بعد تحليل دقيق.. واشنطن تقول إن طرفي الصراع في السودان ارتكبا جرائم حرب
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، عن توصله إلى أن أفرادا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم حرب في السودان.
كما قرر بلينكن، أن أعضاء قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً.
وذكر بلينكن، في بيان، أن هذا القرار جاء "بناءً على التحليل الدقيق الذي أجرته وزارة الخارجية للقانون والحقائق المتاحة".
وتعاون الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، ونفذا انقلابا في 2021، لكن الصراع اندلع بينهما في أبريل بسبب الخلاف على خطة لمرحلة انتقالية جديدة.
وقال بلينكن إنه "منذ اندلاع القتال في السودان في 15 أبريل أطلقت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع العنان لأعمال عنف مروعة وموت ودمار في جميع أنحاء السودان".
وأشار إلى أن المدنيين هم من تحملوا تداعيات "ذلك الصراع الذي لا داعي له، وتعرض المعتقلون للإساءة وقتل بعضهم في مواقع الاحتجاز التابعة للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع".
وقال البيان، إن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في جميع أنحاء السودان قامت بترويع النساء والفتيات من خلال العنف الجنسي أو مهاجمتهن في منازلهن أو اختطافهن من الشوارع أو استهداف أولئك الذين يحاولون الفرار إلى بر الأمان عبر الحدود".
وتصاعدت وتيرة القتل والعنف والنزوح بعد اندلاع الصراع الذي تسبب في تشريد أكثر من 6.5 مليون شخص داخل وخارج السودان وقوض الاقتصاد وأدى لمذابح على أساس عرقي في دارفور.
وقال وزير الخارجية الأميركي: "لقد تسبب توسع الصراع الذي لا داعي له بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في معاناة إنسانية خطيرة". داعيا إلى وقف فوري للحرب، "والامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان ومحاسبة المسؤولين عن الفظائع، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق".
وشدد وزير الخارجية الأميركي على أن "قرار اليوم لا يستبعد إمكانية اتخاذ قرارات مستقبلية مع توفر معلومات إضافية حول تصرفات الأطراف. والولايات المتحدة ملتزمة بالبناء على هذا التصميم واستخدام الأدوات المتاحة لإنهاء هذا الصراع والتوقف عن ارتكاب الفظائع وغيرها من الانتهاكات التي تحرم الشعب السوداني من الحرية والسلام والعدالة".
وجاء بيان بلينكن في وقت تعثرت فيه مجددا المحادثات التي تجرى بوساطة سعودية وأمريكية بين طرفي الصراع في السودان، واستمرار القتال.
وصعد الجيش السوداني نبرته، ويقول السكان إنه كثف ضرباته الجوية في العاصمة الخرطوم بينما توغلت قوات الدعم السريع شبه العسكرية في منطقتي دارفور وكردفان.
وتم تعليق محادثات جدة في يونيو ثم استؤنفت في أكتوبر. وذكرت مصادر سودانية مشاركة في المحادثات أن الطرفين اجتمعا هذا الأسبوع دون التوصل لاتفاق جديد بعد فشل تحقق أهداف الالتزام بنبرة هادئة والقبض على رجال البشير وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.
وفرضت الولايات المتحدة، الاثنين، عقوبات على ثلاثة مسؤولين بالمخابرات خلال فترة حكم البشير بسبب ما تردد عن ضلوعهم في إشعال الصراع بين الطرفين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وقوات الدعم السریع المسلحة السودانیة قوات الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
البرهان وحميدتي.. “سباق الحكومتين” يعقد فرص حل الصراع في السودان
تتجه قوات الدعم السريع في السودان إلى تشكيل حكومة تضم مجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة في مناطق "قوات الدعم السريع"، تكون "موازية" للحكومة التي يقودها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وتعمل من مدينة بورتسودان.
وذكرت وسائل إعلام سودانية، أن "القوى السياسية والحركات المسلحة التي تؤيّد قوات الدعم السريع أرجأت للمرة الثانية، الثلاثاء، التوقيع على الميثاق السياسي الممهّد لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة القوات بناءً على طلب تقدم به رئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو، وذلك خلال فعاليات المؤتمر التأسيسي في العاصمة الكينية نيروبي.
وتم تأجيل مراسم توقيع وثيقة الإعلان السياسي المؤسس للحكومة الموالية للدعم السريع إلى، يوم الجمعة المقبل، لإتاحة الفرصة لمزيد من المشاورات.
وبعد نحو أكثر من 20 شهراً من القتال الطاحن بين الجيش والدعم السريع، ينتقل الوضع إلى مربع جديد يحمل معه تغييراً "جيوسياسياً" بحثاً عن شرعية وخلق مشهد جديد لصالح أحد الطرفين.
خارطة طريق البرهان وميثاق حميدتي
خارطة الطريق، التي أعلنها رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، قبل أسبوعين، تشمل تشكيل حكومة تصريف أعمال، "الغرض منها إعانة الدولة على إنجاز ما تبقى من الأعمال العسكرية، والمتمثلة في تطهير كل السودان من المتمردين"، وفق البرهان.
ولفت البرهان إلى أن "تعديلات الوثيقة الدستورية تجعلها مختلفة عما كانت عليه مع الشركاء السابقين الذين أصبحوا أعداءً اليوم"، مشيراً إلى أنه "بعد إجازة الوثيقة الدستورية سيتم تشكيل الحكومة، واختيار رئيس وزراء ليقوم بمهام في إدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون أي تدخل".
وفي هذا الصدد، قال رئيس التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول، وهو أحد المشاركين في الدفع بوثيقة الحكم لرئيس مجلس السيادة لـ"الشرق"، إنه من "الضروري حالياً التركيز على الحوار بين السودانيين الذي سيفرز وضعاً دستورياً".
وأضاف أردول: "بحسب الخطة التي قُدمت ستكون هناك فترتين، تأسيسية وأخرى انتقالية، الأولى تمتد عاماً على الأقل، من أجل ترتيب الأوضاع، وتقودها حكومة تصريف الأعمال، بمشاركة القوى السياسية الأخرى".
وشدد على أن "الأطراف المشاركة تحدد عبر آليات بعينها، منها مجلس الحكماء لاختيار شاغلي المناصب الدستورية بما فيها رئيس الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي الانتقالي".
في المقابل، يرى النبي محمود، رئيس حركة تحرير السودان الديمقراطية، وأحد المشاركين في وثيقة التأسيس التي تدعمها قوات الدعم السريع، في حديثه لـ"الشرق" أن "الحكومة التي ستتمخض عن الوثيقة التأسيسية لن تؤدي إلى تقسيم السودان، وهي تتضمن توافقاً سياسياً وعسكرياً بين أطرافها الموقعة"، التي يعتبرها بأنها "أساسية وشرعية".
حكومات في الميزان
ولفت الكاتب الصحافي والمحلل السياسي عثمان ميرغني، إلى أنه "من الواضح أن رئيس مجلس السيادة لا يرغب في تكوين حكومة حالياً". وأضاف في حديث مع "الشرق"، أن "البرهان يلتف على ذلك بعد لقاءات بين القوى السياسية التي تدور في حلقة مفرغة"، مشيراً إلى أن هذه القوى عاجزة عن إنتاج حلول.
ويشدد ميرغني على أن إعلان حكومة موازية "خطير"، مضيفاً بأن" الخطوة ستؤدي لا محال إلى تقسيم البلاد لدويلات عدة متحاربة، كما أنها تؤثر على المفاوضات المقبلة لإنهاء الحرب".
وأعربت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء، عن أسفها لتنكر الحكومة الكينية لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الإفريقي ومعاهدة منع الإبادة الجماعية، وذلك باستضافتها لمناسبة توقيع ما وصفته بـ"اتفاق سياسي بين المليشيا، المسؤولة عن جرائم إبادة جماعية مستمرة في السودان، وأفراد ومجموعات مؤيدة لها"، وفق الخارجية السودانية.
واعتبرت الخارجية السودانية أن "الهدف المعلن لهذا الاتفاق هو إقامة حكومة موازية في جزء من أرض السودان"، مشيرة إلى أن هذا يساهم في تقسيم الدول الإفريقية، معتبرة أن "احتضان قيادات المليشيا هو تشجيع لاستمرار جرائم الإبادة الجماعية والمجازر ضد المدنيين على أساس إثني"، لافتة إلى أن هذه التظاهرة الدعائية لن يكون لها تأثير على أرض الواقع.
اعتراف دولي غير مضمون
وأشارت صباح موسى، الكاتبة المتخصصة في الشؤون الإفريقية في تصريحاتها لـ"الشرق"، إلى أن "خطوة الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية لا تستند إلى قواعد حقيقية، وهي تتقارب في شكلها مع تحالف صمود الجديد، ولا تعدو أن تكون مجرد إعلان فقط، ولن تتحول إلى حكومة ما لم تُسيطر على الفاشر شمال دارفور وهذا شأن آخر".
ورأت موسى، أن أي "المنتظم الدولي لن يعترف بالحكومة التي تشكلها قوات الدعم السريع". وأضافت: "في حالة البرهان، فإنه مشغول بأولويات أخرى عوضاً عن تشكيل حكومة في الوقت الحالي، وأجملت أولوياته في استعادة المزيد من المدن وتحقيق الأفضلية في الميدان، وهو لا يربط تكوين حكومته بحكومة حميدتي".
حمدوك خارج الحسابات
وأكد رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، على عودة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، الذي يصفه بعض المراقبين بـ"المتقلب" في التحالفات السياسية عقب توقيعه اتفاقاً مع الجيش والدعم السريع بعد إجراءاتهما التي حلت حكومة قوى الحرية والتغيير، قبل أن ينتقل إلى تنسيقية تقدم ثم تحالف "صمود" الذي جاء رافضاً لتكوين حكومة لكونها "لا تعدو أن تكون انقساماً يلوح في الأفق".
وعلى النقيض من ذلك، وفي مقابل اتهامات التي توجه لحمدوك، بشأن فقدان التأييد الشعبي، والانحياز لطرف في الحرب، بعد توقيع إعلان مع الدعم السريع، رأى مراقبون أنه "لا يزال يتمتع بقبول أطراف دولية مهمة، وأنه يشكل صوتاً للاعتدال في خضم الحرب السودانية".
وفي هذا الخصوص، أشار المحلل السياسي عثمان ميرغني، إلى أن رفض البرهان لحمدوك، يأتي من كون "البرهان لا يتبنى موقفاً سياسياً ثابتاً أو مبدئياً، ورفضه له مرتبط بتصحيح خطابه السابق، عقب رفض البرهان لأي محاولة تقارب مع التحالف المدني السابق".
ويشرف الاتحاد الإفريقي على حوار سوداني يضم القوى السياسية المتنافرة في محاولة لإنتاج مشهد سياسي متجانس يهدف إلى نزع فتيل الأزمة.
ورأى مراقبون، أن "أطراف الصراع لا تبالي بأوضاع المدنيين في مناطق القتال والنزوح واللجوء، وأن المنافسة الحالية لا تعدو كونها تنافس على الحكم، ثمنه فقدان البلاد لمواردها الطبيعية والبشرية".
بورتسودان -الشرق/ أحمد العربي