بوابة الوفد:
2024-09-18@20:34:36 GMT

سقوط المثقفين!

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

وكأن الأمر لا يعنيهم، بتعبير أ. هيكل لا حدود «للتجريف» الذى اجتاح المحروسة فى عهد مبارك. مصر كان «لسة فيها الرمق» حتى ٢٠١١. كان يمكنها أن تخلق البديل، كونها بلدًا ولودًا، وتدفع به إلى صفوف المقدمة، فلا تتعمق تلك الفجوات الرهيبة التى تمزقنا كلما رأيناها فى مجال أو قطاع. غابت الديمقراطية أو غيبت، واحتكرت السلطة والثروة والنفوذ، وقمع الناس سنوات.

. وانسحق المجتمع وبات تحت رحمة القطيع، فلما تمرد الناس وعلا صوتهم وهددوا بأن «يقلبوا عاليها واطيها»، قال فى إنكار واضح: «خليهم يتسلوا»!

طعنت مصر فى تلك اللحظة، على مدار سنوات، أهملت أعمال التحديث والتطوير والتقدم.. حُجِب المستقبل، ووئدت الديمقراطية وحقوق الإنسان، سقطت مصر ومبدعوها فى هوة التجريف السحيقة، التى أكلت من عقلها ووجدانها الأخضر واليابس! مصر التى كان فيها نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم (وهو بطل واقعة بيان الأدباء الشهير الصادر عام ١٩٧٢، والذى طالب السادات بأن يحسم حالة اللا سلم واللا حرب) ومحمود العالِم وزكى نجيب محمود و«كتيبة» كبيرة من المبدعين من الشعراء والروائيين والقاصين والكتاب والسياسيين والمفكرين، من وزن سمير امين ورمزى زكى والسيد يسين وكامل زهيرى ولطفى الخولى إلخ.. لم يبق منها اليوم إلا بعض الكبار، وبعض من كبروا عصاميين، ممن يقاومون الجهل فرادى ومن دون أن يسند لهم أى دور أو نستفيد منهم بأى أفكار! يؤتى– مثلًا- بوزراء ثقافة بلا تاريخ ثقافى مرموق، فلا يطاولون قامة ثروت عكاشة، ولا يوسف السباعى أو سعدالدين وهبة.. ولا حتى فاروق حسنى! لا يوجد عمل ثقافى مصرى جماهيرى منظم. القادرون على الفعل الفكرى والثقافى كل منهم يعمل بشكل فردى منفصل، وبلا تناغم وبلا أى جامع مشترك بينهم، رغم فداحة اللحظة التى نواجهها! لا ترى أو تسمع للمثقفين أو المبدعين صوتًا فى مقاومة العدوان على غزة. على استحياء يصدر بيان هزيل وتقام فعالية أو اثنين فى اتحاد الكتاب! وتحاول نقابة الصحفيين أن يكون لها دور، فتقيم يومًا لفلسطين، ولكن أين صوت المثقف؟ ومثله أين النقابات والأحزاب؟ أين المثقفون فى نوادى الأدب ومؤسسات قصور الثقافة ومركز الترجمة وهيئة الكتاب ووزارة الثقافة نفسها! كنت أتوقع أن يكون هذه المضمار هو الأهم والأكثر ثراء وقيادة للحركة الثقافية. فتعقد ورش عمل من منظور قومى وطنى، للكتابة والشعر والرسم، وتقام معارض للكاريكاتير وندوات فى دور النشر الخاصة، وفى كليات الأداب والإعلام والاقتصاد. الحقيقة أن الجسد الثقافى حتى لم يعرف، بالحوار الذى جرى بين «أدونيس» وثلة من المبدعين والمفكرين العرب فى هذا الإطار! لم يشعر المثقف المصرى -ربما لأول مرة فى تاريخه- بأن له دورًا يجب القيام به! لا ننزع عنه شعوره بقسوة وبشاعة القتل والتدمير وإزهاق الأرواح.. لكن من أسف أن الكيان الثقافى لم تصدر عنه كلمة أو دعوة لإقامة فعالية يستلهم موضوعها من قسوة اغتيال الأطفال.. أو من إزهاق أرواح ١٤ ألف شهيد من بينهم ٤٥ صحفيًا! سقط المثقفون، وإن ارتقت إلى قمة اللحظة بعض الملتقيات والصالونات الثقافية، محاولة أن تنضوى عن المثقفين ثيابهم المرقعة بالسقوط!

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محمود الشربيني للتجريف عهد مبارك مصر

إقرأ أيضاً:

صفقة البيجر المشبوهة

هل تغيرت قواعد الحرب فى المنطقة؟ ما حدث فى لبنان الثلاثاء الماضى من تفجيرات متتالية ومتوازية فى آن واحد لأجهزة البيجر التى يستخدمها أعضاء من حزب الله، أثار العديد من التساؤلات، وفتح باب التكهنات حول الحادث المفاجئ، وكيفية تفخيخ هذه الأجهزة، والأهم من ذلك مصدرها بعدما راح ضحيتها 9 شهداء وما يقرب من 3000 مصاب حتى كتابة هذه السطور.

البيجر جهاز مخصص لاستقبال الرسائل النصية القصيرة والإشارات وانتشر فى السبعينيات قبل ظهور الهواتف المحمولة، وكان يستخدم فى المجال الطبى والعسكري، والسبب وراء استخدامه حاليًا هو الهروب من الاختراقات والتتبع والهجوم السيبرانى على أجهزة الاتصالات الحديثة، ويستخدمها حزب الله حلقة تواصل بين القيادات والأعضاء للاجتماعات والتكليفات.

الانفجار المفاجئ والمتزامن لهذه الأجهزة كارثة كبيرة أصابت مستخدميها فى مقتل وحققت الأهداف المرجوة وتناثرت الدماء والأعضاء البشرية فى الأسواق والمنازل والمحلات فى أكبر استهداف لحزب الله، وما زال أعداد الشهداء والمصابين مرشحين للارتفاع.

الجريمة نفذت بدون استخدام وسائل الحرب الحديثة وبدون طلقة واحدة، لكن كيف حدث ذلك؟ والأهم من يقف خلف هذه الجريمة؟

أجهزة البيجر تعمل على شبكة اتصالات قديمة غير متطورة وتعتمد على بطاريات ليثيوم التى تحدث آثارًا تدميرية عند انفجارها.. وقد تمت عملية هجوم سيبرانى على الشبكة كما قيل عبر تكثيف الترددات التى تصل الجهاز بشكل مضاعف يؤدى إلى سخونة البطارية بشكل كبير وانفجارها.

حزب الله كان قد استورد منذ خمسة أشهر تقريبًا شحنة كبيرة من جهاز البيجر من الخارج، وفقًا لبعض الأخبار المتداولة، بعد تعميم الحزب على أعضائه عدم استخدام أجهزة الاتصال الحديثة، وقد تم توزيع هذه الأجهزة على الأعضاء الأمر الذى يثير الشكوك حول الشحنة واحتمالية تفخيخها أو ربطها بسيستم تحكم معين يستطيع تفجيرها أو إرسال إشارات معينة تتمكن فى التحكم فيها عن بعد.

الحقيقة العلمية أن أجهزة البيجر لم يسجل بسببها حوادث مماثلة منذ استخدامها حتى الانفجار الأخير والذى يعد الأول من نوعه، وهذا التحول الخطير والمتزامن يعنى أنه تم التلاعب بها بصورة أو بأخرى، قبل وصولها إلى حزب الله.

الأمر الأهم أن الانفجار وقع فى أماكن متفرقة مما يتنافى مع فكرة القرصنة التقليدية التى تستهدف جهازًا معينًا فى مكان محدد يستخدمه شخص بعينه مما يرجح أن تكون تمت عبر الأقمار الصناعية.

جميع أعضاء حزب الله يحملون جهاز البيجر وكل من يستخدم هذا النوع الجديد تعرض للانفجار، أما الذين يستخدمون أنواعًا أخرى أو غير المدرجة ضمن الشحنة الأخيرة فقد نجوا من الموت أو الإصابة وفروا من تكنولوجيا المراقبة المتطورة للعدو الصهيونى.

باختصار.. الجريمة البشعة التى نفذتها إسرائيل بتفجير أجهزة البيجر سواء تم تفخيخها بوضع عبوات ناسفة بداخلها أو التلاعب بها عن طريق البرمجيات الخبيثة قبل وصولها إلى حزب الله ترتقى إلى جريمة الحرب، وتعيق جهود التسوية فى المنطقة، وتؤدى إلى تأجيج المعارك.

ويبقى التساؤل المهم المفروض أن أى أجهزة يتم استيرادها من الخارج تفحص بدقة متناهية للتأكد من صلاحيتها خاصة إذا كان سيتم استخدامها فى أماكن عسكرية أو عبر أفراد مستهدفين من قبل عدو لا يرحم ويفعل المستحيل لتحقيق أهدافه الاستعمارية.

وأخيرًا لماذا لم يعلن حزب الله حتى الآن عن الدولة التى تم استيراد شحنة البيجر من خلالها؟ هل هى دولة حليفة للحزب وتم اختراقها؟ أو دولة أخرى أم أن هذه الشحنة التى تقف خلفها إسرائيل قد تمكنت من الدفع بها عبر الضفة الغربية إلى جنوب لبنان فى صفقه بين أحد المستوطنين وحزب الله أسوة بما يحدث فى غزة عبر تهريب الأسلحة.

عمومًا أيًا كان مصدر صفقة البيجر المفخخة فقد تغيرت قواعد الحرب وسوف يكون الحادث الأخير انتقالًا لمرحلة نوعية جديدة من الحروب فى المنطقة المشتعلة، كما أنه يهزم الروح القتالية لحزب الله استعدادًا لهجوم إسرائيلى شامل على لبنان.

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • صفقة البيجر المشبوهة
  • إهدار مال عام!!
  • انفجار مخزن أسلحة وسط مدينة تعز وسقوط ضحايا
  • سقوط سقف معمل طابوق على عمال في ميسان
  • حقيقة مفاوضات الأهلي لضم البانوبي وإسماعيل من زد
  • رئيس «رعاية المبتكرين»: «gen z» تكتشف المبدعين.. ودعمها يصل لمليوني جنيه
  • محافظ أسوان يقرر إحالة واقعة سقوط سيارة ملاكي داخل حفرة للنيابة العامة
  • إحالة واقعة سقوط سيارة ملاكي داخل حفرة ضمن مشروع مياه الشرب بكيما أسوان للنيابة العامة
  • سقوط شخصين وراء سرقة بطاريات السيارات بمصر القديمة
  • لماذا لم تخسر إسرائيل أوروبا حتى اللحظة؟