلاح الذي يلبي مصالحهم الوطنية والسياسية والكفاحية، على قاعدة أساسية من متطلبات المراجعة المطلوبة لكل المسار الفلسطيني، وعلاقته بالمحتل على الأرض، لذلك فإن السعادة التي عبّر عنها أعضاء السلطة وصفقوا للإنجاز؛ بقيت ضمن جدران مكان الاجتماع، الذي تفصله أمتار قليلة عن حواجز ودبابات الاحتلال التي تواصل ارتكاب جرائم القتل والتهجير، وتفرض حصارا مشددا على مدن الضفة، وتواصل ارتكاب جرائم الإبادة في غزة، لذلك رسالة المنصب وصلت لمن ينتظرها على الجانب الآخر.
إحداث المنصب الجديد وهوية الشخصية التي شغلته، حسين الشيخ، ثم الإشادة بهذه الخطوة وتهنئته في منصبه الجديد من دوائر ترشيحه في تل أبيب وواشنطن، كل ذلك كان متوقعا، ويؤكد صحة كل التسريبات التي سبقت تاريخ اجتماع اللجنة المركزية للمنظمة، وما سيصدر عنه، وتحديد اسم الشخصية الأوفر حظا لشغل المنصب، الذي سيخلف زعامة محمود عباس على حركة فتح والمنظمة والسلطة.
إحداث المنصب الجديد وهوية الشخصية التي شغلته، حسين الشيخ، ثم الإشادة بهذه الخطوة وتهنئته في منصبه الجديد من دوائر ترشيحه في تل أبيب وواشنطن، كل ذلك كان متوقعا، ويؤكد صحة كل التسريبات التي سبقت تاريخ اجتماع اللجنة المركزية للمنظمة، وما سيصدر عنه، وتحديد اسم الشخصية الأوفر حظا لشغل المنصب، الذي سيخلف زعامة محمود عباس على حركة فتح والمنظمة والسلطة
يمكن القول في سياق ما يتابعه الشارع الفلسطيني، وعلى وقع اختيار منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية والرئيس، وما أحاط بشخصية حسين الشيخ الأوفر حظا خارج الشارع الفلسطيني وإجماعه ومؤسساته، والمكلف بشكل غير ديمقراطي وحر، وفي غياب إجماع وتمثيل حقيقي للشارع نظرا لانتهاء صلاحية معظم المؤسسات الفلسطينية، إن الشيخ ليس مرشح المؤسسات الفلسطينية، بل كان موضع ترشيح وتزكية إسرائيلية لهذا المنصب.
هناك ملفات كثيرة تتعلق بمسيرة وسلوك أمين سر اللجنة التنفيذية، ووزير الشؤون المدنية سابقا، من التصاقه العضوي مع الاحتلال بالتنسيق الأمني، ومشاركته المقدسة للرئيس عباس في قمع أي حالة نهوض وطني وثوري في المناطق التي تخضع لسلطته مع الاحتلال، وهذا جعل من حسين الشيخ، ومنذ سنوات، رجل إسرائيل في رام الله، كما يُوصف في تل أبيب.
تهم الفساد المالي وقضية التحرش الجنسي بموظفة في مكتبه برام الله، وارتباطه بملف تزوير بيانات كتائب شهداء الأقصى أيام الزعيم الراحل ياسر عرفات الذي أصدر مذكرة اعتقال بحقه عام 2003، بالإضافة لتورطه في ملف التفريط بالأرض لمحاولة توقيع عقد إيجار مع الاحتلال لـ99 عام في ترقوميا.. هذه على ما يبدو من أبرز مميزات الرجل الذي تدرج في تقلد مناصبه، لذلك جاء التعيين المتوقع بخلاف الرغبة الحقيقية والوطنية المطالبة بالإصلاح الداخلي وترتيب الأوضاع، والمفترض أنها تعمل على تعزيز الحريات والمشاركة السياسية، وفق مبدأ ديمقراطي يراعي الحفاظ على الحقوق الفلسطينية ويدافع عنها.
المناصب الفلسطينية، في وضعها الحالي والسابق، فُصلت وفق مقاس أوسلو وملاحقه الأمنية كما هو معروف، ولم يتبق منها شيء له فاعلية ورمزية، بعضها استحدث تلبية لرغبة إسرائيلية أمريكية، وأصبحت من أكبر الأعباء على كاهل الشعب الفلسطيني بعد أعباء استفحال الاستيطان وارتكاب إسرائيل جرائم كبرى على الأرض؛ قوضت ودمرت أوسلو كله. ومنصب نائب الرئيس ومن يشغله، يأتي لتعزيز مكانة ونفوذ المحتل الإسرائيلي لدى السلطة الفلسطينية، وتفاديا لتداعيات ما يجري في مدن الضفة، فتاريخ حسين الشيخ الذي يعرفه أبناء حركة فتح أنفسهم، يتضمن الكثير من علامات الاستفهام المرتبطة بعدم النزاهة وفساد السلوك، وتعيينه في المنصب الجديد والقادم، يُبشر بتداعيات سوداوية وأكثر عبثية على الوضع الفلسطيني. ورغم معرفة الجميع بهذه العلامات، التي تفاقم من وضع الانقسام الفلسطيني بشكل أكثر وضوحا إثر الأداء العاجز للسلطة بعد جرائم الحرب والإبادة الجماعية المستمرة، وعدم القدرة على الاستفادة من المستجدات التي تتطلب بروز عامل ذاتي موحد وقوي وباستخلاص العبر، بدل التنازل والخضوع للإملاءات الإسرائيلية الأمريكية.
مشكلة الفلسطينيين ليست بتحليل ظروفهم وواقعهم، ولا في تحليل سياسات عربية وأمريكية وغربية استعمارية، مشكلتهم في نشوء سلطة تكيفت مع هذه الظروف وأصبحت تبعيتها المباشرة لعدوهم؛ تستجيب تلقائيا لمتطلبات وضغوط إسرائيلية أمريكية، ولا تلتفت بالمطلق لشارعها، إلا في أوامر تشديد الخناق عليه حماية للمستعمر
هناك نجاح إسرائيلي أمريكي في تحديد مناصب الفلسطينيين، وفرض جملة من الشروط والإملاءات المتعلقة بمسارهم، وهناك حالة من اليقين الإسرائيلي والعربي بأن أوضاع الشارع الفلسطيني باتت في أيدٍ أكثر أمنا بالنسبة للمستعمر؛ على الأقل فيما أظهرته مناصب فلسطينية سابقة ولاحقة بغض النظر عن مسمياتها في رام الله، والمعنية بتوطيد التنسيق الأمني وتناغمها مع التطبيع العربي، وقدرتها على امتصاص واحتواء حالة المقاومة ومنع الاشتباك مع الاحتلال. هذا هو معيار الترشيح للمنصب، في الفترة التي ستستمر فيها حال الأوضاع الفلسطينية مع تبوؤ رجل إسرائيل منصبه في السلطة الفلسطينية، فهناك ارتياح لعقيدته وسلوكه، وإعجاب إسرائيلي ببراغماتيته؛ لإيمانه المطلق بضرورة قمع الشارع الفلسطيني، وإعجاب بلغته العبرية التي يتقن من خلالها البوح في الغرف المغلقة برطانة التعبير عن إعجابه بـ"إسرائيل" وتطورها، كما جاء على لسان من التقى به في تل أبيب وفي مناسبات كثيرة.
بكل ألم، نقول إن الانتقال المأساوي الهزلي من الرئيس لنائبه، ليس حلا لرمي أعباء السلطة المتراكمة، بل هو تكريس لتزييف واقع المؤسسات الفلسطينية، وإمعان في خرابها، والاستقواء في تكلسها وترهلها زاد من مأساة فلسطينية من العبث التغول فيها؛ كحل يضمن فقط حالة الانحلال والتكلس المطلوبة إسرائيليا للفلسطينيين. على أية حال، نفاد خيارات ونهج السلطة الفلسطينية وتجوف مناصبها، وفرض التكيف معها بصم الآذان عن كل مطالب الشارع الفلسطيني، أوصل القضية لهذا التقزيم، ومن المشروع الاستعماري الصهيوني بعض النجاحات. فحقل الخيارات الفلسطينية واسع بمقدار توفر الحد اللازم من فاعلية مواقف فلسطينية مرتكزة بالأساس على قوة حركة تحرر وطني ووحدتها وإرادتها.
أخيرا، ثمة حقيقة لا تحتاج الى برهان، وهي أن مشكلة الفلسطينيين ليست بتحليل ظروفهم وواقعهم، ولا في تحليل سياسات عربية وأمريكية وغربية استعمارية، مشكلتهم في نشوء سلطة تكيفت مع هذه الظروف وأصبحت تبعيتها المباشرة لعدوهم؛ تستجيب تلقائيا لمتطلبات وضغوط إسرائيلية أمريكية، ولا تلتفت بالمطلق لشارعها، إلا في أوامر تشديد الخناق عليه حماية للمستعمر.
ومهما كانت مسؤولية السلطة الفلسطينية في تدهور أوضاع البيت الفلسطيني، فإن مظهر الفصائل الفلسطينية السلبي من تراجع مواجهة السلطة في اللجنة المركزية ومنظمة التحرير؛ إلى قبول المشاركة في مناصب فارغة، واستبعاد قوى مؤثرة في الشارع عن القرار الوطني، برهان على أن حالة الانشطار والتنافر ستبقى أحد أهم أسباب ضعف الموقف الفلسطيني، ولن يمنحه قوة لا رئيس ولا نائبه ولا وزير، في الوقت الذي تمارس في إسرائيل قهر الإنسان وامتهان وجوده بطريقة سافرة ومباشرة، وتفرض على الفلسطينيين "رجلها" لإدارة القهر والظلم عليهم.. هكذا وصفته الصحافة الإسرائيلية قبل عامين، "امتلاك الشيخ فرصة لأن يصبح الزعيم القادم للسلطة الفلسطينية على الرغم من عدم شعبيته، ذلك بفضل علاقاته الوثيقة مع إسرائيل والولايات المتحدة"، وهو ما يتحقق.
x.com/nizar_sahli