أضواء المدينة.. أفخاخ بيئية تجذب الطيور المهاجرة لتلقى حتفها
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
قُتل ما يقرب من 1000 طائر في الفترة من 4 إلى 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عندما اصطدمت بمبنى زجاجي مضاء في شيكاغو. وعلى الرغم من ندرة الوفيات الجماعية بهذا الحجم، فإن التلوث الضوئي يشكل تهديدا خطيرا ومتزايدا للطيور المهاجرة.
وفي أكبر دراسة من نوعها نشرت في دورية "نيتشر كوميونيكشنز"، استخدم العلماء بيانات رادار الطقس لرسم خريطة لكثافة توقف الطيور المهاجرة في الولايات المتحدة، ووجدوا أن الضوء الاصطناعي هو المؤشر الرئيسي للمكان الذي يؤدي لهبوط الطيور.
وقال المعد الرئيسي للدراسة كايل هورتون، وهو أستاذ مساعد في قسم الأسماك والحياة البرية وبيولوجيا المحافظة على البيئة بجامعة ولاية كولورادو: إن أضواء المدينة تجذب الطيور إلى ما يمكن أن يكون فخا بيئيا، حيث المباني التي تؤدي إلى الاصطدامات، والموائل الأقل، وندرة الغذاء، والمزيد من الناس والقطط.
وتعتبر الهجرة وقتا محفوفا بالمخاطر ومرهقا في حياة الطيور، حيث تهاجر الطيور إلى مئات وآلاف الأميال، وفي بعض الأحيان تحرق نصف كتلة جسمها على طول الطريق. ويعد العثور على مكان جيد للراحة والتزود بالطاقة أمرا بالغ الأهمية للطيور المهاجرة للبقاء على قيد الحياة والازدهار بمجرد وصولها إلى وجهتها.
وقال هورتون في البيان الصحفي المنشور على موقع يوريك ألرت: "مواقع التوقف هذه هي محطات التزود بالطاقة، وإذا لم يكن لديهم مكان جيد لإعادة بناء إمدادات الطاقة، لا يمكن أن تحدث الهجرة".
وتوفر الدراسة أول خرائط على مستوى قارة أميركا الشمالية لنقاط توقف الهجرة الساخنة في الولايات المتحدة، ومعرفة أنماط التوقف واسعة النطاق هذه يمكن أن تساعد في تطوير خطط لحفظ الطيور.
وقال المؤلف المشارك والأستاذ بجامعة ولاية ميتشيغان جيف هينبري: "تتميز دراستنا بأنها تجمع بين البيانات الضخمة -والكثير من المعالجة- من شبكة رادار مراقبة الطقس مع البيانات الضخمة من أجهزة الاستشعار المتعددة المحمولة في الفضاء لمعالجة الأسئلة الرئيسية المتعلقة بتأثير المناطق الحضرية على هجرة الطيور".
وتجمع الدراسة أكثر من 10 ملايين ملاحظة رادارية مع المناظر الطبيعية وغيرها من المعلومات المستندة إلى المكان لمحاولة تفسير سبب اختيار الطيور للراحة في المكان الذي تعيش فيه. ومن بين 49 سببا، كان التلوث الضوئي من أكثر الدواعي لكثافة التوقف.
ويخلق انجذاب الطيور إلى المدن معضلة تتعلق بالحفاظ على البيئة، فهل ينبغي الحفاظ على المراكز الحضرية باعتبارها مواقع توقف مهمة، أم استهدافها بحملات لإطفاء الأضواء؟
ويعمل هورتون وزملاؤه مع منظمات حكومية وغير ربحية للقيام بالأمرين معا، لكن الإضاءة الحضرية تتضمن الكثير من المصالح، مما يجعلها مسألة معقدة.
وهناك ضغط اجتماعي لترك الأضواء التي يجدها بعض الناس ممتعة من الناحية الجمالية، لكن التلوث الضوئي يضر بالناس أيضا، ويمكن أن يعطل إيقاعات الساعة البيولوجية لدى البشر، مما يؤدي إلى مشاكل صحية بما في ذلك الاكتئاب والأرق وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان.
وقال هورتون: "يمكن أن يساعد تعديل النوافذ باستخدام ملصقات مثل النقاط أو الخطوط الشبكية في منع الاصطدامات عن طريق الكشف عن الحاجز أمام الطيور، كما يمكن أن يساعد أيضا تقليل السطوع وتخفيف لون الأضواء. الأضواء البيضاء أو الزرقاء الساطعة هي الأسوأ بالنسبة للحياة البرية، في حين أن الألوان الدافئة مثل الأحمر والبرتقالي والأصفر، أقل جاذبية".
قد تكون الاصطدامات التي وقعت في مركز مؤتمرات شيكاغو مثالا صارخا على موت الطيور بسبب التلوث الضوئي، لكن هورتون قال إن الوفيات الجماعية التي تشمل 100 طائر أو أكثر شائعة للغاية، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من مليار طائر يصطدم بالمباني في الولايات المتحدة كل عام.
وقد كان معظم الضحايا الذين سقطوا في مركز ماكورميك بليس للمؤتمرات في الفترة من 4 إلى 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي من الطيور المغردة، حيث تم إحصاء 33 نوعا، وفقا لمتحف شيكاغو فيلد. وتفيد هذه الطيور الناس من خلال أكل الحشرات التي تصيب المحاصيل والحدائق، وتلقيح النباتات وتوزيع البذور.
يقول هورتون إن الوعي العام بعادات هجرة الطيور سيكون جيدا للبدء بالمساعدة في حمايتها من التلوث الضوئي، إذ "قد لا يدرك معظم الناس أن الطيور تهاجر ليلاً".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة الطیور إلى یمکن أن
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان الأولى عربيًا والـ22 عالميًا في مؤشر الدول الأقل تلوثًا
مسقط- العُمانية
حقّقت سلطنة عُمان إنجازًا بيئيًا جديدًا بتصدرها قائمة الدول العربية الأقل تلوثًا في مؤشر التلوث العالمي لعام 2025، الذي تصدره منصة "Numbeo"، وجاءت في المرتبة الـ22 عالميًا.
ويعكس هذا التصنيف الجهود المستمرة التي تبذلها سلطنة عُمان في الحفاظ على جودة البيئة وتعزيز الاستدامة، التي عملت على تنفيذ استراتيجيات تهدف إلى الحد من التلوث وتحسين جودة الحياة.
ويعتمد مؤشر التلوث العالمي على عدة عوامل، أبرزها جودة الهواء والمياه، وإدارة النفايات، والتلوث الضوضائي، ومدى توفر المساحات الخضراء. وسجلت سلطنة عُمان مستويات منخفضة من التلوث مقارنة بدول المنطقة، وهو ما أسهم في تحقيقها هذا الترتيب المتقدم.
وتعد السياسات البيئية الصارمة التي تنتهجها سلطنة عُمان، إلى جانب المشروعات المستدامة من العوامل الرئيسية وراء هذا النجاح، إذ تعمل الحكومة على تعزيز استخدام الطاقة النظيفة، والتوسع في مشاريع التشجير، وتطوير أنظمة إدارة المخلفات، بما يضمن بيئة صحية ونظيفة.
ويأتي هذا الإنجاز في وقت تواجه فيه العديد من الدول الصناعية الكبرى تحديات بيئية كبيرة بسبب التوسع العمراني والصناعي، مما يجعل تجربة سلطنة عُمان نموذجًا يحتذى به في المنطقة والعالم، كما يعكس التصنيف الدور المحوري الذي تلعبه هيئة البيئة في تنفيذ الاستراتيجيات البيئية ضمن رؤية "عُمان 2040"، والتي تركز على تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
ويؤكد هذا التصنيف أن سلطنة عُمان ليست فقط وجهة مثالية للعيش بفضل بيئتها النظيفة؛ بل إنها أيضًا مثالًا للتوازن بين التطور الاقتصادي والمحافظة على الطبيعة؛ مما يعزز مكانتها العالمية في المؤشرات البيئية.