إغراق أنفاق غزة بمياه البحر.. هل هو قابل للتطبيق وما هي مخاطره؟
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
"فكرة جيدة، لكنني لن أعلق على تفاصيلها"، هكذا رد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الثلاثاء، على سؤال عن تقارير تفيد بأن هناك خطة تم الإعداد لها لإغراق شبكة أنفاق حركة حماس في قطاع غزة، ما أدى إلى تساؤلات بشأن إمكانية تطبيقها عمليا، في ظل تحذيرات من مخاطر بيئية ستظل موجودة لعقود.
وكان تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، قد ذكر الاثنين، نقلا عن مسؤولين أميركيين، أن الجيش الإسرائيلي قام الشهر الماضي بنصب خمس مضخات مياه ضخمة بالقرب من مخيم الشاطئ للاجئين في مدينة غزة، قادرة على غمر الأنفاق خلال أسابيع عن طريق ضخ آلاف الأمتار المكعبة من المياه في كل ساعة.
وقال المسؤولون أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بشأن الخطة الشهر الماضي، لكنها لم تقرر بعد ما إذا كانت ستنفذها أم لا. في المقابل كان هناك تباين في الآراء بشأن الفكرة داخل الإدارة الأميركية، بحسب الصحيفة.
ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق والخبير الأمني الاستراتيجي، آفي ميلاميد، أكد في حديثه مع موقع "الحرة" أن "تطبيق فكرة إغراق الأنفاق أمر ممكن جدا إذا استنزف الجيش الخيارات والبدائل الأخرى".
هل يمكن تطبيقها؟لكن خبير الموارد المائية والبيئة العراقي، عادل المختار، يستبعد في حديثه مع موقع "الحرة" تطبيق هذه الفكرة "لأنها مستحيلة عمليا"، ويعتبر أن تداولها ما هو إلا من قبيل "الحرب الإعلامية" و"أكاذيب إسرائيلية"، حسب تعبيره.
وأوضح أن إغراق الأنفاق يحتاج إلى سحب مليارات الأمتار من مياه البحر ومن ثم ضخها داخل الأنفاق، "هذه الفكرة غير واقعية لأنه يجب ضخ كميات كبيرة تصل إلى 400 متر مكعب في الثانية، وليس هناك مضخات بهذه القدرات يمكنها إغراق مساحة 50 كيلو مترا".
وأضاف: "نحن في العراق أردنا سحب مياه من بحيرة الثرثار إلى نهر الفرات، وضعنا حتى الآن 50 مضخة حتى نتمكن من سحب 80 متر مكعب".
وأكد أن "سرعة نفاد المياه عامل مهم في تطبيق هذا الأمر وإلا سيكون العمل ليس له أي قيمة، هذه الأرض مستوية وسيضطرون إلى أن تكون الخراطيم طويلة يصل طولها إلى كيلومترات حتى تصل إلى فتحات الأنفاق، هذا سيجعل المياه أبطأ في الاندفاع، كما أن هذه المسافات من الخراطيم، تدفع للتساؤل عما إذا كان مسلحو كتائب القسام لا يتمكنون من ضربها".
واعتبر المختار أن الحديث عن "إغراق الأنفاق أحلام وأكاذيب تعودنا عليها، قالوا في السابق إن أسفل مستشفى الشفاء يقع مقر قيادة كتائب القسام، ودخلوا المستشفى ولم يجدوا شيئا، الآن يخرجون بكذبة جديدة حتى لا تكون أرض غزة صالحة للعيش فيها في المستقبل"، وفقا لتعبيره.
في المقابل، ينفي آفي علمه "إن كان يمكن تطبيق الفكرة من الناحية الفنية عندما نتحدث عن شبكة أنفاق ضخمة جدا بنتها حركة حماس تحت الأرض، لكن بالتأكيد، الخبراء الهندسيون يعملون على تطبيق أفضل الأفكار وأقلها ضررا على البيئة".
ويتفق ضابط المخابرات المصرية السابق والخبير الاستراتيجي، محمد عبد الواحد، مع الخبير العراقي في أن الترويج لهذه الفكرة يندرج تحت إطار "الحرب النفسية"، لكنه يرى أنها ليست مستحيلة عمليا، حيث أن مصر طبقتها عندما أغرقت الأنفاق بين شمال سيناء وقطاع غزة قبل سنوات قليلة، بسبب استخدامها من قبل مهربين وإرهابيين، حسب تعبيره.
وقال عبد الواحد، في حديثه مع موقع "الحرة": "مصر أغرقت الأنفاق بمياه البحر في ساعات وليس أيام، لكن الفرق أنه كان لدينا علم وخرائط بكل الأنفاق، بعكس إسرائيل".
وأوضح أن الأزمة هنا لدى إسرائيل أنها لم تتمكن أصلا من معرفة خرائط الأنفاق ولم تكتشف معظمها.
وقال الجيش الإسرائيلي، الأحد، إن قواته عثرت على "أكثر من 800 نفق تحت الأرض" تابع لحركة حماس في قطاع غزة، مضيفا أنه دمر 500 منها.
"معقدة للغاية"ويرى عبد الواحد أن "الأنفاق في غزة مسألة معقدة للغاية وتم تصميمها بطريقة ذكية لم تكتشفها إسرائيل ولا شركاؤها حتى الآن، بدليل أن أفضل الطائرات البريطانية تدخلت منذ أيام بعد الطائرات الأميركية للبحث عن الأنفاق الموجود فيها الرهائن".
يشير الجيش الإسرائيلي إلى الأنفاق التي بنتها حماس على مدار الخمسة عشر عاما الماضية أو نحو ذلك باسم "مترو غزة".
وتشكل الأنفاق شبكة واسعة تُستخدم لتخزين الصواريخ ومخابئ الذخيرة، فضلاً عن توفير وسيلة للمسلحين للتحرك دون أن يلاحظهم أحد.
ويقول الجيش إن تلك الأنفاق تحتوي على مراكز قيادة وسيطرة حيوية لحماس.
لكن عبد الواحد، اعتبر أن ترويج فكرة "إغراق الأنفاق" من قبيل "الحرب النفسية وتدمير الروح المعنوية لدى الشعب الفلسطيني لإنهاء آي آمال له في المستقبل".
"مخاطر بيئية"وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن خبراء بيئيين حذروا الجيش من الإقدام على إغراق الأنفاق بمياه البحر "بسبب آثار بيئية سلبية خطيرة ستمتد لأجيال".
في الظروف العادية، تسقط الأمطار على الأرض وتنتشر إلى مناطق التخزين الجوفية، أو طبقات المياه الجوفية. ويتم ضخ هذه المياه الجوفية إلى الآبار لتوفير مياه الشرب.
ويعيش في غزة أكثر من مليوني شخص، وهي واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض. وتأتي معظم مصادر المياه العذبة في القطاع من المياه الجوفية الضحلة.
وفي السنوات الأخيرة، انخفضت مستويات المياه الجوفية إلى حد كبير، مما أدى إلى دخول مياه البحر إلى طبقة المياه الجوفية واختلطت مع بعض من المياه العذبة المتبقية، لدرجة أن 97 بالمئة من المياه العذبة في غزة لم تعد تلبي معايير جودة المياه التي حددتها منظمة الصحة العالمية، بحسب الصحيفة.
وحتى قبل الحرب، كان معظم سكان غزة يعتمدون على صهاريج المياه الخاصة وعلى إنتاج محطات تحلية المياه الصغيرة للحصول على مياه الشرب.
في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، والذي قتل فيه عناصر حركة حماس، المصنفة كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، حوالي 1200 شخص واختطفوا 240 آخرين، قامت إسرائيل بإغلاق ثلاثة خطوط أنابيب تحمل مياه الشرب إلى القطاع. وتحت ضغط أميركي، أعادت فتح اثنتين منها.
ومع ذلك، لا يزال سكان غزة يعانون من نقص شديد في المياه النظيفة.
ونقلت الصحيفة عن الخبير معهد زوكربيرج لأبحاث المياه في جامعة بن غوريون، في إسرائيل، إيلون أدار، أنه إذا تم ضخ عدة ملايين من الأمتار المكعبة في الأنفاق وتسربت إلى طبقة المياه الجوفية، فإن "التأثير السلبي على نوعية المياه الجوفية سيستمر لعدة أجيال، اعتمادا على الكمية التي تتسرب إلى باطن الأرض"، مشيرا إلى أن إسرائيل لن تتأثر، لأن المياه الجوفية الساحلية تتدفق من إسرائيل إلى غزة وليس العكس.
وأضاف: "كمواطن إسرائيلي، على الرغم من الكارثة التي مررنا بها في السابع من أكتوبر، ما زلت أعتقد أنه على المدى الطويل، وبما أننا نفكر في المستقبل، سيكون من غير الصحيح سياسيا وأخلاقيا أن يكون لدينا جار عطشان".
وقالت رئيسة برنامج الهندسة البيئية في جامعة تل أبيب، هداس ماماني، إنه يجب أخذ التأثيرات البيئية لجميع خيارات تدمير الأنفاق بعين الاعتبار، واختبار آثارها على الهواء والماء والتربة والهيدرولوجيا والبيئة مقدما".
وأكد ميلاميد في حديثه مع موقع "الحرة" أن "الجيش الإسرائيلي لديه بالفعل علم من أن هناك مخاوف من أن يكون لهذه الخطوة تاثيرات سلبية لجودة المياه الجوفية والبيئة، هذا الموضوع معلوم لدى السلطات لكن لا أعلم ماذا سيكون القرار النهائي".
وأضاف أن "القرار الذي سيتخذ سيكون بناء على ما هو أفضل نفعا وأقل ضررا بما يتعلق بالبيئة والمنطقة".
في المقابل، أعرب اللواء محمد عبد الواحد عن "اندهاشه" من "أن إسرائيل لديها تخوفات بيئية".
وقال: "إسرائيل بالفعل تلقي على المدنيين قنابل فسفورية ستظل موجودة لأشهر طويلة جدا، فالفسفور يحترق كلما يجد الأكسجين، ويؤدي إلى تشوهات في الأطفال، كما أنها تستخدم أسلحة محرمة دولية، ما أدى إلى ظهور أمراض يعجز الأطباء عن تفسيرها وعلاجها، فضلا عن حجم القنابل والمتفجرات والألغام التي لم تنفجر بعد، والجثث المتناثرة في الشوارع التي تتحلل من العفونة وتنشر البكتيريا. ألا يؤثر كل هذا على البيئة".
وتنفي إسرائيل استخدام أسلحة محرمة دوليا في غزة.
تفجير الأنفاقوتابع: "لو اكتشفت إسرائيل نفقا لماذا لا تدمره بدلا من إغراقه، جيشها لديه أنواع من القنابل غير موجودة في أي مكان في العالم، منها صواريخ خارقة متفجرة تقوم بعملها على مرحلتين، جزء يخترق دون أن ينفجر، ثم بعد أن يخترق لعدة أمتار ينفجر، فضلا عن أن لديه قنابل اهتزازية تأخذ الأكسجين في الهواء وعندما يخترق الغلاق الجوي يعوض هذا الكسجين فيقوم بعمل موجة انفجارية ضخمة للغاية مثل الزلازل، فضلا عن قنابل تفريغية. كل هذه القنابل استخدمتها إسرائيل في غزة خاصة في المناطق المحيطة بالمستشفيات اعتقادا منها أن الأنفاق منتشرة في هذه المناطق".
وقال ميلاميد: "من ناحية تفجير الأنفاق، هذا ممكن من الناحية الفنية وهو أحد الخيارات، ونحن فعلنا ذلك ودمرنا الكثير منها بواسطة المواد المتفجرة، وهذا هو الأسلوب الذي اتخذه الجيش حتى الآن".
تشير ماماني إلى أن تفجير الأسلحة في الأنفاق قد يكون له أيضا عواقب بيئية، إذا تسربت مواد سامة خطيرة ومعادن ثقيلة إلى المياه الجوفية.
وبعد الحديث مع متحدثي الجيش الإسرائيلي، وإرسال أسئلة بشأن فكرة إغراق الأنفاق ورده على الاتهامات المتعلقة بأنه لا يأبه للمخاطر البيئية في الحرب الدائرة، كان الرد "بعد فحص، لا تعليق لجيش الدفاع على كافة الأسئلة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی المیاه الجوفیة إغراق الأنفاق عبد الواحد میاه البحر من المیاه فی غزة
إقرأ أيضاً:
ما هو تأثير «البيلينج» على البشرة؟.. احذر مخاطره كارثية
يتسبب التقشير الكيميائي أو ما يدعى «البيلينج» في حدوث عَدوى بكتيرية تؤثر على البشرة، لاحتوائه على محلول يوضع على الجلد لإزالة الطبقات العلوية منه للتفتيح، وعادةً ما تكون ضارة وتؤدي إلى الإصابة بالتهابات وندوب دائمة، خاصة إذا تم إجراؤها بشكل غير صحيح.
وهناك بعض التحذيرات المصاحبة لوضع البيلينج على الجلد، فما هي؟ وكيفية تجنب أضراره على البشرة؟
ما هو البيلينج؟التقشير الكيميائي هو إجراء يُستخدم لتجديد سطح وخلايا البشرة، ويعمل على التفتيح بصورة كبيرة، ولكن قد يتسبب في الكثير من الأضرار، وبحسب «مايو كلينك»، المتخصص في الشئون الطبية، فإن التقشير الكيميائي يعمل على إزالة خلايا الجلد بدرجة أكثر عمقًا.
وتتمثل أضراره في التالي:
يعمل التقشير الكيميائي على احمرار الجلد. يزيد من تقشر البشرة بصورة كبيرة. يتسبب في تورم الجلد. التقشير الكيميائي يتسبب في حدوث عَدوى بكتيرية. زيادة حساسية البشرة. التعرض لحروق كثيرة في الجسم. أضرار الـ«بيلينج» التقشير الكيميائيالتقشير الكيميائي يسبب آثارًا جانبية مختلفة، بحسب ما أوضحت الدكتورة إيمان سند، أستاذ الأمراض الجلدية والتجميل، وأكدت أنه يسبب التجاعيد والندبات وحب الشباب وظهور البقع على البشرة، وأضراره تأتي من أنه يتم وخز الجلد بمادة كيميائية تحتوي على حمض التريكوروسيتيك ما يؤثر على البشرة، ولكن من الممكن إجراءه في عيادات طبية من قبل أطباء التجميل والليزر وليس في صالونات التجميل، لتمكنهم من الحد من أثار مادة الفينول التي قد تدمر البشرة.
محاذير يجب اتباعها عند إجراء التقشيرللابتعاد عن أضرار التقشير الكيميائي يجب الانتباه إلى درجة عمق التقشير، بحسب ما أوضحت «سند»، خلال حديثها لـ«الوطن»، مشيرة إلى أنه يجب الاهتمام بوضع المرطبات عدة مرات في اليوم لمدة أسبوعين تقريبًا بعد إجراء التقشير، مع بعض الإرشادات التالية:
استخدام مستحضرات التجميل لعلاج أي احمرار. استخدم مستحضرًا واقيًا من الشمس يوميًا. الجلد الجديد يصبح أكثر حساسية للشمس، لذلك يجب الاهتمام به وعلاجه بالمراهم واحتياطات الطبيب. إجراء فحص بعد فترة وجيزة من العلاج حتى يتمكن الطبيب من متابعة عملية التقشير الكيميائي.