هل تبتلع إسرائيل طعم حماس في غزة؟
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
على نحو لم يفاجئ أحداً، استأنفت إسرائيل وحماس القتال في غزة بعد نحو أسبوع من الهدنات المؤقتة وصفقات تبادل الأسرى. وعلى الرغم من مناشدات أمريكا وغيرها للحد من الخسائر في صفوف المدنيين، إلا أن إسرائيل تبدو مصرّة على التوغل في جنوب غزة، لكن تفكيرها الاستراتيجي على ما يبدو انتهى عند هذا الحد، ولا تلوح في الأفق أي نهاية معقولة للمعركة.
قد تسعى إسرائيل إلى تدمير الأنفاق نفسها، ربما بإغراقها بمياه البحر
وفي هذا الإطار، قال حسين إيبيش، باحث أول مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، في مقاله بمجلة "أتلانتك": "المرحلة التالية من هذا الصراع الشرس ستقود إسرائيل على نحو شبه مؤكد إلى معضلة لا تحسد عليها: هل تمنح حماس نصراً صغيراً وفي جوهره أجوف أو نصراً أكبر كثيراً وحقيقيّاً بكل معنى الكلمة".
وأضاف: "تبدو المراحل المقبلة من القتال واضحة. فالأرجح أن تستولي إسرائيل على جميع المناطق الحضرية المهمة الواقعة فوق سطح الأرض في جنوب غزة، تماماً كما فعلت في الشمال. وبعد ذلك ستأتي معركة كبرى للسيطرة على شبكة أنفاق حماس الضخمة يُفترض أن تؤوي غالبية مقاتلي الحركة وقادتها وعتادها وما تبقى من رهائن".
وفي نهاية المطاف قد تسعى إسرائيل إلى تدمير الأنفاق نفسها، ربما بإغراقها بمياه البحر. وبفعلها ذلك، تتوقع إسرائيل إلحاق ضرر يتعذر إصلاحه بحماس، مما يفقدها القدرة على حكم غزة أو تشكيل تهديد لجنوب إسرائيل في المستقبل المنظور. القضاء على حماس..مستحيل
وأوضح الباحث أن هذه الأهداف كلها قابلة للتحقيق ظاهريّاً، لكن هدف إسرائيل الأكبر المعلن – وهو القضاء على حماس بشكل كامل – مستحيل؛ فحماس فكرة لا مجرد قائمة من الأفراد والأشياء. وبإمكان إسرائيل تدمير قادتها وعتادها كله، وإعلان النصر، وترك غزة تلقى مصيرها. وستظل حماس، بشكل أو بآخر، تزحف خارجة من تحت الأنقاض وتعلن "نصرها الإلهي".
"If the Israelis stay in Gaza out of determination to deny Hamas a hollow win, they will instead ensure that Hamas gets a political victory that is actually worth something—one that will play out over months and years," @Ibishblog writes: https://t.co/nGNXucwOAB
— The Atlantic (@TheAtlantic) December 4, 2023
وليس هذا فحسب، فحماس لديها كوادرها في عموم الشرق الأوسط، بما في ذلك فرع الجماعة الدبلوماسي بحكم الواقع في قطر، فضلاً عن جيوب كبيرة من المقاتلين في الضفة الغربية ولبنان وأماكن أخرى. وتستطيع إسرائيل اغتيالهم جميعاً، لكن في نهاية هذه الجولة من القتال، سيعلن شخص، باسم حماس، النصر على إسرائيل، حتى لو بمجرد الإشارة إلى 7 أكتوبر والادعاء بأنه قضى على أسطورة إسرائيل التي لا تقهر، وحس المنعة من العقاب، وغطرستها التي لا تطاق، مع إحياء القضية الفلسطينية على الساحة الدولية في الوقت نفسه.
وبالنسبة لإسرائيل، يقول الباحث، تنطوي مغادرة غزة على هذه المخاطر، بصرف النظر عن مدى شدة الدمار المادي. وليس بإمكان حماس إعلان النصر فحسب، بل يمكنها إعادة إحياء هياكلها الحاكمة في غزة إذا انسحبت إسرائيل. وعندئذ ستواصل إسرائيل حصارها الفعلي وتعمل على تحصين منطقتها العازلة، فيما تعلن حماس أن إسرائيل انسحبت ذليلة مهزومة.
Here is an insightful piece by @Ibishblog in the @TheAtlantic -certainly worth the read https://t.co/jti2t8ryY0 @GulfStatesInst
— Lawrence Rubin (@lprubin73) December 5, 2023
لكن هناك حقيقة أعمق لا لبس فيها للجميع في كل مكان في هذا السيناريو، برأي الكاتب، وهي أن غزة في حالة من الدمار بسبب المواجهة الكارثية التي أشعلتها حماس عمداً لتحقيق أغراضها السياسية. فما حدث لأهل غزة بسبب تصرفات حماس سيبدأ في الحديث عن نفسه بالنسبة للكثيرين.
لكن بعد توقف القتال، عاين اللبنانيون الحطام بأعينهم وتوصلوا إلى استنتاج مفاده أن حزب الله جر البلاد بكل طيش إلى صراع باهظ الثمن بلا داعٍ. وقد اضطر زعيم حزب الله حسن نصر الله إلى الظهور على شاشة التلفزيون والاعتذار، مدعياً بشكل مثير للسخرية أنه لم يكن يتصور أن إسرائيل سترد بمثل هذا العنف على هجوم على جنودها في المنطقة الحدودية، ولو تصور ذلك لما سمح أبداً بالقيام بتلك العملية.
ويمثل مدى مسؤولية حماس عما يجري في غزة أمراً بالغ الأهمية يجب على الفلسطينيين مناقشته، لكن لا يمكن أن نتوقع منهم أن يفعلوا ذلك فيما تهيمن إسرائيل على مشاعرهم الفردية والجماعية كمحور تركيز الغضب والاستياء والإرهاب الفج.
ولو انسحبت إسرائيل من غزة فستعلن حماس النصر، وهو أمر سيثير الاشمئزاز. لكن خروجها ـ لا سيما إذا فعلت ذلك مع أخذ زمام المبادرة لدعم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وإحياء مفاوضات السلام الجادة ـ يمكن أن يكون أفضل سبيل أمام إسرائيل لتحويل هذا النصر إلى إخفاق سياسي لحماس.
والبدائل أسوأ من ذلك، يقول إبيش، فالخيالات الإسرائيلية بشأن تدخل قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، أو قوات تدخل سريع أو شرطة عربية، أو لواء خاص متعدد الجنسيات لاستقرار الأوضاع، من أجل حكم غزة أو حتى تأمينها، كلها محض أوهام، حسب وصف الباحث، ولن ينقذ أحد إسرائيل من الكارثة في غزة.
وبالتالي يرى الكاتب أن الخيار الآخر الوحيد هو بقاء إسرائيل في غزة، وهذا شيء أبان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عدة مرات أنه يفضل فعله، وذلك على أمل ضمان عدم تمكن حماس من إعلان النصر أو استعادة السيطرة. حرب أبدية وحماس تفضّل هذه المحصلة أيضاً، يضيف الكاتب، إذْ كان يُفترض أن يؤدي هجوم 7 أكتوبر إلى حالة من "الحرب الأبدية" مع إسرائيل باستفزاز اجتياح إسرائيلي تواجهه حماس بتمرد مستديم. ومثل هذا المجهود لن يكون صعباً في تنفيذه، حيث يمكن لحركات تمرد فعالة أن تتطور بسرعة، وبميزانية محدودة، وفي ظل ظروف مرهقة. وأي شخص راغب في الموت، كما هو الحال مع الكثيرين من مقاتلي حماس، يستطيع استخدام وسائل بسيطة لقتل جنود الدوريات، لا سيما في المناطق الحضرية التي يتمتع فيها المتمردون بدعم شعبي واسع.
وعندئذ تستطيع حماس متمردة إعلان نفسها زعيمة للحركة الوطنية الفلسطينية باعتبارها القوة الوحيدة التي تقاتل جنود الاحتلال بشكل يومي. وفي مقابل ذلك، ستتهم السلطة الفلسطينية بالعمل كقوة شرطة لصالح الاحتلال في الضفة الغربية ومنظمة التحرير الفلسطينية بالجلوس إلى طاولة مفاوضات فارغة نادراً ما تجري عليها محادثات، وإذا جرت هذه المحادثات فإنها لا تحقق أي شيء.
ولفت الكاتب النظر إلى أن حماس سعت، منذ تأسيسها على يد جماعة الإخوان في غزة سنة 1987، إلى تهميش قوميي فتح العلمانيين والاستيلاء على الحركة الوطنية الفلسطينية، محوّلةً إياها إلى قضية إسلامية تهيمن عليها حماس.
والجائزة النهائية هي السيطرة على الوجود الدبلوماسي العالمي لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي يشكل أحد الإنجازات الرئيسية القليلة التي حققتها الحركة الوطنية منذ إعادة تشكيلها في أواخر الستينيات.
وإدخال إسرائيل في حرب أبدية في غزة يخدم هذا الغرض. لكن أكبر نقطة ضعف في استراتيجية حماس اعتمادها على ابتلاع إسرائيل للطعم. ولو انسحبت إسرائيل بسرعة، مخلفةً وراءها خراباً كاملاً وسامحةً لحماس بإعلان "نصرها الإلهي"، فستقبل حماس هذه المحصلة وتحتفل بنجاحها المفترض ليل نهار. لكن خطر حدوث رد فعل قوي واسع سيكون واضحاً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی غزة
إقرأ أيضاً:
القاهرة الإخبارية: 4 ملايين شخص دخلوا للغرف المحصنة في إسرائيل منذ الصباح
أفادت قناة القاهرة الإخبارية، في نبأ عاجل مساء اليوم الأحد، بأن قرابة 4 ملايين شخص دخلوا إلى الغرف المحصنة في إسرائيل منذ صباح اليوم، وفقا لـ إذاعة جيش الاحتلال.
وأضافت أن صفارات الإنذار دوت أكثر من 500 مرة منذ ساعات الصباح.
تصعيد الاحتلال في الشرق الأوسطولا يزال التصعيد في الشرق الأوسط مستمرا بشكل أكبر من ذي قبل، حيث أن مهاجمة الاحتلال الإسرائيلي وتصعيده الكبير ضد حزب الله في الأيام الأخيرة، زاد الأمور تعقيدا، فيما تشير التوقعات إلى أن جيش الاحتلال سيزيد من هجماته على جنوب لبنان، تحت مزاعم الضغط على حزب الله من أجل تأمين عودة سكان الشمال إلى مستوطناتهم.
وما زاد من حدة التوترات في المنطقة، هو اغتيال الاحتلال الإسرائيلي، لـ حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، بعد مجموعة الاغتيالات الأخرى التي نفذّت ضد عدد من قيادات حزب الله.
وبعد استشهاد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في اشتباك مع قوات الاحتلال، لا يمكن توقّع إلى أي مدى سيصل مستوى التصعيد، خصوصا مع استمرار بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال في وضع العراقيل أمام أي مفاوضات لتحقيق صفقة تبادل المحتجزين ووقف إطلاق النار، وحرصه على استمرار حرب الإبادة في غزة، وكذلك مواصلة الاعتداءات على الضفة الغربية.
وتواصل مصر وساطتها الدبلوماسية بمشاركة قطر، من أجل الضغط على إسرائيل، لإتمام صفقة تبادل المحتجزين مع حركة حماس، والقبول بوقف إطلاق النار في غزة، وحماية المدنيين.
اقرأ أيضاً«حماس»: ندعو إدارة بايدن للتكفير عن خطيئتها بالضغط على الاحتلال لوقف جرائمه
144 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلى
حزب الله يستهدف تجمعات الاحتلال بالصواريخ والمسيّرات الانقضاضية