لجريدة عمان:
2024-11-22@10:47:12 GMT

بيان هابرماس.. وازدواجية معايير حقوق الإنسان!

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

بالرغم من أن القيم الكونية، في التجريد النهائي، هي قيم لا تقبل التجزئة في سياقها الإنساني لكل البشر، كقيم العدالة والحرية، إلا أن التعبيرات التي تنعكس من خلالها تلك القيم في مواقف كثيرين من نخب الغرب تبدو تماما كما لو أنها تعبيرا عن قيم أشبه ما تكون قيما خاصة منها كقيم إنسانية عامة ولا تقبل التجزئة.

يتجلى ذلك بوضوح في سياق منعكسات الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مواقف الحكومات الغربية، وكذلك على كثير من مواقف المؤسسات الثقافية في الغرب وكثيرا من النخبة الفكرية والثقافية في ذلك الغرب.

وإذا كان مفهوما ذلك السياق الذي تقتضيه مصالح حكومات الغرب الأمريكي والأوروبي حيال إسرائيل، تلك التي تم التعبير عنها علنا كموقف الولايات المتحدة الداعم لإسرائيل بصور كان أكثر المعبرين عنها هو الرئيس الأمريكي جو بايدن ذاته، حين وصف ذلك الدعم الأمريكي لإسرائيل بأنه استثمار في مستقبل الأجيال الأمريكية القادمة، فإن ما هو غير مفهوم وغير مبرر مطلقا هو تلك الحالة التي يتم فيها تعاطف كثير من النخب في أوروبا -وخصوصا في ألمانيا- وأمريكا مع الظلم الذي تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين المدنيين الأبرياء بطريقة تبدو معها أن قضية التعاطف مع إسرائيل -كيفما كان- من الثوابت الأخلاقية التي لا تقبل الجدل مطلقا، حتى بدت بعض التعبيرات الصارخة عن ذلك التعاطف غير المبرر في ألمانيا، مواقفَ لا يمكن فهمها ضمن أي سياق أخلاقي وإنساني مطلق، مثل منع مشاركة الروائية الفلسطينية التي تعيش في ألمانيا عدنية شلبي من المشاركة في إحدى ندوات معرض فرانكفورت التي كانت مجدولة في برنامج المعرض على خلفية ما حدث في غزة. وكذلك الاعتراض على الفيلسوف السولوفيني سلافيوي جيجك في إحدى ندواته بمعرض فرانكفورت فقط لمجرد ذكره اسم فلسطين والفلسطينيين في كلامه، الأمر الذي سيعكس لنا إلى أي مدى تلك القيم قيما كونية حقا في عقول أمثال هؤلاء المعترضين لمجرد ذكر اسم فلسطين في محاضرة لفيلسوف كبير؟

بلا شك ثمة سياق غربي ما يغلف تلك القيم الكونية ليمنحها معنى غريبا أقرب إلى التناقض في تمثلات كثير من النخب الغربية لتلك القيم حال التعبير عن بعض المواقف الأخلاقية التي لا تقبل الجدل.

ولعل أبرز ما حدث مؤخرا في هذا الصدد، البيان الذي أصدره الفيلسوف الألماني هابرماس مع عدد من زملائه وتلامذته في 15 أكتوبر في دعم الحرب الإسرائيلية على غزة. وهو البيان الذي لقي نقدا أخلاقيا لمثقفين وفلاسفة غربيين آخرين طالبوا فيه هابرماس بضرورة الالتزام بالمعايير العالمية للحقوق.

اليوم هناك في الغرب ثمة صوت لمثقفين غربيين -وهم أقلية على كل حال- يعلن إدانة ما يحدث في غزة من عدوان إسرائيلي غير مبرر وغير مسبوق عبر المجازر الدموية راح ضحيتها آلاف المدنيين من النساء والأطفال وكبار السن. ومن تلك الأصوات البيان الذي نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية يوم 22/11/2023 بتوقيع كل من آدم توز، وصموئيل موين، وآميا سرينيفاسان وآخرين، ردّا على البيان الذي كان وقعه الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس إلى جانب نيكول ديتلهوف، وراينر فورست، والذي كان قد اتسم بالانحياز إلى إسرائيل وتجاهل الفلسطينيين.

لا تبدو ثمة سياقات عادلة لتحرير مواقف إنسانية غير قابلة للتجزئة في الغرب بين كثير من نخبه -إلا فيما ندر- وهو ما سيجعلنا نعيد تساؤلات كثيرة حيال هوية الالتزام بالمعايير الإنسانية والأخلاقية لتلك القيم في مواقف النخبة الغربية في بعض الحالات كالوضع الذي يحدث في غزة اليوم؟

هل يمكن القول إن السياق المادي لأوروبا والمحضن الذي نشأت فيه قيم الحداثة الغربية وسيرورتها هو سياق لا يمكنه أن يعكس هوية إنسانية في مواقف الالتزام بكونية تلك القيم إلا في سياق غربي بالضرورة؟

موقف الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس ورفاقه -في ذلك البيان المعبر عن وقوفهم مع إسرائيل في الدفاع عن نفسها مع تجاهل الجرائم الإنسانية الواضحة في بعض تجليات دفاع إسرائيل عن نفسها (كالمذابح التي ترتكبها اليوم في غزة بحق المدنيين الفلسطينيين) هو مأزق لا يمكن إلا أن يعكس تناقضا واضحا في الالتزام بالمعايير العالمية لحقوق الإنسان، ويمثل تطابقا غير مبرر مع موقف حكومات الغرب. وهو موقف معيب يفضحه تقدم موقف الشعوب الغربية عبر المظاهرات التي تنطلق باستمرار في عواصم العالم ضد ما ترتكبه إسرائيل من مذابح بحق المدنيين الفلسطينيين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البیان الذی لا تقبل کثیر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

«الاتحاد» لحقوق الإنسان: الإمارات تتميز بدعم حقوق الطفل

أبوظبي: «الخليج»
أكدت جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان، أهمية المسيرة المتميزة التي تحظى بها دولة الإمارات بدعم حقوق الطفل على المستويين العالمي والمحلي عبر تقديم المبادرات والمساعدات التي تستهدف ضمان حقهم في التعليم والصحة والتنمية، وكل ما يلزم لتمكينهم وتمتعهم بحياة إنسانية كريمة ومستقبل أفضل.
وقالت احتفاء باليوم العالمي للطفل، الذي يصادف 20 نوفمبر من كل عام: إن الإمارات ومنذ تأسيسها أقـرّت العديد من التشريعات والاستراتيجيات التي استهدفت الرعاية الكاملة للطفل من أجل إرساء مجتمع متطور ومتجانس ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار، موضحةً أن تخصيص يوم للطفل الإماراتي، يتم الاحتفال به في الخامس عشر من مارس سنوياً، يُجسّد الالتزام العميق ببناء مستقبل مشرق لهم، وتوفير كل متطلبات نموهم في بيئة آمنة وسليمة.
وأكدت أن الطفل يحظى برعاية كبيرة من قِبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكّام الإمارات، الذين يوفرون لهم البيئة الحاضنة، بما يتماشى مع الأهداف والمبادئ المحددة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وأشادت بالمبادرات الشاملة والمتنوعة التي تطلقها الوزارات والمؤسسات المعنية، وأبرزها المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، برئاسة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات» رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، والتي تعكس جهود الإمارات في رعاية حقوق الطفل، وبما يتناسب مع المرحلة العمرية للطفل، وتوعية المجتمع بشأن أنظمة حماية الطفل، والإبلاغ عن تعرضه لأي تنمر أو إساءة محتملة.
وأشارت إلى الجهود المكثفة لإنفاذ القانون، منها القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 2016 بشأن حقوق الطفل «وديمة»، والقانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2022 في شأن الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح، وغيرها من القوانين والقرارات، شكّلت جميعها نقلة نوعية في مجال حماية الطفل، نظراً لمجموعة الحقوق التي كفلتها، مثل حق الطفل في الحياة والمعيشة الملائمة وغيرها من الحقوق الأساسية والضرورية والتعليمية والأسرية.
ولفتت أيضاً إلى المشاريع التي أطلقتها وزارة الداخلية في رعاية الطفل، منها تأسيس مركز حماية الطفل، وإنشاء اللجنة العليا لحماية الطفل، إلى جانب تدشين الخط الساخن، سواء الإلكتروني أو الهاتفي (116111) من أجل تسهيل عمليات الإبلاغ عن حالات الاعتداء على الأطفال.
ريادة عالمية
وقالت جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان: إن اختيار الإمارات لتكون أول دولة عربية تنضم إلى الشراكة العالمية لإنهاء العنف ضد الأطفال، يدل على ريادتها العالمية، ويعد اعترافاً بنجاح سياساتها الوطنية الرامية إلى هذا المجال، بما في ذلك انضمامها عام 1997 لاتفاقية حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة.
وأعربت عن تقديرها للمساعي التي تتخذها الإمارات بتعاونها مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» وغيرها من الشركاء لدعم المسيرة التعليمية لأكثر من 20 مليون طفل في 59 دولة، والتزامها بتقديم مساهمة بقيمة 100 مليون دولار أمريكي للشراكة العالمية من أجل التعليم، بهدف دعم البرامج التعليمية في الدول النامية على مدى 5 سنوات انطلاقاً من 2021. مشيرةً إلى أن إجمالي تبرعات الدولة لدعم مشروعات التعليم حول العالم بلغت أكثر من 1.55 مليار دولار لغاية سبتمبر 2020.
وأشادت بمبادرة «ود» العالمية لتنمية الطفولة المبكرة، التي أطلقتها هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، بهدف إعادة ابتكار قطاع تنمية الطفولة المبكرة حول العالم، وبما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الأمم المتحدة.
وأشادت بصندوق نهر الحياة، كإحدى مبادرات هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، الذي يُعنى بتوفير الرعاية الصحية للأطفال الذين يعانون أمراضاً مستعصية في دول العالم، وقد أسهم الصندوق الذي أُنشئ العام الماضي، في تقديم الرعاية لأكثر من 1000 طفل حول العالم، وبكلفة بلغت مليونين و504 آلاف درهم.
وأثنت على ما تحرص عليه الإمارات لضمان تمتّع الأطفال في دول العالم بحقهم في الرعاية الصحية، وتأمين سُبل الوقاية اللازمة لهم لحمايتهم من الأوبئة والأمراض السارية، وبالتحديد مشاركتها في المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، إلى جانب حملات التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة وأفغانستان، ومخيمات اللاجئين السوريين في الأردن، هذا إلى جانب ما تقدمه هيئاتها الإنسانية المتخصصة من معونات ومساعدات طبية للأطفال الذين يعيشون في ظروف غير آمنة أو مستقرة وصعبة، حيث قدمت الإمارات في هذا الإطار مساعدات لأكثر من 100 مليون طفل في باكستان، شملت تقديم 583 مليون لقاح على مدار أكثر من 8 سنوات.
وأثنت الجمعية على توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة باستضافة 1000 طفل فلسطيني برفقة عائلاتهم من غزة لتقديم جميع أنواع الرعاية الصحية والعلاجية التي يحتاجون إليها في مستشفيات الإمارات إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم سالمين لوطنهم.
وأشارت إلى الدور البارز للإمارات في إنشاء مركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال في لندن، بمنحة كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات» والذي أصبح المركز الأول من نوعه في العالم المتخصص في أبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال.

مقالات مشابهة

  • 133 عقوبة إعدام في شهر.. تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران
  • مفوضية حقوق الإنسان في ذي قار تؤشر خللاً بعملية التعداد: الفرق لم تصل الى بعض المناطق
  • حقوق الإنسان بالدريهمي يحذر من خطر الألغام والعبوات الناسفة الحوثية
  • الدخيسي: إلتزام المغرب بحماية حقوق الإنسان ليس مجرد شعار
  • الرجل الذي اشترى كل شيء.. ابن سلمان وانتهاكات الصندوق السيادي السعودي
  • الرجل الذي اشترى كل شيء.. hبن سلمان وانتهاكات الصندوق السيادي السعودي
  • الرجل الذي اشترى كل شيء.. بن سلمان وانتهاكات الصندوق السيادي السعودي
  • «الاتحاد» لحقوق الإنسان: الإمارات تتميز بدعم حقوق الطفل
  • الوحدة.. آفة العصر التي تسبب أمراض القلب والسكري
  • لبناء الإنسان ونشر القيم الدينية.. انطلاق ١٠ قوافل دعوية كبرى الجمعة المقبلة