«بلاغة آية» تأملات فـي عاقبة الظالمين فـي يوم القيامة «1»
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
نتوقف هنا عند بعض آيِ الذكر الحكيم من سورة إبراهيم (عليه السلام) نحاول ففهمَ بعضِ ما ورد فيها، وإدراك جلال ما أحاطها من جمال، وكمال، يقول الله تعالى:(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) (إبراهيم 42 ـ 43).
هاتان آيتان من كتاب الله عز وجل من سورة إبراهيم (عليه السلام)، ندور حولهما، نستملي بلاغتهما، ونقف عند كلماتهما، مستمطرين من الله فهمَهما، والاقتراب من قمة بلاغتِهما، راشفين من نَمير ضَرَبِهما، ومسك شذاهما، وعطر أريجهما، وفَوْح عطائهما، وتنسم عليل هوائهما.
تبدأ الآية الأولى بأسلوب النهي الذي أداتُه:(لا الناهية)، وبعدها فعل مؤكَّد بنون التوكيد المباشرة، فهو مبنيٌّ على الفتح، في محل جزم، وموجَّه في الأصل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأتباعه المؤمنين من بعده، وهو نهي يفيد النصح، والعظة، والتبصير، وفهم واقع الأمور: من نحو أن الله رقيبٌ على كونه، حسيبٌ لكلِ ما فيه من أعمال مهما خفيتْ، واستترتْ، وبُيِّتَ لها، واختفتْ، أو كانت مؤامرةً ضد القيم، والدين، ويدخل فيها كلُّ عملٍ لأيِّ ظالم مهما كانت قدرتُه، ومهما وصلَتْ مُكْنَتُهُ، ومهما علت استطاعتُه، وجبروته، والفعل (حسب) في اللغة العربية له ثلاث صور، أو ثلاثة أنماط لغوية، ولكلِّ صورة، أو نمط دلالتُه، ففيه ثلاث حركات في ضبط (عين) ماضيه؛ الأول: بكسر السين، والثاني: بفتحها، والثالث: بضمها، فالصورة الأولى للفعل هي:(حَسَبَ) بفتح السين في الماضي، وفتحها في المضارع: (يَحْسَب) حَسَبًا: معناه ابيضَّتْ جلدته من داء، فهو أحسبُ، وهي حسباءُ، ونقول: حَسِبَ الشيءَ كذا، يحسبِه (بكسر السين، وفتحها) (ضبطان للماضي) حِسبانا: ظنَّه، ومنه قوله تعالى:(يحسَبُ أنَّ ماله أخلده)، ومنه:(يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا..) (البقرة ـ 273).
والصورة الثانية للفعل هي:(حَسِبَ) يحسَبُ حِسَابًا، وحِسْبَانًا (بكسر السين ماضيًا، وفتحها مضارعًا): أي عدَّه، وأحصاه، وقَدَّرَهُ، فهو حاسب، والمال محسوب، وأما الصورة الثالثة للفعل فهي (حَسُبَ) بضم السين ماضيًا، ومضارعًا:(حَسُبَ يَحْسُبُ): فبمعنى أنه كان له، ولآبائه شرفٌ ثابتٌ، متعدد النواحي، فهو رجل حسيب، أي ذو نسب ومنزلة في قومه، فالفعل في الآية الكريمة من باب (عَلِمَ يَعْلَمُ: حسِبَ يحسَبُ)، والحُسْبَانُ هو العَدُّ، والتدبيرُ الدقيقُ، كما جاء في التنزيل الحميد من قوله تعالى:(الشمس والقمر بِحُسْبَان)، كما أن الحُسْبان أيضا هو الصواعق والبَرَدُ، كما في قوله تعالى:(.. ويرسل عليها حُسبانًا من السماء فتصبح صعيدًا زلقًا)، أي يرسل عليها الصواعق وما يتبعها من جلد، وسحب، وبرد، وقد أكِّدَ الفعل المضارع جوازًا هنا بنون التوكيد التي ترسِّخُ المعنى في قلب المستمع، وتعمق الدلالة في ذاته وروحه، فلا يقربه حسبان ذلك الأمر أبدا، ولا يظهر على صفحة ذهنه، أو طيلة عمره أن الله يغفل عما يعمله الظالمون، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره (أنت)، فهو نهي موجَّه لشخصه الشريف، وكذلك مَنْ وراءَه من المؤمنين؛ لئلا ينسوه طيلة حياتهم، ولكي يستصحبوه في أعمالهم، وكل شؤونهم، وكل أحوالهم؛ حتى يمضوا ثابتِي الجَنان، مستقري القلوب، ومستريحي الأبدان، مستصحبين قدرة الله، ومستعينين برقابة الرحيم، الرحمن.
د.جمال عبدالعزيز أحمد
كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة – جمهورية مصر العربية
Drgamal2020@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا في مواطن أقدم على ارتكاب عدد من الجرائم الإرهابية
المناطق_واس
أصدرت وزارة الداخلية، اليوم، بيانًا حول تنفيذ حكم القتل تعزيرًا في مواطن أقدم على ارتكاب عدد من الجرائم الإرهابية في منطقة القصيم، فيما يلي نصه:
قال الله تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا )، وقال تعالى ( وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ)، وقال تعالى (وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)، وقال تعالى (إِنَّما جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
أخبار قد تهمك وزارة الداخلية: غرامة تصل إلى 100,000 ريال في حال تأخر شركات ومؤسسات خدمات الحجاج والمعتمرين بالإبلاغ عن أي حاج أو معتمر لم يغادر بعد انتهاء المدة المحددة لإقامته 7 أبريل 2025 - 1:10 مساءً تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة الجوف 7 أبريل 2025 - 12:34 مساءًأقدم /علي بن موسى بن علي الزهراني – سعودي الجنسية – على ارتكاب عدد من الجرائم الإرهابية تمثلت في انضمامه إلى تنظيم إرهابي في الخارج، ومبايعة زعيمه والسفر بطريقة غير نظامية والقتال في صفوف التنظيم، وتوليه مهام عملياتية لخدمة أهداف التنظيم الإجرامية، وتدريب عناصر إرهابية على القتال واستخدام الأسلحة، وقيامه بتمويل الإرهاب داخل المملكة بعد عودته.
وبفضل من الله تمكنت الجهات الأمنية من القبض على الجاني المذكور، وأسفر التحقيق معه عن توجيه الاتهام إليه بارتكاب تلك الجرائم، وبإحالته إلى المحكمة المختصة صدر بحقه حكم يقضي بثبوت ما نسب إليه وقتله تعزيرًا، وأصبح الحكم نهائيًا بعد تأييده من مرجعه، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ماتقرر شرعًا، وتم تنفيذ حكم الـقتل تعزيرًا بحق / علي بن موسى بن علي الزهراني – سعودي الجنسية – يوم الأربعاء 11/ 10/ 1446هـ الموافق 09/ 04/ 2025 م بمنطقة القصيم.
ووزارة الداخلية إذ تعلن ذلك لتؤكد للجميع حرص حكومة المملكة العربية السعودية على استتباب الأمن وتحقيق العدل وتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية في كل من يتعدى على الآمنين، وينتهك حقهم في الحياة والأمن، وتحذر في الوقت نفسه كل من تسول له نفسه الإقدام على مثل ذلك بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره.
والله الهادي إلى سواء السبيل.