بوابة الوفد:
2024-11-08@13:49:34 GMT

9دساتير مصرية!

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

الدستور هو القانون الأعلى الذى يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة، وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات. وتعد وثيقة الدستور الأساسى للتنظيم القانونى للدول على اختلاف أنواعها.

منذ عهد الملكية فى مصر وحكم أسرة محمد على باشا وحتى قيام الجمهورية المصرية مع قيام ثورة 23 يوليو، مرت على مصر العديد من الدساتير والإعلانات الدستورية بلغت 9 دساتير، بدأت العملية الدستورية باللائحة الأساسية عام 1882 الصادر فى عهد الخديو توفيق ليحل محل دستور 1879.

ويعد هذا الدستور حلقة فى تاريخ القانون الدستورى فى مصر وهو محاولة لتطبيق نظام ديمقراطى فى ظل ولاية عثمانية تمثلها أسرة محمد على، وتلاه دستور 1923، وبدأ العمل به فى الفترة ما بين 1923 ليحل محل القانون النظامى رقم 29 لسنة 1913 ووضعته لجنة مكونة من ثلاثين عضوًا من ممثلى الأحزاب السياسية والزعامات الشعبية وقادة الحركة الوطنية.

ثم صدر دستور 1930 تحت رعاية الملك فؤاد الأول وإسماعيل باشا صدقى رئيس وزراء حزب السعديين، وأثار هذا الدستور لغطًا شديدًا لتوسيعه صلاحيات الملك مثل حل البرلمان مما يجعل الملك يملك ويحكم على عكس دستور «23» الذى كان فيه الملك يملك ولا يحكم.

ورفض حزب الوفد أكبر الأحزاب المصرية هذا الدستور وظل يجاهد لإلغائه حتى كانت انتفاضة 1935 والتى قامت فى مصر وسط أجواء الطلبة والعمال واستمرت حتى اضطر الملك إلى إلغاء دستور 1930 وإعادة العمل بالدستور القديم 1923 حتى نهاية عهد الملكية بعد ثورة 23 يوليو 1952، صدر دستور 1956، وأسفر الاستفتاء عليه عن شبه إجماع من الشعب، وتم انتخاب جمال عبدالناصر رئيسًا للجمهورية.

ثم صدر الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة عام 1958 وهو أول دستور يصدر بعد الوحدة بين مصر وسوريا. ثم صدر دستور اتحاد الجمهورية العربية المتحدة وهو الدستور المعلن لاتفاق الوحدة ولم يتم تطبيقه عمليًا بين دول مصر وسوريا وليبيا تحت اسم اتحاد الجمهوريات العربية.

بعد ذلك صدر دستور 1971 وتم إقراره فى عهد الرئيس محمد أنور السادات وسمى بدستور مصر الدائم، تم تعديله عدة مرات (1980، 2005، 2007) وظل العمل به جاريًا إلى أن تم تعطيله من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد قيام ثورة 25 يناير وتنحى الرئيس مبارك عن السلطة، ثم صدر دستور 2012 فى ظل حكم الإخوان وصدر دستور 2014 بعد ثورة 30 يونيو، وألغى هذا الدستور مجلس الشورى وتم تعديله عام 2019 وأعيد مجلس الشورى باسم مجلس الشيوخ.

هناك مطالبات بالعودة إلى دستور «71» أحد المطالبين لزيادة اختصاصات رئيس الجمهورية أو العودة إلى اختصاص الرئيس، كما كان فى دستور «71» بدلاً من تركيز السلطات فى يد رئيس الوزراء كما هو فى الدستور الحالى.

تعديل الدستور وارد إذا اقتضى الأمر ذلك للتوافق مع موجبات التطوير والتعديل من سلطة رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس النواب. ودستور «71» من الدساتير الجامدة غير المرنة، جاء وريثًا لنظام الحكم الشمولى، وأثار احتقانًا شديدًا بسبب التعديلات المتعلقة بالمادتين 76، 77، ولكنه أى دستور 71 يتميز عن غيره من الدساتير فى باب الحقوق والحريات وقد وضع هذا الباب تحت رئاسة الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب فى ذلك الوقت، وهذا الباب يشبه إلى حد كبير دستور 2014 الحالى الذى لم يغير فى باب الحقوق والحريات، ومازال يتضمن هذه الحقوق وهذه الحريات نفسها التى كانت فى دستور 71، والقياس والحكم على أى دستور يكون وفقًا للحقبة التى صدر فيها، والظروف والاحتياجات والمصالح التى كان يحميها، ومن ثم لا يمكن الحكم على دستور أو قانون معين، وفق تفكير تحكمه احتياجات ومصالح مختلفة.

لتعديل الدستور أهمية كبرى تنبع من المكانة التى يتمتع بها الدستور، الذى يأتى على قمة الهرم التشريعى فى الدولة ويضطلع تعديل الدستور بدور محورى فى تعزيز مبادئ الحكم الديمقراطى، كما يعد مظهرًا هاما لسيادة الشعب وعلو إرادته.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حكاية وطن الدستور و القانون الأعلى السلطات العامة هذا الدستور الدستور ا رئیس ا

إقرأ أيضاً:

ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (5-6)

مجتزأ من ورقة: عبد الله الفكي البشير، "ثورة أكتوبر ومناخ الستينيات: الانجاز والكبوات (قراءة أولية)‎"، نُشرت ضمن كتاب: حيدر إبراهيم وآخرون (تحرير)، خمسون عاماً على ثورة أكتوبر السودانية (1964- 2014): نهوض السودان المبكر، مركز الدراسات السودانية، القاهرة، 2014.

عبد الله الفكي البشير

abdallaelbashir@gmail.com

لقد رسب القادة القانونيون في امتحان محكمة الردة، إذ ليس هناك وضع أمثل للقانونيين والمشغولين بالحقوق، لإسهامهم في بناء دولة القانون وترسيخ الثقافة القانونية وتمكينها ونشرها في المجتمع، من أن يكونوا في مواقع سيادية وفي ظل نظام ديمقراطي، بيد أن هذا لم يحدث.
  أما مواقف زعماء الأحزاب التقليدية من محكمة الردة في نوفمبر عام 1968، فقد عبر عنها كل من الصادق المهدي وحسن الترابي. ففي نوفمبر من عام 1968، علَّق الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة، على آراء الأستاذ محمود محمد طه ومحكمة الردة الأولى، قائلا: "إن أفكار رئيس الحزب الجمهوري خارجة عن نطاق الدين والشريعة الإسلامية وإن التفكك والانحراف الذي تعيشه بلادنا هو الذي سهل من قبل لدعاوي الكفر والإلحاد أن تتفشى وإذا أردنا حقاً القضاء على الردة والإلحاد فيجب أن نسعى جميعاً لإقامة دولة الإسلام الصحيحة".  وأضاف الصادق المهدي وهو يعلق على آراء الأستاذ محمود: "إن الوضع الحالي كله خارج الشريعة الإسلامية وهذا ما مهد قبلاً لإعلان مثل هذه الأفكار والدعاوي الغريبة دون أن تجد من يردعها".  كما كتب حسن الترابي، الأمين العام لجبهة الميثاق الإسلامي، في يوم 29 نوفمبر عام 1968 مقالاً بعنوان: "السياسة الصحيحة نحو محمود محمد طه واضرابه"، يقول فيه: "إن الانحراف الفكري لمحمود يوافق الاتجاه العام للحركات الشاذة في تاريخ الفكر الإٍسلامي وحاضره فهي نزعة للانفساخ من التزامات الدين وواجباته من الصلاة إلى الجهاد وهي جنوح لتحكيم الهوى وجعله فوق الرسالة بإنكار السنة والتصرف بالتفسيرات الذاتية في آيات القرآن. وبها لا يعدو الدين أن يكون أداة لتسخير الاتباع لأهواء القائد وتقديسه بصورة عمياء كما نشاهد". ثم تناول الترابي في نفس المقال حكم المحكمة الشرعية الذي صدر يوم 18 نوفمبر 1968، بردة الأستاذ محمود عن الإسلام، قائلا: "أما حكم المحكمة الشرعية فقد اقتضاه اختصاص المحاكم بالأحوال الشخصية للمسلمين وضرورة الفصل في الصفة الدينية للمواطن لتنبني على ذلك أوضاعه القانونية الشخصية وهو حكم قد صدر في إجراءات قضائية رسمية". وأضاف الترابي قائلا: "ولعل ردة الفعل الهوجاء التي ظهرت من محمود خير دليل على أن الحكم قد كان له آثاره الفعالة في حصر المرض الذي يحاول محمود وأشياعه أن ينشروه. والذين تولوا مع محمود الحملة على القضاء الشرعي لا يقصدون أشخاص القضاة وإنما يهدف أغلبهم للنيل من الإسلام في كل مظهر من مظاهره بصورة منافقة ماكرة".
مثَّلت هذه المواقف أكبر دليل على غياب الورع الأخلاقي والخيانة لمبادئ ثورة أكتوبر. ويكفي أن نلفت انتباه القارئ للاطلاع على رأي الزعيمين المهدي والترابي اليوم بشأن الردة. فالآراء قد تبدلت تماماً، والمواقف قد اختلفت كلية. الشاهد أن في رأي الترابي والمهدي بشأن الردة عام 1968 مقروناً برأيهما اليوم دليل قوي عن أزمة الأخلاق في الفكر الإسلامي ودليل قوي كذلك عن محنة أهل السودان في زعمائهم ومفكريهم. إن تبديل الآراء وتغيير المواقف، كما تجلى في موقفي المهدي والترابي تجاه حكم الردة، يعبر بجلاء عن حالة اليتم الفكري واليتم القيادي التي تعيشها شعوب السودان والإسلام. بيد أن العزاء والمراهنة ستكون على تطور الوعي والذي هو في اندياح الآن، ونمو الحس العدلي لدى الشعوب، الأمر الذي يؤدي إلى بناء الرأي العام الجديد، وبعث المعايير الأخلاقية في قراءة المواقف والوقائع، والمناداة بالحقوق الإنسانية، وتحرير الشعوب من الأوصياء على العقول، عندها سنكون نحن في قلب "الثورة الكبرى، ثورة العقول".
الشاهد أن محكمة الردة في نوفمبر 1968، والتي تمت في عقد الستينيات، عقب ثورة أكتوبر، بتآمر واضح ومكشوف، مثلت سابقة خطيرة أسست لعدم الاستقرار وغياب الحرية في السودان. فقد تم استدعاء تلك المحكمة، في ظل قوانين سبتمبر 1983 (ما سمي بالشريعة الإسلامية) والتي أدت إلى انهيار اتفاقية أديس أبابا 1972، إلى محاكمة يناير 1985 وتنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود محمد طه في صبيحة يوم الجمعة 18 يناير 1985. لقد ساهمت تلك السابقة وتنفيذ حكم الاعدام فيما بعد، في أن يخسر السودان وحدته واستقراره منذ ذلك الوقت، وحتى يوم الناس هذا.

الكبوة الدستورية: الدستور الإسلامي 1968

على الرغم من أن أشواق الجماهير في ثورة أكتوبر، كانت تُعبر عن الخروج من الذات لملاقاة الآخر، وهي تحمل أماني الوحدة من خلال رفضها للحسم العسكري لقضية الجنوب، كانت الأحزاب التقليدية تعمل على النقيض تماماً، حيث العمل على ما يفتت البلاد من خلال الدعوة للدستور الإسلامي. فقد طرح مشروع الدستور الإسلامي وقد أيدته حينها كل الأحزاب الطائفية وجبهة الميثاق (الإخوان المسلمون)، وتحمست له جميعها. فبعد إجراء الانتخابات العامة في أبريل 1968 أقرت الجمعية التأسيسية الجديدة الاقتراح بتكوين لجنة للدستور من أربعين عضوا من أعضاء الجمعية، يترك لها تحديد اختصاصاتها على أن تكون مسودة الدستور التي تم وضعها سنة 1967 هي الأساس للمناقشة.  وإذا ما نظرنا في مداولات اللجنتين كما أوردهما يوسف محمد علي في كتابه: السودان والوحدة الوطنية الغائبة، نجد أن هناك جهوداً كبيرة بذلت من قبل بعض أعضاء اللجنتين في سبيل أن يكون دستور السودان دستورا إسلامياً على النحو الذي أرادته الأحزاب التقليدية. وقد تصدى فيليب عباس غبوش وأبل ألير وعبد الخالق محجوب وغيرهم، لبنود مشروع الدستور الإسلامي وقدموا اقتراحات بتعديل البنود بما يتسق مع مكونات السودان وتركيبته المتنوعة وينسجم مع أشواق الجماهير التي فجرت ثورة أكتوبر، ولكن اقتراحاتهم سقطت، وكان لابد لها أن تسقط أمام الأغلبية التي كانت تمثل الأحزاب التقليدية. أخيرا تم وضع مشروع الدستور الإسلامي، وتم تقديمه للجمعية التأسيسية التي أقرته في القراءة الأولى والثانية. يقول عبد الماجد أبو حسبو، "عندما وُضع مشروع الدستور الدائم وكنت وزيراً للعدل، كانت وزارة العدل بحكم وظيفتها مسئولة عن الصياغة وعن مشروعات القوانين. وقبل تقديم مشروع الدستور للجمعية التأسيسية رأيت أن نعرض ذلك المشروع على العالم الدستوري الأستاذ العلامة السنهوري في مصر، وكونت وفدًا يمثل مختلف وجهات النظر من الأساتذة المختصين، والسياسيين والقضاة، لحمل مشروع الدستور وعرضه على العلامة الأستاذ السنهوري الذي درس المشروع وأبدى عليه ملاحظات قيِّمة. عرض الدستور على الجمعية التأسيسية لدراسته ومناقشته وإقراره وتمت بالفعل القراءة الأولى والثانية وأُجيزتا، وقبل القراءة الثالثة والأخيرة وقع انقلاب 25 مايو سنة 1969".
الشاهد أنه ليس هناك فرصة في مجتمعات التنوع الثقافي كحال السودان سوى اعتماد مبدأ المواطنة، حيث يتساوي جميع المواطنين من حيث هم مواطنون والأخذ في الدستور بالأصول الإنسانية التي يلتقى فيها الناس.
نلتقي في الحلقة السادسة وهي الأخيرة.  

مقالات مشابهة

  • محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر اخبار كاذبة..السبت
  • أمير قطر يُصادق على التعديلات على الدستور الدائم للدولة
  • شاهد بالفيديو.. الفنانة إيمان لندن تشعل حفل بالسويد بأغاني “الظار”: (دستور حضور نزلوا الستات بقيد الشمع للخواجات) والنساء الحاضرات يتفاعلن معها بوصلة رقص هستيري
  • وزير الشؤون النيابية والقانونية يشارك بفعاليات المنتدى الحضري العالمي
  • أمير قطر يصادق على التعديلات الدستورية بعد الاستفتاء عليها
  • أمير قطر يصادق على التعديلات الدستورية على الدستور الدائم
  • ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (5-6)
  • قطر: الموافقة على التعديلات الدستورية بنسبة 90.6%
  • ماذا لو تعادل ترامب وهاريس في الانتخابات؟.. هذا ما وجدناه في الدستور الأمريكي
  • محلل استراتيجي بالحزب الديمقراطي: ترامب لا يؤمن بالديمقراطية ويخالف الدستور