رأي الوطن : إيقاف الإرهاب الصهيوني يمنع توسع رقعة الحرب
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
حمل البيان الختاميُّ الَّذي صدر في ختام القمَّة الخليجيَّة الرابعة والأربعين، الَّتي عُقدت في العاصمة القطريَّة الدوحة، عدَّة رسائل مُهمَّة حَوْلَ القضيَّة الفلسطينيَّة عمومًا، وما يحدُث من عدوان سافر من كيان الاحتلال الصهيونيِّ على قِطاع غزَّة على وَجْه الخصوص، حيث أكَّد البيان على ثوابت الموقف الخليجيِّ الدَّاعم للقضيَّة الفلسطينيَّة والشَّعب الفلسطينيِّ، وفي ظلِّ التطوُّرات الرَّاهنة والعدوان الجاري، حيث شدَّد على ضرورة الوقف الفوريِّ لإطلاق النَّار والعمليَّات العسكريَّة الَّتي يشنُّها كيان الاحتلال الصهيونيِّ على قِطاع غزَّة، داعيًا إلى ضرورة ضمان توفير وصول كافَّة المساعدات الإنسانيَّة والإغاثيَّة، والاحتياجات الأساسيَّة، الَّتي يحتاجها سكَّان القِطاع، واستئناف عمل خطوط الكهرباء والمياه، والسَّماح بدخول الوقود والغذاء والدَّواء، وغيرها من الأساسيَّات الَّتي يحتاجها القِطاع بشكلٍ آنيٍّ.
ولعلَّ أبرز ما جاء في البيان الختاميِّ للقمَّة الخليجيَّة هو ذاك التحذير الصَّارم، الَّذي يحمل بَيْنَ السطور الكثير من التخوُّفات من مخاطر توسُّع المواجهات في فلسطين وامتداد رقعة الصراع إلى مناطق أخرى في الشَّرق الأوسط، ما لَمْ يتوقف العدوان الصهيونيُّ، ما سيفضي إلى عواقب وَخِيمة على شعوب المنطقة وعلى الأمن والسِّلم الدوليَّيْنِ، وهو تحذير مُهمٌّ يخرج من كيان له ثقل إقليميٌّ وعالميٌّ كبير، لا بُدَّ لكافَّة دوَل العالَم، خصوصًا الدوَل الدَّاعمة للكيان الصهيوني الاستماع له، حيث سيقود الجنون والإرهاب الصهيونيُّ المتواصل المنطقة نَحْوَ حربٍ شاملة، سوف تأكل الأخضر واليابس، وتقضي على ما تبقَّى من أمن واستقرار وسِلم في المنطقة، وسيترتَّب عَلَيْها آثار كارثيَّة سيدفع فاتورتها العالَم أجمع.
ومن هذا المنطلق على العالَم أجمع الاستماع بعناية للتحذير الخليجيِّ، والتدخُّل السَّريع لفرض وقف إطلاق النَّار على كيان الاحتلال الصهيونيِّ المتغطرس، وتحقيق حماية حقيقيَّة للمَدنيِّين الفلسطينيِّين في كافَّة الأراضي الفلسطينيَّة، وليس في قِطاع غزَّة فحسب. فهذا الوضع الكارثيُّ الَّذي وصل إليه قِطاع غزَّة المحاصَر؛ نتيجة حرب الإبادة الجماعيَّة الَّتي تَدُور رحاها في غزَّة، يُلزِم كافَّة القوَّة الدوليَّة والإقليميَّة بالعمل السَّريع لوقف التصعيد في غزَّة، ومنع استهداف المَدنيِّين الفلسطينيِّين وتهجيرهم قسريًّا، وإنهاء الحصار المفروض على القِطاع، ورفع المعاناة عن الشَّعب الفلسطينيِّ. لقَدْ آنَ الأوان أنْ يتحمَّلَ المُجتمع الدوليُّ مسؤوليَّته في التعامل مع هذه القضيَّة دُونَ ازدواجيَّة في المعايير، ودُونَ محاباة لهذا الكيان الاستعماريِّ الصهيونيِّ الَّذي يُخاطر بمستقبل المنطقة بأسْرِها من أجْلِ حسابات داخليَّة لحكومته المتطرِّفة.
لقَدْ عبَّر الموقف الخليجيُّ بوضوح عن مكامن خطورة استمرار هذا العدوان، ليس على الفلسطينيِّين والمنطقة فحسب، لكن عمَّا سيحمله من آثار سلبيَّة للعالَم أجمع، رافضًا بوضوح أيَّ مبرِّرات وذرائع لوصف العدوان الصهيونيِّ بأنَّه «دفاع عن النَّفْسِ»، مُطالِبًا بإنهاء الحصار الصهيونيِّ غير القانونيِّ والمخالف لقرار مجلس الأمن رقم 2417، بتاريخ 24 مايو 2018، الَّذي يُدين المنعَ غير القانونيِّ من إيصال المساعدات الإنسانيَّة، ويُدين استخدام تجويع المَدنيِّين كأسلوب من أساليب القتال، فهل يعي قادة العالَم هذا التحذير، ويسارعون إلى وقف شلَّال الدَّم الَّذي يسيل في الأراضي الفلسطينيَّة، ويعملون بشكلٍ عاجل على إيجاد حلٍّ سياسيٍّ جذريٍّ للقضيَّة الفلسطينيَّة، قائم على قرارات الشرعيَّة الدوليَّة، وإعلان دَولة فلسطينيَّة ذات سيادة كاملة عاصمتها القدس؟
لذلك فإنَّ ما يمنع توسَّع رقعة «الحرب» ليس الضَّغط على الأطراف الدَّاعمة للمقاومة الفلسطينيَّة، وتحذيرها من فتح جبهات جديدة، وإنَّما يتأتَّى ذلك بالضَّغط على العدوِّ الصهيونيِّ لوقف إرهابه على قِطاع غزَّة والضفَّة الغربيَّة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الفلسطینی العال م
إقرأ أيضاً:
الأردن: نموذج الاستقرار والصمود وسط أزمات المنطقة
#الأردن: نموذج #الاستقرار و #الصمود وسط #أزمات_المنطقة
بقلم: أ.د. #محمد_تركي_بني_سلامة
في منطقة تعصف بها الأزمات والاضطرابات، يبرز الأردن كواحة استقرار ونموذج فريد يعكس قوة الإرادة الوطنية والحكمة السياسية. في ظل المتغيرات الإقليمية والعالمية التي هزّت أركان العديد من الدول، استطاع الأردن أن يبقى صامداً، متماسكاً، وقادراً على مواجهة التحديات بأدوات الحكمة والمرونة، ليؤكد أنه وطن يصنع التميز في زمن الأزمات.
لقد أثبتت المؤسسات الأردنية على مدار العقود الماضية أنها العمود الفقري للدولة. هذه المؤسسات التي تأسست على أسس من الكفاءة والشفافية، تلعب دوراً محورياً في حماية الوطن وضمان استقراره. ليست مجرد أدوات إدارية، بل منظومة متكاملة تعكس عمق التلاحم بين القيادة والشعب. وعند كل منعطف خطير، تتدخل هذه المؤسسات بحزم لدعم المواطنين وضمان أمنهم وسلامتهم. هذا النهج يعكس بوضوح أن الأردن يمتلك منظومة قادرة على التكيف مع المتغيرات، وهو ما جعل الوطن أقوى وأكثر استقراراً رغم التحديات الإقليمية والدولية.
من أبرز ما يميز الأردن هو وحدته الوطنية الراسخة. فالنسيج الوطني الأردني يمثل نموذجاً يُحتذى به في التلاحم والتعايش بين مكونات المجتمع المختلفة. الإسلاميون في الأردن، على سبيل المثال، ليسوا مجرد جزء من النسيج الوطني، بل يشكلون قاعدة صلبة للأمن والاستقرار، يسهمون بفاعلية في حماية الوطن والحفاظ على وحدته. هذا التوازن الفريد بين مختلف الأطياف، والذي يصعب تحقيقه في كثير من دول المنطقة، هو أحد أسرار قوة الأردن. ففي حين تشهد بعض الدول تحوّل الإسلاميين إلى عوامل اضطراب، أثبت الأردن أن الحوار والشراكة الوطنية هما المفتاح الحقيقي لتحقيق الاستقرار والتنمية.
مقالات ذات صلة عائلة طبيب أردني اعتقلته سلطات الاحتلال تطالب بعودته 2024/12/22التحديات التي تواجه الأردن ليست قليلة، لكنها تُقابل دائماً بإرادة صلبة ووعي جمعي. الشعب الأردني، بمختلف أطيافه، يدرك تماماً أن قوته تكمن في وحدته، وأن استقرار وطنه هو الأساس لبناء مستقبل أفضل. في كل أزمة يمر بها الوطن، يثبت الأردنيون أنهم على قدر المسؤولية، قادرون على تحويل التحديات إلى فرص للنمو والتطور.
من الظلم مقارنة الأردن بأي دولة أخرى في المنطقة. ففي وقت تعاني فيه بعض الدول من انهيار مؤسساتها وتفككها بسبب التدخلات الخارجية أو الانقسامات الداخلية، يظل الأردن نموذجاً فريداً في التماسك والصمود. هذا الوطن، يمثل قصة نجاح تستحق أن تُروى للأجيال.
الأردن ليس مجرد وطن؛ إنه حكاية عزيمة وصمود. رايته ترفرف بشموخ رغم كل التحديات، وأرضه تقف شامخة وسط منطقة تعصف بها العواصف. هذا الوطن الذي يضيء بنوره الطريق لكل من يبحث عن الأمل والاستقرار، سيبقى رمزاً للصمود والوحدة، نموذجاً للإرادة الوطنية التي لا تعرف الانكسار.
إن الأردن اليوم هو رسالة واضحة للعالم: أن الأمن والاستقرار لا يصنعان فقط بالقوة، بل بالحكمة، بالعدالة، وبإيمان الشعب بوطنه. سيبقى الأردن منارة للإنسانية في منطقة تغلب عليها الصراعات، حكاية وطن كتبها التاريخ بحروف من نور، وراية عز ستظل مرفوعة في وجه كل الرياح.