طوفان الأقصى والجبهة الشمالية
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
حسن أحمد اللواتي
منذ بدايات عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر وبدء عمليات القصف الجوي لقطاع غزة اتجهت الأعين في ضمن ما اتجهت إليه نحو شمال فلسطين المحتلة أي جنوب لبنان، فكان التساؤل الأهم في أذهان المحللين والمتابعين والمهتمين هو هل ستنضم المقاومة اللبنانية كأحد أضلاع محور المقاومة في الحرب مع كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس في مواجهة الرد الإسرائيلي؟ ولكي نكون أدق فالسؤال كان عن الدخول في حرب عسكرية مباشرة وتوجيه ضربات موجعة في قلب الكيان المحتل.
هذا السؤال لم يكن مهما فقط للجانب الفلسطيني-اللبناني، بل كان على طاولة الجانب الآخر، ولذا سرعان ما رأينا تحشيدا غير مسبوق من حاملات طائرات وبوارج وقطع عسكرية مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا في رسالة واضحة وصريحة بأن أي تدخل من جانب حزب الله أو إيران سيواجه بردود قاسية جدا للبنان كله وليس فقط المقاومة اللبنانية.
وما زاد من تعقيد الوضع هو الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان منذ سنوات والتي تجعل الدخول في حرب مفتوحة قد يكون لها آثار مدمرة جدا، هذا بالإضافة إلى التجاذبات السياسية الداخلية في لبنان نفسه تجاه سلاح المقاومة ووجودها العسكري في الجنوب اللبناني.
وعندما ظهر أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأول في الثالث من نوفمبر كانت أنظار الملايين من الجهتين مصوبة نحو الشاشات في انتظار ما سيقوله جوابا على هذا السؤال، ولكن الجواب كان بشكل غير مباشر، فالسيد حسن نصر الله أعلن أن حزب الله قد دخل عمليا في الحرب بجانب المقاومة الفلسطينية منذ اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى من خلال استهداف مواقع للعدو الإسرائيلي في المناطق المفتوحة والتي هي في مزارع شبعا اللبنانية التي يحتلها العدو، وأن عمق المواجهات وقوتها تخضع لتحليل مستمر للمعطيات الميدانية التي يتم دراستها أولا بأول. ولكن الأهم أن الخط الأحمر كان واضحا وهو عدم سقوط المقاومة الفلسطينية وحركة حماس.
هذا الجواب أنتج شعورا بالإحباط لدى الجمهور العام من المتابعين الذين كانوا ياملون الاندفاع السريع بالقذائف والصواريخ الدقيقة نحو مواقع حساسة من المناطق المحتلة في الكيان الغاصب. ويمكن فهم هذا الشعور لدى الجمهور العام لأنه كان ينظر للمسألة أنها ستكون بسهولة توحد الجبهات في شمال فلسطين المحتلة مع جنوبها في غزة، ولكن المحللين العسكريين والاستراتيجيين كان بإمكانهم رؤية المشاكل العديدة في هذه التوقعات غير المدروسة، ولن ندخل في تلك التفاصيل لأنها بعد مرور ستة أسابيع من الحرب صارت أكثر وضوحا حتى للجمهور العام.
استراتيجية حزب الله أصبحت أكثر وضوحا في الخطاب الثاني لأمينه العام بمناسبة يوم الشهيد، حيث وضع السيد حسن نصر الله قاعدة أن النصر لن يكون على شكل ضربة قاضية للعدو الإسرائيلي وإنما على شكل نقاط، في إشارة منه إلى الدعم الهائل الذي حشد من الغرب للدفاع عن إسرائيل في حالة تدخل أية جهات أخرى بالحرب بشكل مباشر، وأن النصر سيكون بعملية تراكمية تدريجية وفق قواعد اشتباك مدروسة. وبالفعل عند مراجعة البيانات تجد إنجازات تدخل حزب الله في الحرب بعد عملية طوفان الأقصى واضحة جلية ومن ضمنها ما يلي:
تم استقطاب حوالي ثلث القوة العسكرية الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة بعيدا عن غزة، مما خفف العبء عنها في المواجهات التي تجري هناك، وقد أعرب أبو عبيدة المتحدث الرسمي لكتائب عز الدين القسام عن شكره وتثمينه لهذا الأمر. قصف الحزب 40 موقعا عسكريا إسرائيليا من خلال ما يقارب 300 عملية استهداف و15 تموضعا عسكريا، ودمر قرابة 21 آلية عسكرية و35 منظومة استخباراتية و21 نظاما من أنظمة التشويش، و77 منظومة للاتصالات، و3 مسيرات و47 رادارا و170 كاميرا عسكرية، كانت هذه الأنظمة تعمل على التنصت والتجسس العسكري في دائرة واسعة تشمل لبنان وأجزاء من سوريا، وبتدمير تلك الأنظمة التجسسية بعمليات "فقأ العين" أفقد حزب الله العدو الإسرائيلي قدرات مهمة جدا في الاستخبارات وتجميع المعلومات وخلق له زوايا عمياء في المنطقة. كما تقدر الخسائر البشرية للعدو 354 بين قتيل وجريح. بعد أن كانت المواجهات الأولى محصورة بالأراضي اللبناية توسع نطاقها لاحقا ليشمل الشمال الفلسطيني حيث تم قصف 5 مستوطنات، مما أدى إلى إخلاء 43 مستوطنة وإجلاء 70 ألف مستوطن منها لأول مرة في تاريخ إسرائيل وتم نقلهم لمناطق أبعد بالجنوب. ويستبعد أن يعود الكثير منهم لتلك المستوطنات لاحقا لأنها تقع في مناطق ساخنة وخطرة وفي متناول يد حزب الله، استعمل الحزب صواريخ البركان في هذه المواجهات لأول مرة، والتي يصل وزنها نصف طن وتحمل رؤوسا تفجيرية تصل ل200 كيلوغرام بقطر تدميري يصل ل150 مترا، واستعمل حزب الله هذا الصاروخ لضرب مركز قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت وأدى لتدمير واسع بها. هذا التصعيد في نوعية الصواريخ يعتبر رسالة في أن المواجهات في طريقها للتزايد من ناحية الدقة والشدة. وقبل يوم من دخول الهدنة المؤقتة حيز التنفيذ في غزة نفذت المقاومة ٢٢ عملية في يوم واحد استهدفت فيها قاعدة عين زيتيم قرب صفد على بعد ١٠ كيلومترات من الحدود وكانت ردا على اغتيال خمسة مقاومين لبنانيين في منزل قصفه العدو في بيت ياحون. قصفت المقاومة مصنعا تابعا لشركة رافاييل للصناعات العسكرية الإسرائيلية في منطقة شلومي ردا على قصف العدو لمصنع الألومنيوم في منطقة الكفور شمال مدينة النبطية. كما استهدفت المقاومة تجمعا للجنود في مستوطنة أفيفيم ردا على استهداف الصحافيين الشهيدين من قناة الميادين فرح عمرو وربيع المعماري.لا تزال الحرب مستعرة الأوار وإن كنا في وسط فترة الهدنة لتبادل الأسرى وإدخال المعونات الغذائية لقطاع غزة، وستكشف الأيام ومفاجآتها أين ستصل الأمور، لكننا نعلم منذ الآن أنها ستكون في جهة الانتصار لغزة ومحور المقاومة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ضباط إسرائيليون سابقون: الوحدة 8200 تشهد أسوأ أزمة في تاريخها بعد الفشل في إحباط “طوفان الأقصى”
سرايا - نقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن ضباط استخبارات إسرائيليين سابقين أن الوحدة 8200 في الجيش الإسرائيلي تشهد “أسوأ أزمة في تاريخها بعد فشل أكتوبر”، في إشارة إلى هجوم طوفان الأقصى الذي شنته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وبحسب 3 ضباط كبار سابقين في الوحدة، فإن الوحدة تحتاج إلى العمل الاستخباراتي الأساسي الذي لا يعرف الكثير من العاملين فيها اليوم كيفية القيام به، وبدون ذلك فإن الفشل سوف يكرر نفسه.
وأضاف هؤلاء بأن تعيين أوري ستاف قائدا للوحدة 8200 هو “إحياء لذكرى الفشل الذي أدى إلى تخلف 7 أكتوبر”، مؤكدا أنها خطوة غير كافية لإصلاحها وترميمها.
وقال أحد كبار المسؤولين السابقين، إن القائد الجديد للوحدة أوري ستاف فشل في التأثير على قائد الوحدة السابق يوسي شارييل، “ولم يوقف الغباء الذي أدى إلى الكارثة”.
وذكر الموقع أن الضباط السابقين الثلاثة اتفقوا على أنه رغم أن ستاف تدرج في المناصب التقنية داخل الوحدة، إلا أنه ليس رجل استخبارات، وهو ما تحتاجه الوحدة في الوقت الحالي، مشيرين في الوقت نفسه إلى أنه ظل نائبا لرئيس الوحدة السابق على مدى 3 سنوات، ومن ثم فهو مشارك في اتخاذ القرار والإخفاقات التي أدت إلى الفشل.
وقال المسؤولون الثلاثة السابقون إنه من أجل التغلب على الفجوة في مجال الاستخبارات، سيكون من الضروري تعيين نائب قائد يأتي من مجال الاستخبارات، خصوصا أن هناك حاجة لإعادة بناء الوحدة من الصفر تقريبا.
ويعتقد المسؤولون السابقون أنه سيكون من الضروري تشكيل فريق استشاري من جنود الاحتياط ذوي الخبرة في مجال الاستخبارات الذين سيعملون بشكل وثيق مع قائد الوحدة ونائبه وقائد مركز المخابرات في عملية إعادة التأهيل.
وفي 12 سبتمبر/أيلول الماضي، أبلغ يوسي شاريئيل رئيس الأركان هرتسي هاليفي، استقالته من منصبه بعد مسؤوليته عن الإخفاقات الاستخباراتية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وما قبلها.
وتداولت منصات عبرية خطابا منسوبا لقائد الوحدة 8200، يؤكد فيه استقالته قائلا: “في 7 أكتوبر فشلت في مهمتي.. اليوم بعد الانتهاء من التحقيقات الأولية، أود أن أمارس مسؤوليتي الشخصية وأسلم القيادة إلى من بعدي”.
وتُعد الوحدة 8200 كبرى الوحدات في مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وتأخذ على عاتقها مهمة جمع المعلومات الرئيسة، إضافة إلى تطوير أدوات جمع المعلومات وتحديثها باستمرار، مع تحليل البيانات ومعالجتها، وإيصال المعلومات للجهات المختصة، وكثيرا ما تشارك هذه الوحدة وتمارس عملها من داخل مناطق القتال.
إقرأ أيضاً : صحيفة أمريكية تكشف تفاصيل الاتفاق بين "إسرائيل" ولبنان لوقف إطلاق النار .. هدنة لـ60 يومًا وانسحاب تدريجيإقرأ أيضاً : بوتين: روسيا تواجه تهديدات ولا توجد وسيلة في العالم يمكنها منع صاروخ “أوريشنيك” وسنواصل اختبار أنظمة أسلحة جديدةإقرأ أيضاً : بعد الغارات "الإسرائيلية" على العاصمة اللبنانية .. وسم "بيروت" يعتلي منصات التواصل الاجتماعي
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #روسيا#العالم#اليوم#العمل#بوتين#رئيس#الوحدات
طباعة المشاهدات: 1609
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 23-11-2024 12:53 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...