استراتيجية ايران ومساحاتها المرنة بالحرب
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
استهداف السفن التجارية الاسرائيلية من قبل الحوثيين في اليمن يعني انتقال الحرب الى مياه البحر الأحمر وباب المندب، وهنا إتساع نوعي للحرب، أي حرب تجارية عسكرية تستدعي من اسرائيل والقوات الأمريكية المتواجدة في النطاق الاقليمي الاشتراك فيها وإيقاف مصادرها لأنها تمس عصبا ً مهماً بالاالم، وأعني به الشلل التجاري وتهديد ناقلات النفط في التطور السياقي الأمر الذي يجعل شتاء العالم أكثر قسوة من العام الماضي حين توقف الغاز الروسي ويهدد بتطورات خطيرة قد تؤدي لتدمير شامل لليمن الفقيرة أصلا ، وبعض دول الخليج المصدر الرئيس للنفط في الشرق الأوسط .
تطور نوعي ينقلنا للحديث عن نجاح الاستراتيجية الايرانية بإمتلاكها مساحات مرنة لاستعراض قدرتها على إعاقة القوة العسكرية الامريكية الأولى بالعالم، بعد أن فتحت جبهات تمتد بأهم دول الشرق الأوسط جيوسياسيا ، من اسرائيل وأنفاق غزة وسطوح مدن فلسطين الى جنوب لبنان وجولان سوريا الى فصائل العراق التي صارت توجه عشرات الضربات لتواجد القوات الامريكية التي زرعت نظاما شريكا لكن التمدد الايراني حصد مازرعته امريكا بتمدده الولاء لايران ، كذلك وصولا لشواطئ البحر الأحمر وبحر العرب بعد البحر المتوسط .
تلك معطيات افرزتها أحداث شهرين من حرب غزة التي أعادت للأذهان توقع دخول العالم في حرب عالمية ثالثة ومازال قائما ًبعد شهرين من أحداث 7 اكتوبر 2023 وإنفتاح الحرب على آفاق أكثر تخريبا ً للمدن والبشر في إبادة لم تشهد مثيلا لها حروب الأرض كافة.
خطوط ردع ايرانية تتمثل في خمسة جيوش عربية تمتد على مراكز الشرق الأوسط حتى جنوب الخليج النفطي ، بعضها محترفة للقتال وأخرى عبارة عن ميليشيات متحركة بحدود مفتوحة بدءا من طهران حتى شواطئ الأبيض المتوسط غربا وبحر العرب والبحر الأحمر جنوبا والجنوب الغربي ، خطوط تعويق ايرانية بكلف قليلة وتسليح متيسر لكنه قادر على تهديد بوارج وسفن حربية وأخرى تجارية وحاملات طائرات وغيرها مما تمتلك قوات البحرية الأمريكية من وسائل اتصال وتقنيات متطورة جدا ، وكل ذلك يحدث دون مسؤولية قانونية تقع على ايران لأن ماحدث ويحدث بعيدا عن أراضيها ولم تتبن َقرارا رسميا بالحرب، أي تأخذ دور الموجه والمتفرج والداعم الإعلامي واللوجستي الذي يحدث بالغاطس الإجرائي وغير المنظور لكنه محط اتهام امريكي اسرائيلي معلن .
استراتيجية ايران تنجح عبر مسالك عقائدية تؤلف جماعات وميليشيات وفصائل مسلحة غير رسمية، تعمل خارج الغطاء القانوني للدول والمساحات التي تتموضع فيها ، وهذا بحد ذاته يمثل مشكلة بأوجه متعددة للولايات المتحدة الامريكية واسرائيل في واحد، وتتقاطع مع الاستراتيجية الامريكية التي تملك أعلى مستويات التجهيز والإعداد القتالي والماكنة الحربية الهائلة، مايعرضها للإحراج والهزيمة إذا ماتعرضت لخسائر كبيرة خصوصا ً في قطعاتها البحرية أو اعداد القتلى في المواجهات ، ووفق المعيار الامريكي فأن تكلفة اعداد وتسليح الجندي الامريكي تبلغ ارقاما ً كبيرة مقارنة بالمقاتل الحوثي أو الغزاوي او المنتمي للفصائل والميليشيات الأخرى .
ايران لاتريد خوض حرب مباشرة لأنها سوف تتعرض لتدمير لاتستفيق منه إلا بعد قرن من الزمن، وتجربة العراق ماثلة أمامها، بل هي ترغب في حرب استنزاف ومشاغلة طويلة الآماد الزمنية وفي بيئات مختلفة، بهدف تحقيق أكبر قدر من الخسائر بالجانب الامريكي في حرب تخوضها بالإنابة عنها ميليشيات وجيوش تترابط عقائديا مع ولاية الفقيه حتى إذا تطلب الأمر أن تخسرها في غزة أو اليمن أو سوريا، المهم أن تكون ايران بعيدة عن لهيب الحرب ودمارها الأكيد ،ومن هنا ليس من اليسير أن نتوقع نهايات قصيرة لهذا الصراع المسلح ، إلا في حال انتقلت الحرب لمركز القوة الدافعة وليس جيوش الإنابة، وهذا ماتسعى وتعمل على تحقيقه في توسعت الحرب وانتقالها للمصدر الممول الرئيس ،مستفيدة من تواجد القوات الامريكية وحلف الناتو ودعمهما لاسرائيل في حربها واحتمالية توسعها . والأيام حبلى بالأحداث .
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي فی حرب
إقرأ أيضاً:
الأردن في قلب العاصفة: تهديدات متزايدة وصراع على النفوذ في الشرق الأوسط الجديد
نشر موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي تقريرا سلّط فيه الضوء على الوضع المتأزم للأردن وسط التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث يواجه تحديات أمنية واقتصادية خطيرة مع انهيار النظام السوري وظهور الجماعات المتطرفة الذي زاد من التهديدات الأمنية على الحدود الشمالية.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الأردن يقع في موقع استراتيجي حساس جعله محاصرا بين التحولات الجيوسياسية الكبرى في الشرق الأوسط والتوترات الداخلية التي تهدد استقرار المملكة، وهو ما أظهرته الأحداث الأخيرة المتعلقة بمستقبل الفلسطينيين في غزة.
ومن بين التهديدات الناشئة، تبرز ثلاث قضايا رئيسية: الفراغ في السلطة الذي تركه نظام بشار الأسد في سوريا، واتساع نطاق النفوذ الإسرائيلي، وتصاعد الضغوط الدولية في ظل عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية.
سوريا: تهديد بظهور تطرف جديد
أوضح الموقع أن تراجع نفوذ نظام بشار الأسد وصعود الجماعات الإسلامية في الفراغ الذي خلفه الصراع قد أدى إلى خلق وضع فوضوي على الحدود الشمالية للأردن. فقد أصبحت عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات، إلى جانب تسلل العناصر الإرهابية، تحديات يومية تواجهها السلطات الأردنية التي تسعى جاهدة للحفاظ على السيطرة على أمن الحدود. وفي الوقت نفسه، بدأت خطوط الإمداد الإيرانية التي مرت عبر سوريا لسنوات في التراجع لصالح ممرات تهريب جديدة تهدد بمزيد زعزعة استقرار المنطقة. ومع تراجع نفوذ طهران في الجبهة السورية، قد تحاول استخدام الأراضي الأردنية لتعزيز مساراتها اللوجستية مما سيؤدي إلى زيادة الضغط على المملكة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
"إسرائيل": بين التوسع والأزمة المائية
ذكر الموقع أن التحركات الإسرائيلية في المناطق الجنوبية من سوريا تشكل مصدر قلق رئيسي للأردن، حيث لا تهدد فقط أمن حدوده، بل تمتد أيضًا لتطال موارده الحيوية، وعلى رأسها المياه. فقد أدت سيطرة "إسرائيل" على منابع نهر اليرموك إلى تفاقم أزمة المياه المزمنة التي يعاني منها الأردن، مما يزيد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المملكة.
وما زاد من تعقيد المشهد التحركات الدبلوماسية الإسرائيلية الأخيرة، بما في ذلك نشر خرائط تدّعي السيادة على أراضٍ تاريخية تشمل أجزاءً من الأردن، ما أثار احتجاجات واسعة في الدول العربية، وأسهم في تصاعد الغضب الشعبي داخل الأردن، حيث يُنظر إلى هذه التحركات على أنها محاولة لفرض واقع جديد في المنطقة.
عودة ترامب: عامل خطر إضافي
وأضاف الموقع أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تشكل مصدر قلق كبير للأردن، إذ يضيف وجوده مزيدًا من الغموض وعدم الاستقرار إلى المشهد الإقليمي. فقد كانت سياسته في ولايته الأولى منحازة بشكل واضح لـ"إسرائيل"، حيث تضمنت الاعتراف بالقدس عاصمة لها، إضافة إلى إقرار السيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وهي قرارات كان لها تأثير عميق على توازن القوى في المنطقة.
وبعد فوزه بولاية جديدة، قد تتصاعد وتيرة الدعم الأمريكي للمخططات الإسرائيلية التوسعية في الضفة الغربية، مما قد يؤدي إلى تفجير أزمة ديمغرافية واجتماعية جديدة تضغط على الأردن، الذي يستضيف بالفعل أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين. كما أن الدور التاريخي للمملكة في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس قد يتعرض للتهميش، مما قد يضعف مكانة عمّان الاستراتيجية في القضايا الإقليمية ويؤثر على دورها التقليدي كوسيط في النزاعات العربية-الإسرائيلية.
توترات داخلية وخطر التطرف
على الصعيد الداخلي، أشار الموقع إلى أن الأردن يواجه تحديات متزايدة نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، إلى جانب الضغط الديمغرافي الناتج عن تدفق اللاجئين السوريين. وهذه العوامل تخلق بيئة خصبة لعودة الجماعات المتطرفة، خاصة في ظل التأثير المستمر لتنظيم "هيئة تحرير الشام" وصعود مجموعات جهادية لها روابط بالأردن.
وفي هذا السياق، قد تسعى "جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسي لحركة الإخوان المسلمين، إلى استغلال المشاعر المؤيدة للفلسطينيين ومعاداة "إسرائيل" لتعزيز شرعيتها السياسية وزيادة نفوذها داخل المجتمع الأردني. ورغم أن ذلك لا يشكل تهديدًا مباشرًا للحكومة في الوقت الراهن، إلا أن تزايد شعبية هذا التنظيم بين فئات المجتمع يعكس حالة من التوتر السياسي قد تتصاعد في المستقبل لتتحول إلى احتجاجات أو اضطرابات داخلية تهدد استقرار المملكة.
توازن هشّ
الأردن الآن في وضع بالغ الحساسية، حيث يواجه ضغوطًا خارجية مكثفة وتحديات داخلية معقدة. وتشكل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والتوسع الإسرائيلي، واستمرار الاضطرابات في سوريا مزيجًا من التهديدات المتشابكة، التي تتطلب من عمّان تبني نهج استراتيجي ومتوازن للحفاظ على استقرارها.
سيحتاج الأردن إلى إيجاد توازن دقيق بين مصالحه مع الولايات المتحدة وإدارة علاقاته الحساسة مع "إسرائيل"، والاستجابة لمطالب شعبه المتزايدة. في الوقت نفسه، لا يمكنه إغفال أهمية التنسيق مع دمشق لضمان أمن حدوده الشمالية ومنع تسلل الجماعات المسلحة والمهربين.
وفي ظل تزايد تفكك الشرق الأوسط والتوترات الإقليمية سيعتمد مستقبل الأردن بشكل أساسي على قدرته على المناورة بين هذه التحديات دون فقدان السيطرة على استقراره الداخلي.