من سوء الحظ أن تكون الأصوات العاقلة فى الولايات المتحدة الأمريكية قليلة، ولأنها قليلة فإنها لم تشكل بعد ما يمكن أن يكون بمثابة رأى عام.
ومنذ بدأت الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، لا يكاد يوجد صوت أمريكى عاقل ينافس السيناتور بيرنى ساندرز، الذى يمثل ولاية فيرمونت فى الكونجرس، والذى ينتمى إلى الحزب الديمقراطى الحاكم فى البلاد.
هذا السيناتور يتبنى موقفًا أقل ما يوصف به أنه موقف شجاع، ورغم أنه موقف لم يؤثر فى مسار الحرب عمليًا، إلا أنه سوف يظل محسوبًا فى ميزان صاحبه، وسوف يظل كاشفًا عن بقية أصحاب المواقف الجبانة فى واشنطون.
فمنذ أن تبين للعالم أن إسرائيل تقتل الأطفال النساء والمدنيين فى قطاع غزة، خرج ساندرز ليقول إن هذه الحرب لا بد أن تتوقف، وأن الولايات المتحدة تستطيع أن توقفها، وأن ورقة المساعدات الأمريكية لإسرائيل أقوى الأوراق التى يمكن توظيفها، بل يجب توظيفها فى هذا السبيل، وأن على إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن أن تبادر إلى ربط الاستمرار فى تقديم المساعدات بوقف الحرب.. هذا موقف شجاع لا شك من جانب الرجل، وقيمته تأتى من أن صاحبه ينتمى إلى الحزب الحاكم، لا إلى الحزب الجمهورى الذى يجلس فى مقاعد المعارضة.
وعندما وصل عدد شهداء الحرب فى القطاع إلى ١٥ ألفًا، وعندما قيل وفق احصاءات موثوقة أن ٣٩% من العدد أطفال ونساء، عاد هذا السيناتور الديمقراطى يعترض من جديد، وعاد يقول إن وصول ضحايا الحرب من الغزاويين إلى هذا الرقم مسألة غير مقبولة.
قارن هذا الموقف من جانبه، بموقف هيلارى كلينتون التى تنتمى إلى الحزب نفسه، والتى لم تُضبط متلبسة يومًا بموقف من نوعية ما يتخذه ساندرز، فلما ذهبت إلى جامعة كولومبيا فى نيويورك قبل أيام، لاحقها الطلاب هناك وطاردوها وهُم يرددون: العار عليكِ.
ولا يقف ساندرز وحيدًا بموقفه فى عالمنا المعاصر، الذى بدا بلا قلب ولا مشاعر ولا أخلاق مع الغزاويين، وإنما هناك آخرون من الإسرائيليين أنفسهم يقفون إلى جواره، ومن بينهم الممثلة الإسرائيلية يولا بينيفولسكى التى تعيش فى كندا من سنين، والتى لم تحتمل ما تراه من مشاهد دموية على الشاشات، فأعلنت تنازلها عن جنسيتها الإسرائيلية، ولسان حالها يقول أن ما تراه لا يمكن أن يجتمع عندها مع الجنسية فى وقت واحد.
العالم لا يزال فيه أحرار، حتى ولو كانوا عاجزين عن تخليصه من قسوته وانعدام إنسانيته، وفى المقدمة منهم يأتى رجل مثل ساندرز الذى حشر بموقفه إدارة بايدن فى زاوية ضيقة، وأظهرها عارية أمام نفسها وأمام كل صاحب ضمير حى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خط احمر سوء الحظ الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية الوحشية غزة إلى الحزب
إقرأ أيضاً:
يظهر نهاراً.. 4 أماكن لرؤية مذنب "أطلس" النادر في سماء الإمارات
في حدث فلكي استثنائي، يضيء مذنب "أطلس" (C/2024 G3) سماء الإمارات هذه الأيام، في مشهد نادر جذب اهتمام علماء الفلك وهواة مراقبة السماء على حد سواء، إذ يتميز المذنب بلمعان قوي وصل إلى القدر -3.4، ما يجعله ألمع مذنب متوقع رؤيته خلال عام 2025، ويُمكن مشاهدته بالعين المجردة في ظروف الرصد المناسبة.
ما يميز هذا المذنب عن غيره هو القرب الشديد من الشمس، ما أدى إلى ارتفاع كبير بدرجة حرارته، مما تسبب في إطلاق كميات هائلة من الغازات والغبار المتجمد من سطحه؛ ما يمنحه هذا اللمعان الفريد الذي تفوق على العديد من المذنبات الأخرى، التي ظهرت في السنوات الأخيرة.
الفرصة الأخيرة
وفي تعليقها على هذا الحدث، أوضحت خديجة أحمد، مديرة العمليات في مجموعة دبي للفلك، أن مذنب "أطلس" يمثل ظاهرة فلكية مهمة بسبب صموده أمام قوة الحرارة الهائلة والجاذبية الشمسية، وقالت: "لقد مر المذنب في 13 يناير(كانون الثاني) 2025 على مسافة قريبة جدًا من الشمس، بلغت حوالي 14 مليون كيلومتر، وهي مسافة تجعل الكثير من المذنبات عرضة للتفكك الكامل بسبب الضغط والجاذبية الشديدة، ومع ذلك، استطاع أطلس الحفاظ على تماسكه بشكل مذهل، مما يعكس بنيته الصلبة وتركيبته الفريدة".
وأضافت أن هذا الصمود أمام الجاذبية والحرارة العالية يُعد دليلاً على قوة تكوين المذنب، مما يتيح للعلماء فرصة فريدة لدراسة كيفية تكوين المذنبات القريبة من الشمس، وقالت: "عادةً ما تتفكك المذنبات التي تمر بهذه المسافة القريبة، لكن أطلس أثبت أنه يتمتع ببنية متماسكة للغاية، وهذا يثير اهتمام العلماء لفهم المزيد حول تكوين سحابة "أورت" التي يُعتقد أن المذنب قادم منها".
كما أشارت إلى أن لمعان المذنب غير المسبوق يُعزى إلى التفاعلات الكيميائية الناتجة عن اقترابه الشديد من الشمس، حيث أدى هذا التفاعل إلى تكوين ذيل طويل لامع من الغازات والغبار، يُمكن رؤيته بوضوح حتى بعد غروب الشمس في الأيام المقبلة.
رصد مثالي
وأكدت خديجة أن أفضل وقت لرصد المذنب سيكون بعد غروب الشمس في جهة الغرب، مشيرة إلى أن المناطق الصحراوية في الإمارات مثل صحراء القدرة، وليوا، وجبل جيس، وجبل حفيت في مدينة العين، تُعد مثالية للرصد بسبب قلة التلوث الضوئي.
وأضافت: "استخدام التلسكوبات والمناظير سيتيح فرصة أفضل للاستمتاع بتفاصيل المذنب، لا سيما ذيله الطويل الذي يمتد بشكل واضح في السماء".
ودعت خديجة المهتمين بالفلك إلى عدم تفويت هذه الظاهرة النادرة، مؤكدة أن "أطلس" قد لا يظهر مرة أخرى إلا بعد آلاف السنين، مما يجعل هذا الحدث فرصة فريدة لمحبي الفضاء والفلك للاستمتاع بمشهد فلكي لن يتكرر في المستقبل القريب.