دمشق-سانا

خرج الحرفي محمد الحلاق عن المألوف بصناعة نفخ الزجاج يدوياً وتابع خطى أجداده ووالده وطور عليها بصناعة قطع زجاجية تراثية بألوان وأشكال متعددة في ورشته بخان الزجاج في باب شرقي بدمشق.

وتنوعت المشغولات وفقاً لما أوضحه الحلاق في تصريح لسانا على شكل “عناقيد العنب” و”كلوبات الحديد” وثريات “الوردات والدمعات” التي تتميز كونها مشغولة يدوياً بالكامل وبجميع مراحل تصنيعها.

ويعتمد الحلاق في حرفته على مواد أولية بسيطة “الزجاج الكسر والنحاس والحديد” ليقوم بتصميم أشكال متعددة من قطع زجاج مسطحة ومعلق بها قطع زجاجية منفوخة منها الدمعة أو الوردة ويعمل على إدخال عنصري النحاس والحديد عليها.

الرسم على الزجاج يعد نوعاً من أنواع الفنون المرتبطة بصناعة نفخ الزجاج يدوياً، ولهذا الفن صناع متمكنون من عملهم، وهو يعتمد على طلي الزهريات والأباريق وكاسات الماء بطبقة من الدهان ينفذ عليها رسوم لأزهار وورود وعروق نباتية تزيينية ترتاح إليها العين.

أصل الرسم على الزجاج بحسب كتاب “التراث الثقافي اللامادي السوري” الصادر عن وزارة الثقافة والأمانة السورية للتنمية يعود إلى نحو القرن العاشر للميلاد، فقد كانت الرسوم بسيطة تتمثل في الخيوط الزجاجية وأشكال خلايا النحل وبعض الكتابات، إلا أنه شاعت في سورية منذ العهد الروماني زخرفة الأواني الزجاجية بالخيوط والأقراص المضافة إلى سطح الإناء، وكانت تلك الخيوط إما متعرجة أو متموجة.

ويتطلب الرسم على الزجاج استخدام أدوات بسيطة كالريشة التي يستخدمها الرسام إضافة إلى الألوان، حيث اشتهرت دمشق وحلب في القرن الثالث عشر للميلاد بالزجاج الملون، فضلاً عن شهرة مصر به أيام الفاطميين، وتأثرت كل منهما بزجاج الأخرى وزخارفها نظراً للتبادل الثقافي والتجاري الكائن في تلك المرحلة.

ويعود الرسم على الزجاج بشكله الحالي في سورية بحسب الكتاب إلى نحو مئتي سنة، ويقوم الرسام بالرسم والزخرفة على القطع والأواني الزجاجية المصنوعة، ويكون أجره على الزخرفة والرسم على أساس ساعة الإنتاج وليس القطعة، وذلك حتى تأخذ القطعة حقها من الرسم والزخرفة مهما كان حجمها.

هذه الحرفة يتقنها أيضاً الحلاق إلى جانب النفخ على الزجاج وتشكيل القطع التراثية، حيث يعمل بحسب ما أوضح برسم الزخارف النباتية الدمشقية على الزجاج بدهان يقوم بتركيبه بنفسه من بودرة ناعمة باللونين الذهبي والفضي بشكل أساسي وعدة ألوان يخلطها بمواد ومثبتات.

وأشار الحلاق إلى أنه يستخدم الزجاج الذي تم الرسم عليه في تزيين البيوت وغرف الضيوف ولا سيما الرسمات التي تختص بها مدينة دمشق، مبيناً انه يرتبط فن الرسم على الزجاج بذوق ومهارة الرسام، إضافة إلى دقته في تنفيذ الرسومات المختلفة على الزجاج، كما يعتمد من جهة أخرى على نعومة وإتقان صنع الزجاج المُعد للرسم، ويعكس هذا الفن من خلال الرسومات الثقافة السورية في فترات زمنية مختلفة.

وعن ألوان الزجاج الذي تشتهر به دمشق بين الحلاق أن الألوان الأساسية هي الأزرق والفيروزي والبني ومنها يتدرج بقية الألوان، موضحاً أن هذه المهنة جهد فيها والده بالتجريب المستمر للخروج بقطع في غاية الجمال للوصول إلى الشكل الأمثل وتشارك معه بالرأي الحرفيان راغب الأسود ومعن أورفلي، ولافتاً إلى وجود العديد من المشغولات النادرة لوالده موجودة حالياً في قصر العظم بدمشق.

وأشار الحلاق إلى وجود العديد من الصعوبات التي تهدد استمرار الحرفة، أبرزها عدم تمكنه من تأمين مادة المازوت الضرورية في عملية صهر ونفخ الزجاج، ما يترتب عنه ارتفاع أسعار المنتجات إضافة إلى ندرة العاملين بها وقلة الراغبين بتعلمها وصعوبات في تصريف المنتجات.

ولفت الحلاق إلى أنه يقوم بعرض مشغولاته التراثية من خلال مشاركته بالمعارض كخان أسعد باشا ومحطة الحجاز ومكتب عنبر وبعض المراكز الثقافية ومعرض دمشق الدولي.

وأوضح أنه يسعى للحفاظ عليها من خلال تعليم ابنه ما تعلمه من أجداده والتي يحتاج إتقانها عدة سنوات من الصبر والحب، مشيراً إلى استعداده لتعليمها للشباب والشابات الراغبين باتقانها بعد أن كان تعلمها سابقاً مقتصراً على الذكور ومن العائلة نفسها التي حملت نفس اسم الحرفة.

وأعرب الحلاق عن سعادته لتسجيل عنصر نفخ الزجاج يدوياً على قائمة الصون العاجل في اليونيسكو يوم أمس، مؤكداً أن هذه الحرفة تعد مصدر رزق للعديد من العائلات التي تتقن العمل فيها إضافة لكونها هوية ثقافية سورية يتوجب الحفاظ عليها.

سيدات في بداية خطوات تعلم النفخ على الزجاج…

وبعد أن كان تعلم الحرفة حكراً على الرجال تخوض اليوم غمار تعلمها السيدة باسمة درويش التي عبرت عن حبها للحرفة التي بدأت بتعلمها هي وابنتها منذ عدة أشهر، حيث تعمل على فحص جودة القطع الزجاجية المنفوخة وقياسها وترتيبها بأشكال عديدة “عناقيد وشكل عنكبوت”.

 

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الحلاق إلى

إقرأ أيضاً:

فنون شعبية مبهجة في حفلات الثقافة بمسرح الطور الصيفي

تواصل الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، الحفلات الفنية والأنشطة الثقافية بالمسرح الصيفي بالطور بعد تطويره وافتتاحه مؤخرًا ليقدم خدماته لأبناء سيناء.

أبرز الفقرات الفنية

 

وشهد المسرح، أمس الجمعة، عرضًا فنيًا  مميزًا قدمته فرقة الطور للفنون الشعبية، بقيادة أسامة إبراهيم، شمل مجموعة من الفقرات الاستعراضية المتميزة التي تعكس التراث الشعبي، مثل "مرحب بالزوار"، "الحجالة"، "مصر أم الدنيا"، "صعيدي"، "سمسمية"، و"نوبة".

 

واختتم الحفل بفقرة "التنورة" التي شهدت إبداعًا في تصميمها واستعراضاتها، وقدمت الحفل روان رضا وسط تفاعل كبير من جمهور سيناء.

تنفذ الحفلات من خلال إقليم القناة وسيناء الثقافي، بإدارة د. شعيب خلف، مدير عام الإقليم، وبحضور منيرة فتحي، المشرف على فرع ثقافة جنوب سيناء.

أبرز المنشآت الثقافية

 

المسرح الصيفي في طور سيناء تم افتتاحه بعد الانتهاء من أعمال تطويره، ويعتبر أحد أبرز المنشآت الثقافية في المدينة، حيث يمتد على مساحة 11 ألف متر مربع، ويضم العديد من المرافق الحديثة مثل خشبة المسرح التي تم تطويرها، وصيانة المقاعد، بالإضافة إلى العديد من المباني والخدمات مثل قاعة للفنون التشكيلية والفنون الشعبية، ومبنى إداري، ومرافق متنوعة لخدمة الجمهور.

مقالات مشابهة

  • قلب مغلق على جذع شجرة.. لمياء علي فنانة أسيوطية شابة تغوص في أعماقها بالرسم
  • هيئة فنون العمارة والتصميم توقع مذكرة تفاهم لتطوير القطاع في المملكة
  • الثلاثاء.. الثقافة تبدأ اختبارات ابدأ حلمك بمحافظة قنا
  • قرار بتحديد رسوم تقديم الخدمات البريدية
  • مفاوضات غزة – تفاصيل الملفات التي تم الاتفاق عليها حتى الآن
  • من هي أبرز الشخصيات التي تدير المشهد في سوريا الجديدة؟.. وزراء ومحافظون
  • افتتاح معرض "أنامل بصيرة" لعرض ابداعات مكفوفين وضعاف البصر فى فنون الرسم والتشكيل
  • فنون شعبية مبهجة في حفلات الثقافة بمسرح الطور الصيفي
  • السفارة الأمريكية في سوريا: وفد أمريكي بحث في دمشق دعم عملية سياسية شاملة بقيادة سورية
  • فنون السيرك تبهر زوار «مهرجان الشيخ زايد»