متحف ركن فاروق يحتفل بعيد الطفولة
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
نظم متحف ركن فاروق، معرضاً أثرياً مؤقتاً لمدة أسبوعين تحت عنوان "برائتك فى طفولتك"، يضم مجموعة من العرائس من مقتنيات الملك فاروق، والتي تعرض لأول مرة، وذلك بمناسبة الاحتفال بعيد الطفولة.
وأوضحت راندا عبدالرؤوف مدير عام متحف ركن حلوان، أن المعرض يعرض هذه العرائس تعبر عن أشهر الأزياء لعدد من الدول المختلفة منها اليابان، وسيلان، وأمريكا، وجنوب أفريقيا والبرتغال، بالإضافة إلى 12 دمية تعبر عن لاعب الطبلة، وقارع الطبول وأطفال ترقص وتمارس الألعاب المختلفة ، وكذلك دمى تمثل لعبة تشيرلي تامبل الأمريكية.
يُعد متحف ركن حلوان أحد التحف المعمارية للمباني الملكية، التي شيدها الملك فاروق الأول عام 1942، لتكون استراحة شتوية له صُممت على هيئة قارب يرسو على شاطئ النيل، كما يوجد بها مرسى نهري لاستقبال اليخوت والسفن الكبيرة، وحديقة تضم برجولة خشبية وأكثر من 30 نوع من أشجار المانجو النادرة التي جُلبت من ألبانيا لزراعتها بالقصور الملكية.
بدأت فكره تحويل الاستراحة إلى متحف عام1976، بعد ضمها إلى قطاع المتاحف، بالمجلس الأعلى للآثار، وظل المكان بين الفتح والإغلاق، حتى تم أغلاقه عام 2011، ثم أعيد افتتاحه بعد الانتهاء من مشروع تطويره وترميمه عام 2016.
يضم المتحف عدد من القاعات بالإضافة إلى شرفة كبيرة وجناح للنوم، ويُعرض داخل هذه القاعات مجموعة قيمة من المقتنيات الملكية من أثاث، تحف، تماثيل، ولوحات، بالإضافة إلى المقتنيات الملكية المنقولة من استراحة الملك فاروق بالهرم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: متحف متحف ركن فاروق العرائس الملك فاروق متحف رکن
إقرأ أيضاً:
بين ضفتين وقاحة الطفولة
ثمة متعة دائمة، على الأقل بالنسبة إليّ، في قراءة الكاتب الأمريكي بول أوستر (الذي غاب عن عالمنا في 30 أبريل الماضي). صحيح أنك لا تتوقف في رواياته عن الالتقاء بهذا الجانب المظلم فيها، إلا أنك لا تستطيع إلا أن تنتبه إلى هذه النضارة الداخلية التي تلفها، من البداية إلى النهاية، الانتباه إلى ما يمكن تسميته بـ«وقاحة الطفولة» التي تنساب مع هذه الجرعة الصغيرة من السحر التي تأخذك إلى الحلم وتدفعك إلى داخله، في رحلة كبيرة، غير مسبوقة في كلّ مرة.
ربما أيضا ما يشدني، هذا الجانب من السقوط الهائل في رواياته، حيث يتوجب على الشخصية إعادة بناء كلّ شيء من الصفر، والعودة إلى الوقوف وإكمال مسيرتها في الحياة، على الرغم من أنه لا يتبقى أمامها أي شيء، إذ أنها فقدت الأشياء كلها. هذا ما يحدث مع الشاب وولت، اليتيم المشاكس - (بطل روايته «مستر فيرتيغو»، الصادرة حديثا بترجمة عربية عن «دار الساقي» في بيروت، ونقلها إلى العربية مالك سلمان) - الأشبه بـ«أوليفر تويست» معاصر والذي يلتقي في طريقه بمعلمه يهودي (هذا هو اسمه) الذي يعده بتعليمه الطيران، الطيران مثل الطيور.
«كنت في الثانية عشرة من عمري عندما مشيتُ على الماء لأوّل مرّة». هكذا تبدأ الرواية، لتدخلنا إلى عالم هذا الطفل الذي نشأ في الغرب الأمريكي، والذي قضى أيامه وهو يتسول المال والطعام كل ليلة من شارع إلى آخر. في إحدى المرات، يقترب منه رجل ببدلة سوداء وقبّعة حريرية ويقرّر نقلَه إلى منزله الغامض في السهول حيث سيعلّمه الطّيران ويحضّره للنّجومية.
بدءًا من هذه الحبكة التي قد تبدو عادية، أو لنقل إنها تستعيد جانبا كبيرا ممّا يُعرف باسم «الحلم الأمريكي»، تأخذنا الرواية من مفاجأة إلى مفاجأة، حيث لا تتوقف الحبكة من القفز فوق كلّ المقاييس التي نكون قد أعددناها سلفا خلال القراءة. كل ذلك يأتي وفق كتابة تعتمد أسلوب سرد السيرة الذاتية، لنكتشف حياة هذا الطفل المنتمي إلى العالم السفلي. وإذ كانت هذه الشخصية تذكرنا بـ«أوليفر تويست»، فهي أيضا تذكرنا بشخصية أخرى: ديفيد كوبرفيلد، فهذا الالتقاء مع بطلي روايتيّ تشارلز ديكنز يكمن في هذا الضياع في «أعماق أرض الأوغاد»، في قبضة عمّ عنيف، لتتقاطع حياة وولت مع معلمه الجديد الذي يأخذه في رحلة تعده بتغيير حياته البائسة كي يصبح تلك المعجزة. فأمام هذا الانبهار الذي يصيب الطفل ومع عدم وجود ما يخسره، كما مع الجوع الدائم الذي يعاني منه، يتبع وولت المعلم فيلتقي بأقاربه، وشخصيات رائعة وغريبة مثل: الأم السيوكس (إحدى قبائل «الهنود الحمر»)، إيسوب (تلك الشخصية الإغريقية التي تحدث عنها هيرودوت)، وويذرسبون.
تتمفصل رواية بول أوستر هذه، حول رحلة تعليمية بالدرجة الأولى، أي يشكل التعلّم الجزء الأكبر من القصة. رحلة طويلة ورهيبة ومؤلمة، إذ لا تتوقف الرواية عن جعلنا نفكر بهذه الطريقة في التعليم العائدة إلى نظام استبدادي مخصص للأطفال. بهذا المعنى، تبدو رواية أوستر وكأنها مليئة بالمراجع، لذلك لن نستطيع منع أنفسنا عن التفكير بذاك المشهد الموازي لحياة عازف الكمان «المعجزة» يهودي مينوهين. ثمة إشارات كثيرة، يبثها أوستر في كتابه، تأخذنا إلى ذاك الموسيقي الساحر. إذ أن الطفل وولت يملك أيضا هذه الموهبة في داخله وهو يحترق لمعرفة متى سيكون مستعدًا لتحقيق أحلامه بأسرها. التشابه الآخر مع يهودي مينوهين نجده عندما قال الأخير عن تدريبه: «يتعين عليك القيام بذلك كل يوم، ويجب أن يكون الأمر سهلًا وطبيعيًا بالنسبة إلى الفنان كما هو الحال بالنسبة إلى الطيران بالنسبة للطائر، ولا يمكنك أن تتخيل عدم وجود طائر يقول: حسنًا، أنا متعب اليوم، ولن أطير»...
إنها إذن قصة تعليمية (إن جاز القول) يدعونا المؤلف إليها، مشبعة بلمسة من السحر، لكن الكتابة تدعونا إلى الإيمان بها. أليس من الطبيعي أن تطير إذا دربت نفسك على القيام بذلك بشكل صحيح؟ أليس هذا أكثر إنسانية من الحياكة مثلا أو لعبة البيسبول؟ ومع ذلك، لا بدّ للقارئ أن يشعر في لحظات بأن الأمر ينتهي ببول أوستر بأن يضيع في تفاصيل «متاهات» قصته، بأن يضيع في تناقضاته، على الرغم من أن إيقاع الكتابة ممسوك بشكل كبير، مثلما يبدو نطاق المغامرة نطاقًا مؤثرًا للغاية، إلا أنه يبدو مغمورًا برغبة في الوصول إلى المذهل، وبميل إلى الإمساك بالأوضاع غير المحتملة. ثمة رغبة دائمة في "هذا الرائع. في هذا الإغراء العجيب؟ في الوصول إلى نوع من القدرية، أخيرا، حتى ولو كان قليلا؟ إنها لمسة من القدر، من الكون الانتقامي... تماما مثلما ينزلق الخيط من بين الأصابع، لكن الكتاب لا يسقط من بين اليدين أبدًا. لذا، حين تصل إلى نهاية الكتاب وتجد نفسك أمام النهاية، تشعر أنك تريد مزيدا من هذا السحر، على الرغم من أن الصفحات الأخيرة غريبة بعض الشيء، ولا تتوقع معها أي نتيجة. ربما لأن إحساسا ينتابك في أنها لا ترقى إلى مستوى بقية القصة أو إلى ذلك الدوران الفلسفي الذي كان حاضرا على مر الرواية، وكأن كل ما يكتبه (في النهاية) يصبح مجرد ترفيه لا معنى له. ربما كان الأمر فظًا بعض الشيء، وغير محترم تقريبًا للرحلة التي تمكنت شخصياتها من القيام بها. هل معنى ذلك أن الكتابة تصبح استفزازية؟ على الرغم من ذلك كله، لا بد أن تشعر أن كتاب أوستر هذا، هو في النهاية كتاب فريد من نوعه حقًا، فريد في سيرته الذاتية التي يعبر من خلالها وتلميذه البلاد بحثًا عن المجد.
تأخذنا "«فيرتيغو» إلى أمريكا العشرينيات ثم إلى أمريكا في عهد الكوكلوكس كلان وليندبيرج والكساد الأعظم، ليقدّم فيها أوستر قصّةً مفعمة بالتّشويق والرّعب، تضجّ بالحياة في عالم محكوم بالموت.