إذا سألتنى على المستوى الشخصى عن عام مضى، سأجاوبك بالحمد لله، كثيره خير، وقليله ربما- والله أعلم- فى باطنه الرحمة ومن قبله العذاب، و(فى الإنجاز فصاحة إذا ظهر البيان) كما يقول العرب فى مضرب الأمثال.
هذا على المستوى الشخصى، أما بالنسبة للمستوى العام، فخطوبه كثيرة، وأحداثه مثيرة، بين ما بيد البشر، وغضب الطبيعة.
فبداية العام مؤلمة.. وأحداث منتصفه موجعة والقليل منها مفرحة، ونهايته للأسف مفجعة.
فقد بدأ العام بغضبة الطبيعة عليه، حيث لم يسلم العالم من غضباتها التي بدأتها بزلزالين بتركيا كان كفيلين بأن يوديا بحياة أكثر من 50 ألف قتيل و25 ألف مصاب، ثم تذهب لميانمار وتلقي بفحيحها الذي خلف وراءه 800 جريح وقتيل إثر أعصارها، أما في غابات هاواى فتنفث الطبيعة بحرائق غاباتها لتدمرها وتقتل 100 شخص، أما المشهدان اللذان أكثر أسفًا علي قلوبنا جميعًا وأشد غضبًا من الطبيعة وجديد علينا ولم نعتده في محيطنا الجغرافي، فهما زلزال المغرب بقوة 6.8 الذي خلف وراءه 3000 قتيل، والعاصفة دانيال التي أغرقت مدنَا كاملة وقتلت مئات الضحايا.
ويأتى منتصف العام ليوجعنا بشتات إخوتنا السودانين واقتتالهم وهجرة الملايين وموتهم، وانقسامهم لشتيتين بعد تمرد قوات الدعم السريع علي الجيش النظامي لينضم إلى دول الشتات العربى.
كما أسفتُ لرحيل شخصية من أحب الشخصيات لقلبه وهى وفاة أمنا الإذاعية الأشهر أبلة فضيلة، بعد رصيد حافل من حلقات برنامجها «أبلة فضيلة».
ويأتى آخر العام فيختمه بطوفان الأقصى، ويكأنه من طوفان الطبيعة، فى ظاهره العذاب على قلوبنا، بعد أن أفقد أسرًا كاملة، واتُخذ ذريعة لليهود ليجعلوا غزة خاوية علي عروشها، ويقتلوا أطفالها الذين سيصبحون فدائيي المستقبل عن قصد، ويودوا بوعاء الإنجاب (النساء) كذلك عن قصد، سائرين في مخططهم التهجيرى والضغط علي مصر بتهجير الفلسطينيين لسيناء.
وفى باطنه الرحمة على عقولنا، بعد أن فضح الاحتلال الاسرائيلي، فكشفه على حقيقته، ضعفاً فى الأمن العام، ضعفاً في الاستخبارات المعلوماتية العسكرية والتكنولوجية، ضعفاً فى السياسة المتعجرفة والاعتداءات المتوالية، التى كانت سبباً رئيسياً فى انفجار طوفان الأقصى.
هذا ومع ذلك هناك القليل مما أسعدني علي المستوي السياسي رب ضار لهما وهما أمريكا والصين نافع للعالم، وهو زيادة توتر العلاقات بينهما مما يكسر حدة القطب الأوحد.
كما أن عودة العلاقات التركية المصرية، والزيارة الرسمية لوزير خارجيتنا لسوريا وعودتها لبيت العرب بعد انقطاع لعقد مضي ما هو في صالح وحدة العرب ولم الشمل من مبهحات العام.
أما شخصيا فعودة التوقيت الصيفى المحبب لي إن اختلف معي البعض.
.. وأخيرًا يأتى الاستحقاق الأهم وهو انتخابات الرئاسة المصرية التي اختتم بها العام أيامه.. لنتمني لمصر ازدهارًا وتكون أكثر تقدمًا وعامًا سعيدًا علي مصر والعالم أجمع.
اللهم احفظ مصر وارفع قدرها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غضب الطبيعة
إقرأ أيضاً:
التمسوا الصفاء وحلاوة الإيمان في رحاب الطبيعة البكر!
الدكتور الخضر هارون
✓ كنت قد أشرت إلي ما قاله الأستاذ مصطفي ◦ صادق الرافعي رحمه الله عن أهمية البيان في الحياة وأنه يضفي علي الجماد في حياتنا حيوية وحركة تحيله كائنا حياً بين الأحياء نأنس بوجوده الذي يضيف لحياتنا معان شتي!
◦ وإلا لم خاطب كثير عزة جبل التوباد حيث كانت اللقيا ومراتع الصبا مع المحبوبة:
جبل التوباد حياك الحيا
وسقي الله صبانا ورعي
وأشار النبي الأعظم إلي جبل أحد : هذا الجبل يحبنا ونحبه.
وجاء في التنزيل قول المولي تعالي " فما بكت عليهم السماء والأرض.".قالوا في ذلك أن أماكن صلاة المسلم ومواضع سجوده للخالق تحن إليه وتبكي عند رحيله عن هذه الفانية إلي دار البقاء. ألا يخلق ذلك شعوراً جميلاً في النفس؟!
وغلبت علي عاشق سوداني الصبابة فأقسم لعشيقته معاتبا هجره مقسما قسما غليظا أنه أرسل إليها الرسائل مع طيور الجنة:
لا طيور الجنة ليك أترسل لي
الحنينات كلمنك وجن حكن لي
أي عن صدودها وإدبارها ..
وصب آخر جام غضبه برحيلها علي الغراب المسكين!
غراب البين حل بدارنا فبكي لصوت نحيبه باكينا وتصدي منصف يرفع العتب عن الغراب محملا جريرته حيواناً مسكيناً آخر لا ذنب له هو الجمل.
ما فرق الأحباب بعد الله إلا الإبل
وما غراب البين إلا ناقة أو جمل!
وينصح الرافعي مواطنيه في مصر وفي تلك البلدان التي يلوذ فيها الناس بالبحر في الصيف يودعون البحر، رهق شهور الكد في طلب الرزق في المدن الصاخبة المكتظة بالبشر والمركبات، أن يفرغوا رؤوسهم هناك من شوائب وهموم تلك المدائن ويقبلوا علي الطبيعة في زرقة الماء وجمال الطبيعة حيث الجمال فيها ليس مجلوباً بتطرية كما هو في الحواضر ولكي تصفوا دواخلهم فتعانق صفاء الطبيعة.
ونحن الذين لا نعرف المصايف، نفزع في عطلاتنا إلي قرانا المستجيرة (ببحرنا ) الذي هو النيل فعلي ضفافه نفائض تصنع الجمال : رمال حمراء ونخيل باسق الطول وجزائر تكسوها ا الخضرة يسكنها الأوز. وعند العشيات تعود القماري إلي أوكارها جزلة فرحة فقد عادت بطانا يطربنا سجعها أيما طرب!
يقول الرافعي في ذلك :
( إذا كنت في أيام الطبيعة فاجعل فكرك خاليا وفرغه للنبت والشجر والحجر والمدر والطير والحيوان والزهر والعشب والماء والسماء ونور النهار وظلام الليل، حينئذ يفتح العالم بابه ويقول : أدخل… (أول ما رأي البحر قال): ما أجمل البحر علي حاشية الأزرقين البحر والسماء يكاد الجالس هنا يظن نفسه مرسوماً في صورة إلاهية.
نظرت إلي هذا البحر العظيم بعيني طفل يتخيل أن البحر قد ملئ بالأمس وأن السماء كانت إناء له، فانكفأ الإناء فانزلق البحر وتسرحت (من السرحان) مع هذا الخيال الطفلي الصغير فكأنما نالني رشاش من الإناء…إننا لن ندرك روعة الجمال في الطبيعة إلا إذا كانت النفس قريبة من طفولتها، ومرح الطفولة ولعبها وهذيانها….( أي أنها تكون أقرب إلي طبيعتها السوية لم تعرف الأثرة والكراهية والبغضاء التي تبني في رحابها قصوراً تحجب الخير فكل مولود يولد علي الفطرة…) لطف الجمال صورة أخري من عظمة الجمال، عرفت ذلك حينما أبصرت قطرة من الماء تلمع في غصن فخيل إليّ أن لها عظمة البحر لو صغُر وعُلق علي ورقة..
في لحظة من لحظات الجسد الروحانية حين يفور شعر الجمال في الدم، أطلت النظر إلي وردة في غصنها زاهية عطرة، متأنقة، متألقة فكدت أقول لها أنت أيتها المرأة ، أنت يا فلانة..
أليس عجيبا أن كل إنسان يري في الأرض بعض الأمكنة كأنها أمكنة للروح خاصة فهل يدل هذا علي شئ إلا خيال الجنة منذ آدم وحواء، لا يزال يعمل في النفس الإنسانية؟).
اللهم نعم أيها الشيخ الجليل، عليك من الله شآبيب الرحمات. قاله حمزة بن عبد المطلب كمقدمة لدخوله الإسلام وقد كان فارساً يصطاد الأسود ، كلما تجولت وحيدا في الصحراء بين الوحوش والآكام أدركت عظمة الله !
التعقيد في إلتماس السبل السليمة لإدارة الحياة وقيادة خطام الحياة يتطلب بالفعل تغليب الرأي وكثرة المشورة لكن الفلاسفة التمسوا التعقيد في بداهة البحث عن الخالق ووجوده مع انها محفورة في دواخل كل مخلوق! حار بعضهم في ذلك السر العجيب الذي يربط المادة بالروح. لما عظمت الشقة بين هذا التوأم أو خافوا أن يصبحوا مضغاً علي الألسن بأنهم تجمدوا في عالم الدروشة والأوهام ولم يدركوا عوالم العلم المطلق تقيمه الحواس الخمس ! ومع ذلك جاء ديكارت ثم امانويل كانط وعلي استحياء وتخوف لفوا ودوروا ليقولوا هناك معارف قبلية تحدث المعرفة. ومن هول ما أنفق كانط من الحروف والعبارات والجمل المعقدة لتعريف تلك المعرفة القبلية وليؤكد أنه لا يعني الغيب المفضي للدين ،جعل نيتشة يصف مراوغات فلسفة كانط بالفلسفة الصينية أي أنها عسيرة علي الفهم مثل اللغة الصينية . استعصي علي كانط أن يوقن بأن الإحساس الداخلي مطية سهلة لمعرفة الله لا ما ذهب إليه بأن الحياة فقط بحاجة للدين لتقوم الأخلاق ، وهي لازمة للحياة ،في كنفه .ولو تأمل نيتشه في نفسه فقط لعرف السر الإلهي المودع في كل كائن ولما نطق بالكفر البواح بأن الله قد مات !
سألني طفل في الخامسة والمطر يتهاطل بقوة: هل من رجل في السماء يصب علينا هذا الماء ! سببية فطرية في الإنسان لا تخطئ. وتأمل رجل عنقودا من عنب وسبيط ، شرموخ من رطب يقطر عسلاً وقال لشاب متقعر هل جاءا هكذا بلا صانع؟! ورأي إسبينوزا أن الصانع والمصنوع شئ واحد وتلك هرطقة تروم الجمع بين الماء والنار.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا!
Sent from my iPhone
abuasim.khidir@gmail.com