لجريدة عمان:
2025-02-16@22:18:25 GMT

دفتر مذيع :فلسطين فوق العادة

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

عندما نغرق في النعم ونعتادها، نظن أننا في الوضع الطبيعي، وهذه مسألة خطيرة قد تنسينا واجب الشكر. والتحدث بنعم الله، وفكرة (أفلا أكون عبدا شكورا).. وعندما نعتاد ممارسة أي خطأ ننسى بالتكرار أنه خطأ، وربما نوجد له المبررات. حتى في أبسط الأمور كوجود نشاز في ديكورات البيت، أو قصور في إحدى لبناته، فيؤذينا فترة من الزمن ثم نعتاد عليه فنمر بجانبه يوميا دون التفات.

. وحتى اعتياد الألم أحيانا قد ينطبق عليه ذلك، ولكن بصورة أخرى.. عندما نقش الفلسطينيون تاريخ السابع من أكتوبر على صخرة الانتصارات العربية القليلة، انتفضنا وفرحنا وهللنا وكبرنا وأيقظ ذلك فينا الرغبة الحقيقية للجهاد، فحدثتنا نفوسنا بصدق وحماس لمشاركة ونصرة أشقائنا، ولم نعد نخشى أن نموت على شعبة من النفاق، فنحن صادقون في مشاعرنا، وأيقظنا من اعتياد أراده لنا العدو عقودا من الزمن. وعندما كثرت الضحايا وأسرف العدو الجبان في تقتيل الضعفاء والعزّل مستقويا بالسلاح الجوي، بدل مواجهة الرجل للرجل والجندي للجندي حسب شريعة الحروب، تسمرنا أمام الشاشات ليل نهار، وربما منا من لم يذهب إلى عمله في بعض الأيام..

وسط ذلك الوجع وجدت نفسي خجلا من الكتابة عن ذكرياتي الشخصية والجمعية والمهنية التي انتهجتها في هذه الزاوية، ووجدت نفسي غير قادر على كتابة ما تستحقه فلسطين لضعف خبرتي السياسية، وعدم جدوى إعادة إنتاج ما يكتب وينشر هنا وهناك، فقررت التوقف عن الكتابة لأجل غير مسمى..

ويوما بعد آخر تتكرر المشاهد وتزيد الأكاذيب، ويتصيد المرجفون الوضع، حتى خشيت أن تصبح الحرب على غزة، بل على فلسطين والعروبة والإسلام، حالة اعتياد ما دام الرصاص لم يخترق أجسادنا، ولم تتساقط فوقنا الأسقف، ولم تمزقنا الشظايا، ولم تحرق جلودنا الأسلحة المحرمة. وصمت الحكومات العربية مريب حد الشعور بأننا نتآمر على فلسطين، بل على أنفسنا.. عدت لمراجعة نفسي: من المستفيد إن أنا أو غيري توقفنا عن الكتابة، وعن بعض نشاطاتنا اليومية كتعبير عن مشاعرنا وإظهار حزننا وتسجيل بعض مواقفنا؟ فقد تعلمت من مأساة شخصية عشتها وما زالت تؤلمني، أن التوقف ليس حلا، وقد لا يكون التعبيرَ الأنسب عن الوجع. وأن الأصح هو الاستمرار في ممارسة الحياة بخطوط متوازية وإن تلامست أحيانا. إذاً سنظل نكتب ونعمل ونبني ونعمر بدل أن نجلس ونندب، ونتابع مشاهد غير مسبوقة لصلف إسرائيل وتلذذها بقتل الأطفال، وتدمير المستشفيات، وكأنه مسلسل درامي مثير..

ولنا في الغزاويين أسوة حسنة وهم يصفّون على قارعة الطريق شيئا من الخضار والفواكه التي تفوح منها رائحة التربة الزكية، يبيعون ويشترون، بين أنقاض المباني، على وقع صواريخ وقنابل العدو، مطبقين: (لو قامت على أحدكم القيامة، وفي يده فسيلة فليغرسها).. لن نعتاد الألم وتكرار المشاهد، حتى لا تموت قلوبنا. فإن لم ننل شرف الغزو سنجهّز غزاتنا بما نستطيع، ولو بلقمة تقوي بدن المجاهد.. سنشجع صغارنا الذين أيقظتهم فطرتهم لواجب النصرة، على الاستمرار، وفهم الحقائق كما هي، وسنحذرهم من لعبة المصطلحات المضللة، وسنقول لهم إن الحرب غير الصراع، وبأن العدو غير الخصم، وبأن حماس حركة مقاومة وتحرير وليسوا إرهابيين، وبأن إسرائيل هي فلسطين المحتلة، بل المغتصبة.

وبأن الشهادة غير الموت، بل غير النفوق، وبأن كلمة الإرهاب لا تخيفنا، لأن لنا مفهومنا منها ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم...)).. وبأن من ينصر الله ينصره، وبأن المسافة صفر أصبحت مدرسة في علوم الحرب، وأنها جعلت أهل الديانات الأخرى يقرؤون القرآن ويتفكرون فيه، ليستوعبوا سر هذه القوة، وبأن الهدنة تنفذ بقوة الإيمان وشروطه لا بغطرسة القوي وإملاءاته. وسنذكرهم بنصر بدر، وفَرق ميزان القوى بين مفاهيم فلسفاتنا وحساباتنا الرياضية والفيزيائية وبين قناعاتنا بعقيدتنا، وأن الشجاعة ليست بالكثرة، وأن أنفاق غزة كأنفاق فيتنام، وليست كملاجئ العدو ومواقف السيارات أو صالات الأفراح. وأن العدو من التفاهة أنه يغار حتى من فرحة الإفراج عن الأسير وابتسامته، نعم تغيظه حتى ابتسامتنا، لذلك سنبتسم حد الضحك. وأن صواريخنا كتب عليها التكبير والشهادة، أما قنابله فيطلقها باسم عيد ميلاد ابنته أو عشيقته ليعطرهم بدماء الخدّج والمسنين. وسنحذر صغارنا من السفهاء، فهم نشاز وشذوذ ولا يمثلوننا.. وسنظل نقاطع حتى وإن وضعت الحرب أوزارها، ليتعلم الجيل القادم درسا نسيناه أو تجاهلناه حتى ورد في الامتحان الأخير، بأنه لا خير فينا إن لم نأكل مما نزرع، ونلبس مما ننسج، ونقتني مما نصنع.. أباهي بسلطنة عمان قمة وقاعدة، لأننا هنا نسمي الأشياء بمسمياتها. أزين بيتي بمزهريات الكيذا والسوسن، فأنصب فوقها علم فلسطين إلى جانب علم بلادي، وألف الكوفية وشماغ أبي عبيدة وكل رايات وعمائم المقاومة مع عمامتي ما دامت بنادقها صوب العدو، وأغرس غصن الزيتون بجانب أغصان النخلة واللبانة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

نعيم قاسم: مواقف ترامب من فلسطين إبادة سياسية

قال الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم إن مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من فلسطين "عملية إبادة سياسية"، بعد أن عجز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن الإبادة البشرية.

وأضاف قاسم أن المشروع الأميركي يشكل خطرا على الدول العربية والإسلامية، معتبرا أن الصمت العربي والدولي هو الذي ساعد للوصول إلى هذا الموقف الأميركي.

وأكد الأمين العام للحزب إدانة ورفض أي تهجير للفلسطينيين إلى أي مكان، مشددا على أن الشعب الفلسطيني لن يترك أرضه، كما دعا إلى دعم الشعب الفلسطيني بكل أشكال الدعم حتى يثبت في أرضه.

وقال "جاهزون للمشاركة في أي خطة عربية لمنع تهجير الفلسطينيين"، معتبرا أن إسرائيل لم تتخلَّ عن مشاريع التوسع.

وبشأن التطورات السياسية في لبنان قال قاسم "مرتاحون لإنجاز الحكومة.. وسعينا من أجل انتظام مؤسسات الدولة والثنائي الشيعي أكمل انتخاب الرئيس.. وكنا جزءا لا يتجزأ من صناعة الوفاق الوطني في لبنان".

وبشأن انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، حذر قاسم من أنه إذا بقيت إسرائيل داخل لبنان بعد اتفاق وقف إطلاق النار "فهي محتلة والكل يعلم كيف يتم التعامل معها"، مؤكدا أنه ليست هناك أي ذريعة لبقاء الاحتلال، "ويجب أن يكون موقف الدولة اللبنانية صلبا وحاسما".

إعلان

وقال إن على الدولة اللبنانية أن تعمل من أجل انسحاب إسرائيل في 18 فبراير/شباط الجاري، وتحمل مسؤولية العمل على إعادة إعمار ما هدمته إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • نعيم قاسم: مواقف ترامب من فلسطين إبادة سياسية
  • البيان الختامي للقمة الإفريقية: وقف التعاون والتطبيع مع إسرائيل حتى تنهي احتلالها وعدوانها على فلسطين
  • إقامات سكنية بالمحاميد بلا مرافق ولا ضوابط للعيش الكريم
  • جنح طنطا تقضي بالحبس عام لعريف شرطة مفصول لسب وقذف مذيع
  • د. عبد المنعم سعيد: طريقة ترامب تزيد المعاناة في فلسطين
  • السوداني: استمرار عمل ( الأونروا) في فلسطين ضرورة إنسانية
  • فلسطين من (عصا موسى) إلى (عصا السنوار)
  • دور الشباب في فلسطين
  • مذيع عراقي يزعم تعرضه لمحاولة اغتيال.. والشرطة تكشف الحقيقة
  • تطهير الجسم بالعصائر.. دراسة جديدة تكشف المخاطر الصحية