أيها الإخوة الأحباب.. ولا نزال نستقي من المواقف التي تثلج صدر كل من وقع عليه ظلم، فبدعائه واستغاثته لمولاه، فإن الله تعالى يجبه ويغيثه ويأخذ على يد من ظلمه، خاصة إذا كان لا يقوى على أن يرد الظلم أو أن يأخذ على يد من ظلمه.
ومن دعاء الاستغاثة ما ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب (المجابين في الدعاء): (عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُ ـ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا مُعَلَّقٍ، وَكَانَ تَاجِرًا، يَتْجَرُ بِمَالٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، يَضْرِبُ بِهِ فِي الْآفَاقِ، وَكَانَ نَاسِكًا وَرِعًا، فَخَرَجَ مَرَّةً، فَلَقِيَهُ لِصٌّ مُقَنَّعٌ فِي السِّلَاحِ، فَقَالَ لَهُ: ضَعْ مَا مَعَكَ فَإِنِّي قَاتِلُكَ.
فدعوة المظلوم ليس بنها وبين الله حجاب ففي (مسند الحارث المسمى «بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث»، 2/ 815): (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: صِفَةُ الْعَاقِلِ أَنْ يَحْلُمَ عَمَّنْ جَهِلَ عَلَيْهِ، وَيَتَجَاوَزَ عَمَّنْ ظَلَمَهُ، وَيَتَوَاضَعَ لِمَنْ هُوَ دُونَهُ، وَيُسَابِقَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي طَلَبِ الْبِرِّ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَكَّرَ، فَإِذَا كَانَ خَيْرًا تَكَلَّمَ فَغَنِمَ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا سَكَتَ فَسَلِمَ، وَإِذَا عَرَضَتْ لَهُ فِتْنَةٌ اسْتَعْصَمَ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَأَمْسَكَ يَدَهُ وَلِسَانَهُ، وَإِذَا رَأَى فَضِيلَةً انْتَهَزَهَا، لَا يُفَارِقُهُ الْحَيَاءُ، وَلَا يَبْدُو مِنْهُ الْحِرْصُ، فَتِلْكَ عَشْرُ خِصَالٍ يُعْرَفُ بِهَا الْعَاقِلُ، وَصِفَةُ الْجَاهِلِ أَنْ يَظْلِمَ مَنْ يُخَالِطُهُ، وَيَعْتَدِيَ عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَيَتَطَاوَلَ عَلَى مَنْ فَوْقَهُ، كَلَامُهُ بِغَيْرِ تَدْبِيرٍ، فَإِنْ تَكَلَّمَ أَثِمَ، وَإِنْ سَكَتَ
سَهَا، وَإِنْ عَرَضَتْ لَهُ فِتْنَةٌ سَارَعَ إِلَيْهَا فَأَرْدَتْهُ، وَإِنْ رَأَى فَضِيلَةً أَعْرَضَ عَنْهَا وَأَبْطَأَ عَنْهَا، لَا يَخَافُ ذُنُوبَهُ الْقَدِيمَةَ، وَلَا يَرْتَدِعُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ عَنِ الذُّنُوبِ، يَتَوَانَى عَنِ الْبِرِّ، وَيُبْطِئُ عَنْهُ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ لِمَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ ضَيَّعَهُ، فَتِلْكَ عَشْرُ خِصَالٍ مِنْ صِفَةِ الْجَاهِلِ الَّذِي حُرِمَ الْعَقْلَ).
ومن العبر القوية على ذلك ما ورد أن (خالد بن عبد الله البَرمَكيِّ وولده في حوارٍ بينهما وهُما في السجنِ، فيقول له: يا أبَتَاه: لقد كُنَّا بعد العِزِّ والمُلكِ صِرنا في القَيْدِ والحبس، فقال له: يا بُنيّ: دعوةُ مظلومٍ سَرَت بليلٍ غفَلنَا عنها والله لم يغفَل عنها) (المرجع السابق ص52).
فاللهم اشفِ صدور قوم مؤمنين ممن وقع عليه أي نوع من الظلم، وخذ اللهم على أيد كل ظالم، وانصر كل مظلوم.. آمين يا رب العالمين.
محمود عدلي الشريف
ma.alsharif78@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
السديس يحذر من رفع الصوت عند قبر النبي ويحث على الصلاة عليه ﷺ
الرياض
وجه معالي رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، عددًا من الوصايا الدينية لزوار المسجد النبوي، مؤكدًا أهمية الالتزام بالآداب الشرعية وحسن التعامل مع الآخرين.
ودعا السديس الزائرين إلى الحرص عند زيارة الروضة الشريفة والسلام على النبي ﷺ على تجنب مضايقة وإيذاء الآخرين مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ»، مؤكدًا على ضرورة المحافظة على روحانية المسجد النبوي، والبيئة التعبدية الإيمانية فيه؛ عنوان وتعظيم مسجد رسول الله ﷺ.
وفيما يتعلق بأحكام وآداب زيارة مسجد النبي ﷺ، أوضح بأن الزيارة مشروعة في جميع أوقات السنة، مشددًا على عدم جواز دخول النساء الحائضات أو النفاس إلى المسجد النبي ﷺ أو أي مسجد آخر، ولا يُشترط أداء عدد معين من الصلوات أو الإقامة مدة معينة في المدينة.
وحذر رئيس شؤون الحرمين من رفع الصوت عند قبر النبي ﷺ؛ فحرمته ميتًا كحرمته حيًا، مستشهدًا بالآية الكريمة: ﴿إِنَّ الَّذينَ يَغُضّونَ أَصواتَهُم عِندَ رَسولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذينَ امتَحَنَ اللَّهُ قُلوبَهُم لِلتَّقوى لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ عَظيمٌ﴾.
كما طالب الزائرين بانتهاز أجر مضاعفة الصلاة في المسجد النبوي، حيث تُضاعف أجر الصلاة فيه لتكون خيرًا من ألف صلاة فيما سواه .