الإقرار المكتوب بحق إسرائيل في الوجود شرط للجنسية الألمانية
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
سجلت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة دعما غربيا غير مسبوق، ترافق مع إنكار للجرائم التي توثقها الكاميرات وتبثها وسائل الإعلام يوميا.
وقد حظيت هذه الحرب بدعم شامل قدمته الولايات المتحدة وأوروبا على الأصعدة المختلفة، العسكرية والسياسية والإعلامية والاستخبارية. ورغم اسثنائية الغطاء الغربي عموما للحرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، يبقى الموقف الألماني استثنائيا في تعاطيه مع إسرائيل.
فقد أصدرت وزيرة داخلية مقاطعة ساكسونيا-أنهالت الواقعة شرق ألمانيا قرارا بوجوب أن يتضمن طلب التقدم للجنسية الألمانية تعهدا خطيا من قبل مقدم الطلب بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، وأشارت الوزيرة تمارا زيشانغ إلى أنه من الآن فصاعدا سيتطلب الحصول على الجنسية الألمانية التزاما بحق إسرائيل في الوجود.
وأشار القرار إلى أن حق الدولة الإسرائيلية في الوجود هو "مصلحة عليا" لألمانيا. وعادة ما يتم استخدام هذا المصطلح لتبرير القرارات غير الدستورية أو غير الأخلاقية. فوفقا لمعجم أكسفورد، فإن التعبير المستخدم (Reason of State) هو مصطلح تستخدمه الحكومات عندما يتضمن القرار ابتعادا عن مبادئ مثل الانفتاح أو العدالة أو المصداقية.
وقد تكرر هذا المصطلح في الآونة الأخيرة في خطاب السياسيين الألمان لتبرير انحيازهم العميق لصالح إسرائيل، بالرغم من جرائم الحرب المحتملة التي ترتكبها في غزة. فمنذ بداية الحرب الحالية التي راح ضحيتها حتى اللحظة أكثر من 16 ألف مدني فلسطيني جلّهم من الأطفال والنساء، كرر المستشار الألماني أولاف شولتز هذا المصطلح عدة مرات. وكانت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل قد أشارت لهذا المصطلح خلال خطابها الموجه للكنيست الإسرائيلي خلال زيارتها إسرائيل في عام 2008.
وبموجب القرار الجديد، فإن المتقدمين لطلب الجنسية الألمانية عليهم الإقرار بشكل مكتوب قبيل الحصول على الجنسية "أنهم يعترفون بحق إسرائيل في الوجود، ويدينون أي جهود موجّهة ضد وجود دولة إسرائيل". وربطت رسالة وزيرة الداخلية الموجهة إلى السلطات المحلية في الولاية ضرورة الانتباه لما إذا كانت هناك مؤشرات لمواقف معادية للسامية في حالات الحصول على الجنسية الألمانية، وهذا يتضمن إنكار حق إسرائيل في الوجود.
وقدم المرسوم توصيات للسلطات المحلية من أجل تحديد التعبيرات التي تُستخدم في إعلان الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود. وأضاف المرسوم الحكومي أن شهادة الجنسية يجب أن لا تصدر للمتقدمين الذين يرفضون مثل هذا التصريح.
وكانت خدمة البث الألمانية "دوتشيه فيله" قد قالت إن السياسيين الألمان يعتبرون أمن إسرائيل "مصلحة دولة عليا" لألمانيا، وهذا "يعني أن ألمانيا لديها مسؤولية تاريخية خاصة لحماية الشعب اليهودي ودعم دولة إسرائيل بعد ارتكابها للهولوكوست"، على حد وصفها.
ويذكر أن الشرطة الألمانية منعت رفع العلم الفلسطيني وارتداء الكوفية في وقت سابق في مناطق مختلفة.
وتشهد ألمانيا منذ بداية الحرب مظاهرات في جميع البلاد للمطالبة بوقف إطلاق النار، خرج بعضها بدون تصريحات بعد أن منعت الحكومة المظاهرات مع بداية الحرب. وتزامنا مع الحراك التضامني الشعبي، كثفت السلطات الألمانية حملتها بحق المتضامنين، حيث داهمت قوات الأمن عشرات المواقع والبيوت السكنية في مختلف أنحاء البلاد، واعتقلت العشرات بحجة الانتماء أو تأييد حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: هذا المصطلح
إقرأ أيضاً:
سكان الجولان.. 4 عقود من مقاومة إغراء الجنسية الإسرائيلية
"من يحصل على الجنسية الإسرائيلية يُقاطع ويعتبر خائنا".. هذا ما يحدث يوميا منذ أكثر من 40 عاما في الجولان السوري المحتل رغم جرائم الاحتلال وانتهاكاته وحتى إغراءاته.
أرست "إسرائيل" فور احتلال الجولان في 1967، نظام حكم عسكري بقبضة من حديد في المنطقة، وفي كانون الأول/ ديسمبر 1981، قررت تطبيق القانون المدني الإسرائيلي في الجولان ومحاولة فرض جنسيتها على الأهالي لأسرلة المنطقة كلها وضمها.
وانتفض الأهالي رافضين القرار الإسرائيلي "رغم الضغوط التي مارسها الحاكم العسكري من قبيل تقييد الحركة وعدم السماح بالتنقل خارج المنطقة المحتلة وعرقلة المصالح الخاصة بالسكان"، بحسب الناشط السياسي هايل أبو جبل.
وتحدى الأهالي السلطات الإسرائيلية ببدء إضراب في شباط/ فبراير 1982 استمر لمدة 6 أشهر ويعتبر الأطول في تاريخ الجولان حتى الآن.
وفطن أهل الجولان مبكرا إلى أن الجنسية الإسرائيلية مجرد حيلة لضم الجولان وقطع صلتهم بوطنهم سوريا إلى الأبد، ومع توالي السنين، ازدادت قناعتهم رسوخا بأن "الهدف الاسرائيلي كان ومازال هو جعل الجولان جزءاً من إسرائيل وبأي أسلوب كان"، وفقا لأبو جبل الذي يؤكد في تصريحات خاصة لـ"عربي 21"، أن "السبب الأساسي لرفض أبناء الجولان للجنسية الاسرائيلية أننا عرب سوريون ننتمي لوطننا سوريا ولشعبنا السوري".
وبعد أربعة عقود من محاولات الأسرلة، أكد الناشط السياسي سلمان خير الدين، في تصرحيات لـ"عربي21" أن نسبة "حملة الجنسية الإسرائيلية من أهل الجولان لا تتجاوز 20 بالمئة في حدها الأقصى، رغم كل هذه السنوات والتراكمات والوهن العربي وترتكبه إسرائيل من انتهاكات وجرائم تطهير عرقي ترقى إلى جرائم حرب".
ومن جرائم التطهير العرقي الإسرائيلية في الجولان "تهجير 90 في المائة من السكان بعد احتلاله والإبقاء فقط على ست قرى في شمال الجولان"، حتى إن عدد المهجّرين من المنطقة يناهز حاليا 800 ألف.
وتوسعت "إسرائيل" في الاستيطان، "لكنه لم يحقق تطلعاتها في تغيير الخريطة الديمغرافية للجولان"، وفقا لخير الدين، وما زال هناك 26 ألف سوري، مقابل 16 ألفاً في 1984، صامدون في وجه العدد نفسه من المستوطنين تقريبا، ومؤخرا، أقرت الحكومة الإسرائيلية مخططا لمضاعفة عدد المستوطنين.
وفي مواجهة "إغراءات" الجنسية الإسرائيلية، قرر أهالي الجولان منذ ثمانينيات القرن الماضي "اتخاذ تدابير صارمة ضد من يقبل الجنسية الاسرائيلية بمقاطعتهم اجتماعياً ودينياً وفرض العزلة التامة عليهم"، وفقا لأبو جبل، وهو ما أكده أيضا خير الدين لافتا إلى وجود "تسامح مع من ورث الجنسية الإسرائيلية عن والده لأنه مجرد وريث لا يحمل وزر ذلك".
وفي ظل تمسك الغالبية الساحقة من سكان الجولان برفض الجنسية الإسرائيلية حيث نُبذ من يقبل بها منهم، تحولوا بسبب ذلك من أصحاب الأرض الأحق بها إلى "مجرد مقيمين" في دولة الاحتلال. وإذا كانوا يتمتعون بحرية الحركة داخليا بموجب ما يعرف بـ"الهوية الزرقاء"، فإن "هناك الكثير من التمييز السلبي في تطبيق القانون الإسرائيلي رغم أنه يخول للمقيم كافة الحقوق ما عدا الترشح والانتخاب"، بحسب أبو جبل، الذي يعتبر من مؤسسي حركة مقاومة الاحتلال في الجولان.
وتتحول صفة "مقيم" إلى "جمرة عذاب" في حالات كثيرة من بينها السفر إلى الخارج الذي يعتبر من أسباب طلب البعض الجنسية الإسرائيلية، ومن هذه الأسباب، وفقا لأبو جبل، "الحاجة للسفر للدراسة في الخارج، خصوصا جيل الشباب، إضافة إلى الرغبة في جواز سفر ييسر "لأفراد الأسرة الواحدة اللقاء بعد سنوات من الغياب"، خصوصا أنه لا تستقبل أي دولة سكان الجولان من دون تأشيرة باستثناء الأردن.
ويتم سفر أهالي الجولان إلى الخارج بموجب وثيقة سفر تحمل ختما إسرائيليا ولا يحصل على تأشيرة أي دولة بها إلا بعد معاناة وطول انتظار، ويبدو من هذه الأسباب أن بعضا من حاملي الجنسية الإسرائيلية فعلوا ذلك اضطرارا، ولعل هذا ما يُفسر قلة طلبات الجنسية التي تصل إلى السلطات الإسرائيلية سنويا، وهي التي لم تتجاوز أربعة حالات في عام 2010، قبل أن يزداد العديد باطراد لاحقا لكنه ظل في دائرة المائتي طلب سنويا كحد أقصى.
وبما أن رفض سكان الجولان الجنسية الإسرائيلية في حد ذاته مقاومة وتمسكٌ بهويتهم السورية، فقد اتجهت أنظارهم مؤخرا إلى التطورات المتسارعة في سوريا ووصولا إلى إسقاط نظام بشار الأسد وبدء تشكل ملامح سوريا جديدة.
غير أنه لا تخوّف في الجولان من أن تنعكس التحولات الجارية في سوريا على مقاومتهم برفض الجنسية الإسرائيلية، لأن طي هذا الموضوع لا يكون إلا بتحرير الجولان، ومن هذا المنطلق يستبعد أبو جبل، وهو كذلك أسير سابق، أن "يكون لسقوط نظام الأسد تاثير على الموضوع"، قبل أن يستدرك بالتأكيد على أن "الوقت مازال مبكراً للحكم على الأمور".
وفي المقابل، يرى سلمان خير الدين أن خلع الأسد "رفع منسوب الوعي الوطني لدى سكان الجولان وعزز انتماءهم إلى سورية"، مؤكدا أن "الإحساس العام السائد هناك هو الانتماء أكثر إلى سورية مع بعض الحذر والتخوف من المستقبل". ومن بواعث الخوف على المستقبل، شروع إسرائيل بقضم أراض جديدة وممارسة تطهير عرقي خصوصا في بعض القرى الصغيرة، إضافة إلى مخاوف تتصل بسوريا الجديد التي يقول خير الدين إنه "لا بديل فيها عنا عن تأسيس دولة مدنية لكل المواطنين من مختلف الطوائف مع جبر الأضرار".