بالتوازي مع عدوانه الوحشي على قطاع غزة، حول الاحتلال الإسرائيلي الضفة الغربية المحتلة إلى ما يشبه "ساحة المعركة"، بعد شنه حملات اقتحام واعتقالات واسعة بوتيرة يومية أسفرت عن آلاف الشهداء والمعتقلين والمصابين.

 

وارتفعت حصيلة شهداء الضفة الغربية إلى 260 منذ بدء الحرب الإسرائيلية البربرية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فضلا عن إصابة ما يزيد على الـ3200 فلسطيني بجروح مختلفة، فيما وصل إجمالي عدد المعتقلين إلى نحو 3580، بحسب مصادر فلسطينية.

 

وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، الثلاثاء، إن "عدد الشهداء بالضفة الغربية منذ بداية عام 2023 ارتفع إلى 469".

 

وأضافت الكيلة أن "اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على المستشفيات والمراكز الصحية وسيارات وطواقم الإسعاف في الضفة الغربية تزايدت، حيث صعد الاحتلال من استهدافه للمستشفيات ومحاصرتها واقتحامها والاعتداء على سيارات وطواقم الإسعاف، واعتقال الجرحى".

 

وتستخدم قوات الاحتلال التي قطعت مدن وبلدات الضفة المحتلة عبر حواجز عسكرية وسواتر ترابية، خلال عدوانها على الفلسطينيين، الرصاص الحي والقصف والمراقبة بطائرات مُسيرة، وخاصة في مخيمي جنين ونور شمس، وفقا لوكالة الأناضول.

 

يأتي ذلك، فيما يواصل المستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم من حين لآخر تحت حماية من قوات الاحتلال.

 

وتظل حصيلة الشهداء والمعتقلين في الضفة، معرضة للارتفاع على وقع تواصل الانتهاكات الإسرائيلية في وقت يصعد فيه من وحشية عدوانه على قطاع غزة، الذي أسفر عن عشرات آلاف الشهداء والمصابين.

 

اقتحامات متواصلة

 

يواصل الاحتلال شن اقتحامات واسعة في الضفة الغربية من حين لآخر، تتركز بشكل كبير في مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم وبلاطة وعسكر شمال الضفة، إضافة إلى عقبة جبر والعروب والدهيشة.

 

ونفذ جيش الاحتلال عشرات الاقتحامات، مخلفا دمارا كبيرا في البنية التحتية والمنازل والمحال التجارية في مخيمي جنين ونور شمس. تم خلالها استخدام جرافات عسكرية عملت على تجريف الشوارع وتدمير شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات، ودمرت نصبا تذكارية، بحسب الأناضول.

 

من جانب آخر، نفذ المستوطنون نحو 610 اعتداءات في عموم الضفة الغربية بما ذلك مدينة القدس المحتلة، بحسب معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.

 

وتوزعت هجمات المستوطنين بين إطلاق الرصاص الحي، والاعتداء بالضرب، ورشق مركبات بالحجارة والهجوم على منازل فلسطينية وتخريب ممتلكات ومزروعات.

 

ووفق تقديرات رسمية، فإن عنف المستوطنين أدى إلى هجر ما لا يقل عن 143 أسرة فلسطينية تضم 1,014 شخصا، بينهم 388 طفلاً، مناطقهم البدوية المصنفة "ج" بحسب اتفاق "أوسلو 2" الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

 

وصنفت اتفاقية "أوسلو 2" لعام 1995 أراضي الضفة ثلاث مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية.

 

اعتقالات غير مسبوقة

 

ينفذ جيش الاحتلال حملات اعتقال واسعة في الضفة الغربية المحتلة طالت 3580 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر الماضي، وفق نادي الأسير الفلسطيني.

 

ويعتقل الاحتلال 7800 فلسطيني في سجونه حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بينهم 33 امرأة، و166 طفلا، و2873 معتقلا إداريا (دون تهمة)، بحسب معطيات رسمية.

 

وقبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كان الاحتلال يعتقل 5250 فلسطينيا، بينهم 37 أسيرة، و180 طفلا، و1319 معتقلا إداريا.

 

وتسببت اعتداءات الاحتلال المتصاعدة بحق الأسرى الفلسطينيين، في استشهاد ستة منهم في السجون جراء سياسة التعذيب، منذ بدء العدوان على غزة.

 

وكان أسرى فلسطينيون أفرج عنهم من سجون الاحتلال في صفقة التبادل مع "حماس"، كشفوا عن تضييق وتعذيب وضرب ونوم على الأرض ونقص في الطعام داخل معتقلاتهم.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: فلسطين اسرائيل غزة الضفة الغربية الكيان الصهيوني الضفة الغربیة فی الضفة

إقرأ أيضاً:

عندما يصير الجسد ساحة معركة: تراجيديا الإنسان السوداني بين القنص والاغتصاب

الجسد، ذاك الهامش الذي ظنّوه هشًّا، أصبح ساحةً يتبارى فيها الرماة الجدد؛ لا في معركة نظيفة النوايا، بل في مجزرة تُدار ببرودة الحذاء العسكري حين يخطو على ملامح الحياة. كل ما في الأمر أن سودانًا قديمًا قد مات، أو قُتِل عن عمدٍ مع سبق التواطؤ بين العساكر والخطاب الديني المستنقعي، بين الرصاصة والفتوى، بين المتحدث باسم الجيش ومنشد كتائب البراء. هناك، حيث كانت الساحات تُستعاد فيها المدن للناس، غدت الآن رؤوس الناس ساحة لتعلّم القنص. ليس مجازًا بل واقعًا، في زمنٍ بات فيه المدني السوداني محض هدف حيّ، يمارس عليه الجندي رماية الصيد، ويعلّق نجاحه في التصويب على جمجمة مواطن، لم يفعل سوى أن مشى تحت شمس حارقة، أو أطل من نافذة بيته.

إنهم يتدرّبون على الجسد، لا على العدو. والفرق بين الجندي المحترف والقاتل المرتبك لم يعد واضحًا في جحيم الخرطوم ولا في الظلال الطويلة لوَد مدني المنكوبة.
لا يُطلقون النار من خوف، بل من لذة، لذة السيطرة على الفزع. هكذا، تحوّل الجسد السوداني إلى هدف رمزي للحكم، كأن الدولة ذاتها لم يعد لها سوى هذا الجسد تهزمه مرارًا لتثبت أنها لا تزال تحكم ولو على الأطلال.

في الجزيرة، في طيبة بالاسم لا بالفعل، ذُبح الناس كالطقس، كأنها مسرحية قديمة أُعيد إخراجها بحرفية جزارين لا يعرفون اللغة. أُحرقت القرى بعد أن نُهبت، وبُعثرت الماشية التي كانت تمد الأرض بما تبقّى من استقرار. انتشلت الجثث من الأزقة وساحات المساجد، طُمست الشواهد، وبقي في الذاكرة فقط مشهد شيخ يُذبح أمام تلميذه، أو أم تئن بعد أن نُزع رضيعها منها لتُغتصب أمام صمت الحيطان.

وهناك، حيث الغرب يُجاهد في التمييز بين الجلاد والضحية، دارفور تُباد من جديد، بهدوء متعمد. المساليت، هذه المجموعة التي لم تطلب يومًا دولة، ولا رفعت سلاحًا خارج حدودها، يُخيّرها المسلحون بين الموت أو المنفى المفتوح على العراء، على الصمت، على حدود لا يسكنها أحد إلا الناجون من المجازر. ومع أن العالم قد شهد، فإن أحدًا لم يتوقف ليفهم كيف تُعيد قوات الدعم السريع إنتاج مشاهد الإبادة وكأنها تحفظها عن ظهر رصاصة.

الاغتصاب، لم يعد سلاحًا مسكوتًا عنه. بل صار أداة سياسية معلنة، تمارس في وضح النهار، في الخرطوم ودارفور وكردفان، بأيدٍ سمراء مسلحة وبنظرات لا ترتجف. فتاة تُحمل عنوةً إلى معسكر، تتناوب عليها البنادق، لا لشيء إلا لأن أمّها صوتت ذات يوم لصالح الحرية. شهادات النساء تُروى بمرارة تُقطّع أوصال اللغة. هناك من استُعبدت في بيوت ضباط، ومن فُتحت أجسادهن كخرائط للانتقام. بعضهن صُبّ عليهن الماء المغلي بعد الاغتصاب، وبعضهن قُطعن، وهن على قيد الحياة، فقط لتكون الرسالة أوضح.

من لم يُغتصب، هُجّر. ومن لم يُهجر، جُوِّع. ومن لم يُجَوَّع، قُصف وهو يفر. في الجنينة، يُجبر المدني على الاختيار بين القبر والترحال. وفي جنوب كردفان، تُحرق القرى فقط لأن ملامح ساكنيها تُشبه التاريخ. لا بوصلة ولا رحمة. فقط جيشٌ فقد معناه، ودعمٌ سريع أبطأ من أن يستوعب ما تبقّى من إنسانية في الميدان.

إن كل ما يجري لا يشي بحربٍ على السلطة فحسب، بل بكراهية للإنسان، بنقمة على الجسد، على أنفاسه، على صبره، على ذاكرته. لقد تحوّل الإنسان السوداني إلى محض مادة حربية، يُقتل لأنه لم يمت سابقًا، يُغتصب لأنه ما زال يأمل، يُهجّر لأنه يشبه الغد، والغد لدى هؤلاء جريمة.

وهنا، يحضر صوت هربرت ماركوز، وهو يقول: “حين يُختزل الإنسان إلى مجرد وسيلة، فإن كل ما فيه يُحوّل إلى ساحةٍ للسيطرة: جسده، لغته، ذائقته، وحتى موته.”، وكأن الفيلسوف قد قرأ تقارير الحرب السودانية قبل نصف قرن.

من كان يتساءل عن فداحة السلطة حين تتحالف مع الوهم، فلينظر إلى السودان، حيث الدولة لم تعد تُحكم بالقانون، بل بالقتل. لا سلطة مدنية ولا حتى دكتاتورية واضحة، فقط خليط مسلح من رجالٍ يشبهون الكوابيس، يحكمون بالسيف والمزاج، يوزّعون الموت كما توزع الخطب في المساجد، ويغسلون أياديهم بالدين.

الخرطوم، دارفور، الجزيرة، كردفان… ليست مناطق متفرقة، بل جراح في جسدٍ واحد أُعلن موته سريريًا. والمفارقة أن الجناة لا يطلبون الغفران، بل يريدون من الضحية أن تعتذر لأنها لم تمت في الوقت المناسب.

هل سيُحاسَب أحد؟ ربما. لكن الجسد، ذلك الجسد الذي حمل الوطن، لم يعد كما كان. صار خريطةً للذل، وشاهدًا على عصرٍ يعاد فيه تعريف الجريمة لا بحسب فظاعتها، بل بحسب الجهة التي ترتكبها.

هذا ليس توصيفًا لواقع. هذا إعلان فجيعة، ونعي لضمير كان ينبغي أن يستقيل منذ الطلقة الأولى.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • دولة فلسطينية موعودة
  • استشهاد فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تقتحم مدنا وقرى في الضفة الغربية
  • غارة لجيش الاحتلال على المنطقة الغربية لمدينة رفح الفلسطينية جنوب غزة
  • قوات الاحتلال تقتحم قرية ترمسعيا شمال رام الله بالضفة الغربية
  • عندما يصير الجسد ساحة معركة: تراجيديا الإنسان السوداني بين القنص والاغتصاب
  • استمرار جرائم الاحتلال.. استشهاد 8 فلسطينيين في الضفة الغربية وغزة
  • إصابة فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية
  • اقتحامات واعتقالات في الضفة الغربية.. وتسجيل حادث دهس في الخليل
  • بلاغات أولية عن عملية دهس قرب الخليل جنوبي الضفة الغربية