لجريدة عمان:
2025-04-23@05:43:21 GMT

هوامش ومتون :سليلُ «سلالة السنديان»

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

لسبب ما، أصرّ د. إبراهيم السعافين على اختتام أمسية تكريم النادي الثقافي له باعتباره الشخصية الثقافية العربية لعام 2023م بإلقاء قصيدته «الشمس التائهة»، وما إن ألقى المقطع الأول، اتّضح السبب:

قالوا: كانت أكبرَ

من كلّ الأرضْ

تمتدّ على غرب الدّنْيا

وتفيض ُعلى الشّرقْ

بالطّولِ وبالعرْض

يحرسُها اللّه

وتحرس أحلام النّاسْ

فقد أراد لفلسطين التي غادرها محمولا على أكتاف والده عام 1948م، أن تكون حاضرة في المكان والزمان المناسبين، مثلما حضرت في كلمته التي ألقاها في حفل تسليمه جائزة الملك فيصل العالمية في الرياض عام 2001م، كما أشار في سيرته الذاتية (سليل السنديان) فتكريمه هو تكريم لقطب من أقطاب الثقافة الفلسطينيّة، والقضية التي شغلته، وشكّلت همّا مركزيّا نجده في شعره، وكتاباته، ورواياته، وحين انتقل للمقطع الثاني في القصيدة التي يعود تاريخ كتابتها إلى 2019م، أطلت (غزّة) برأسها طغت على صوته حشرجة، بدأت تتسع حتى غاب صوته، واغرورقت عيناه بالدموع، وهو يتساءل:

غزّة في سفر الرحّالةِ أكبرُ منْ

كلّ الدّنْيا

فلماذا يجتمع عليها الشرُّ

وكلُّ حثالات الأشرارِ

يُرُهقها الظلم ويوجعها الفقرُ

وتشقى في الحرّ وفي القرّ

ولكن لا تحني الهامة

ويظلّ الغزيُّ شديد الباسْ

هذا هو الدكتور إبراهيم السعافين كأنه لم يغادر فلسطين ولم يكبر رغم بلوغه الثمانين، وقبل أربعة أشهر زار قريته (الفالوجة)،الواقعة بين الخليل وغزّة، وينسب اسمها إلى شيخ من شيوخ الصوفية هو شهاب الدين الفالوجي، الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، واختلطت في رأسه الأفكار، وامتزج الواقع بالخيال، وكما توقّع في (سلالة السنديان) حين قال «خرجتُ طفلا من بيتي، وإن قدّر الله لي العودة في هذه الشيخوخة، فسأقف على الأطلال، لأن الجرافات دمّرته ودمّرت البلدة منذ اليوم الأول لخروجنا الكبير، مثلما دمّرت هي نفسها بيتنا المؤقت في الكرامة، التي شهدت زهرة طفولتي وبداية شبابي»، لكن الجرّافات لم تجرف عزيمة الإنسان، ويكفي السعافين فخرا أن الطفل الصغير الذي غادر المكان قبل (75) سنة، ولم يكن يملك شهادة ميلاد، فاضطر أن يدخل المدرسة بشهادة ميلاد شقيقته (مريم)، عاد إليها شيخا، وعلى صدره نياشين علمية، وسيرته الذاتية، مضاءة بأكثر من (45) إصدارا في مختلف مجالات المعرفة والأدب، فهو الأكاديمي والناقد، والشاعر والروائي والمسرحي، والمثقف العضوي، الذي نال جائزة الملك فيصل عام2001م وجائزة الدولة التقديرية في الأردن عام 1993م، والعديد من التكريمات، من بينها نيله درع مهرجان جرش عام 1983م وهو المعلم الذي عمل أستاذا في الجامعة الأردنية واليرموك وجامعة الملك سعود في الرياض، وجامعة الإمارات وجامعة الشارقة، وجامعة تنيسي الأمريكية، وأشرف وناقش عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه.

فهو صلب العزيمة وكيف لا يكون كذلك وهو سليل (شجرة السنديان) المعمرة التي تنبت فوق جبال الضفة الغربية.

وفي الجلسة التي جمعت ثلاثة من الأكاديميين الذين تتلمذوا على يديه هم: د. محمود السليمي، ود. جمال مقابلة، ود. آمنة الربيع، كانت لغة الامتنان والتقدير والوفاء تلقي ظلالها على الحضور، وقد رفع ذلك من قدرهم، مثلما رفع حمل الأمين والمأمون نعلي الكسائي حين قام فاختلفا فيمن يفعل ذلك فاتفق كل منهما أن يقدم له واحدة فظن الكسائي أن ذلك أغضب الخليفة، فقال الرشيد: «لو منعتهما لعاتبتك، فإن ذلك رفع من قدرهما». ليس فقط بالنسبة لطلبته في قاعات الدرس، بل حتى في كتاباته، يرى الناقد صبحي الحديدي أن السعافين» يأخذ قارئه إلى منطق تتلمذ إرادي للتعلّم من معلّم» وبالوقت نفسه فشخصيته النقدية والأكاديمية تجعلك تشعر أنك «بحاجة إلى الاختلاف مع بعض خلاصاته التطبيقية ومهاده النظري» لذا فشخصيّته يمكن وصفها بـ(الجاذبية المربكة)، وهو معلم في الحياة، ويشهد على ذلك طلبته الذي صاروا زملاء له في الحياة، مثل د. جمال مقابلة الذي تتلمذ على يدي السعافين في مرحلتي الماجستير والدكتوراه وأعدّ كتابا ضخما عنه حمل عنوان (يُشرق من كلّ أفق) صدر احتفاء بميلاده السبعين، فقال عن إبراهيم السعافين إنه «أستاذي في الجامعة ومعلمي في الحياة، فقد علمني: كيف يكون المرء ملتزما بموضوعه وملتصقا بقضايا أمّته».

والنادي الثقافي في تكريمه لواحد من رموز الثقافة العربية يكون قد كرّم المعلّم والناقد والشاعر والروائي، والمسرحي في شخص د. إبراهيم السعافين، كما كشفت الأوراق المشاركة في الندوة، ونحن في شوق لصدور كتاب يجمع تلك الأوراق القيّمة كما أكّد الصديق د. محمد بن علي البلوشي رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي، مثلما جرى مع الأوراق التي قدّمت في ندوة اختيار د. عبد العزيز المقالح الشخصيّة الثقافية العربية المكرّمة عام2021م.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تريندز وجامعة جونز هوبكنز الأميركية ينظمان جلسة حوارية

أبوظبي (وام) نظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات جلسة حوارية مع جامعة جونز هوبكنز الأميركية، إحدى أعرق الجامعات البحثية في العالم، وذلك ضمن جولته البحثية في الولايات المتحدة الأميركية.

يأتي ذلك في إطار سعي المركز لتوسيع شبكة شراكاته الأكاديمية الدولية، وتعزيز التعاون بين مكتب تريندز في الولايات المتحدة والمراكز البحثية والأكاديمية الأميركية.

 

حضر الجلسة، التي شارك فيها الدكتور محمد عبد الله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز على رأس وفد تريندز، الدكتور حمد الكعبي الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، وتم تبادل الرأي ومناقشة فرص التعاون مع معهد تريندز الدولي للتدريب لاسيما في برامج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إضافة الى التطورات في مجالات البحث العلمي، وسُبل التعاون في المشاريع المشتركة.

 

أخبار ذات صلة المصرف المركزي يفرض عقوبة مالية على بنك عامل في الدولة "الوطني للأرصاد" يكشف عن أدنى درجة حرارة سجلت في الإمارات

وتطرقت الجلسة إلى أبرز التحديات العالمية، مثل التغير المناخي، والأمن الدولي، والتنمية المستدامة، ما يعكس التزام الجانبين بمسؤولياتهما البحثية في مواجهة قضايا العصر.

 

وأكد الدكتور محمد عبد الله العلي أن هذه الجلسة تمثل خطوة محورية نحو بناء شراكات استراتيجية مع واحدة من أقوى المؤسسات البحثية عالميًا، ما يسهم في تعزيز مكانة المركز كمحور فكري عالمي، وداعم للمؤسسات، والباحثين، والأكاديميين، والمهتمين.

 

من جانبه أعرب الدكتور جوردون سوارتز، المدير التنفيذي لبرامج التطوير المهني في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، عن التطلع إلى التعاون في تطوير برامج تنفيذية نوعية للمهنيين، تغطي موضوعات حيوية تشمل الطاقة والتقنيات المتقدمة. 

 

مقالات مشابهة

  • بروتوكول تعاون بين محافظة قنا وجامعة جنوب الوادي لتنشيط مكتبة مصر العامة
  • الإثنين.. ندوة حول "الإعلام والهوية الوطنية" بـ"جمعية الصحفيين"
  • جامعة الإسكندرية ترفع نسبة اجتياز اختبار اللغة الإنجليزية لطلاب الدراسات العليا
  • بروتوكول تعاون بين جامعة بنها الأهلية وجامعة بكين لفتح آفاقًا للطلاب والباحثين
  • بروتوكول تعاون بين جامعة بنها الأهلية وجامعة بكين التكنولوجية الصينية
  • عباس إبراهيم: وداعًا للبابا الذي حمل همّ المقهورين ودافع عن فلسطين
  • تريندز وجامعة جونز هوبكنز الأميركية ينظمان جلسة حوارية
  • جبريل إبراهيم: المسيرات التي تقتل شعبنا وفرها محمد بن زايد لمليشيا آل دقلو
  • شراكة بين "فودافون عُمان" وجامعة السلطان قابوس لتعزيز الابتكار في الذكاء الاصطناعي
  • ‏الأردن يرحب بالتوافق الذي توصّلت إليه واشنطن وطهران خلال الجولة الثانية من المباحثات التي عُقِدَت في العاصمة الإيطالية روما