حتى تكون كافية.. ما كمية المساعدات التي تحتاجها غزة؟
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
تزامنا مع توسيع الجيش الإسرائيلي لعملياته العسكرية نحو جنوب قطاع غزة، تتزايد مطالبات المنظمات الإغاثية، بالسماح بوصول المزيد من المساعدات إلى سكان القطاع، مع تحذيرها من وضع إنساني يزداد كارثية، لم تسهم هدنة السبعة أيام في تخفيف قساوته.
وعلى مدار الأيام الأخيرة، تعالت أصوات هيئات أممية ومنظمات إنسانية وإغاثية أخرى، للتحذير من اقتراب "محنة غزة" من "احتمالات وسيناريوهات مروعة"، والدعوة لإدخال كميات أكبر بكثير من المعونات وضمان حماية المدنيين الفلسطينيين.
وتحدث مسؤولون بوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وجهاز الهلال الأحمر الفلسطيني لموقع الحرة، عن ظروف صعبة بالقطاع المحاصر، في ظل امتداد الاشتباكات جنوبا، نحو مناطق جديدة، ومعها اشتداد حاجة سكان القطاع لمزيد من المساعدات.
"من سيء إلى أسوأ"المتحدث بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، كاظم أبو خلف، يقول إن الوضع الإنساني "يتجه من سيء إلى أسوأ"، مشيرا إلى أن شعورا مشتركا لدى كل المنظمات الإغاثية العاملة أو التي تراقب الوضع بالقطاع، على أننا "نتجه نحو كارثة إنسانية قاسية".
ويضيف أبو خلف، في تصريح لموقع "الحرة"، أن "الإمدادات الإنسانية والوقود الذي يصل إلى قطاع غزة اليوم، غير كاف على الإطلاق، مع تزايد الحاجات يوما تلو الآخر".
وحذرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، لين هاستينغز، من تدهور الوضع في غزة، ومن "سيناريو مرعب على وشك أن يتكشف"، لن تستطيع معه العمليات الإنسانية الاستجابة للاحتياجات.
وقالت هاستينغز، إن الظروف الضرورية لتوصيل المساعدة إلى سكان غزة منعدمة، وإن "ما نشهده يتجسد في مراكز إيواء بلا إمكانيات، ونظام صحي منهار، وانعدام مياه الشرب النظيفة، وعدم وجود الصرف الصحي الملائم، وسوء التغذية، ما يعد الصيغة التي تُدرس عن ظروف انتشار الأوبئة وحدوث كارثة صحية عامة".
بدوره، يؤكد أبو خلف، على أن الشروط الأساسية لتقديم ما يسمى بالاستجابة الإنسانية للسكان "غائبة"، في ظل "انقطاع الاتصالات، وعدم استقرار المساعدات، كما تغيب ممرات آمنة لعمل الإغاثة، مع استمرار القصف والعمليات العسكرية الإسرائيلية".
ويضيف أن استمرار القصف يدفع بالمزيد من السكان للنزوح، حيث تستقبل المراكز التابعة للأونروا، مليونا و200 ألف إنسان، إضافة إلى مئتي ألف آخرين نزحوا إلى مناطق أخرى كالمستشفيات والمباني العامة والمدارس وحتى محطات الوقود، قائلا: "أينما وجد سقف تجد تحته أشخاص يبحثون عن مأوى آمن".
وسط "تكدس" ملاجئ النزوح.. الجيش الإسرائيلي بقلب خان يونس اقتحمت القوات الإسرائيلية خان يونس، المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة، الثلاثاء، فيما وصفته بأنه أشرس أيام القتال خلال خمسة أسابيع من العمليات البرية ضد مسلحي حركة المقاومة الإسلامية (حماس).وبعد انتهاء الهدنة التي سمحت بدخول نحو 200 شاحنة مساعدات يومية إلى الفلسطينيين طيلة أيامها السبعة، تراجعت كميات المساعدات التي تصل إلى القطاع إلى أقل من النصف، مع تجدد الأعمال القتالية.
في هذا الجانب، يكشف المسؤول بالأونروا، كاظم أبو خلف، أنه منذ الثاني من شهر ديسمبر الجاري، اليوم الأول بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، تدخل مئة شاحنة فقط إلى القطاع يوميا، مع كميات مختلفة من الوقود، انخفضت من 138 ألف لتر من الوقود، في 2 ديسمبر إلى 69 ألف لتر، أول أمس، الاثنين.
ويؤكد أبو خلف، على أن هذه المساعدات، سواء على مستوى عدد الشاحنات ولا كميات الوقود " لا تكفي ولا تقترب من المتوسط اليومي لقبل الحرب، حيث كانت تدخل القطاع 500 و600 شاحنة يوميا".
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، للصحفيين، الثلاثاء، إن الكميات الأخيرة التي دخلت بعد استئناف إطلاق النار، "أقل بكثير من المتوسط اليومي البالغ 170 شاحنة و110 آلاف لتر من الوقود التي دخلت خلال الهدنة الإنسانية التي نفذت بين 24 و30 نوفمبر ".
وأمام التحديات الإنسانية الكبيرة التي فرضتها الحرب والدمار الذي لحق القطاع، يقول أبو خلف، إنه "من غير المقبول أن نتحدث بعد الآن عن سقف 500 شاحنة التي كانت تدخل في السابق" مشيرا إلى أن "القطاع يحتاج اليوم إلى أكثر من ألف شاحنة يوميا، بشكل سريع ودون تباطؤ ولا شروط، ولشهور طويلة من أجل الاستجابة لحاجيات سكان غزة الأساسية".
ويضيف المسؤول الإغاثي، أن الرهان، لا يتعلق فقط بوصول المساعدات للمنظمات الإغاثية لتوزيعها على السكان، بل يجب أيضا أن تدخل البضائع إلى السوق حتى تدور عجلة الاقتصاد، عبر معابر أخرى وليس فقط معبر رفح المخصص في الأصل لتنقل الأشخاص".
في حاجة ماسة إلى "كل شيء"ووسط الانتقادات الدولية المستمرة للأوضاع بغزة، أكدت الولايات المتحدة، الثلاثاء، أن على إسرائيل بذل المزيد من الجهد للسماح بدخول الوقود وغيره من المساعدات إلى القطاع والحد من الأذى الذي يلحق بالمدنيين.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في مؤتمر صحفي، أن "مستوى المساعدات التي يجري إدخالها ليس كافيا.. يجب أن يرتفع وقد أوضحنا ذلك لحكومة إسرائيل".
مساعدات أميركية لغزة تصل إلى مصر.. ومسؤولة تعلن دعما إضافيا وصلت، الثلاثاء، الدفعة الثانية من المساعدات الإنسانية لسكان غزة، إلى محافظة شمال سيناء المصرية الحدودية، برفقة مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور، تتضمن مستلزمات طبية نقلتها وزارة الدفاع الأميركية جوا من الأردن.وبالرغم من الدعوات الإنسانية بغزة، يوسع الجيش الإسرائيلي نطاق عملياته البرية لتشمل قطاع غزة برمته، بعد قرابة شهرين من بدء الحرب، بعدما شنّ منذ 27 أكتوبر هجوما بريا في شمال القطاع المحاصر.
ويخوض الجيش الإسرائيلي في الوقت الحالي عمليات برية "هي الأكثر شراسة" حيث وصل إلى قلب مدينة خانيونس في جنوب القطاع، فيما يصر مسؤولوه على إكمال الحرب حتى "القضاء على حماس وتحرير جميع الرهائن وعدم عودة غزة إلى ما كانت عليه سابقا".
وتفيد الأمم المتحدة، بأن الأعمال القتالية جراء الحرب، دفعت 1.9 مليون شخص أي 85 بالمئة من سكان القطاع للنزوح في قطاع غزة، حيث تعرّض أكثر من نصف المساكن للدمار أو لأضرار.
في هذا الجانب، يقول أبو خلف، إن "حجم الدمار بقطاع غزة كبير، مع دمار حوالي 46 ألف بيت وتعرض أكثر من 234 ألف وحدة سكنية لأضرار متفاوتة"، موضحا أن هذا الوضع يدفع إلى "تنامي وتزايد الاحتياجات في مقابل شح كبير على مستوى وصول المساعدات الإنسانية، التي تدخل باستحياء".
وعن طبيعة المواد والمستلزمات التي تشتد الحاجة إليها في قطاع غزة في ظل الوضع الراهن، يجيب المتحدث أنه، ليس هناك أولويات بل كل ما يخطر على بال إنسان من حاجيات أساسية تشتد الحاجة إليها، مشيرا إلى أن "السكان نزحوا من بيوتهم تاركين وراءهم كل شيء".
غير أن أبو خلف، يؤكد على أهمية وصول الوقود، معتبرا أنه "عصب الحياة، الذي سيسهم في إدارة مختلف المرافق الحيوية، من مستشفيات ومحطات تحلية المياه والآبار والمخابز ومولدات الكهرباء"، إلى جانب الأدوية مع "نفاد المستلزمات الطبية من المراكز الصحية".
"نظام صحي شبه منهار"وبحسب منظمة الصحة العالمية، تراجع عدد المستشفيات العاملة في غزة من 36 إلى 18، منذ بدأت الحرب قبل شهرين. وثلاث من بين هذه المستشفيات لم تعد تقدّم سوى الإسعافات الأولية الأساسية، فيما يقتصر ما تقدمه المستشفيات الأخرى على الخدمات الجزئية.
وفي جنوب القطاع، لا زال 12 من أصل 18 مستشفى يقدم خدماته، بحسب المنظمة.
وما زال هناك 1400 سرير في مستشفيات القطاع، بينما تقدر منظمة الصحة العالمية أن هناك حاجة إلى 5 آلاف سرير.
ويؤكد عاملون في المجال الإنساني خطورة الوضع الصحي بالقطاع، محذرين من انتشار أمراض على نطاق واسع وبينها التهاب السحايا، واليرقان، والجرب، والقمل، وجدري الماء.
مسؤولة الإعلام في الهلال الأحمر الفلسطيني، نيبال فرسخ، تؤكد من جهتها، أن الأوضاع صعبة للغاية على مستوى القطاع الصحي بغزة، في ظل خروج أغلب مستشفيات الشمال عن العمل، ومعاناة باقي المراكز الصحية من شح المستلزمات الطبية والأدوية لعلاج المصابين، وأيضا الوقود الضروري لعملها.
وتكشف فرسخ، في تصريح لموقع "الحرة"، أن عشرات المرضى والمصابين "يفقدون حياتهم يوميا نتيجة لعدم قدرة المستشفيات والأطقم الصحية على خدمتهم، وأيضا أمام صعوبات التنقل التي تعترض فرق الإسعاف والإنقاذ، في ظل تواصل القصف والعمليات العسكرية الإسرائيلية.
وشدد برنامج الأغذية العالمية، على أن توزيع المساعدة الإنسانية بات "شبه مستحيل" في قطاع غزة، مما سيفاقم "الأزمة الإنسانية الكارثية التي تهدد السكان المدنيين".
وتؤكد المتحدثة ذاتها، أن حتى المساعدات الضئيلة التي تصل إلى القطاع حاليا لا تلبي الاحتياجات الصحية بالقطاع، ولا تكفي لضمان عمل المستشفيات، سواء على مستوى الوقود أو الأدوية وباقي المستلزمات.
وتوضح مسؤولة الإعلام بالهلال الأحمر الفلسطيني، أنه منذ بداية إدخال المساعدات إلى قطاع غزة وحتى اللحظة "لا تتعدى الأدوية والمستلزمات الطبية نحو 20 بالمئة من مجمل الشاحنات التي تصل القطاع"، مشيرة إلى أنه "في أحيان كثيرة تكون هناك 4 أو 5 شاحنات طبية من أصل 100".
وتضيف أن القطاع الطبي بغزة "أصبح شبه منهار مع خروج مستشفيات عن الخدمة، فيما تعاني المراكز الصحية المتبقة من الاكتظاظ مع امتلاء، ليس فقط الأسرّة، بل حتى العنابر".
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية، توقفت مؤقتا مع بدء الهدنة، قبل انهيارها.
وتجاوزت حصيلة القتلى في غزة 16248 شخصا، منهم 7112 قاصرا و4885 امرأة، مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين ويخشى أن يكونوا مدفونين تحت الأنقاض، بحسب ما أعلنته السلطات التابعة لحماس، الثلاثاء.
وأطلق سراح عشرات المختطفين والسجناء خلال هدنة استمرت سبعة أيام الشهر الماضي، وتقول السلطات الإسرائيلية إن 15 مختطفا وهم "11 مدنيا وأربعة جنود بينهم ضابط برتبة لواء" قتلوا أثناء اختطافهم لدى حماس.
وتقول حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007 إن "القصف الإسرائيلي تسبب بمقتل عدد من المختطفين في القطاع".
ومنذ بداية العملية البرية بشمال قطاع غزة في 27 أكتوبر وحتى الثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 82 ضابطا وجنديا.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، ما زال 138 رهينة مختطفين في قطاع غزة بينهم 17 من النساء والأطفال، بعد إطلاق سراح 105 رهائن، لقاء الإفراج عن 240 سجينا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية خلال الهدنة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی الأمم المتحدة من المساعدات فی قطاع غزة إلى القطاع على مستوى أبو خلف إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
القاعدة تشن هجومًا مفاجئًا على عدن: هل تكون هي البداية الجديدة التي يسعى اليها التحالف؟
الجديد برس|
في خطوة غير متوقعة، أعلن تنظيم القاعدة، يوم الثلاثاء، استهدافه لمديريات حيوية في مدينة عدن، المعقل الأبرز للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
وتأتي هذه التطورات المثيرة في وقت تشهد فيه الساحة السياسية الجنوبية ترتيبات أمريكية جديدة يقودها حزب الإصلاح، مما يثير تساؤلات حول ردود فعل المجلس الانتقالي.
مصادر محلية أفادت بأن التنظيم، الذي يتزعمه أنيس العولي، المعين من قبل الرئيس هادي قائدًا للشرطة العسكرية، أعاد نشر عناصره تحت غطاء “الشرطة العسكرية” في منطقة كريتر، إحدى أعرق مدن عدن.
وبحسب المصادر، قامت هذه العناصر بنصب نقاط تفتيش وتعقب كل من يرتدي زيًا عسكريًا جنوبيًا، ما يعكس تصعيدًا ملحوظًا في أنشطتها.
وتعد هذه الخطوة توسيعًا لانتشار تلك العناصر التي ظلت تتركز في مديرية التواهي منذ عام 2017، بعد اتفاق يقضي بدمجها مع الفصائل الموالية للتحالف.
ومع ذلك، يبقى الغموض يكتنف هذه التحركات: هل هي جزء من ترتيبات لتسليم المدينة لحزب الإصلاح، أم أن هناك تحسبات لردود فعل محتملة من المجلس الانتقالي بعد إعلان الولايات المتحدة عن تشكيل تحالف جديد قد يغير معالم المشهد في جنوب اليمن؟